الجميع في زمن «كورونا» يشعر بالملل في ظل ملازمته المنزل تحت شعار «خليك بالبيت» للحد من انتشار الوباء. والناس على اختلافها تبحث عمّا يمكن أن يسليّها ويرفّه عنها، ولا سيما أنها تقبع في منزلها منذ أكثر من ثلاثة أسابيع. فتواجد أفراد العائلة الواحدة تحت سقف واحد، إضافة إلى تسبب ذلك بالـ«نقّ» والنقاشات الحادة ولّد لديهم نوعاً من الكآبة والإحباط.
شريحة من الفنانين ورغبة منهم في التخفيف من حدة هذه الحالات وانعكاسها سلباً على اللبنانيين، قررت أن تحيي حفلات موسيقية وأخرى غنائية افتراضية تضفي التسلية على متابعيها. فبعضهم ارتأى إقامة حفلات غنائية بلباس النوم (بيجاما) كتلك التي نظمها المغني اللبناني مايك ماسي. فدعا كل من يهمّه الأمر من متابعيه إلى أن ينتظره في ساعة محددة ليشاركه الغناء. وعزفت فرقة المغني اللبناني ناصيف زيتون، تحت عنوان «ابق بآمان» أغنية «خليكم بالبيت أحسن». وفي فيديو قصير يستهله زيتون بمطلع من الأغنية نتابع أعضاء فرقته يضعون القفازات بيديهم والكمامات على وجوههم وهم يرددون كلمات الأغنية المستوحاة من زمن الوباء.
أمّا قائد الأوركسترا الوطنية للموسيقى الشرق عربية المايسترو أندريه الحاج فقد وزّع على وسائل التواصل الاجتماعي مقطعاً مصوراً يقدم فيه أغنية فيروز «بحبك يا لبنان». ويظهر وهو يقود أعضاء الأوركسترا من منزله وهم يعزفون من أماكن إقامتهم. وتحت عنوان «الزموا منازلكم الأوركسترا بتجي لعندكن» نتابع العازفين وفريق الكورال يعزف موسيقى الأغنية ويردد كلماتها.
ويعلّق الحاج في حديث لـ«الشرق الأوسط»، إنها «مبادرة برعاية وزارة الثقافة التي ننتمي إليها كمعهد موسيقي رسمي. وأردناها للتأكيد أن لبنان صحيح أنّه مريض كغيره من البلدان، لكنّ قلبه لا يزال ينبض بالحياة». ويضيف «الفكرة تراودني منذ بداية انتشار الوباء عندما كنت أتابع هذا النوع من الحفلات في الغرب. وعندما اتصلت بي المسؤولة الإعلامية بوزارة الثقافة لين طحيني تطلب مني تقديم مقطع توعوي من هذا النوع لم أتأخر؛ إذ كنت أحضّر لها منذ فترة. فنجحت الفكرة وتابعها آلاف الناس عبر وسائل التواصل الاجتماعي. وتداولتها الجاليات اللبنانية في الغرب والبلدان العربية والسفارات. ولفتني مشاركة الفيديو من قبل أشخاص يابانيين وأجانب وعرب أعجبوا بالفكرة».
شارك في هذا المقطع نحو نصف أعضاء الأوركسترا، إضافة إلى فريق كورال يتألف من 12 مغنياً. ويختم المايسترو الحاج «لقد كانت تجربة رائعة من حيث الشكل والمضمون تختلف اختلافاً تاماً عن الحفلات التي نقيمها عادة على خشبة المسرح. واخترت أغنية (بحبك يا لبنان) للسيدة فيروز؛ لأن لبنان بوجدان الجميع وهي توصل تماماً رسالة المحبة والوعي والوحدة التي أردناها».
ومن وحي زمن «كورونا» أيضاً قدم المغني فادي أندراوس أغنية جديدة بعنوان «البنوكي ردّولي مالي» يتوجه فيها إلى متابعيه من الشباب. مشيراً إلى التعميم الأخير الصادر عن جمعية المصارف الذي يسمح للمودعين الصغار بسحب أموالهم.
من ناحيتها، أطلقت الفنانة تانيا قسيس حملة دروس مجانية في الغناء والرقص فحددت الأيام والساعات لمتابعتها عبر الموقع الإلكتروني للأكاديمية الفنية التي تديرها. ووزعت دروسها على صفوف افتراضية من الرقص اللاتيني ورياضة التايبو والرقص المعاصر وأغاني الـ«هيب هوب». وفي الأسبوع الثاني من إطلاقها هذه الصفوف أعلنت أنها ستعطي دروساً في العزف على البيانو والغيتار والكمان والدرامز وغيرها من آلات العزف. وتعلق في حديث لـ«الشرق الأوسط»، «لقد حققنا هدفنا وساهمنا بشكل أو بآخر بالتخفيف من حدة الملل لدى الناس. فهم كانوا بأمس الحاجة إلى القيام بأي نشاط ترفيهي يسليهم ويفيدهم في الوقت نفسه». وتضيف في سياق حديثها لـ«الشرق الأوسط»، «بداية، قمنا بهذه الدروس بشكل مجاني، لكن بعدها وتشجيعاً منا لأساتذة الموسيقى والرياضة الذين يتعاونون معنا قررنا أن تجرى هذه الصفوف مقابل أسعار رمزية دعماً منا للأساتذة كي يستطيعوا أن يصمدوا في وجه الشلل الاقتصادي». وعن مدى تفاعل الناس بما تقدمه تقول «لقد لمسنا تفاعلاً كبيراً من قبل اللبنانيين حسب الأعمار التي حددناها لكل صف. وبات لدينا اليوم مئات الطلاب الذين يتواصلون معنا عبر هذه الصفوف».
الترفيه في زمن «كورونا»... موسيقى وأوركسترا «بتجي لعندك»
الترفيه في زمن «كورونا»... موسيقى وأوركسترا «بتجي لعندك»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة