مصر: التجارب الشخصية تهيمن على مهرجان «رؤى» للفيلم القصير

يعرض 120 عملاً خلال دورته الافتراضية الاستثنائية

مصر: التجارب الشخصية تهيمن على مهرجان «رؤى» للفيلم القصير
TT

مصر: التجارب الشخصية تهيمن على مهرجان «رؤى» للفيلم القصير

مصر: التجارب الشخصية تهيمن على مهرجان «رؤى» للفيلم القصير

في تجربة هي الأولى من نوعها في مصر، أطلقت إدارة «مهرجان رؤى للفيلم المصري القصير» فعاليات الدورة الثالثة من المهرجان «أون لاين» عبر موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، بعدما منعت الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها الحكومة المصرية لمواجهة فيروس كورونا، أخيراً، تنظيم المهرجان خلال الشهر الماضي، بمسرح الفلكي بمنطقة وسط البلد بالقاهرة.
مهرجان «رؤى» يعد أحد أكبر تجمعات صناع الأفلام المستقلة في مصر، إذ يبلغ عدد الأفلام المشاركة بالدورة الجارية نحو 120 فيلماً، ما بين أفلام تسجيلية وروائية وتحريك، إضافة إلى أفلام التجربة الأولى لمخرجين شباب، يتلمسون خطواتهم الأولى في عالم صناعة السينما.
أفلام الدورة الثالثة تغلب عليها التجارب الشخصية والسير الذاتية، وتتراوح مدتها ما بين 3 إلى 15 دقيقة، فيما تميزت مشاركة عدد من الأفلام التسجيلية الإبداعية، التي خالفت الإطار التقليدي للتوثيق، وتركت أثراً لا ينتهي بانتهاء مدة العرض.
فيلم «أنا وأبي» للمخرجة فريدة حلمي، أحد الأفلام المشاركة بالمهرجان هذا العام، يتناول عبر 18 دقيقة علاقة المخرجة بوالدها، بين الحب والتمرد والثقة والألم، بعد تجربة الطلاق بين والديها، التي شكلت نقطة الصراع خلال السنوات الأولى من عمرها.
اعتمدت فريدة في الفيلم على صور قديمة وفيديوهات تلقائية وثقت علاقتها بوالدها، خلال أربعة أشهر، هي مدة عملها على الفيلم، إضافة إلى حديث فريدة المباشر إلى الكاميرا، التي بدت خلاله واثقة ومنفتحة، فيما عبرت عن كل ما مرت به في حياتها عن طريق حرق وردة حمراء، في مشهد مؤثر يصعب نسيانه.
استخدمت فريدة كاميرا فيلمية قديمة في تصوير فيلمها، وعكس ذلك أحد نقاط التحدي بالفيلم، حيث الخطأ لا يمكن تداركه على الخام الخاص بالتصوير، بعكس ما يحدث بالتصوير الرقمي، حسب فريدة التي أضافت لـ«الشرق الأوسط»: «أردت أن تكون التجربة مميزة، وتعكس كل العوامل التي أدت إلى نضوجي المبكر».
ومن بين الأفلام المشاركة بالمهرجان أيضاً، كان الفيلم التسجيلي «الريس سامح»، للمخرج مجدي محمود، الذي تناول فيه سيرة ذاتية لصياد شهير بمحافظة الإسكندرية، تنقل ما بين وظائف ومهن كثيرة، أبرز فيها موهبته حتى اقتحم عالم الصيد. صور مجدي الفيلم بنفسه مستفيداً من دراسته بـ«كلية الفنون الجميلة»، التي أكسبته قدرة جيدة على تكوين اللقطات بشكل جذاب، فيما طغى اللون الأزرق على الفيلم، يقول سامح لـ«الشرق الأوسط»، «استغرق إعداد الفيلم أربع سنوات، منذ البدء في إعداد معالجته، وحتى تصويره»، حيث صاحب المخرج الشاب الريس سامح عبر رحلات صيد عدة.
اختيار شخصية «الريس سامح» جاء موفقاً جداً، بسبب الكاريزما العالية التي يتمتع بها، بالإضافة إلى شغف بطل العمل بالتصوير، الذي مكنه من توثيق رحلات صيده السابقة، ما منح الفيلم مادة أرشيفية غنية.
فيما عكس فيلم «رحلة كاميرا» شغف مخرجته سارة فيظي، بكاميرا تصوير فيلمية ملك للعائلة، إذ تروي أحداث الفيلم رحلة بحث سارة عن طريقة لإعادة استخدامها، فتلجأ إلى أحد أشهر محال تصليح الكاميرات المشابهة وهو «عادل فلاش»، ليدور بينهما حديث شيق حول الكاميرات الفيلمية، ورغم أن حكاية هذا الفيلم تعد بسيطة جداً، فإنها موحية جداً. ويأتي الفيلم ضمن موجة جديدة للمخرجين الشباب في مصر، تهتم بسرد حكايات البسطاء، ومقاربة الواقع بشكل فني دون الوقوع في فخ التطويل.
مشروعات التخرج الخاصة بطلاب الجامعات كان لها نصيب لافت أيضاً بالدورة الثالثة، وغلب عليها الطابع الوثائقي، كان من بينها فيلم «أرض الجدب»، لطلبة كلية الإعلام بجامعة بني سويف، الذي يتناول رحلة هواة الطبيعة بسيناء من مصريين وأجانب، ورؤيتهم المغايرة للطبيعة البكر هناك، كما يعد فيلم «زهرة تشرين» تجربة جيدة أيضاً لطلاب كلية الإعلام بجامعة عين شمس، بالقاهرة، ويتناول الفيلم نجاح 5 شخصيات من كبار السن في تحقيق بطولات وإنجازات بعد سن التقاعد، من ضمنهم السباحة المصرية سهير العطار، والممثلة الشهيرة ليلى عزب.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».