التبعات الضريبية لفيروس «كورونا» على الألمان

منتدى تجاري في ميونيخ العام الماضي (رويترز)
منتدى تجاري في ميونيخ العام الماضي (رويترز)
TT

التبعات الضريبية لفيروس «كورونا» على الألمان

منتدى تجاري في ميونيخ العام الماضي (رويترز)
منتدى تجاري في ميونيخ العام الماضي (رويترز)

قد تكون ألمانيا أمام منحى مهماً، عندما تنجح الدول في وقف تفشي فيروس كورونا المستجد حول العالم والقضاء عليه. ففي موازاة دخول الاقتصاد الألماني مرحلة الشلل التام، تهمّ الشركات الألمانية، في الصين، بفتح أبوابها الإنتاجية بعد انقطاع دام أسابيع عدّة. ورغم إقرار حكومة برلين مساعدات إجماليها مليارات الدولارات، للشركات والأفراد معاً، فإن خبراء الاقتصاد يُجمعون على أن النظام الضريبي الألماني مُهدّد برمّته، ويحتاج إلى إعادة برمجة قد تولّد مشكلات معيشية ثقيلة المعيار تقع على عاتق الطبقات الاجتماعية المتوسطة وما دونها.
يقول البروفسور تورستن بولايت، من جامعة بايروت الألمانية، وهو أيضاً رئيس المحللين الاقتصاديين في مجموعة «ديغوسا» الناشطة في تجارة الذهب، إن وباء «كوفيد-19»، أي فيروس كورونا المستجد، ساهم في زيادة الطلب العالمي على السلع والخدمات بصورة غير مسبوقة. وفي موازاة انعكاس حركة الطلب هذه سلباً على نظام السيولة المالية، قد يواجه العالم شحاً فاضحاً في شبكة الإمدادات بهذه السلع والخدمات، سيطال أكبر المدن التجارية في ألمانيا.
ويضيف أن القواعد التسليفية للنقد، التي تنتمي لأنظمة النقود الورقية الإلزامية، وقعت ضحية ضغوط هائلة جداً. فالمصارف المركزية، في الولايات المتحدة وأوروبا وأميركا اللاتينية وآسيا، بالتعاون مع عدّة مصارف تجارية حول العالم، ومنها مصرف مؤسسة بنك التعمير الألماني، تحرّكت لرفع وتيرة تجهيز الأسواق بالسيولة المالية عن طريق توسيع حجم الإقراض بصورة عنقودية. ومع ذلك، فإن السيولة المالية التي تم ضخّها في الأسواق غير مُغطاة، لا بالذهب ولا بأي ضمان آخر، مما يعني أن الانتهاء من مرحلة مكافحة فيروس كورونا سيليه خضّة مالية وضريبية لن تشمل ألمانيا فحسب، إنما عدة دول صناعية أخرى.
ويختم: «تفاعلت حكومة برلين مع أزمة الكورونا المالية لتحجيمها قدر المُستطاع. وكان لملف تأجيل دفع الضرائب لدى المواطنين الأولوية المُطلقة، ريثما يتم البت بها مجدداً في الوقت المناسب، مع ميول بعض المسؤولين، في وزارة المالية، إلى اقتراح زيادتها لدى بعض الطبقات العاملة والشركات، علماً بأن معظم الشركات الألمانية باتت غارقة في الديون، وغير قادرة على تسويق منتجاتها. وعندما تصبح غير قادرة على سداد الديون، فإنها ستقوم بتسريح موظفيها الذين ستتهاوى قدرتهم الشرائية والاستهلاكية، وسيعجزون بسرعة عن سداد قروضهم المصرفية. لذا، تقف حكومة برلين أمام مفترق طريق يفصل بين خط زيادة الضرائب لتعويض ما ستدفعه الحكومة مالياً لمواجهة الأزمة الفيروسية المستمرة، ولو جزئياً، وخط ملايين العمال وآلاف الشركات العاجزة عن دفع الضرائب الحالية، من دون احتساب أي زيادة إضافية محتملة عليها».
ومن جانبها، ترى الخبيرة المالية فرانسيسكا شوماخر أن أي زيادة ضريبية مستقبلية على المواطنين الألمان سيكون صداها سلبياً للغاية، عليهم وعلى المصارف معاً.
وتضيف أن إجمالي ما أقرضته المصارف الألمانية حتى شهر ديسمبر (كانون الأول) من عام 2019 رسا عند 4 تريليونات يورو، علماً بأن 80 في المائة من هذه القروض تضمنه الدولة، وبذلك تمضي هذه المصارف قدماً في عمليات الإقراض الدورية. وفي الآونة الأخيرة، قدّمت مؤسسة بنك التعمير الألماني، التابعة للحكومة، ضمانات على القروض، مجموعها 553 مليار يورو. وبناء عليها، ستوزّع المصارف الألمانية قروضاً إجماليها 690 مليار يورو.
وتختم: «وصلت الديون المصرفية في منطقة اليورو إلى ما إجماليه 18 تريليون يورو، أي أنها ارتفعت 17 في المائة مقارنة مع عام 2018. ولإنعاش سوق القروض المصرفية، على الحكومات الأوروبية التعاضض لمساعدة مواطنيها خلال الأزمة المالية الحالية التي قد تستمر لعام كامل، بدلاً من التخطيط لكيفية استعادة ما يجري إنفاقه، اليوم، عبر الأبواب الضريبية».


مقالات ذات صلة

روسيا تنظم «أكبر احتفال» بالذكرى الثمانين لانتهاء الحرب العالمية الثانية

أوروبا روسيا تعتزم تنظيم أكبر احتفال في تاريخها بمناسبة الذكرى الثمانين لانتهاء الحرب العالمية الثانية (رويترز)

روسيا تنظم «أكبر احتفال» بالذكرى الثمانين لانتهاء الحرب العالمية الثانية

أعلنت روسيا اليوم (الثلاثاء) أنها تعتزم تنظيم «أكبر احتفال في تاريخها» بمناسبة الذكرى الثمانين لانتهاء الحرب العالمية الثانية، في سياق تمجيد القيم الوطنية.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أميركا اللاتينية «لاهوت التحرر» يفقد مؤسّسه الكاهن الكاثوليكي البيروفي غوستافو غوتيرّيس عن 96 عاماً

«لاهوت التحرر» يفقد مؤسّسه الكاهن الكاثوليكي البيروفي غوستافو غوتيرّيس عن 96 عاماً

مطلع العقد السادس من القرن الماضي شهدت أميركا اللاتينية، بالتزامن مع انتشار حركات التحرر التي توّجها انتصار الثورة الكوبية.

شوقي الريّس (هافانا)
أوروبا رجل يلتقط صورة تذكارية مع ملصق يحمل صورة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يقول: «لماذا نريد مثل هذا العالم إذا لم تكن روسيا موجودة فيه؟» (رويترز)

«فليحفظ الرب القيصر»... مؤيدون يهنئون بوتين بعيد ميلاده الثاني والسبعين

وصف بعض المؤيدين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بـ«القيصر»، في عيد ميلاده الثاني والسبعين، الاثنين، وقالوا إنه أعاد لروسيا وضعها، وسينتصر على الغرب بحرب أوكرانيا.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
العالم جندي أوكراني يجلس داخل دبابة ألمانية الصنع من نوع «ليوبارد 2 إيه 5» بالقرب من خط المواجهة (أ.ف.ب)

هل انتهى عصر الدبابات «ملكة المعارك» لصالح الطائرات المسيّرة؟

رغم أن الدبابات ساعدت أوكرانيا في التقدم داخل روسيا، تعيد الجيوش التفكير في كيفية صنع ونشر هذه الآليات القوية بعد أدائها المتواضع خلال الفترة الأخيرة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
أوروبا بوتين يتحدث مع طلاب مدرسة في جمهورية توفا الروسية الاثنين (إ.ب.أ) play-circle 00:45

بوتين يتوعد الأوكرانيين في كورسك ويشدد على استمرار الحرب حتى تحقيق أهدافها

شدد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على أن الهجوم الأوكراني في كورسك لن يوقف تقدم جيشه في منطقة دونباس، متعهداً بمواصلة العمليات الحربية حتى تحقيق أهداف بلاده.

رائد جبر (موسكو)

السعودية تنضم لمبادرة الشراكة الدولية لتعزيز اقتصاد الهيدروجين وخلايا الوقود

مسؤولون بوزارة الطاقة السعودية بعد الإعلان عن الانضمام لمبادرة الشراكة الدولية لتعزيز اقتصاد الهيدروجين (وزارة الطاقة السعودية)
مسؤولون بوزارة الطاقة السعودية بعد الإعلان عن الانضمام لمبادرة الشراكة الدولية لتعزيز اقتصاد الهيدروجين (وزارة الطاقة السعودية)
TT

السعودية تنضم لمبادرة الشراكة الدولية لتعزيز اقتصاد الهيدروجين وخلايا الوقود

مسؤولون بوزارة الطاقة السعودية بعد الإعلان عن الانضمام لمبادرة الشراكة الدولية لتعزيز اقتصاد الهيدروجين (وزارة الطاقة السعودية)
مسؤولون بوزارة الطاقة السعودية بعد الإعلان عن الانضمام لمبادرة الشراكة الدولية لتعزيز اقتصاد الهيدروجين (وزارة الطاقة السعودية)

أعلنت وزارة الطاقة السعودية انضمام المملكة إلى مبادرة الشراكة الدولية لتعزيز اقتصاد الهيدروجين وخلايا الوقود، وذلك ضمن مساعي البلاد لدعم الجهود الدولية لتطوير هذا القطاع.

وبحسب بيان نشرته الوزارة، يُمثّل انضمام المملكة لهذه الشراكة خطوةً جديدة تؤكد الدور الريادي الذي تنهض به السعودية، ضمن الجهود الدولية الرامية إلى تعزيز الاستدامة، وابتكار حلول متقدمة في مجالات الطاقة النظيفة. كما يدعم طموح المملكة بأن تصبح أحد أهم منتجي ومصدّري الهيدروجين النظيف في العالم والوصول للحياد الصفري بحلول عام 2060، أو قبله، في إطار نهج الاقتصاد الدائري للكربون، وحسب توفر التقنيات اللازمة.

ويؤكّد انضمام المملكة إلى هذه الشراكة رؤيتها الراسخة حيال دور التعاون الدولي وأهميته لتحقيق مستقبل أكثر استدامة للطاقة، كما أنه يُسهم في تحقيق أهداف مبادرتي «السعودية الخضراء» و«الشرق الأوسط الأخضر»، اللتين تهدفان إلى تقليل الانبعاثات الكربونية، إضافة إلى دعم المساعي الدولية لتحفيز الطلب العالمي على الهيدروجين النظيف، والإسهام في وضع اللوائح والمعايير لتعزيز اقتصاد الهيدروجين النظيف، وفقاً للبيان.

كما تمثل الشراكة الدولية لتعزيز اقتصاد الهيدروجين وخلايا الوقود منصة رئيسة لتعزيز التعاون بين الدول الأعضاء لتسريع تطوير ونشر تقنيات الهيدروجين وخلايا الوقود والإسهام في تحقيق تحول عالمي متوازنٍ وفاعلٍ نحو أنظمة طاقة نظيفة وأكثر كفاءة. وتعمل الشراكة على تبادل المعرفة بين الأعضاء، ودعم تطوير البحوث والتقنيات ذات الصلة بالإضافة إلى التوعية والتعليم حول أهمية الهيدروجين النظيف ودوره المحوري في تحقيق التنمية المستدامة.

وفي هذا الإطار، أوضحت الوزارة أن المملكة تحرص على أن تكون عضواً فاعلاً في العديد من المنظمات والمبادرات الدولية ذات العلاقة بإنتاج الوقود النظيف والوقود منخفض الانبعاثات، مثل: مبادرة «مهمة الابتكار»، والاجتماع الوزاري للطاقة النظيفة، ومنتدى الحياد الصفري للمنتجين، ومبادرة الميثان العالمية، ومبادرة «الحد من حرق الغاز المصاحب لإنتاج البترول بحلول عام 2030»، والتعهد العالمي بشأن الميثان، والمنتدى الريادي لفصل وتخزين الكربون، وغيرها من المبادرات.