كان المدير الفني للمنتخب الإنجليزي، غاريث ساوثغيت، محقاً تماماً عندما قال إن هذه ليست اللحظة المناسبة لكي تحتل كرة القدم مركز الصدارة في الاهتمام العالمي. لكن بعد تعليق كافة المباريات والمسابقات الرياضية في جميع أنحاء العالم تقريباً بسبب تفشي فيروس كورونا، فهل يمكن لكرة القدم، التي وصفها الأسطورة البرازيلية بيليه بـ«اللعبة الجميلة»، أن تتعافى من تداعيات هذه الأزمة.
وبعد صدور الإعلان المشترك من قبل الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم ورابطة الدوري الإنجليزي الممتاز ورابطة الدوريات الأدنى من الدوري الممتاز بأن الموعد المحدد مسبقاً لاستئناف مباريات كرة القدم للرجال والنساء في إنجلترا في الأسبوع الأول من أبريل (نيسان) قد تم تأجيله لمدة شهر آخر، وهو ما يعني أن المباريات سوف تستأنف في موعد لا يتجاوز 30 أبريل (نيسان) الجاري. فمن المؤكد أن هذا الأمر سيكون له تداعيات سيئة للغاية على العديد من الأندية والجماهير في بريطانيا. لا سيما وأن احتمال تأجيل هذ الموعد أيضاً أمر وارد إلى حد كبير.
وبعد إصابة المدير الفني لآرسنال، ميكيل أرتيتا، بفيروس كورونا، مما دعا الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم لاتخاذ قرار في صباح اليوم التالي بتأجيل جميع مباريات الدوري الإنجليزي الممتاز، دخلت صناعة كرة القدم بأكملها في بريطانيا في حالة من الاضطراب، خاصة في ظل خسارة الأندية للعائدات التي كانت تحصل عليها من بيع التذاكر والمأكولات والمشروبات في الأيام التي كانت تقام فيها المباريات على ملاعبها. وفي مواجهة التهديد الكاسح لفيروس كورونا المستجد في جميع أنحاء أوروبا، لم يكن أمام مسؤولي كرة القدم أي خيار سوى إيقاف جميع المسابقات المحلية.
وعندما تم الإعلان عن إصابة لاعب تشيلسي كالوم هودسون أودي بفيروس كورونا، أعلن الاتحاد الأوروبي لكرة القدم على الفور عن تأجيل جميع مباريات دوري أبطال أوروبا والدوري الأوروبي. وبعد مؤتمر فيديو طارئ ضم مسؤولين من الاتحاد الأوروبي لكرة القدم وممثلي جميع الاتحاد الوطنية في أوروبا والبالغ عددها 55 اتحاداً، تم الإعلان عن تأجيل كأس الأمم الأوروبية 2020 حتى الصيف المقبل. وكان من الواضح أن هذا القرار قد بات حتمياً ولا مفر منه.
وقال ألكسندر تشيفرين، رئيس الاتحاد الأوروبي لكرة القدم: «نحن على رأس رياضة يعتمد عليها عدد كبير من الناس، لكنهم يواجهون منافساً غير مرئي وسريع الحركة. وفي مثل هذه الأوقات يتعين على مجتمع كرة القدم أن يظهر المسؤولية والوحدة والتضامن والإيثار». وكان قرار تأجيل بطولة كأس الأمم الأوروبية - التي حققت إيرادات تقترب من ملياري جنيه إسترليني للاتحاد الأوروبي لكرة القدم عندما استضافتها فرنسا في عام 2016 - بمثابة اعتراف واضح بأنه لا يوجد أي خيار آخر. وكان من المقرر أن تقام نهائيات كأس الأمم الأوروبية 2020 في 12 مدينة أوروبية، من دبلن إلى باكو، وبالتالي يتعين علينا أن ننتظر ما إذا كان من الممكن القيام بذلك في عام 2021. رغم إصرار المسؤولين على أنه لن يتغير الكثير. ولا يزال يتعين علينا أن ننتظر لنعرف أيضاً مصير نهائيات كأس الأمم الأوروبية للسيدات، والتي كان من المقرر إقامتها في صيف عام 2021 في إنجلترا، حيث كان من المقرر أن تقام المباراة الافتتاحية للبطولة على ملعب «أولد ترافورد» في السابع من يوليو (تموز).
وقال الاتحاد الأوروبي لكرة القدم إنه سيعلن عن المواعيد الجديدة في الوقت المناسب، لكن تشفيرين لمح إلى أن الخيار الأفضل قد يكون تأجيل نهائيات كأس الأمم الأوروبية للسيدات إلى عام 2022. حيث قال: «نعم، هذا أحد الاحتمالات، وواحد من أكثر الخيارات المرجحة. لا أعتقد أنه يتعين علينا أن ندع نهائيات كأس الأمم الأوروبية للرجال وكأس الأمم الأوروبية للنساء تقامان في غضون شهر واحد فقط».
وبالإضافة إلى المباراة النهائية في 12 يوليو (تموز)، من المقرر أن يستضيف ملعب ويمبلي مباراتي نصف النهائي لكأس الأمم الأوروبية للرجال في موعدها الجديد العام المقبل، لذلك ستكون هناك مخاوف لوجيستية بشأن إقامة بطولة أخرى في نفس البلد بعد ذلك بوقت قصير. ويجب أيضاً البحث عن مواعيد جديدة لنهائيات كأس الأمم الأوروبية للرجال تحت 21 عاماً والمقرر إقامتها في سلوفينيا والمجر، بالإضافة إلى نهائيات دوري الأمم الأوروبية، لكن الاتحاد الأوروبي لكرة القدم قد منح الأندية على الأقل بعض الوقت لكي تستكمل بطولاتها المحلية والمسابقات الأوروبية إذا كان الوضع يسمح بذلك.
وقد أعرب رئيس الاتحاد الأوروبي لكرة القدم عن أمله في أن تستمر روح التعاون بعد هذه الأزمة، مشيداً بالسرعة التي تصرف بها رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم، جياني إنفانتينو - الذي عادة ما كان يتم التعامل معه على أنه عدو - في التعامل مع الأزمة من خلال التأكيد على أن عالم كرة القدم بأكمله يعمل وفقاً لذلك. وقال تشيفيرين: «لم يعد هناك وقت للأفكار الأنانية. لم يعد هناك وقت للأنانية، حيث يتم الآن إعادة ضبط كرة القدم العالمية».
وستخبرنا الأيام القادمة بما سيحدث في هذا الأمر، لكن عندما تعود الحياة إلى طبيعتها في نهاية المطاف، سيكون هناك تحدٍ هائل فيما يتعلق بكيفية إنهاء المئات من مباريات الدوري والكأس في جميع أنحاء القارة - ناهيك عن مباريات دوري أبطال أوروبا والدوري الأوروبي. إن «الالتزام باستكمال جميع مسابقات الأندية المحلية والأوروبية بنهاية الموسم الرياضي الحالي، أي 30 يونيو (حزيران)»، الذي وقع عليه الاتحاد الأوروبي لكرة القدم ومعظم الدوريات المحلية في أوروبا، قد يعني أيضاً أنه ستكون هناك «قيود محتملة أو عدم التزام بالتقويم المتبع، وهو ما سيؤدي إلى إقامة مباريات في الدوريات المحلية في منتصف الأسبوع، وتغيير مواعيد مباريات الأندية في المسابقات الأوروبية لتقام في نهاية الأسبوع».
وقد أعلن الدوري الإنجليزي الممتاز نفس الشيء، وهو ما يعني احتمال إقامة بعض المباريات بدون جمهور إذا لزم الأمر. كما أن المخاوف بشأن انتهاء عقود العديد من اللاعبين في 30 يونيو (حزيران) تجعل من الأفضل إنهاء الموسم بحلول هذا التاريخ، رغم أنه يتم التفكير في اتخاذ تدابير طارئة، بما في ذلك قيام الأندية بتمديد عقود اللاعبين بشكل مؤقت، وينطبق ذلك على اللاعبين الذين تنتهي عقودهم أو أولئك الذين يلعبون على سبيل الإعارة.
ومع ذلك، هناك دولة واحدة معزولة نسبياً عن باقي أنحاء أوروبا، وتستأنف فيها المباريات بشكل طبيعي، وهي بيلاروسيا، التي انطلق فيها بالفعل الدوري الممتاز، رغم إصابة العشرات فيها بفيروس كورونا المستجد. وقال فلاديمير بازانوف، رئيس اتحاد بيلاروسيا لكرة القدم: «إننا لا نواجه وضعاً حرجاً، لذلك قررنا أن نبدأ البطولة في الوقت المحدد. وليس لدينا أي متطلبات مسبقة لذلك حتى الآن، ولا نشعر بأي ذعر. الوضع في البلاد ليس بحاجة إلى وقف كل شيء، فلماذا نصعد الموقف؟».
كرة القدم ستواجه مشاكل لا حصر لها عند استئناف المباريات
هل يمكن لعالم «الساحرة المستديرة» أن يتعافى من تداعيات أزمة «كورونا»؟
كرة القدم ستواجه مشاكل لا حصر لها عند استئناف المباريات
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة