قطاع صناعة الملابس في بنغلاديش مهدد بالانهيار

مع توقف طلبات صنع الملابس الجاهزة وشرائها في أنحاء العالم

فقد أكثر من مليوني عامل وظائفهم بسبب إغلاق محال الملابس في أنحاء العالم وتوقف الطلبات من المصانع في بنغلاديش (نيويورك تايمز)
فقد أكثر من مليوني عامل وظائفهم بسبب إغلاق محال الملابس في أنحاء العالم وتوقف الطلبات من المصانع في بنغلاديش (نيويورك تايمز)
TT

قطاع صناعة الملابس في بنغلاديش مهدد بالانهيار

فقد أكثر من مليوني عامل وظائفهم بسبب إغلاق محال الملابس في أنحاء العالم وتوقف الطلبات من المصانع في بنغلاديش (نيويورك تايمز)
فقد أكثر من مليوني عامل وظائفهم بسبب إغلاق محال الملابس في أنحاء العالم وتوقف الطلبات من المصانع في بنغلاديش (نيويورك تايمز)

تشهد مراكز التسوق الخاوية تماماً على أكبر أزمة تتحملها صناعة الملابس العالمية وتجارة التجزئة منذ أكثر من جيل كامل، بيد أن أثر فيروس كورونا على تجارة التجزئة عبارة عن دمار من شقين، حيث توقف التدفق اليومي لآلاف الطلبات التي تأتي من تجار التجزئة الغربيون إلى مصانع الموردين في جنوب آسيا، كما يواجه أصحاب المصانع دماراً مالياً مستمراً، مع تعطل أسباب الرزق لمئات الآلاف من عمال الملابس.
تقول روبانا هوك، رئيسة رابطة مصنعي ومصدري الملابس في بنغلاديش، الجهة الممثلة لأصحاب مصانع الملابس في البلاد: «أوضاعنا الراهنة مزرية للغاية، وطلبات الإلغاء وتعليمات الحجز الواردة من تجار التجزئة للأزياء الغربية تدفعنا إلى حافة الإفلاس، مع توقف هائل للعمل، وتكاليف المواد الخام الكبيرة».
ونادراً ما يضطر تجار التجزئة للأزياء السريعة لامتلاك المصانع التي تغذيهم بالمطلوب من الملابس. وبدلاً من ذلك، فإن السواد الأعظم من تلبية طلبات الملابس والأحذية يتم عن طريق مصادر التغذية الخارجية في الأسواق الناشئة مثل بنغلاديش، حيث التكاليف العامة رخيصة، والعمالة البشرية أرخص بكثير.
ويوجد أغلب الموردين في بلدان هي أكثر عرضة للصدمات الاقتصادية الكبرى، مثل الهند وميانمار وكمبوديا، وبنغلاديش، وهي ثاني أكبر دولة في تصدير الملابس الجاهزة عالمياً، بعد الصين.
وبنغلاديش التي كانت محلاً لأكثر الحملات فعالية في عصر العولمة، بهدف تحسين ظروف العمل والسلامة المهنية لعمال الملابس، شهدت إلغاء أو تأجيل أوامر شراء بقيمة تفوق 2.8 مليار دولار من بداية أزمة «فيروس كورونا» حتى الآن.
وتشكل الملابس الجاهزة في بنغلاديش نسبة 84 في المائة من إجمالي صادرات البلاد، بقيمة تبلغ 40.5 مليار دولار في السنة المالية 2019، وفقاً للبيانات المنشورة على موقع رابطة مصنعي ومصدري الملابس في بنغلاديش. وأسفرت هذه الخسارة عن فقدان أكثر من مليوني عامل في بنغلاديش لوظائفهم.
وقال شريف زاهر، المدير التنفيذي لمجموعة «أنانتا» التي تملك 7 مصانع للملابس بإجمالي 26 ألفاً من العمالة: «الأوضاع عسيرة للغاية، وسلاسل التوريد في حالة من الفوضى العارمة، مع كثير من العلامات التجارية الأجنبية التي تتصرف بصورة غير مسؤولة منذ بداية الأزمة». وتوفر المجموعة المذكورة الملابس للعلامات التجارية من شاكلة «إتش أند إم»، و«غاب»، و«زارا»، و«ليفايز»، و«ماركس أند سبنسر».
وأكد السيد زاهر أن أغلب مصانع الملابس في بنغلاديش تواجه بالفعل الخسائر الكبيرة أو هوامش الربح المتدنية للغاية منذ العام الماضي، بسبب زيادات الأجور التي أقرتها الحكومة في ديسمبر (كانون الأول) من عام 2018. والآن، يقوم كثير من المشترين بإلغاء الطلبات التي جرى إنتاجها بالفعل، مع تأخير سداد المدفوعات المستحقة، وطلب التخفيض على البضائع المشحونة إليهم.
وأضاف السيد زاهر: «لم يبقَ لدينا سوى 20 في المائة من طلبات الشراء لشهر أبريل (نيسان) الحالي؛ لقد أصبح كل شيء غير مؤكد».
وفي 26 مارس (آذار) الماضي، نشرت الحكومة جنود الجيش والشرطة لفرض بدء الإغلاق الوطني على مستوى البلاد لإبطاء انتشار «فيروس كورونا». وتعد بنغلاديش ذات الكثافة السكانية العالية، إذ يبلغ تعداد السكان 160 مليون نسمة، معرضة لمخاطر الإصابة بعدوى الفيروس لأن مئات الآلاف من العمال البنغال الأجانب قد عادوا إلى الوطن خلال الأسابيع الأخيرة من انتشار الوباء، وكانوا غالباً قادمين من البلدان المصابة بالفيروس، إلى ظروف معيشية بالغة القسوة في بلادهم، مع قليل من الرعاية الطبية والصرف الصحي.
وفي إشارة إلى أهمية قطاع صناعة الملابس في البلاد، الذي يوفر 80 في المائة من عوائد التصدير للبلاد، تعد مصانع التجزئة من الصناعات الأساسية، رغم أن أغلبها في حالة إغلاق الآن.
وبذل كبار تجار التجزئة جهوداً كبيرة للتأكيد على أن التخفيضات قد لحقت بمجالات الأعمال كافة. وبعد أسابيع من الضغوط المتواصلة، أعلنت شركة «إتش أند إم»، في 30 مارس (آذار) الماضي، أنها سوف تتسلم وتسدد مستحقات السلع التي جرى تصنيعها بالفعل لصالح الشركة، فضلاً عن البضائع قيد الإنتاج راهناً. وقالت الشركة إنها لن تتفاوض بشأن أسعار الطلبات التي جرى تقديمها بالفعل.
لكن شركة «إتش أند إم» السويدية حذرت، في الأثناء ذاتها، من أنه سوف يتعين عليها تخفيض الوظائف، إذ أغلق الوباء أكثر من ثلثي المتاجر، البالغ عددها 5 آلاف متجر حول العالم، وهددت الشركة أصحاب المتاجر الأصليين بإمكانية إنهاء عقود الإيجار في أوقات مبكرة إذا لم تبدأ المبيعات في التعافي.
وقالت هيلينا هيلمرسون، المديرة التنفيذية لشركة «إتش أند إم»: «نبذل كل ما في وسعنا حالياً في المجموعة لإدارة الموقف المتصل بانتشار فيروس كورونا. ونأمل أن نتمكن من بدء العمليات، وإعادة تشغيلها مرة أخرى، في أقرب وقت ممكن».
ويبدو أن الغالبية العظمى من العلامات التجارية العالمية صارت بعيدة للغاية عن الالتزامات المماثلة، إذ أعلنت شركة «إنديتكس»، المالكة لعلامة «زارا» التجارية، من بين كثير من تجار التجزئة الآخرين، في 18 مارس (آذار) الماضي، أنها سوف تُغلق ما يقرب من 4 آلاف متجر من متاجرها بصفة مؤقتة. ولم تذكر الشركة ما إذا كانت سوف تواصل سداد رواتب الموظفين خلال فترة الإغلاق أم لا.
ولا تمارس شركة «بريمارك»، أحد كبار المشترين للملابس في بنغلاديش، عمليات البيع على الإنترنت. وقالت الشركة إن جميع متاجرها، وعددها 376 متجراً موزعين على 12 دولة، قيد الإغلاق حالياً حتى إشعار آخر، الأمر الذي يمثل خسارة كبيرة تُقدر بنحو 807 ملايين دولار من صافي المبيعات خلال الشهر الحالي. كما قررت الشركة تجميد الطلبات المستقبلية كافة.
وفي محاولة منها لتعويض جزء من تداعيات تدني مستويات تجارة التجزئة الغربية، أعلنت الشيخة حسينة، رئيسة وزراء البلاد، عن خطة إنقاذ بقيمة 590 مليون دولار، بدءاً من 25 مارس (آذار) الماضي. وقالت رئيسة الوزراء إن كثيراً من أعضاء الحكومة في البلاد هم من أصحاب المصانع، غير أن الأموال سوف تخصص في تغطية رواتب وبدلات عمال المصانع فقط.
وليس التحدي الذي يواجه البلاد الآن يتعلق بضمان وصول أموال خطة الإنقاذ إلى مستحقيها، ولكن عدم انهيار معايير السلامة المهنية، مع تزايد سوء الأوضاع التي يشهدها أصحاب المصانع أنفسهم.
- خدمة «نيويورك تايمز»


مقالات ذات صلة

«كورونا» قد يساعد الجسم في مكافحة السرطان

صحتك أطباء يحاولون إسعاف مريضة بـ«كورونا» (رويترز)

«كورونا» قد يساعد الجسم في مكافحة السرطان

كشفت دراسة جديدة، عن أن الإصابة بفيروس كورونا قد تساعد في مكافحة السرطان وتقليص حجم الأورام.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
أوروبا الطبيب البريطاني توماس كوان (رويترز)

سجن طبيب بريطاني 31 عاماً لمحاولته قتل صديق والدته بلقاح كوفيد مزيف

حكم على طبيب بريطاني بالسجن لأكثر من 31 عاماً بتهمة التخطيط لقتل صديق والدته بلقاح مزيف لكوفيد - 19.

«الشرق الأوسط» (لندن )
الاقتصاد السعودية تصدرت قائمة دول «العشرين» في أعداد الزوار الدوليين بـ 73 % (واس)

السعودية الـ12 عالمياً في إنفاق السياح الدوليين

واصلت السعودية ريادتها العالمية بقطاع السياحة؛ إذ صعدت 15 مركزاً ضمن ترتيب الدول في إنفاق السيّاح الدوليين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
صحتك تم تسجيل إصابات طويلة بـ«كوفيد- 19» لدى أشخاص مناعتهم كانت غير قادرة على محاربة الفيروس بشكل كافٍ (رويترز)

قرار يمنع وزارة الصحة في ولاية إيداهو الأميركية من تقديم لقاح «كوفيد»

قرر قسم الصحة العامة الإقليمي في ولاية إيداهو الأميركية، بأغلبية ضئيلة، التوقف عن تقديم لقاحات فيروس «كوفيد-19» للسكان في ست مقاطعات.

«الشرق الأوسط» (أيداهو)
أوروبا أحد العاملين في المجال الطبي يحمل جرعة من لقاح «كورونا» في نيويورك (أ.ب)

انتشر في 29 دولة... ماذا نعرف عن متحوّر «كورونا» الجديد «XEC»؟

اكتشف خبراء الصحة في المملكة المتحدة سلالة جديدة من فيروس «كورونا» المستجد، تُعرف باسم «إكس إي سي»، وذلك استعداداً لفصل الشتاء، حيث تميل الحالات إلى الزيادة.

يسرا سلامة (القاهرة)

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».