أعمدة حجرية شمال السعودية كانت تُستخدم مراصد فلكية

تتكون من 50 مجموعة في 21 موقعاً

موقع أعمدة الرجاجيل بالجوف (تصوير: سلطان الزيد)
موقع أعمدة الرجاجيل بالجوف (تصوير: سلطان الزيد)
TT

أعمدة حجرية شمال السعودية كانت تُستخدم مراصد فلكية

موقع أعمدة الرجاجيل بالجوف (تصوير: سلطان الزيد)
موقع أعمدة الرجاجيل بالجوف (تصوير: سلطان الزيد)

كشفت دراسة سعودية، عن أن الأعمدة الحجرية التي خلّفتها الحضارات السابقة، في مواقع شمال غربي السعودية، كانت تمثل مراصد فلكية واستشفائية في أواخر العصور الحجرية (فترة ما قبل الألف الرابع قبل الميلاد)، مبينة أنها تعكس هندسة معمارية متقدمة، وقدرات ذهنية متطورة لمنشئيها.
وقالت منيرة علي المشوح، باحثة الآثار بجامعة الملك سعود، في دراسة حديثة، إنها تتبعت ملامح 21 موقعاً للأعمدة الحجرية في السعودية، والرسوم الصخرية الموجودة بها للوصول إلى مؤشرات تكشف معانيها الحضارية، وتوصلت بعد الدراسة إلى مجموعة من الدلالات مثل الممارسات الرمزية، والعقائدية، والاستشفاء ومعالجة المرضى، فضلاً عن دلالات فلكية.
وأضافت، أن موقع الرجاجيل في منطقة الجوف شمال المملكة يصنف ضمن مواقع الآثار الفلكية الفريدة والنادرة الوجود في العالم، مثل «ستونهنج» في بريطانيا، و«نبتا» في مصر، ومواقع أخرى في إندونيسيا، وفرنسا، وبريطانيا، وأميركا، وأستراليا، باعتبار أن جميع مواقع الأعمدة الحجرية في العالم يجمعها خصائص واحدة، وهي أنها مقامة على زاوية مقدارها 180 درجة، وتصطف تجاه الشمال الجنوبي وعلى امتداد نجم القطب الشمالي «الجدي» الواقع ضمن كوكبة الدب الأصغر، كما أنها تعود إلى فترات زمنية متقاربة، وهي في أغلبها ترجع إلى 9 آلاف سنة قبل الميلاد.
وتطرقت إلى أن موقع الرجاجيل في الجوف أُقيم كمثيلاته من المواقع الأخرى في آسيا، وأفريقيا، وأوروبا، مؤكدة أن الهندسة الدقيقة لتخطيط موقع الرجاجيل، وتوجهات الأعمدة الحجرية في نطاقه، تعطي صورة أكثر وضوحاً لنوعية التواصل الحضاري في عصور ما قبل التاريخ.
وأضافت، أن الباحثين الأوروبيين توصلوا إلى أن هذا النوع من المنشآت الأثرية يرتبط بوجود اصطفافات فلكية دقيقة من الصعب تجاهلها، خصوصاً أن أغلبها ينتمي إلى عصر الثورة الزراعية، بوصف النشاطات الزراعية ابتداءً من تهيئة الحقول لعملية بذر البذور وانتهاء بمرحلة الحصاد؛ ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالفصول والأنواء، فلا عجب أن نرى آثاراً لعلم الفلك تعود إلى تلك المرحلة.
وقدمت منيرة المشوح في دراستها نماذج لأدلة وشواهد أثرية في موقع الرجاجيل مرتبطة بالفلك، مثل الدوائر الحجرية المكونة من أعمدة حجرية تشبه الشواخص الشمسية، ونماذج لمراصد ما قبل التاريخ، مشيرة إلى أنه إذا ما أُعطي للراصد مساحة كافية لرؤية الأفق السماوي وتحديد موضع لوقوف الراصد؛ فإن العلامات الواضحة على امتداد محور الرائي، مثل أعلى نقطة على سفح جبل، أو النقطة المنخفضة بين منحدرين؛ يمكن أن تعمل بمثابة نقاط معايرة، يتم عن طريقها تحديد شروق وغروب أي جرم سماوي بدقة متناهية، وهو يظهر في مواقع الأعمدة الحجرية بالطائف التي ما زالت تستخدم في رصد الشهور الهجرية.
ويتكون موقع أعمدة الرجاجيل الأثري في منطقة الجوف من خمسين مجموعة من الأعمدة الحجرية المنتصبة والمسماة بالرجاجيل، وتتكون من عدد من الأعمدة الحجرية المنحوتة من الحجر الرملي، ويتراوح عددها من ثلاثة إلى سبعة أعمدة، ويصل ارتفاع بعض الأعمدة القائمة إلى أعلى من ثلاثة أمتار، في حين تبلغ سماكتها نحو ستين سنتيمتراً.


مقالات ذات صلة

إحياء «القاهرة التاريخية» في المنتدى الحضري العالمي

يوميات الشرق أحد المواقع التراثية في القاهرة التاريخية (وزارة السياحة والآثار المصرية)

إحياء «القاهرة التاريخية» في المنتدى الحضري العالمي

يحتفي المنتدى الحضري العالمي الذي يُعقد في مصر خلال الفترة من 4 إلى 8 نوفمبر (تشرين الثاني) الجاري، بمدينة القاهرة وما تمثله من قيمة تاريخية وتراثية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
يوميات الشرق جانب من المعرض (محافظة سوهاج)

عرض مقتنيات مقبرة «حاكم الصعيد» كاملة للمرة الأولى بسوهاج

يعرض متحف سوهاج القومي، بجنوب مصر، للمرة الأولى مقتنيات مقبرة حاكم الصعيد «وني» كاملة منذ اكتشافها عام 1858.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق أحد عروض كركلا في بعلبك (خاص بـ«الشرق الأوسط»)

الخطر يهدد قلعة بعلبك الرومانية وضرر مباشر في أحد معالمها

استشعرت وزارة الثقافة في لبنان، منذ مطلع السنة الحالية، المخاطر التي يمكن أن تحيط بالأماكن الأثرية وبدئ تحضير الملفات ودراسة الإجراءات الممكنة، تحسباً لأي طارئ.

سوسن الأبطح (بيروت)
يوميات الشرق إعادة بناء افتراضية ثلاثية الأبعاد لأطلال قرية النطاة من العصر البرونزي استناداً إلى أدلة ودراسات أثرية نُشرت حديثاً (مشروع خيبر عبر العصور)

قرية من العصر البرونزي... أحدث اكتشافات «العُلا» الأثرية

أعلنت الهيئة الملكية لمحافظة العلا، في مؤتمر صحافي بالعاصمة السعودية الرياض، اكتشافاً فريداً من نوعه لقرية أثرية من العصر البرونزي في واحة خيبر بالسعودية.

غازي الحارثي (الرياض)
يوميات الشرق بعض اللقى الأثرية المكتشفة في المقبرة (وزارة السياحة والآثار)

مصر: اكتشاف «أول» مقبرة أثرية من عصر الدولة الوسطى

أعلنت وزارة السياحة والآثار المصرية، الجمعة، اكتشاف أول مقبرة تعود لعصر الدولة الوسطى بجبانة العساسيف في الأقصر (جنوب مصر).

فتحية الدخاخني (القاهرة )

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.