دور نشر لبنانية تواكب قراءها في الحجر المنزلي

وصفات للشفاء من «الغباء» و«الغطرسة» مع عودة إلى الفلسفة

دور نشر لبنانية تواكب قراءها في الحجر المنزلي
TT

دور نشر لبنانية تواكب قراءها في الحجر المنزلي

دور نشر لبنانية تواكب قراءها في الحجر المنزلي

«الموت طالب حثيث هذه الأيام، والعالم يحتاج إلى علمائه وحكمائه للعبور إلى برّ الأمان».. بهذه الكلمات توجهت «دار الجديد»، على صفحتها على «فيسبوك»، إلى قرائها، داعية إياهم إلى العودة للكتب، وهي تذكرهم بعدد من مؤلفاتها التي تصلح للقراءة في هذه الفترة، حيث يحتاج الإنسان إلى التأمل من جديد في أحوال حياته، وربما إجراء مراجعات عميقة. واستغل عدد من دور النشر اللبنانية فرصة جلوس الناس في حجرهم الإلزامي لحثهم على القراءة، وإغرائهم بتخفيضات، واقتراح عناوين ومضامين تتلاءم مع المرحلة.
وقسمت رشا الأمير، صاحبة «دار الجديد»، الكتب الصادرة عن دارها إلى مجموعات، لكل منها وظيفة، وكأنها أدوية تعالج الروح. ففي باب «كتب الشفاء»، والقصد منها شفاء الروح من أدرانها وأعبائها، يمكن للقارئ أن يعود للكتاب الجميل جداً الذي ترجمته «الجديد» للمفكر الإيطالي نوتشيو أوردينه، ويحمل اسم «لوجه ما لا يلزم». وضمن هذه المجموعة كتاب عبد الله العلايلي «أين الخطأ؟» الذي عاد فيه إلى مجموعة من القضايا التي شغلت الرأي العام ذات يوم، وقدم فيها رؤية تنويرية، مما تسبب باتهامه بالهرطقة، وإبعاده عن منصب الإفتاء. وكذلك في الوصفة «ديوان الحلاج» الذي أعده الزميل عبده وازن.
وتضيف الأمير أنها ستعكف على وضع مجموعات مختلفة تبعاً لوظيفتها، وستكون هناك مجموعة «الشفاء من الغباء»، ومجموعة غيرها لـ«الشفاء من الغطرسة»، تضم كتاب «في صحبة العربية» لأحمد بيضون، و«السجينة» لمليكة بوفقير. «لا أدعي أن دارنا صيدلية، لكنني أحب تشبيه الكتب بالأدوية التي تعالج كثيراً من المشكلات التي نعانيها».. تقول الأمير وهي تحذر من أن الانكباب غير المسبوق على قراءة الروايات وحدها، كما حصل في السنوات السابقة، ليس كافياً لفتح الآفاق. فالنفس بحاجة إلى تشريع نوافذها على مآدب فكرية مختلفة تساعدنا على استعادة التوقد الذهني. فلا بأس من قراءات في التاريخ والفكر والتربية والسياسة والفلسفة. ولا بد أيضاً من العودة، بحسب الأمير، إلى كلاسيكيات فاتتنا، وكان يفترض أن تكون جزءاً من تكويننا الثقافي، وربما أن الفرصة قد حانت للعودة إليها. فالوقت مناسب لقراءة الكتب الدينية التي هي مراجع رئيسية للشعوب في حياتها، كما النصوص الأدبية الكبرى في اللغات الأجنبية التي نجيدها. كأن يعود الفرنكوفونيون إلى بروست مثلاً. وفي العربية، من المفيد العودة إلى الرازي وابن رشد ولزوميات أبي العلاء. فما فائدة أن أقرأ آخر 50 رواية صدرت، دون أن تكون لديّ أي إطلالة على كتب فكرية؟
وكانت دور النشر تتحسب من بعض التعثر مع بدء الوباء، لكن إغلاق مطارات بالجملة وتوقف البريد لم يكن في الحسبان. وكانت «دار الآداب» قد بدأت على صفحات التواصل الاجتماعي التذكير بكتبها التي تتلاءم والظرف الوبائي الذي يمر به العالم، لا سيما بعد أن أخذ المرض ينتشر في الصين، مشجعة على شراء هذه الكتب عن بعد، لإيصالها إلى القراء في البلدان التي يعيشون فيها، عن طريق موقعي «جملون» و«نيل وفرات»، مع هامش ربح زهيد. وكان البحث جارياً حول طريقة تعقيم الكتب لإيصالها سليمة آمنة إلى طالبيها. لكن إغلاق المطارات جعل كل هذا يتوقف بانتظار انفراجات جديدة. حتى «أمازون» لم يعد قادراً على الحركة في ظل الوضع الحالي، فكيف بالمواقع العربية؟
وثمة حسومات مشجعة، يعرضها موقع «كتبٌ دوت كوم» مثلاً على القراء. وللصمود في الحجر المنزلي، حسم 20 في المائة على جميع الكتب الصادرة عن «دار التنوير»، ويرشح الموقع مجموعة من الكتب العلمية والفلسفية المميزة. وهو يوصل كتبه مجاناً إلى كل المناطق اللبنانية؛ كتب فلسفية وعناوين تتحدث عن تخطي الصعاب. فمن بين العناوين التي يقترحها الموقع «الطمأنينة الفلسفية» لسعيد ناشيد، و«التداوي بالفلسفة» للكاتب عينه، وكذلك «كيف يمكن لبروست أن يغير حياتك؟» لكاتبه ألان روبوتون، وكتاب ستيفن هوكينغ «التصميم العظيم». وبما أن الكلام كثير عن أهمية النوم لرفع قدرات الجسم الدفاعية في مواجهة الوباء، ثمة عرض على كتاب ماتيو ووكر «لماذا ننام؟». وكذلك تقدم صفحة «بوك أوتليت» على «فيسبوك» حسومات لقرائها، حيث توصل لهم الكتب إلى المنازل، مع حسم 20 في المائة على كتب «دار التنوير» مثلاً، و30 في المائة على كتب «مركز دراسات الوحدة العربية» كافة.
وتعد صاحبة «دار الآداب»، رنا إدريس، أنه مقابل الإقبال على الكتب في أوروبا لتمضية الوقت، فإن كتب دارها الإلكترونية التي تعرضها على تطبيق «أبجد»، ورغم أنه بإمكان القارئ تحميل ما يريده منها بـ15 دولاراً شهرياً فقط، فإنها لم تلحظ زيادة في الشراء، بعد سريان الحجر في غالبية الدول العربية.
وعلى صفحتها على «فيسبوك»، تعيد «دار الآداب» التذكير برواية «الطاعون» لألبير كامو التي كثر ذكرها هذه الأيام، خاصة أن والدها سهيل إدريس هو مترجمها، ودارها هي التي أصدرتها مع صعود نجم الكاتب في منتصف القرن الماضي. وتحت عنوان «تغدو الكتب سفننا عندما يأتي الطوفان»، تعرض الدار كتاباً حول «العبور»، مثل «السفينة» لجبرا إبراهيم جبرا، و«البحر والسفينة وهي» لحنا مينة، و«لا نسبح في البحر مرتين» لحسونة المصباحي.
أما «دار الساقي»، فعلى رأس اقتراحاتها «كيف أتخلص من التوتر؟» لهارييت غريفي، ناصحة بالهدوء للحفاظ على الصحة، ولرفع جهاز المناعة في مواجهة المرض. وللتسلية كتاب نيكولاي غوغول «الأمسيات في قرية قرب نيكانكا»، عن حياة القرويين البسطاء في الريف الأوكراني، وهو الكتاب الذي قال بوشكين بعد قراءته: «لم أرفع رأسي عنه حتى النهاية». وعلى أي حال، فإن رنا إدريس تعترف بأن ثمة صعوبة في شراء الكتب أو إيصالها، خاصة خارج لبنان. والطريقة الوحيدة المتاحة للقارئ في الظرف الحالي هي المؤلفات التي يمكن شراؤها إلكترونياً، أو تلك التي تتاح قرصنتها وموجودة أصلاً على الإنترنت. وفي شيء من الفكاهة، تقول إدريس «من ليس لديه زوادة من الكتب في منزله لمثل هذه الأيام، ولا يستطيع أن يشتري كتاباً إلكترونياً، ليقرأ كتاباً مقرصناً، فهذا أفضل من التوقف عن القراءة، وفقدان هذه العادة».
وإن كانت دور النشر في لبنان تسعى جاهدة لمواكبة قرائها في محنتهم هذه بتقديم أفضل ما لديها مما يتناسب والظرف الصعب الذي يعيشون، فإن ناشرين يعترفون بأنهم هم أنفسهم مأخوذون بقراءة الأخبار، ومتابعة متغيرات العالم، أكثر مما يستطيعون التركيز على الكتب التي تحتاج إلى التعمق والتأمل. وهم يخشون حقاً أن يكون لهذه المحنة انعكاسات خطيرة على صناعة الكتاب العربي عموماً. وتذكر إدريس أن إلغاء معارض الكتب جملة، كما تم هذه السنة، هو خسارة كبيرة لا يمكن أن تعوض، موضحة: «نحن نبيع 70 في المائة من نتاجنا في المعارض. وكل العلاقات البشرية والاقتصادية تتم في هذه المناسبة. وبما أن المحنة يبدو أنها ستطول، وسيستمر الناس لفترة أخرى يتفادون الأماكن المزدحمة والتجمعات، فإن هذا سيؤثر سلباً». والنشر مرتبط بشكل مباشر بمهنة الطباعة التي هي أيضاً قد تفقد موظفيها وعمالها بسبب توقف العمل.
وبالتالي، فإن مهنة النشر في فترة المخاض هذه، وفي الوقت الضائع، ليست أحسن حالاً من مهن غيرها، ولا يبدو أبداً أن القراء العرب في مزاج جيد.


مقالات ذات صلة

بعد «كوفيد»... هل العالم مستعد لجائحة أخرى؟

صحتك جائحة «كورونا» لن تكون الأخيرة (رويترز)

بعد «كوفيد»... هل العالم مستعد لجائحة أخرى؟

تساءلت صحيفة «غارديان» البريطانية عن جاهزية دول العالم للتصدي لجائحة جديدة بعد التعرض لجائحة «كوفيد» منذ سنوات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك ما نعرفه عن «الميتانيوفيروس البشري» المنتشر في الصين

ما نعرفه عن «الميتانيوفيروس البشري» المنتشر في الصين

فيروس مدروس جيداً لا يثير تهديدات عالمية إلا إذا حدثت طفرات فيه

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك فيروس رئوي قد يتسبب بجائحة عالمية play-circle 01:29

فيروس رئوي قد يتسبب بجائحة عالمية

فيروس تنفسي معروف ازداد انتشاراً

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أحد الأرانب البرية (أرشيفية- أ.ف.ب)

الولايات المتحدة تسجل ارتفاعاً في حالات «حُمَّى الأرانب» خلال العقد الماضي

ارتفعت أعداد حالات الإصابة بـ«حُمَّى الأرانب»، في الولايات المتحدة على مدار العقد الماضي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك تعلمت البشرية من جائحة «كورونا» أن لا شيء يفوق أهميةً الصحتَين الجسدية والنفسية (رويترز)

بعد ظهوره بـ5 سنوات.. معلومات لا تعرفها عن «كوفيد 19»

قبل خمس سنوات، أصيبت مجموعة من الناس في مدينة ووهان الصينية، بفيروس لم يعرفه العالم من قبل.


«حكايات من العراق القديم» و«ملوك الوركاء الثلاثة»

«حكايات من العراق القديم» و«ملوك الوركاء الثلاثة»
TT

«حكايات من العراق القديم» و«ملوك الوركاء الثلاثة»

«حكايات من العراق القديم» و«ملوك الوركاء الثلاثة»

صدر عن دار «السرد» ببغداد كتابان مترجمان عن الإنجليزية للباحثة والحكواتية الإنجليزية فران هزلتون. يحمل الكتابان العنوانين «حكايات من العراق القديم»، و«ملوك الوركاء الثلاثة»، وترجمهما الإعلامي والكاتب ماجد الخطيب، المُقيم في ألمانيا. وسبق أن نُشر الكتابان في لندن سنة 2006، وجذبا انتباه القراء بصياغتهما المعاصرة التي «تُقدم النصوص الرافدينية القديمة بشكل جذاب إلى جمهور واسع خارج دائرة المؤرخين والباحثين المتخصصين»، حسب رأي الشاعر الراحل سعدي يوسف في حوار معه بمجلة «بانيبال».

صدر الكتابان في طبعة أنيقة، بالورق المصقول، وغلافين ملونين، حافظا على تصاميم ورسومات وصور الكتابين الأصليين؛ تحقيقاً لرغبة الكاتبة فران هزلتون.

تُقدم لنا الباحثة في الكتابين حكايات وأساطير من العراق القديم؛ يعود تاريخ بعضها إلى أكثر من 4000 سنة. هي قصص نقلها الخبراء الإنجليز عن الألواح الطينية المكتوبة بالحروف المسمارية مباشرة من الأرشيف البريطاني الخاص ببلاد ما بين النهرين.

تكفي نظرة إلى عدد الأساتذة الذين أسهموا في ترجمة هذه النصوص من المسمارية إلى الإنجليزية، عن الألواح الطينية القديمة، لمعرفة الجهدين، الأدبي والفني، الكبيرين اللذين بذلتهما فران هزلتون في كتابة هذه النصوص، وتنقيحها وردم الثغرات في بعضها.

واعترافاً بهذا الجهد، قدَّمت المؤلفة شكرها في مقدمة الكتاب إلى قائمة من الأساتذة هم: البروفسور ثوركيلد جاكوبسون، والدكتور جيرمي بلاك، والدكتور غراهام كننغهام، والدكتورة إليانور روبسون، والدكتور غابور زويومي، والدكتور هرمان فانستفاوت، والبروفسور أندرو جورج، والدكتورة ستيفاني دالي والبروفسور بنجامين ر.فوستر.

يحتوي الكتاب الأول «حكايات من العراق القديم» على 13 حكاية وأسطورة سومرية وأكدية، تكشف للقارئ كثيراً من جوانب الحياة في بلاد الرافدين في تلك الأزمنة الغابرة، وتوضح لنا كيف كان الناس يعيشون، وعلاقتهم بالآلهة، وجوانب تفصيلية من الحياة الروحية والثقافية في أور ونيبور وأرتاتا وأريدو وكيش وشوروباك... إلخ.

كتبت الباحثة في تاريخ العراق القديم، ستيفاني دالي، في مقدمة الكتاب قائلة: «تخبرنا هذه الحكايات بالكثير عن المجتمع في ميزوبوتاميا في بواكيره الأولى. يحكم الملك الجالس على عرشه في القصر بصولجان يرمز إلى سلطته، ويبعث رسله للحوار حول صفقات تجارية، تعززهم تهديدات باستخدام القوة. كان الملوك والآلهة ما انفكوا يقيمون على الأرض، لأنهم لم ينسحبوا بعد إلى السماء، وكانت شهيتهم -وغضبهم ومتعتهم بالطعام والشراب، ورغباتهم وغرورهم- مماثلة لمثيلاتها بين الفانين، رغم أن معبوداً فقط قادر على تقرير مصائر المدن، والتصرف بصفته راعياً للملك في هذه المدينة أو تلك».

يتناول الكتاب الثاني قصص ملوك الوركاء الثلاثة إينْمركار ولوغالبندا وجلجامش؛ أي الجد والأب والحفيد. تحكي قصة إينمركار كيف أن هذا الملك أخذ حفنة من الطين النقي في يده وعجنه على شكل لوح، ثم سطر عليه رسالته إلى أينسوغريانا ملك مدينة أرتاتا الواقعة في الجبال القريبة (ربما إيران). هي أول إشارة في الأدب المكتوب إلى «كتابة رسالة»، ويعتقد العلماء، لهذا السبب، أن الكتابة اكتشفت في زمن هذا الملك.

ومن اللافت أيضاً في الكتابين التماثل الغريب بين بعض هذه الحكايات وحكايات «ألف ليلة وليلة»، رغم الفارق الزمني الكبير بين الاثنين. موضوعات السحر والآلهة، والسرد على لسان الطير، والطيران على ظهر نسر ومؤامرات النساء والخدم... إلخ. وتسرد إحدى القصص يوم نزول إنانا (عشتار) إلى الأرض، وقضاء ليلتها مع الملك، ومن ثم تصف الموكب الذي يجتاز شارع الموكب وبوابة عشتار، على هذا النحو:

«يظهر في البداية الفتيان الوسام، الذين يزينون شعورهم المصففة بالأطواق، ثم تأتي العجائز الحكيمات، فترافق الملك أكثرهن حكمة في موكب إنانا، ثم يأتي الطبالون يقرعون الطبول بعصي مقدسة، ويستعرضون في الموكب لإنانا. ثم يأتي الجنود بسيوفهم وحرابهم المشرعة يستعرضون في الموكب لإنانا، ثم يأتي أولئك الذين عباءاتهم بوجهين أحدهما أنثوي والآخر ذكري، يستعرضون في الموكب لإنانا، ثم يأتي أولئك الذي يتنافسون في الدوران والالتفاف والمناورة بمباخر من كل الألوان، يستعرضون في الموكب لإنانا، ثم يأتي الأسرى مقيدين بأطواق العنق الخشب ينشدون نشيدهم، يستعرضون في الموكب لإنانا، ثم تأتي بنات المعابد بشعورهن المتوجة، يستعرضن في الموكب لإنانا، ثم يأتي الكهنة يرشون الدم يميناً ويساراً من خناجر مغموسة بالدم، يستعرضون في الموكب لإنانا».

بأسلوب سلس؛ يجمع بين الفكاهة والمفارقة، يُقدم الكتابان حكايات وأساطير من تاريخ العراق القديم، شكّلت جذباً لجمهور واسع من القراء خارج دائرة المؤرخين والمختصين.

يشار إلى أنه بالتعاون مع جمعية «ZIPAG» سردت فيونا كولينز وتارا جاف وبديعة عبيد هذه القصص في كثير من الأمسيات التي أقامتها جمعية «إنهدوانا» في بريطانيا. وترى الناقدة ستيفاني ديلي، من معهد الاستشراق البريطاني، أن هذه الحكايات السومرية تمتعت بالقدرة على إسعاد قراء العصر الحديث بفكاهاتها ومفارقاتها ورؤيتها البراغماتية لأفعال الخالدين والفانين، التي يشتبك فيها الخير والشر. وتتساءل: كانت استجابة الجمهور الحديث مدهشة، رغم فارق العصور والثقافات الهائل، كيف يمكننا تفسير هذا التعاطف الذي يتجاوز كل الحدود؟ تكمن بعض الأجوبة في الثيمة الأساسية، التي تتعلق بالحياة والموت المُعبر عنها في الاستعارة الأسطورية؛ حيث تجسد الآلهة قوى الطبيعة، مثل الخصوبة والعقم والدهاء والغباء.

كتبت فران هزلتون في مقدمة الكتاب أن النسخة الأولى من «حكايات من العراق القديم صدرت سنة 2006، وكانت إشادة بأسلافنا الثقافيين المشتركين: قصصيي العراق القديم. ستسهم هذه الطبعة، كما أتمنى، في الإشادة ليس بحكواتيي العراق القديم فحسب، وإنما أن تصبح أيضاً أداة بيد الذين ارتضوا تحدي أن يصبحوا ساردي حكايات رافدينية حديثين».