«النظافة الشخصية» سلاح نازحي شرق الفرات لمواجهة «كورونا»

«النظافة الشخصية» سلاح نازحي شرق الفرات لمواجهة «كورونا»
TT
20

«النظافة الشخصية» سلاح نازحي شرق الفرات لمواجهة «كورونا»

«النظافة الشخصية» سلاح نازحي شرق الفرات لمواجهة «كورونا»

تنتظر النازحة السورية سمية أمام دورات المياه في مخيم «واشوكاني» بالحسكة، حتى تخرج طفلتها ثريا ذات الأربع سنوات لتقوم بغسل يديها وتنظيفها، لحماية أفراد أسرتها من فيروس «كورونا» المستجد، بالحفاظ على أكبر قدر ممكن من الوقاية، في المكان الذي يقيمون فيه منذ خمسة شهور.
هذه السيدة، ونحو 10 آلاف نازح يتحدرون من مدينة رأس العين أو «سري كانيه» بحسب تسميتها الكردية، يقطنون في المخيم الذي يبعد نحو 12 كيلومتراً غربي مدينة الحسكة بأقصى شمال شرقي سوريا، ويبذلون قصارى جهدهم للحفاظ على النظافة الشخصية للوقاية من انتشار الفيروس.
وأثناء الحديث معها، ارتسمت علامات الحيرة على وجهها وقالت: «لدي طفلة عمرها 6 سنوات، وهي ضعيفة وتحتاج للرعاية الصحية، وبعد السماع عن انتشار المرض أحافظ على نظافة بناتي حتى أحمي أختهن الرضيعة». اضافت وهي تجلس بجانب بناتها: «أنا وزوجي وبناتي الثلاث نعيش في هذه المساحة التي لا تتعدى 30 متراً. أخشى من انتشار الفيروس لغياب وسائل الوقاية الضرورية».
أما عبد الجبار (41 سنة) المتحدر من قرية المناجير بريف بلدة تل تمر، الذي وصل للمخيم قبل 5 أشهر، لا يمتلك تلفازاً أو جهاز راديو، ولا يعرف ماذا يدور في العالم، وكيف أن فيروس «كورونا» انتشر بشكل كبير، ليقول: «لا نعرف ماذا يحدث حولنا. فالجميع يخشى من انتشار الوباء. وهنا بالمخيم تقوم الإدارة عبر مكبرات الصوت بحملات توعية للحذر من (كورونا)، ويسكن هو وزوجته وأبناؤه الخمسة تحت رحمة خيمة وأضاف: «نحن ملتزمون بالحظر المفروض داخل المخيم؛ لكن الحمامات ودورات المياه غير نظيفة».
ويقطع سامر الفتى البالغ من العمر (11 عاماً) أحياناً مسافات تصل لأكثر من ألف متر، للحصول على مياه نظيفة، وينتظر دوره في صف لتعبئة العبوات البلاستيكية، وقال: «أساعد والدتي لأنها تحرص على نظافتنا، ونحن لا نلعب كثيراً خارج المخيم حتى لا نصاب بالمرض».
لكن والدته تساءلت مستغربة: «مع غياب الصابون أو المال اللازم لشراء مُطهرات أو كمامات، فماذا بوسعنا أن نفعل لمواجهة هذا المرض؟!».
وتروي نور (27 عاماً) التي كانت تنتظر دورها أمام باب نقطة طبية، تحمل طفلتها الرضيعة؛ وجلس بجانبها خمس سيدات على مقعد حديدي، جئن للمراجعة وفحص درجة الحرارة، والتأكد من خلو الإصابة بأي مرض معدٍ، كيف أنها تقوم بمراجعة دورية للكشف على ابنتها الصغيرة: «أهتم بنظافة أطفالي. فعندما يلعبون بالخارج وقبل دخولهم للخيمة أقوم بتعقيم أيديهم وغسلها جيداً».
بدورها، قالت جيهان عامر، قائدة فريق الصحة بـ«الهلال الأحمر الكردي» وهي النقطة الطبية الوحيدة في المخيم: «لم نسجل أي إصابة بفيروس (كورونا) حتى تاريخه، أو حالة اشتباه». وتضم النقطة الطبية قسماً للإسعاف، وثانياً للأمراض الداخلية، وآخر للنسائية والولادة، وقسم متخصص في أمراض الأطفال، وهي أكثر الأمراض انتشاراً بين قاطني المخيم. وأشارت إلى أن إدارة المخيم بالتعاون مع «الهلال الأحمر الكردي» ومنظمات دولية: «تعمل على افتتاح مخبر للتحاليل الطبية للكشف عن فيروس (كورونا) وبقية الأمراض المعدية. خلال أيام سيعمل ويقدم خدماته للمراجعين». ونوهت بأنهم يوزعون المنشورات وقصاصات ورقية للحذر والوقاية من المرض: «كما قمنا بتأسيس صندوق سلامة، للعمل خلال الأيام القادمة على توزيع كمامات ومعقمات للحماية».
يذكر أن سوريا سجلت 9 إصابات وحالة وفاة واحدة (حتى ظهر أمس) وسط توقعات بأن الأرقام أعلى من ذلك بكثير، غير أن مناطق نفوذ الإدارة الذاتية شرقي الفرات لم تُسجِّل أي إصابة بعد، وفقاً لـ«منظمة الصحة العالمية».
ونقلت ستيرة رشي، مديرة المخيم، أن العدد الإجمالي لقاطني «واشوكاني» بلغ نحو 10 آلاف نازح تقريباً: «بتعداد 1600 عائلة يسكنون 1650 خيمة، والمخيم وصل لطاقته الاستيعابية»، وأشارت إلى أنهم خفضوا عدد خيم الاستقبال إلى واحدة فقط يسكنها 275 عائلة، تحسباً من انتشار مرض «كورونا» المستجد، وحذرت من كارثة إنسانية وانتشار أمراض وبائية معدية ثانية، ولفتت قائلة: «تنقصنا المساعدات الطبية لسد الفجوة الصحية التي اتسعت مع زيادة أعداد النازحين».


مقالات ذات صلة

ترمب يُروِّج لنظرية «تسرب كورونا من المختبر» عبر موقع «كوفيد» الحكومي

الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي دونالد ترمب (أ.ب)

ترمب يُروِّج لنظرية «تسرب كورونا من المختبر» عبر موقع «كوفيد» الحكومي

يدعم موقع إلكتروني اتحادي متخصص في فيروس «كوفيد-19»، كان يعرض معلومات عن اللقاحات والفحوصات والعلاج، الآن، نظرية أن الوباء نشأ نتيجة تسرب من مختبر.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ تعرض الصفحة التي تشبه ملصقاً لأحد أفلام هوليوود عنواناً وهو «تسريب المختبر» (البيت الأبيض)

البيت الأبيض يدشن صفحة تدعم نظرية نشوء «كورونا» داخل مختبر

دشّن البيت الأبيض، الجمعة، صفحة إلكترونية جديدة حول أصول نشأة فيروس كورونا، على موقعه الرسمي يدعم فيها النظرية القائلة بأن «كوفيد-19» نشأ داخل مختبر.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
العالم أحد أفراد الطاقم الطبي يعتني بمريض مصاب بفيروس «كورونا المستجد» بقسم «كوفيد - 19» داخل مستشفى في بيرغامو... 3 أبريل 2020 (أ.ف.ب)

«الصحة العالمية» تضع اللمسات الأخيرة على «اتفاق الجوائح»

تجتمع الدول الأعضاء بمنظمة الصحة العالمية، اليوم (الثلاثاء) في جنيف، على أمل وضع اللمسات الأخيرة على اتفاق الجوائح، بعد التوصل إلى اتفاق «مبدئي» الأسبوع الماضي.

«الشرق الأوسط» (جنيف)
العالم مقر «منظمة الصحة العالمية» في جنيف (أ.ف.ب)

أعضاء «منظمة الصحة العالمية» يقتربون من اتفاق لمواجهة الأوبئة

يقترب أعضاء «منظمة الصحة العالمية» من التوصل إلى اتفاق بشأن معاهدة للاستعداد للأوبئة التي قد تحدث في المستقبل.

صحتك المزاج قد يؤثر على فاعلية بعض اللقاحات (أ.ف.ب)

المزاج الجيد قد يحسّن فاعلية بعض اللقاحات

كشفت دراسة جديدة أن المزاج الجيد يمكن أن يُعزز فاعلية بعض اللقاحات، التي تعتمد على  تقنية الحمض النووي الريبي المرسال أو«mRNA»، مثل لقاح «كوفيد-19».

«الشرق الأوسط» (لندن)

مشاورات سعودية - مصرية في الرياض تتناول العلاقات الثنائية والقضايا الإقليمية

جانب من جلسة مباحثات مصرية - سعودية خلال زيارة الأمير فيصل بن فرحان إلى القاهرة العام الماضي (واس)
جانب من جلسة مباحثات مصرية - سعودية خلال زيارة الأمير فيصل بن فرحان إلى القاهرة العام الماضي (واس)
TT
20

مشاورات سعودية - مصرية في الرياض تتناول العلاقات الثنائية والقضايا الإقليمية

جانب من جلسة مباحثات مصرية - سعودية خلال زيارة الأمير فيصل بن فرحان إلى القاهرة العام الماضي (واس)
جانب من جلسة مباحثات مصرية - سعودية خلال زيارة الأمير فيصل بن فرحان إلى القاهرة العام الماضي (واس)

تستضيف السعودية، اليوم الاثنين، الاجتماع الوزاري السابع للجنة المتابعة والتشاور السياسي بين السعودية ومصر على مستوى وزيري الخارجية في البلدين.

وأكد السفير المصري لدى السعودية، هاني أبو سريع، لـ«الشرق الأوسط»، أن أهم الملفات على طاولة الاجتماع ستكون «العلاقات الثنائية والقضايا الإقليمية التي تشغل بال البلدين»، وأضاف أن الملفات ذات الاهتمام المشترك أصبحت «ملحّة وساخنة، وتتطلب تنسيقاً على أعلى مستوى بين البلدين»، مبيّناً في الوقت ذاته أنّ كثيراً من التفاصيل ستتضح في وقتٍ لاحق.

وأشارت الخارجية المصرية، في وقتٍ مبكر اليوم، إلى أن وزير الخارجية، الدكتور بدر عبد العاطي، توجّه إلى السعودية في زيارة من المنتظر أن تشهد «انعقاد لجنة المتابعة والتشاور السياسي بين مصر والسعودية»، إلى جانب عقد لقاءات للوزير عبد العاطي مع عدد من كبار المسؤولين السعوديين بهدف «دعم وتعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين الشقيقين، والتشاور بشأن التحديات الإقليمية المشتركة»؛ وفقاً للبيان.

ومطلع العام الماضي، استضافت العاصمة المصرية القاهرة، اجتماع اللجنة ذاتها على مستوى وزيري الخارجية، حيث بحثا خلاله تكثيف آليات التعاون الثنائي في مختلف المجالات، وسُبل تعزيز التنسيق المشترك تجاه القضايا التي تهم البلدين وتخدم مصالحهما المشتركة، إلى جانب بحث التطورات الإقليمية والدولية والجهود المبذولة بشأنها، وفي مقدمتها الأوضاع في قطاع غزة.

وخلال الاجتماع، أكد، وزير الخارجية السعودي، الأمير فيصل بن فرحان، تطلع بلاده إلى تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين في مختلف المجالات، مشيداً بمستوى العلاقات الثنائية في ظل توجيهات قيادتي البلدين، بينما شدّد نظيره المصري على حرص القاهرة والرياض على انعقاد آلية التشاور السياسي على المستوى الوزاري بشكل سنوي، موضّحاً أنه «في هذه اللحظات الصعبة تزداد أهمية التنسيق بين الأشقاء وتكامل الأدوار».

كما تنعقد لجنة المتابعة والتشاور السياسي أيضاً على مستوى كبار مسؤولي وزارتي خارجية السعودية ومصر.

وتنعقد اللجنة في إطار حرص الرياض والقاهرة على تعزيز آفاق التعاون الثنائي بينهما في المجالات كافة، وتأتي تنفيذاً لتوجيهات قيادتي البلدين، وإعمالاً لأحكام مذكرة التفاهم لإنشاء لجنة المتابعة والتشاور السياسي بينهما الموقّعة في القاهرة بتاريخ 26 يونيو (حزيران) 2007.

وفي أغسطس (آب) العام الماضي، استقبل الأمير فيصل بن فرحان في الرياض، نظيره بدر عبد العاطي، الذي أجرى حينها زيارته الرسمية الأولى إلى السعودية، منذ توليه مهام عمله.

وفي سبتمبر (أيلول) العام الماضي، قام الأمير فيصل بن فرحان بزيارة رسمية إلى القاهرة التقى خلالها الوزير بدر عبد العاطي، وعقد الجانبان جلسة مباحثات رسمية تم خلالها استعراض العلاقات الثنائية في مختلف المجالات، وسُبل دعمها وتعزيزها بما يحقق تطلعات قيادتي البلدين والشعبين.

كما ناقش الوزيران، تكثيف العمل الثنائي ومتعدد الأطراف في القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، وفي مقدمتها الأزمة في قطاع غزة.

وشدّد الأمير فيصل بن فرحان، خلال الزيارة، على محورية التعاون بين بلاده ومصر في حفظ الأمن والاستقرار الإقليمي، مشيراً إلى أنه «أمر له تاريخ وقناعة راسخة لدى البلدين»، مبيّناً أن المباحثات الرسمية خلال زيارته تلك تناولت العلاقات الثنائية بين البلدين، وعلى رأسها الملفات الاقتصادية والتجارية، والملفات التنموية، وسُبل تطويرها في المجالات كافة.