كيف يقضي الفنانون اللبنانيون أوقاتهم في الحجر المنزلي؟

نجوى كرم
نجوى كرم
TT

كيف يقضي الفنانون اللبنانيون أوقاتهم في الحجر المنزلي؟

نجوى كرم
نجوى كرم

تشهد مواقع التواصل الاجتماعي، كما شاشات التلفزيون في لبنان، تفاعلاً كبيراً مع الجائحة التي تشغل العالم.
فجميعهم من دون استثناء يعاني من البطالة بسبب الوباء. فلا حفلات غنائية، ولا برامج تلفزيونية، ولا تصوير مسلسلات. وكونهم من الوجوه العامة المؤثرة على جمهور معجب بهم، ويحبهم، فقد راح غالبيتهم، وكل من موقعه، يعزز تفاعله مع متابعيه عبر وسائل التواصل الاجتماعي. وبينهم من نظم حملات رفق بالحيوان كهيفاء وهبي. فلقد استفزّها مشهد تخلّي بعض أصحاب الحيوانات الأليفة عنها في زمن «كورونا»، وغرّدت مستشهدة بمنظمة الصحة العالمية تقول: «أكدت المنظّمة أنّ الكلاب والقطط ما بينقلوا (كورونا) للإنسان، بس في كتار عم يتركوا حيواناتهم الأليفة على الطريق. انشروا صوراً لنؤكد للعالم أنّهم ما بينقلوا إلّا السعادة وما بيستحقوا تتخلوا عنهم». بدورها نشرت نجوى كرم، عبارات فلسفية وروحانية تدور حول المرحلة. فحسب رأيها، لا بد من تجاوز المرحلة، والتطلع إلى مستقبل أكثر تفاؤلاً. وساهمت في إعطاء إرشادات وقائية لمكافحة عدوى «كورونا»، من خلال مقابلة نشرتها على مواقع التواصل الاجتماعي أجرتها مع طبيب الأمراض الداخلية دكتور وليد خير الله. وكثفت من ناحيتها الممثلة سيرين عبد النور، نشاطاتها، عبر حسابها على موقع «تويتر»، لتنقل نداءً للتبرع بالدم مرة، وتدعو متابعيها لمشاركتها في ألعاب مسلية للترويح عن أنفسهم، مرة أخرى.
من ناحيته، يشير المطرب وليد توفيق، إلى أنّه بطبيعته شخص بيتوتي، لا يحب الخروج كثيراً من منزله. ويضيف في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «أستغل فرصة وجودي في المنزل تطبيقاً لقاعدة (خليك بالبيت)، لأمارس تمارين صوتية وعزفاً على العود. كما أستمتع بالاجتماع بأولادي لوقت أطول بعدما كنّا جميعنا منشغلين بأمور الحياة. وتعلمت من هذه المرحلة مدى النعم التي يغدقها علينا رب العالمين، ولم نكن نوليها اهتماماً كبيراً. ومن بين هذه النعم التقاء الأحبة والعيش بسلام، وفي حضن أم، وعناق صديق، وزيارة ابن، وغيرها من الأمور الممنوعة علينا في زمن (كورونا)». ويضيف: «رغم صعوبة المرحلة إلّا أنّها لا تخلو من إيجابية علينا التّمعن بها، وعدم تفويتها. فالغربة التي كان يعيشها أفراد العائلة الواحدة غابت تماماً في زمن الجائحة. وهو ما ساهم في تعرفهم على بعضهم بعضاً بشكل أفضل وعن قرب. فالتواصل عبر مواقع التواصل الاجتماعي كان قد غيّب العلاقات الاجتماعية وقضى عليها». وتحت عنوان «معاً نواجه كورونا»، أطلقت نانسي عجرم، حملة توعوية من تنظيم وزارة الإعلام، بالتعاون مع مديرية التوجيه بالجيش، تطالب فيها اللبنانيين بالتزام منازلهم: «ما حدا غيرنا في يحمينا. الحياة الحلوة نحنا منعملها وبكرا أكيد أحلى».
فنانون لبنانيون كثر ساهموا بتبرعات إلى المحتاجين، كما المستشفيات، والصليب الأحمر اللبناني، في حملة «صحتك بالدني»، التي نظمتها شاشة تلفزيون «إم تي في». من بينهم إليسا التي رفضت الكشف عن المبلغ الذي تبرعت به لشراء حصص غذائية للمحتاجين. وتبرعت عجرم بمبلغ 20 ألف دولار مقابل 20 مليون ليرة من هيفاء وهبي تتوزع على «مؤسسة الصليب الأحمر» و«مستشفى الحريري». وتبرع الفنان رامي عياش، بتأمين الكمامات للأطفال، وبمبلغ من المال إلى وزارة الصحة. أما الفنان راغب علامة، فقدم مبلغ 25 مليون ليرة لمستشفى الحريري والصليب الأحمر. واكتفت الفنانة مايا دياب بذكر الوجهة التي تتبرع لها من دون الكشف عن قيمة المبلغ الذي خصصته للصليب الأحمر اللبناني. وفنانون غيرهم نظّموا حملات تبرعات سابقة ساهم فيها كل من ماغي بو غصن ووائل كفوري ووائل جسار وغيرهم.
وعن طبيعة ما تقوم به في ظل جائحة «كورونا»، تقول نجوى كرم في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «كل ما يهمني في هذه المرحلة، ممارسة إيماني تجاه رب العالمين. فأحاول أن أرتقي به إلى أعلى المستويات. أصلي بشكل مكثف، وأعمل على حب الناس أكثر فأكثر». وتتابع: «أتقرب من الله سائلة إياه اللطف بنا وبأهل الكرة الأرضية ككل». وعما إذا اكتشفت هوايات جديدة عندها في هذه الفترة، ترد في سياق حديثها: «لم أكتشف أي هوايات جديدة، بل عملت على تنمية قوة الصبر. وتأكدت بأنّنا خلال هذه الفرصة (الدماغية) المفروضة علينا لا يجب أن نتعود على الكسل وعدم التفكير بالغد. فـ(خلينا ببيوتنا) جاهزين وحاضرين لقلب صفحة واستقبال أخرى».
بعض الفنانين أمثال كارول سماحة، استكشفت آراء محبيها عبر «تويتر»، إذا كانوا يوافقونها طرح أغنيتها الجديدة «مش هعيش» في زمن ينشغل به الناس بأمور أكثر أهمية. وجاءت الرّدود إيجابية مطالبة بالأغنية. أما الفنانة يارا، فنشرت من منزلها بدبي، مقطعاً من أغنية جديدة لها «خليك بالبيت»، غنتها من دون أي مرافقة موسيقية لتكون سولو مميزاً بصوتها من تأليف طارق أبو جودة وتلحينه. وشارك المغني سعد رمضان، متابعيه عبر وسائل التواصل الاجتماعي بأغنية من وحي «كورونا» بعنوان «انت وأنا محجورين».
وتقول الفنانة نوال الزغبي، تعليقاً على الحال التي يعيشها سكان الكرة الأرضية أجمعين: «صحيح أن كورونا تسبب بوقف الحياة وشلل عام في مختلف البلدان، إلّا أنّنا لا يجب أن نغفل عن مشاهدة النصف الملآن من الكوب». وتضيف في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «نسبة التلوث البيئي انخفضت بشكل لافت، وبات الناس أقرب إلى بعضهم البعض، بعدما كانوا ملتهين بأمور الحياة، وضغوطاتها الاجتماعية والمهنية والمادية». وعن تمضية أوقاتها، تردّ في سياق حديثها: «بما أنّنا نعيش حالة حجر منزلي، فأنا كغيري أحاول قدر الإمكان تمرير الوقت من خلال نشاطات مختلفة. فأمارس الرياضة حيناً، والتحضيرات لأعمال جديدة لي، كما أنّني أمضي وقتاً أطول مع أولادي».
ونقل آخرون كإليسا وسعد رمضان ونادين نسيب نجيم صورة مباشرة، عبر مواقع التواصل الاجتماعي، عما ينجزونه في منازلهم منذ إعلان التعبئة العامة في لبنان؛ من ممارسة الرياضة اليومية، أو تأليف أغنيات تواكب المرحلة، أو الرقص. ونشر علامة صوراً له عبر «تويتر» وهو يطبخ. ويقول في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «وجدتها هواية مسلية تجمع أفراد العائلة حولها».



بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
TT

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)

منذ الحلقة الأولى لمسلسل «النار بالنار» لفت تيم عزيز المشاهد في دور (بارود). فهو عرف كيف يتقمص شخصية بائع اليانصيب (اللوتو) بكل أبعادها. فألّف لها قالباً خاصاً، بدأ مع قَصة شعره ولغة جسده وصولاً إلى أدائه المرفق بمصطلحات حفظها متابع العمل تلقائياً.
البعض قال إن دخول تيم عزيز معترك التمثيل هو نتيجة واسطة قوية تلقاها من مخرج العمل والده محمد عبد العزيز، إلا أن هذا الأخير رفض بداية مشاركة ابنه في العمل وحتى دخوله هذا المجال. ولكن المخرج المساعد له حسام النصر سلامة هو من يقف وراء ذلك بالفعل. ويقول تيم عزيز لـ«الشرق الأوسط»: «حتى أنا لم أحبذ الفكرة بداية. لم يخطر ببالي يوماً أن أصبح ممثلاً. توترت كثيراً في البداية وكان همي أن أثبت موهبتي. وفي اليوم الخامس من التصوير بدأت ألمس تطوري».
يحدثك باختصار ابن الـ15 سنة ويرد على السؤال بجواب أقصر منه. فهو يشعر أن الإبحار في الكلام قد يربكه ويدخله في مواقف هو بغنى عنها. على بروفايل حسابه الإلكتروني «واتساب» دوّن عبارة «اخسر الجميع واربح نفسك»، ويؤكد أن على كل شخص الاهتمام بما عنده، فلا يضيع وقته بما قد لا يعود ربحاً عليه معنوياً وفي علاقاته بالناس. لا ينكر أنه بداية، شعر بضعف في أدائه ولكن «مو مهم، لأني عرفت كيف أطور نفسي».
مما دفعه للقيام بهذه التجربة كما يذكر لـ«الشرق الأوسط» هو مشاركة نجوم في الدراما أمثال عابد فهد وكاريس بشار وجورج خباز. «كنت أعرفهم فقط عبر أعمالهم المعروضة على الشاشات. فغرّني الالتقاء بهم والتعاون معهم، وبقيت أفكر في الموضوع نحو أسبوع، وبعدها قلت نعم لأن الدور لم يكن سهلاً».
بنى تيم عزيز خطوط شخصيته (بارود) التي لعبها في «النار بالنار» بدقة، فتعرف إلى باعة اليناصيب بالشارع وراقب تصرفاتهم وطريقة لبسهم وأسلوب كلامهم الشوارعي. «بنيت الشخصية طبعاً وفق النص المكتوب ولونتها بمصطلحات كـ(خالو) و(حظي لوتو). حتى اخترت قصة الشعر، التي تناسب شخصيتي، ورسمتها على الورق وقلت للحلاق هكذا أريدها».
واثق من نفسه يقول تيم عزيز إنه يتمنى يوماً ما أن يصبح ممثلاً ونجماً بمستوى تيم حسن. ولكنه في الوقت نفسه لا يخفي إعجابه الكبير بالممثل المصري محمد رمضان. «لا أفوت مشاهدة أي عمل له فعنده أسلوبه الخاص بالتمثيل وبدأ في عمر صغير مثلي. لم أتابع عمله الرمضاني (جعفر العمدة)، ولكني من دون شك سأشاهد فيلمه السينمائي (هارلي)».
لم يتوقع تيم عزيز أن يحقق كل هذه الشهرة منذ إطلالته التمثيلية الأولى. «توقعت أن أطبع عين المشاهد في مكان ما، ولكن ليس إلى هذا الحد. فالناس باتت تناديني باسم بارود وتردد المصطلحات التي اخترعتها للمسلسل».
بالنسبة له التجربة كانت رائعة، ودفعته لاختيار تخصصه الجامعي المستقبلي في التمثيل والإخراج. «لقد غيرت حياتي وطبيعة تفكيري، صرت أعرف ماذا أريد وأركّز على هدف أضعه نصب عيني. هذه التجربة أغنتني ونظمت حياتي، كنت محتاراً وضائعاً أي اختصاص سأدرسه مستقبلاً».
يرى تيم في مشهد الولادة، الذي قام به مع شريكته في العمل فيكتوريا عون (رؤى) وكأنه يحصل في الواقع. «لقد نسيت كل ما يدور من حولي وعشت اللحظة كأنها حقيقية. تأثرت وبكيت فكانت من أصعب المشاهد التي أديتها. وقد قمنا به على مدى يومين فبعد نحو 14 مشهداً سابقاً مثلناه في الرابعة صباحاً صورنا المشهد هذا، في التاسعة من صباح اليوم التالي».
أما في المشهد الذي يقتل فيه عمران (عابد فهد) فترك أيضاً أثره عنده، ولكن هذه المرة من ناحية الملاحظات التي زوده بها فهد نفسه. «لقد ساعدني كثيراً في كيفية تلقف المشهد وتقديمه على أفضل ما يرام. وكذلك الأمر بالنسبة لكاريس بشار فهي طبعتني بحرفيتها. كانت تسهّل علي الموضوع وتقول لي (انظر إلى عيني). وفي المشهد الذي يلي مقتلها عندما أرمي الأوراق النقدية في الشارع كي يأخذها المارة تأثرت كثيراً، وكنت أشعر كأنها في مقام والدتي لاهتمامها بي لآخر حد»
ورغم الشهرة التي حصدها، فإن تيم يؤكد أن شيئاً لم يتبدل في حياته «ما زلت كما أنا وكما يعرفني الجميع، بعض أصدقائي اعتقد أني سأتغير في علاقتي بهم، لا أعرف لماذا؟ فالإنسان ومهما بلغ من نجاحات لن يتغير، إذا كان معدنه صلباً، ويملك الثبات الداخلي. فحالات الغرور قد تصيب الممثل هذا صحيح، ولكنها لن تحصل إلا في حال رغب فيها».
يشكر تيم والده المخرج محمد عبد العزيز لأنه وضع كل ثقته به، رغم أنه لم يكن راغباً في دخوله هذه التجربة. ويعلق: «استفدت كثيراً من ملاحظاته حتى أني لم ألجأ إلا نادراً لإعادة مشهد ما. لقد أحببت هذه المهنة ولم أجدها صعبة في حال عرفنا كيف نعيش الدور. والمطلوب أن نعطيها الجهد الكبير والبحث الجدّي، كي نحوّل ما كتب على الورق إلى حقيقة».
ويشير صاحب شخصية بارود إلى أنه لم ينتقد نفسه إلا في مشاهد قليلة شعر أنه بالغ في إبراز مشاعره. «كان ذلك في بداية المسلسل، ولكن الناس أثنت عليها وأعجبت بها. وبعدما عشت الدور حقيقة في سيارة (فولسفاكن) قديمة أبيع اليانصيب في الشارع، استمتعت بالدور أكثر فأكثر، وصار جزءاً مني».
تيم عزيز، الذي يمثل نبض الشباب في الدراما اليوم، يقول إن ما ينقصها هو تناول موضوعات تحاكي المراهقين بعمره. «قد نجدها في أفلام أجنبية، ولكنها تغيب تماماً عن أعمالنا الدرامية العربية».