3 آلاف إصابة بالفيروس يومياً في إيران... وروحاني يعتبر الإحصائيات «مقبولة»

ناشطون سياسيون يحمّلون خامنئي مسؤولية «الكارثة الوطنية»

عناصر من الشرطة الإيرانية تمنع مرور السيارات في طريق بضاحية جنوب طهران أمس (فارس)
عناصر من الشرطة الإيرانية تمنع مرور السيارات في طريق بضاحية جنوب طهران أمس (فارس)
TT

3 آلاف إصابة بالفيروس يومياً في إيران... وروحاني يعتبر الإحصائيات «مقبولة»

عناصر من الشرطة الإيرانية تمنع مرور السيارات في طريق بضاحية جنوب طهران أمس (فارس)
عناصر من الشرطة الإيرانية تمنع مرور السيارات في طريق بضاحية جنوب طهران أمس (فارس)

قدم الرئيس الإيراني حسن روحاني، مرة أخرى النصف الممتلئ من كأس إدارة أزمة كورونا في البلاد، مشددا على أن أوضاع إيران في مواجهة تفشي وباء كورونا «مقبولة» بحسب الإحصائيات، في حين أعلنت وزارة الصحة، رصد نحو ثلاثة آلاف إصابة جديدة بفيروس كوفيد 19. فيما واصلت الوفيات تسجيل أعداد تفوق المائة.
وقالت وزارة الصحة في إحصائياتها الرسمية اليومية إنها سجلت 2901 إصابة جديدة خلال 24 ساعة، وهو اليوم الرابع على التوالي الذي تعلن فيه تسجيل نحو ثلاثة آلاف إصابة أو أكثر. وبذلك، بلغ العدد الإجمالي للإصابات 38 ألفا و309 حالات؛ منها 3467 حالة حرجة.
وقال المتحدث باسم وزارة الصحة كيانوش جهانبور إن 123 شخصا توفوا جراء الإصابة بفيروس كورونا المستجد وهو ما رفع حصيلة الوفيات إلى 2640 حالة. وكذلك أشار إلى أن الحالات المشفية وصلت إلى 12 ألفا و391 حالة.
وحذر مسؤولون كبار في الأجهزة المعنية بالتصدي لوباء كورونا من موجة ثانية من تفشي وباء كورونا.
وعلى خلاف ذلك، قال روحاني «تجاوزنا الذروة في بعض المحافظات ونحن الآن في المسار التنازلي». وأفادت وكالة «فارس» عن الرئيس الإيراني قوله إن فيروس كورونا «من الممكن أن يبقى بين عام إلى عامين» وأضاف أنه «ينبغي أن تكون الظروف الاجتماعية مهيأة لمواجهة الفيروس».
وقبل نحو أسبوعين، أعلن روحاني النصر على الوباء، قائلا إن إيران تخطت تفشي الوباء. لكن بعد ساعات، نفى المتحدث باسم الحكومة علي ربيعي ذلك، ووجه لوما إلى وسائل إعلام أجنبية بأنها مسؤولة عن تحريف أقوال روحاني. علما بأن مواقع داخلية وخارجية نقلت أقوال روحاني وفق ما ورد في الموقع الإعلامي للرئاسة ووكالات رسمية.
وقال روحاني إن الأوضاع في جميع المحافـظات جيدة، وإن الإحصائيات مقبولة. وكان يستند على مقارنة بين الإحصائيات الإيرانية والدول الأخرى على صعيد الوفيات، لافتا إلى أن وزير الصحة سعيد نمكي «قارن في اجتماع الحكومية بين إيران والدول الأخرى التي تواجه الوباء وكان تصنيف إيران مقبولا». كما عدّ الإحصائية الرسمية عن الحالات المشفية بأنها «مقبولة»، مضيفا أن الأوضاع «جيدة» سواء في المحافـظات التي «تجاوزت الذروة» وأخرى لم تتجاوز الذروة. ومع ذلك، قال «يجب أن نحكم على الذروة مع نهاية عطلة رأس السنة (٣ أبريل/ نيسان)».
وحض روحاني على منع حدوث ذروة أو تفشٍ في محافظة أو مدينة مرة أخرى، حتى يتم العثور على علاج مؤكد ونهائي للفيروس.
وأمسك روحاني العصا من الوسط، عندما أشار ضمنا إلى مخاوفه من تراجع الإنتاج وتأثر الاقتصاد المتداعي تحت العقوبات الأميركية، عندما قال إن «الإنتاج مهم لنا، لا نستطيع أن نعطل الإنتاج في البلد» وربط هذه المرة قوله بحاجة إيران للمستلزمات الصحية.
ومد روحاني يد العون إلى مسؤولين خارج دوائر صنع القرار أو من یتسلمون مناصب بعد شهرين أو ثلاثة في إشارة إلى انتقادات طالته من النواب المحافظين المنتخبين للبرلمان الجديد. وحذر خصومه من أن أوضاع البلد «لا تسمح بجمع الأنصار». وقال «الأوضاع ليست أوضاعا نطرح فيها حربا سياسية، لا توجد نقاشات حزبية، أو بين قوميات أو وطنية، كورونا قضية عالمية واسعة، نريد تجاوزها».
وزادت الانتقادات لأداء الحكومة الإيرانية خلال الأيام الماضية وسط تباين بين تصريحات المسؤولين الحكوميين وكبار المسؤولين في المحافظات. وتسود شكوك كبيرة بالإحصائيات الرسمية التي تعلنها الحكومة.
وقال، علي أكبر حق دوست رئيس اللجنة الوطنية لعلم الأوبئة التابعة للجنة الوطنية لمكافحة الوباء، أول من أمس، إن الفيروس بدأ الزحف في داخل البلاد، في منتصف يناير (كانون الثاني) الماضي، وهو ما تناقض مع إعلان الحكومة عن تفشي الوباء بإعلان أول حالتي إصابة في 19 فبراير (شباط) قبل أن تعلن وفاتهما بعد ساعات قليلة، وذلك بعد أسابيع من نفي تقارير حول دخول الوباء.
وأفادت وكالة إيلنا عن روحاني قوله إن «قدراتنا» على صعيد أسرة المستشفيات ووحدات العناية المركزة «مقبولة».
أول من أمس قال المتحدث باسم وزارة الصحة كيانوش جهانبور إن إيران تواجه نقصا في أسرة غرف العناية المركزة وأجهزتها بما فيها أجهزة التنفس داعيا المؤسسات الأجنبية لإرسال مساعدات إلى إيران.
أتى اجتماع الحكومة، غداة محاولة روحاني طمأنة الإيرانيين من أن المنظومة الصحية بالبلاد «قوية وقادرة على التعامل مع أي تصاعد سريع في وتيرة المرض»، قائلا إن إدارته ستخصص 20 في المائة من ميزانيتها السنوية لمكافحة تفشي فيروس كورونا. ونقلت عنه رويترز «قد يندهش العالم بأن يصدر هذا عن دولة تحت العقوبات».
الخميس، طلب روحاني من المرشد علي خامنئي، الموافقة على سحب مليار دولار من صندوق الثروة السيادي في البلاد لمكافحة فيروس كورونا.
ولم يرد خامنئي، صاحب القول الفصل في جميع شؤون الدولة، حتى أمس على طلب الرئيس الإيراني، وهو ما أثار تساؤلات في وقت واجهت الحكومة اتهامات داخلية، بعد تباطؤ إجراءاتها، بشأن اتخاذها الوباء «وسيلة» لتخفيف الضغط الأميركي وحل مشكلة العقوبات وهو ما دفع الحكومة باتجاه نفيه.
وقال روحاني إن النسبة التي تم تخصيصها من الميزانية لمكافحة التفشي والتي تصل إلى حوالي ألف تريليون ريال ستشمل منحا وقروضا بفوائد متدنية للمتضررين بالمرض.
وتصل قيمة المبلغ المخصص لمكافحة كورونا إلى حوالي 6.3 مليار دولار بسعر صرف الريال في السوق الحرة والذي يبلغ حوالي 160 ألف ريال مقابل الدولار. لكن الحكومة ربما تقرر تخصيص بعض الأموال بسعر الصرف الرسمي المستخدم في دعم الغذاء والدواء وهو 42 ألف ريال مقابل الدولار وفقا لـ«رويترز».
إلى ذلك، قال وزير التعليم، محسن حاجي ميرزايي، أمس إن ثلاثين في المائة من طلاب المدارس لا يملكون الإنترنت بحسب وكالة «إيسنا» الحكومية.
خامنئي «يتحمل مسؤولية الكارثة»
قال 100 ناشط سياسي بارز في بيان أمس إن «خامنئي المسؤول الأول في تحول فيروس كوفيد 19 إلى كارثة وطنية» واتهموا في الوقت نفسه الرئيس الإيراني بـ«مسايرة» خامنئي في «التستر وربط أزمة كورونا بمؤامرة الأعداء» الأمر الذي ساهم في تفاقم الأزمة.
ولفت البيان إلى أن «تستر» المؤسسة الحاكمة وأجهزتها الأمنية إزاء تفشي فيروس كورونا يعود إلى قضايا مثل الحضور في الانتخابات البرلمانية التي جرت الشهر الماضي وتظاهرة ذكرى الثورة، مشددا على أنه «سلب الشعب الإيراني الفرصة الذهبية لمواجهة تفشي الفيروس». وقال البيان إن «حياة الإيرانيين رهينة بيد المرشد ومستشاريه والقوى الأمنية والعسكرية».
وانتقد الناشطون تصريحات وردت على لسان خامنئي هذا الشهر بشأن «الحرب البيولوجية» و«مساندة الأجنة للأعداء» فضلا عن منع منظمة أطباء بلا حدود عن إقامة مستشفى في إيران.
في بيان منفصل، طالب جمع من الكتاب والفنانين الإيرانيين بمنح جميع السجناء السياسيين إفراجا مؤقتا نظرا لما يوجهه الوباء من خطر على حياة السجناء.
وأعلن زوج الإيرانية البريطانية نازنين زاغري راتكليف التي سمح لها بالخروج مؤقتا لأسبوعين من سجن طهران حيث تمضي حكما بالسجن بعد إدانتها بـ«التحريض على الفتنة»، أنها منحت أسبوعين إضافيين من الإفراج المؤقت وفق وكالة الصحافة الفرنسية.
وأطلق القضاء الإيراني سراح سجناء سياسيين لا تتجاوز فترات الحكم عليهم خمس سنوات. ونوه البيان أن أغلب السجناء السياسيين مدانون بالسجن لفترات أكثر من خمس سنوات.
وقال المتحدث باسم السلطة القضائية الإيرانية غلام حسين إسماعيلي، أمس إنه سمح لما مجموعه مائة ألف معتقل بالخروج لمدة أسبوعين خلال عطلة النوروز، رأس السنة الإيرانية، وذلك بهدف تخفيف اكتظاظ السجون وتقليص مخاطر تفشي فيروس كورونا.
وتجري قوات الأمن الإيرانية عملية بحث عن 54 معتقلا فروا من سجن سقز في غرب البلاد، وفق ما أفادت وكالة الصحافة الفرنسية.
ونقلت الوكالة عن وسائل إعلام رسمية أن مسؤولا في النيابة العامة العسكرية في محافظة كردستان قوله إن ما مجموعه 74 معتقلا فروا الجمعة من سجن سقز، موضحا أن عشرين منهم أعيدوا إلى السجن بعدما سلّم بعضهم نفسه فيما ألقي القبض على البعض الآخر.
وأوردت الوكالة أنه تم توقيف أربعة من حراس السجن على خلفية عملية الهروب الجماعي.
وكانت «إرنا» قد أفادت مطلع السنة الإيرانية في 20 مارس بأن 23 معتقلا فروا من سجن خرم آباد، عاصمة محافظة لرستان، إثر أعمال شغب اندلعت ليلا خلال فرز الحراس السجناء المشمولين بقانون العفو الصادر بمناسبة رأس السنة الإيرانية.
وبحسب «إرنا» سجّلت منذ 21 مارس أعمال شغب في سجون همدان وتبريز واليكودرز (لرستان)، وكلّها في غرب البلاد. وأوردت الوكالة أنه تمت السيطرة على الأوضاع ولم يفر أي سجين، إنما قتل أحد المعتقلين وجرح آخر في اليكودرز.


مقالات ذات صلة

صحتك جائحة «كورونا» لن تكون الأخيرة (رويترز)

بعد «كوفيد»... هل العالم مستعد لجائحة أخرى؟

تساءلت صحيفة «غارديان» البريطانية عن جاهزية دول العالم للتصدي لجائحة جديدة بعد التعرض لجائحة «كوفيد» منذ سنوات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك ما نعرفه عن «الميتانيوفيروس البشري» المنتشر في الصين

ما نعرفه عن «الميتانيوفيروس البشري» المنتشر في الصين

فيروس مدروس جيداً لا يثير تهديدات عالمية إلا إذا حدثت طفرات فيه

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك فيروس رئوي قد يتسبب بجائحة عالمية play-circle 01:29

فيروس رئوي قد يتسبب بجائحة عالمية

فيروس تنفسي معروف ازداد انتشاراً

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أحد الأرانب البرية (أرشيفية- أ.ف.ب)

الولايات المتحدة تسجل ارتفاعاً في حالات «حُمَّى الأرانب» خلال العقد الماضي

ارتفعت أعداد حالات الإصابة بـ«حُمَّى الأرانب»، في الولايات المتحدة على مدار العقد الماضي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

تزوير وثائق وتزييف إشارات... هكذا تنقل إيران النفط الخاضع للعقوبات حول العالم

رغم خضوعها لبعض من أكثر العقوبات الغربية صرامة أسست إيران تجارة عالمية مزدهرة لنفطها (أرشيفية - رويترز)
رغم خضوعها لبعض من أكثر العقوبات الغربية صرامة أسست إيران تجارة عالمية مزدهرة لنفطها (أرشيفية - رويترز)
TT

تزوير وثائق وتزييف إشارات... هكذا تنقل إيران النفط الخاضع للعقوبات حول العالم

رغم خضوعها لبعض من أكثر العقوبات الغربية صرامة أسست إيران تجارة عالمية مزدهرة لنفطها (أرشيفية - رويترز)
رغم خضوعها لبعض من أكثر العقوبات الغربية صرامة أسست إيران تجارة عالمية مزدهرة لنفطها (أرشيفية - رويترز)

حملت ناقلة النفط «ريمي» هوية مزدوجة، ففي فبراير (شباط) 2023 كانت متجهة إلى ماليزيا رافعة علم بنما ومحملة بمليون برميل نفط من العراق، وذلك بحسب وثيقة بحوزة ربانها.

وتظهر الوثيقة، وهي شهادة منشأ اطلعت عليها «رويترز» من ميناء البصرة النفطي في جنوب العراق، أنه جرى تحميل السفينة بالنفط الخام من هناك في 22 فبراير (شباط) 2023. لكن الواقع كان مختلفا تماما. فالناقلة كانت جزءا من شبكة واسعة لتهريب النفط، وحملت أيضا اسم «ديب أوشن» وكانت تنقل النفط الخام سرا من دولة مختلفة؛ وهي إيران.

كان بحوزة الربان شهادة منشأ ثانية من شركة النفط الوطنية الإيرانية ومؤرخة في نفس اليوم.

وجرى ضخ النفط الإيراني إلى الناقلة «ريمي»، وهي جزء من أسطول تستخدمه شركة «صحارى ثاندر» الإيرانية، من سفينة أخرى في الشبكة التابعة لتلك الشركة، وهي «سونيا »1 التي ترفع العلم الإيراني. وتم رصد عملية النقل السرية، التي انتهت في 22 فبراير (شباط)، بواسطة القمر الصناعي «سنتينل-2» التابع لوكالة الفضاء الأوروبية.

وانكشف وهم أداء الناقلة «ريمي» نشاطا تجاريا مشروعا مع العراق بعد تسريب مجموعة تضم أكثر من 10 آلاف رسالة بريد إلكتروني خاصة بشركة «صحارى ثاندر»، تغطي تجارتها النفطية من مارس (آذار) 2022 إلى فبراير (شباط) 2024، وذلك على أيدي شبكة تسلل إلكتروني.

وبتفريغ البيانات، تمكنت رويترز من إظهار كيفية تفادي الشركة الإيرانية للعقوبات الغربية. وتبين أنه في الفترة التي شملتها رسائل البريد الإلكتروني، شحنت «صحارى ثاندر» ما يقرب من 20 مليون برميل من النفط إلى أنحاء مختلفة من العالم، بقيمة 1.7 مليار دولار أميركي تقريبا استنادا إلى متوسط ​​سعر السوق في عام 2023.

ورسمت رويترز خريطة للمواقع الرئيسية التي تم نقل النفط إليها بواسطة السفن التي تستخدمها «صحارى ثاندر»، من بندر عباس في إيران والفجيرة في الإمارات، إلى فنزويلا ومورمانسك في شمال روسيا وسلسلة من الموانئ في الصين، الوجهة النهائية للخام.

وعلى الرغم من خضوعها لبعض من أكثر العقوبات الغربية صرامة، أسست إيران تجارة عالمية مزدهرة لنفطها. وهي تعتمد على أسطول ظل من الناقلات التي تخفي أنشطتها لتفادي العقوبات وعلى المشترين الراغبين في نفطها في آسيا لتبقي اقتصادها صامدا وتمول الجماعات المسلحة المناهضة للغرب في الشرق الأوسط. ووفقا لتقديرات إدارة معلومات الطاقة الأميركية، حققت صادرات طهران النفطية 53 مليار دولار في عام 2023 و54 مليار دولار في العام السابق. وبناء على بيانات منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك)، كان الإنتاج خلال عام 2024 عند أعلى مستوياته منذ عام 2018.

وانسحب الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب من الاتفاق النووي الغربي مع طهران وأعاد فرض العقوبات على النفط الإيراني في 2018. ويقول مسؤولون إيرانيون وعرب وغربيون إن من المتوقع أن يستهدف ترامب قطاع النفط الإيراني مجددا بسياسة «الضغط الأقصى» بعدما يعود إلى البيت الأبيض في يناير (كانون الثاني).

وحظيت أساليب إيران بحماية مشددة، لكن رسائل البريد الإلكتروني المسربة كشفت عن تفاصيل دقيقة بشكل غير عادي عن الأعمال اليومية لشركة ساعدت في استمرار صناعة النفط الإيرانية التي تقدر قيمتها بمليارات الدولارات. وقال اثنان من المتسللين الإلكترونيين لرويترز إن مجموعة التسلل الإلكتروني (برانا نتورك) سربت رسائل البريد الإلكتروني الخاصة بشركة «صحارى ثاندر» في فبراير (شباط) من العام الماضي لأنها أرادت إماطة اللثام عن تحايل طهران على العقوبات الغربية.

وفي أبريل (نيسان)، فرضت الولايات المتحدة عقوبات على «صحارى ثاندر»، ووصفتها بأنها «شركة واجهة» للحكومة الإيرانية دعمت «الحرس الثوري» بشبكة شحن واسعة النطاق. وتتخذ «صحارى ثاندر» من طهران مقرا وتصف نفسها بأنها شركة استيراد وتصدير وبناء ومقاولات في قطاعات تشمل النفط والغاز، وذلك بحسب نسخة أرشيفية لموقعها الإلكتروني.

ولم تعد عناوين البريد الإلكتروني لشركة «صحارى ثاندر» تعمل عندما حاولت رويترز التواصل معها للحصول على تعليق، ولم تتمكن رويترز من تحديد ما إذا كانت الشركة لا تزال تمارس أنشطتها. ويعرض موقع «صحارى ثاندر» الآن صفحة مراهنات رياضية صينية. ولم يتم الرد على رسائل البريد الإلكتروني الموجهة إلى الأشخاص والعناوين المرتبطة بالشركة والواردة في البيانات المسربة. ولم يرد المسؤولون الإيرانيون على طلبات للتعليق.

وتظهر مقتطفات من رسائل البريد الإلكتروني بين «صحارى ثاندر» وشركائها كيف نقلوا حمولاتهم من سفينة إلى أخرى، وزوروا وثائق، ووضعوا هويات جديدة بالطلاء على السفن، وزيفوا إشارات التتبع لإخفاء مواقعها، واتخذوا تدابير شاقة لتجنب أي أثر يقود لإيران.

وقدمت رويترز تقريرها لشركة روك إنتليجنس، وهي جزء من شركة البحث والتطوير البريطانية روك المتخصصة في مراقبة التهرب من العقوبات لزبائن في قطاع النقل البحري. وتحققت الشركة بشكل مستقل من العديد من النتائج، وحددت مواقع سفن باستخدام صور الأقمار الصناعية، ووجدت مواقع التفريغ المحتملة للسفن، وحددت بيانات تتبع السفن التي تم التلاعب بها.

كما أطلعت رويترز المسؤولين العراقيين على الوثائق التي استخدمتها الناقلة ريمي حتى يوصف نفطها الإيراني على أنه عراقي. وإلى جانب شهادة المنشأ، كان لديها بوليصة شحن، وبيان الشحنة، وتخليص جمركي ومستندات أخرى عراقية.

وقال مسؤول جمركي عراقي لرويترز إن الوثائق مزورة بشكل رديء، بينما قالت شركة تسويق النفط العراقية (سومو)، وهي الهيئة المسؤولة عن صادرات النفط، إنه لا يوجد سجل لتحميل السفينة بالنفط الخام من أي من موانئ العراق.

الأسطول

وفقا لتحليل رويترز للرسائل الإلكترونية المسربة، ساعدت «صحارى ثاندر» في تسليم 18 شحنة نفطية مختلفة خاضعة للعقوبات بواسطة سفنها وسفن شركائها التجاريين، وهو أسطول مكون من 34 سفينة، وذلك في الفترة من مارس (آذار) 2022 إلى فبراير (شباط) 2024.

ونقلت سفن مثل ريمي وون ياو النفط الخام الخاضع للعقوبات بين القارات أو شكلت حلقات في سلاسل رحلات امتدت إلى شتى أنحاء العالم. وسحبت السفن النفط من سفن أخرى في شبكة «صحارى ثاندر» مثل السفينة ديون، وهي ناقلة نفط كبيرة جدا قادرة على حمل 2.2 مليون برميل، أي مثلي سعة ريمي.

وكان «ريمي» هو اسم ناقلة النفط المسجل في قواعد بيانات الشحن، لكن رسائل البريد الإلكتروني الخاصة ب«صحارى ثاندر» تظهر أنها كانت تتحول عادة لاستخدام الاسم المزيف «ديب أوشن» عند نقل النفط الإيراني. وحملت سفن أخرى النفط الخام ذهابا وإيابا عبر الخليج. وفي المجمل، تم نقل شحنات الخام التابعة لشركة «صحارى ثاندر» بين سفن أكثر من 60 مرة بينما كانت تشق طريقها عبر آلاف الأميال إلى المشترين النهائيين، ومعظمهم في الصين.

وتمكنت رويترز من تحديد أسطول السفن الذي تديره «صحارى ثاندر» وشركاؤها التجاريون، وحددت كمية النفط التي تم نقلها بين كل سفينة في الشبكة. وشاركت الناقلة ديون في 33 عملية نقل فيما بين السفن إلى 11 سفينة مختلفة، بإجمالي خمسة ملايين برميل من النفط. وشاركت ريمي في ثماني عمليات نقل، بإجمالي 6.7 مليون برميل. واستُخدمت بعض السفن مرة واحدة فقط، مثل ون ياو التي نقلت 1.9 مليون برميل من فنزويلا إلى الصين مباشرة.

وبحسب التسريبات وقاعدة بيانات الشحن العامة (إكويسيس)، كانت هناك 92 شركة مالكة أو مشغلة للسفن المشاركة في أنشطة «صحارى ثاندر» البالغ عددها 34 سفينة خلال الفترة التي تغطيها رسائل البريد الإلكتروني. وتواصلت رويترز مع 79 من هذه الشركات ولم تتمكن من الوصول إلى 13. وردت 10 شركات، وقالت ثماني شركات إنها لم تشارك في الأمر. وقالت شركتان إنهما تولتا فقط الإدارة الفنية للسفن وليس لديهما علم بالتأجير أو الرحلات.

الاتجاه نحو الشرق

معظم النفط الذي تنقله «صحارى ثاندر» كان إيرانيا. لكن تم التعاقد مع الشركة أيضا للمساعدة في توصيل نفط من دول أخرى أجبرتها العقوبات على العمل في اقتصاد ظل، إذ تم حجبها عن البنوك وشركات التأمين والمشترين الغربيين. فقد أظهرت رسائل البريد الإلكتروني المسربة أن سفن شبكة «صحارى ثاندر»، مثل ريمي وون ياو، نقلت النفط من شركتين حكوميتين في روسيا وفنزويلا، مما ساعدهما على الإفلات من العقوبات. وانتهى الأمر بمعظم النفط الذي نقلته «صحارى ثاندر» في الصين. ولم تعلق وزارة الخزانة الأميركية.

وقالت وزارة الخارجية الصينية لرويترز إنها ليست على دراية بأعمال «صحارى ثاندر» في البلاد. وأضافت الوزارة «تعارض الصين بثبات وحزم العقوبات أحادية الجانب وغير القانونية وغير المعقولة التي تفرضها الولايات المتحدة على إيران ودول أخرى وصلاحيتها طويلة الأمد».

تجارة مربحة للغاية

تخضع إيران لما تسميه خدمة أبحاث الكونغرس «مجموعة العقوبات الأكثر اتساعا وشمولا» التي تفرضها الولايات المتحدة. ويحاكي حلفاء مثل الاتحاد الأوروبي وبريطانيا وغيرهما جهود واشنطن. وجاءت هذه العقوبات ردا على برنامج طهران النووي ودعمها لجماعات مسلحة في الشرق الأوسط والقمع الوحشي للاحتجاجات، وفي الآونة الأخيرة، دعمها لروسيا في حربها على أوكرانيا.

وتعمل العقوبات بحيث تمنع وصول طهران إلى أسواق الطاقة والتمويل والأسواق العسكرية وتقوض الاقتصاد وتحجب الشركات والمسؤولين عن معظم دول الغرب. ونتيجة للعقوبات، انتقلت بعض تجارة النفط الإيرانية من مؤسسات الدولة إلى شركات مثل «صحارى ثاندر» وغيرها من الشبكات التي يمكنها الالتفاف على القيود وجلب العملة الأجنبية التي تشتد الحاجة إليها.

ويقول إسفنديار باتمانجليج الرئيس التنفيذي لمؤسسة بورس اند بازار البحثية في لندن التي تتابع قطاع النفط الإيراني «هناك شبكات غامضة ضالعة في تجارة مربحة للغاية، والآن يضطر المسؤولون الأميركيون إلى بذل جهود عشوائية غير مجدية في محاولة للسيطرة على الوضع».

تحدي العوامل

في منطقة الخليج في شهر فبراير (شباط) 2023، كانت السفينة ريمي، أو ديب أوشن، المحملة بشحنتها الإيرانية المموهة، تبحر شرقا. وعلى الرغم من الجهود التي بذلتها السفينة ريمي وسفن «صحارى ثاندر» الأخرى للهرب من المراقبة، سمحت رسائل البريد الإلكتروني المسربة لرويترز برسم مساراتها. فقد أرسلت السفن أكثر من 1500 تحديث يومي إلى مشغلها، بما في ذلك إحداثيات نظام تحديد المواقع العالمي (جي.بي.إس) الخاصة بها يوميا عند الظهر.

وتُظهر الخريطة السفينة ريمي بجوار السفينة شاناي كوين، أثناء نقل النفط في مضيق ملقا بالقرب من سنغافورة. كما تظهر صورة التقطها قمر صناعي من شركة بلانت لابس السفينتين جنبا إلى جنب في 10 مارس (آذار) 2023. وبحلول الثامن من مارس (آذار)، كانت السفينة ريمي في مضيق ملقا، وهو ممر مائي ضيق بين ماليزيا وإندونيسيا معروف بعمليات النقل الغامضة بين السفن وضعف السيطرة الأمنية.

وفقا لرسائل البريد الإلكتروني المسربة، نقلت ريمي 758 ألف برميل من بين مليون برميل إلى سفينة يديرها أحد شركاء «صحارى ثاندر»، وهي السفينة شاناي كوين، خلال التاسع والعاشر من مارس (آذار). وأظهرت صور التقطتها الأقمار الصناعية السفينتين جنبا إلى جنب في التاسع من مارس (آذار). لكن نظام تتبع شاناي كوين أفاد بأن الناقلة كانت في الواقع على بعد حوالي 250 كيلومترا (155 ميلا).

معظم السفن التجارية مطالبة بإرسال مواقعها باستخدام تقنية تسمى إيه.آي.إس (نظام التعريف الآلي) حتى يتسنى تعقبها. لكن بعض السفن المنخرطة في عمليات مشبوهة توقف ببساطة تشغيل نظام التعريف الآلي. وتعمل طواقم أكثر تطورا على اختراق النظام للتستر على أنشطتها دون أن تختفي من شاشات الرادارات. ويرسلون بدلا من ذلك مواقع واتجاهات مزيفة.

لكن هذا الاحتيال يمكن أن يظهر تحركات غير طبيعية. إذ تبدو السفن وكأنها ترتد حول منطقة ثابتة بأنماط متداخلة، تتحدى الرياح والأمواج والمد والجزر. ووفقا لروك إنتليجنس، كانت السفينة شاناي كوين تفعل ذلك تحديدا من موقعها المزيف في مضيق ملقا.

واستأنفت شاناي كوين المحملة بالنفط تشغيل نظام التعريف الآلي في الساعات الأولى من صباح العاشر من مارس (آذار) واتجهت نحو الصين. كما رصدت صور الأقمار الصناعية الخطوة التالية لريمي عندما ضخت ما تبقى لديها من الخام، ويبلغ نحو 250 ألف برميل من النفط الإيراني، إلى سفينة أخرى هي دي.بي 7.

وصلت دبي.بي 7 وشاناي كوين إلى ميناء لانتشياو بالصين في 25 و29 مارس (آذار) على الترتيب، حيث سلمتا حمولتهما ليكتمل تسليم مليون برميل من شركة النفط الوطنية الإيرانية للمشترين النهائيين في الصين. في غضون ذلك، كانت ريمي تسعى إلى إتمام عملية تسليم أخرى.

اسم جديد... نفس اللعبة

في 24 مارس (آذار) 2023، التقت ريمي مع السفينة إم.إس إينولا في مضيق ملقا. وتم تحميل ريمي بحوالي 700 ألف برميل من النفط الخام المصنف على أنه ماليزي في وثائق أطلع ربانها شركة «صحارى ثاندر» عليها.

بعد ذلك، خضعت ريمي لإصلاحات وانتظرت تعليمات من «صحارى ثاندر» قبل الإبحار غربا في منتصف يونيو (حزيران). وظلت في خليج عمان حتى منتصف أغسطس (آب). ثم خضعت السفينة وحمولتها لتحول. فقد أظهرت رسائل البريد الإلكتروني وجدول لمهام الطاقم اليومية أن ربان السفينة ريمي أمر الطاقم بطلاء جانب السفينة. وسرعان ما تم وضع اسم مألوف على الهيكل: ديب أوشن.

كما جرى تغيير الختم الرسمي للسفينة. لكن رقم (آي.إم.أو) الخاص بها، وهو رمز فريد ودائم يصدر من المنظمة البحرية الدولية التابعة للأمم المتحدة للسفن التي تقوم برحلات دولية بغرض التعريف، ظل كما هو: 9247431. وأصبحت السفينة ريمي، التي عادت مجددا إلى هويتها المزيفة ديب أوشن، جاهزة الآن للقاء سفينة شركة «صحارى ثاندر» الأم، ديون، وهي ناقلة نفط عملاقة تستخدم لتخزين الخام الإيراني.

ولم تتمكن رويترز من تحديد مصدر النفط الذي كانت ريمي تحمله في هذه المرحلة، لكن وثائق الشحن لم تعد تشير إلى أنه خام ماليزي. الآن أصبح يوصف بأنه نفط عراقي. واستمر الخداع عندما التقت السفينة ريمي بالسفينة ديون، إذ تم إيقاف تشغيل نظام التتبع الخاص بديون وكانت ريمي ترسل موقعا في خليج عمان على بعد 500 كيلومتر. ورجحت روك إنتليجنس أن يكون هذا احتيالا، بناء على تحركات الناقلة غير الطبيعية.

وبحسب رسالة بريد إلكتروني أرسلها ربان السفينة ديون إلى «صحارى ثاندر» في 17 أغسطس (آب)، كانت ديون وريمي في الحقيقة في نفس الموقع قبالة الساحل الإيراني لإجراء عملية نقل من سفينة إلى أخرى. وانتهت السفينة ريمي من ضخ حمولتها البالغة 700 ألف برميل من النفط الخام إلى ديون في 19 أغسطس (آب) 2023.

اقتصاد نقدي

تظهر رسائل البريد الإلكتروني أن شركة «صحارى ثاندر»، التي حجبتها العقوبات عن الأنظمة المصرفية الغربية، كانت لا تزال مضطرة لسداد مدفوعات تتعلق بتكاليف عارضة خارج إيران مثل تكلفة التزود بالوقود. وقبل أن تتمكن ريمي من تحميل شحنة نفط جديدة من ديون، أبحرت إلى الإمارات حيث تزودت بالوقود من شركة (مارين أوشن ريفايند أويل بروداكتس تريدينج) الإماراتية، وذلك وفقا لرسائل البريد الإلكتروني بين الشركة و«صحارى ثاندر». وعندما وصل الأمر إلى مرحلة السداد، طلبت الشركة من «صحارى ثاندر» دفع 4.3 مليون درهم (1.2 مليون دولار) إلى وكيلها نقدا.

وفي أغسطس (آب) 2023، طلبت إحدى الشركات التي تساعد في عمليات النقل من سفينة إلى سفينة أيضا من «صحارى ثاندر» تقديم 105 آلاف دولار نقدا لموظف تخليص جمركي بالإمارات. ولم تتمكن رويترز من تحديد ما إذا كانت الشركة قد دفعت هذين المبلغين من رسائل البريد الإلكتروني.

ولم ترد مارين أوشن على طلب للتعليق. ولم تتمكن رويترز من الوصول إلى الوكلاء والشركات الشريكة الأخرى للحصول على تعقيب. ولم يعلق مسؤول إماراتي بشكل محدد على أنشطة «صحارى ثاندر» في البلاد، وقال «تلتزم الإمارات بالقوانين الدولية والعقوبات المقررة من الأمم المتحدة وتنفذها بصرامة، إلى جانب الاتفاقيات المبرمة مع الشركاء الدوليين».

وتفيد رسائل البريد الإلكتروني الخاصة ب«صحارى ثاندر» وتحليلات روك إنتليجنس وشركة تحليل بيانات الملاحة البحرية والسلع الأولية (كبلر) ومجموعة بورصات لندن بأن ريمي وناقلات أخرى في شبكة الشركة من المقرر أن تشحن شحنتين أخريين من النفط الخام من إيران إلى الصين بين سبتمبر أيلول 2023 ويناير (كانون الثاني) 2024.

وجرى نقل أول مليون برميل من ديون إلى ريمي، أو ديب أوشن وهو اسمها البديل، في الثاني من سبتمبر (أيلول). وأصبح النفط على متن السفينة آيفي بحلول 22 سبتمبر (أيلول)، ثم تم تحميله إلى إف.تي آيلاند، وأخيرا إلى مين هانغ.

وفرغت السفينة مين هانغ الخام في قولي بالصين في 20 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023.

ووصلت الشحنة الثانية إلى الصين على متن السفينة كاثي فينيكس بعد شهرين، وهي عبارة عن قرابة مليون برميل، محملة بنفط من السفن أرجو وجلوبال بيوتي وهارموني والنفط الخام الذي حملته ريمي على ديون في أغسطس (آب) 2023. وحددت شركة روك إنتليجنس الموقع الجغرافي للناقلة كاثي فينيكس في 11 يناير (كانون الثاني) في ميناء يانتاي، حيث أفرغت حمولتها من نفط «صحارى ثاندر».

دول أخرى

تجاوزت تجارة شركة «صحارى ثاندر» الخام الإيراني، لتشمل نفط دول أخرى مستهدفة بعقوبات مثل روسيا وفنزويلا.

وفي حين أن صفقات النفط الخام الكبيرة لـ«صحارى ثاندر» كانت تنفذ في أغلب الأحيان بواسطة السفينة ريمي، فإن بعض الشحنات اعتمدت على سفن أخرى في شبكتها.

وفي أغسطس (آب) 2022، وصلت إحدى تلك السفن إلى ميناء خوسيه في فنزويلا. وأظهرت رسائل البريد الإلكتروني المسربة أن السفينة وون كانت هناك بأوامر من شركة «صحارى ثاندر» لتحميل 1.9 مليون برميل من خام ميري. وكان رقم المنظمة البحرية الدولية (آي.إم.أو) الخاص بالسفينة هو 9288098. لكن قواعد بيانات الشحن لا تحتوي على سجل لناقلة بهذا الاسم في ذلك الوقت. كما أن رقم المنظمة البحرية الدولية ليس له وجود.

ووفقا لبيانات تتبع السفن وروك إنتليجنس، فإنه قبل وقت قصير من وصول السفينة وون إلى ميناء خوسيه، كانت ناقلة تسمى ون ياو تتجه إلى الشمال الغربي نحو فنزويلا. ووفقا لنظام التتبع الخاص بها، ظلت ون ياو راسية قبالة البرازيل حتى منتصف سبتمبر (أيلول).

لكن بناء على تحليل رويترز، فإن ون ياو هي في الواقع وون، وكانت هي الناقلة التي تنفذ أوامر «صحارى ثاندر» بتحميل الخام الفنزويلي. ورصدت روك إنتليجنس سفينة في صور الأقمار الصناعية تتطابق مع ون ياو في ميناء خوسيه في الأول من سبتمبر (أيلول)، تحديدا في المكان الذي تشير وثائق «صحارى ثاندر» إلى أنه موقع السفينة وون الخيالية. ولم ترد شركة النفط الحكومية الفنزويلية (بي.دي.في.إس.إيه)، التي حملت شركة «صحارى ثاندر» النفط منها، على طلبات التعليق.

وانتهت السفينة التي أطلق عليها اسم وون من التحميل في الثالث من سبتمبر (أيلول). وبعد تسعة أيام، استأنفت السفينة ون ياو بث موقعها الحقيقي قبالة سواحل البرازيل، وفقا لروك إنتليجنس. وأصبح 1.9 مليون برميل من الخام الفنزويلي في الطريق إلى الصين.

مهرب لموسكو

بحلول ديسمبر (كانون الأول) 2023، كانت السفينة ريمي على الجانب الآخر من العالم، تجهز آخر شحنة لها قبل تسريب رسائل «صحارى ثاندر»، وهذه المرة كان الخام روسيا. وتخضع موسكو لعقوبات مشددة منذ غزوها واسع النطاق لأوكرانيا في عام 2022، وهي بحاجة إلى مشترين لنفطها، وكانت «صحارى ثاندر» في الخدمة.

وتظهر وثائق «صحارى ثاندر» ورسائل البريد الإلكتروني أنه خلال عيد الميلاد عام 2023، حملت السفينة ريمي 1.05 مليون برميل من خام نوفي بورت من السفينة الروسية أومبا في مورمانسك. بعد ذلك، بدأت السفينة ريمي رحلتها عائدة حول أوروبا، مرورا بشمال أفريقيا، وعبر قناة السويس ثم إلى آسيا.

وتظهر رسائل البريد الإلكتروني أن شحن النفط كان يتم لصالح شركة غازبروم نفت، وهي ثالث أكبر منتج للنفط في روسيا وتخضع لعقوبات غربية. وكان المشتري هو تشاينا أويل هونج كونج المحدودة، وهي شركة تابعة لمؤسسة البترول الوطنية الصينية الحكومية العملاقة، وهي أكبر منتج في آسيا. ولم ترد غازبروم نفت وبتروتشاينا، الذراع المدرجة لمؤسسة البترول الوطنية الصينية، على طلبات التعليق.

وسرب المتسللون الإلكترونيون رسائل البريد الإلكتروني الخاصة ب«صحارى ثاندر» قبل أن تنتهي السفينة ريمي من رحلتها من روسيا، لكن بيانات كبلر أظهرت أن الناقلة سلمت النفط الروسي إلى تيانجين في الصين في 17 فبراير (شباط) 2024.

وفي ديسمبر (كانون الأول)، فرضت الولايات المتحدة عقوبات على خمس سفن أخرى في الأسطول المرتبط ب«صحارى ثاندر»، ليصل العدد الإجمالي إلى 21 سفينة. ولا تزال هناك 13 سفينة غير خاضعة للعقوبات. وإحدى هذه السفن هي ريمي والتي تشير قواعد بيانات الشحن إلى أنها تحمل الآن اسم ويلما 2.

منهج

في فبراير (شباط) 2024، سرب المتسللون الإلكترونيون أكثر من 10 آلاف رسالة بريد إلكتروني ومرفقاتها من «صحارى ثاندر». وأدخلت رويترز الوثائق إلى أداة (بنبوينت) التابعة لجوجل، وهي أداة بحث للصحفيين والأكاديميين تحلل مجموعات كبيرة من المستندات وتسلط الضوء على الكلمات الرئيسية والأسماء والعبارات المكررة.

وبعد ذلك قسمت رويترز رسائل البريد الإلكتروني إلى مجموعات، منها مجموعات خاصة بكل سفينة تم تحديد هويتها وأخرى لكل عملية نقل من سفينة إلى أخرى، وكذلك حسب الشركات الرئيسية والعقود وذكر عبارات معينة مثل تلك المتعلقة بالصين وروسيا وفنزويلا ودول مختلفة في الشرق الأوسط.

وحددت رويترز رسائل البريد الإلكتروني التي تحتوي على إحداثيات نظام تحديد المواقع العالمي (جي.بي.إس)، بما في ذلك التحديثات اليومية لمواقع بعض السفن، مما سمح للصحفيين بتحديد المواقع الدقيقة لعمليات النقل بين السفن ورسم تحركات سفن «صحارى ثاندر»، مثل ريمي، حتى عندما أوقفت السفن تشغيل نظام التعريف الآلي الخاص بها أو قامت بعمل تمويه للنظام. وتمت بعد ذلك مطابقة الاتصالات والعقود والوثائق مع الصفقات المتوافقة معها لوضع جدول زمني لأنشطة «صحارى ثاندر».

بعد ذلك، عرضت رويترز النتائج التي توصلت إليها على روك إنتليجنس، التي تحققت بشكل مستقل من العديد من عمليات النقل من سفينة إلى أخرى وتحركات السفن، وحددت الصور التي التقطتها الأقمار الصناعية للعمليات، ونقاط التفريغ المحتملة للسفن وحالات التحايل.