تيروردة... قرية بسفح جبل سبقت الحكومة الجزائرية في فرض الحجر الذاتي

سكانها وضعوا قانوناً خاصاً بهم وطلبوا من المغتربين تفادي زيارتهم

تيروردة
تيروردة
TT

تيروردة... قرية بسفح جبل سبقت الحكومة الجزائرية في فرض الحجر الذاتي

تيروردة
تيروردة

لم ينتظر سكان قرية تيروردة بمنطقة إفرحونن الأمازيغية بأعالي جبال جرجرة، شرق الجزائر، قرار السلطات وضع منطقتهم في الحجر الصحي لوقاية أنفسهم من خطر فيروس كورونا المستجد. فمع أول إصابة بالوباء في ولاية تيزي وزو، التي ينتمون إليها إدارياً، وذلك قبل أسبوع، أغلق وجهاء القرية كل الدروب والمنافذ بالمتاريس وجذوع الأشجار، ومنعوا أنفسهم من الخروج منها، وكتبوا عند مدخلها على لافتة كبيرة موجهة للغرباء: «حرصاً على سلامتنا، أرجوكم عودوا من حيث أتيتم، فنحن لا نستقبل أحداً هذه الأيام».
وأطلق شباب القرية، التي تسكنها حوالي 200 عائلة، منذ اليوم الأول للحجر، «خلية أزمة» بمقر ساحة الألعاب والترفيه الوحيدة بتيروردة، ووضعوا عند كل مدخل من مدخليها الرئيسيين، مركز حراسة يتناوب عليه شابان كل أربع ساعات. وانتشر السكان في أرجائها، منذ اليوم الأول للحجر، ضمن مجموعات تتكون من 3 أشخاص، لرش أطراف الأزقة وأبواب البيوت بمواد تنظيف وتعقيم.
وتم تكليف «خلية الأزمة» من قبل «لجنة عقلاء القرية»، المسماة بالأمازيغية «تاجماعث»، بأنشطة عديدة، منها إحصاء حاجات السكان، بخاصة كبار السن، من أدوية وأغذية.
أما «حراس القرية» الذين يعملون تحت توجيهات المشرفين على «الخلية»، وعددهم 10، فهم مطالبون بمنع خروج الأطفال والمصابين بأمراض مزمنة، من بيوتهم تحت أي ظرف. وما إن تصل الساعة السابعة مساء، حتى يحمل هؤلاء مكبّرات للصوت بأيديهم، ويمشون في الأزقة، لمطالبة السكان بالتزام بيوتهم. وعندما يشير إليهم أعوان مركزي الحراسة المتقدمين، بأن زائراً أجنبياً يريد الدخول، ينتقلون إليه ليطلبوا منه، من بعيد، أن يعود أدراجه.
وذكر قروي بإفرحونن، تحدثت «الشرق الأوسط» معه هاتفياً، أن أقارب عائلات بالقرية جاءوا من تيزي وزو، البعيدة بحوالي 70 كلم، لزيارتهم والاطمئنان عليهم في الظروف الحرجة التي تعيشها المنطقة وكامل البلاد، وقد طلب منهم بكل ود واحترام أن يتفهموا «حال الطوارئ» التي فرضها السكان على أنفسهم حفاظاً على صحتهم. وأكد أن عائلات في القرية طلبت من أبناء لها يعيشون في فرنسا وإسبانيا ودول أخرى تفشى فيها الوباء، عدم السفر إليهم مهما كان حال، مشيراً إلى أنهم اتخذوا هذا القرار، باتفاق مع أعضاء «تاجماعث»، منذ أن بلغ إلى مسامعهم أن شخصاً مسناً توفي بالفيروس بمدينة تيزي وزو، بعد أن نقلت ابنته، المغتربة في فرنسا، العدوى إليه عندما زارته.
وتعتبر الزراعة ورعي الماشية المصدر الأساسي للتموين بالغذاء والحليب واللحوم بقرية تيروردة. والسكان مكتفون ذاتياً من منتجات عدة محلية الصنع، كما أن الماء متوافر بفضل الآبار التي حفروها منذ زمن بعيد. أما الدواء وبعض المستلزمات الضرورية التي يمكن أن تكون غير متوافرة لديهم، فتتكفل «خلية الأزمة» بإيفاد واحد منها فقط، لإحضارها من مدينة تيزي وزو. وقد خصصت سيارة «استعجالات» للغرض، يملكها أحد الوجهاء، وهو مغترب سابق في فرنسا، عاد إلى بلدته ليستقر فيها منذ 10 سنوات.


مقالات ذات صلة

يرتبط بـ«كورونا»... مختبر ووهان الصيني يخطط لتجارب «مشؤومة» جديدة على الخفافيش

آسيا قوات أمنية تقف خارج معهد ووهان لأبحاث الفيروسات بالصين (رويترز)

يرتبط بـ«كورونا»... مختبر ووهان الصيني يخطط لتجارب «مشؤومة» جديدة على الخفافيش

حذر خبراء من أن العلماء الصينيين يخططون لإجراء تجارب «مشؤومة» مماثلة لتلك التي ربطها البعض بتفشي جائحة «كوفيد - 19».

«الشرق الأوسط» (بكين)
الولايات المتحدة​ وسط ازدياد عدم الثقة في السلطات الصحية وشركات الأدوية يقرر مزيد من الأهل عدم تطعيم أطفالهم (أ.ف.ب) play-circle

مخاوف من كارثة صحية في أميركا وسط انخفاض معدلات التطعيم

يحذِّر العاملون في المجال الصحي في الولايات المتحدة من «كارثة تلوح في الأفق» مع انخفاض معدلات التطعيم، وتسجيل إصابات جديدة بمرض الحصبة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك جائحة كورونا نشأت «على الأرجح» داخل مختبر ولم تكن طبيعية (أ.ف.ب)

فيروس كورونا الجديد في الصين... هل يهدد العالم بجائحة جديدة؟

أثار إعلان علماء في معهد «ووهان» لعلم الفيروسات عن اكتشاف فيروس كورونا جديد يُعرف باسم «HKU5 - CoV - 2» قلقاً عالمياً.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك عالمة تظهر داخل مختبر معهد ووهان لأبحاث الفيروسات بالصين (إ.ب.أ)

يشبه «كوفيد»... اكتشاف فيروس كورونا جديد لدى الخفافيش في مختبر صيني

أعلن باحثون في معهد ووهان لأبحاث الفيروسات في الصين، أنهم اكتشفوا فيروس «كورونا» جديداً في الخفافيش يدخل الخلايا باستخدام البوابة نفسها.

«الشرق الأوسط» (بكين)
صحتك أحد العاملين في المجال الطبي يحمل جرعة من لقاح «كورونا» بنيويورك (أ.ب)

دراسة: بعض الأشخاص يصابون بـ«متلازمة ما بعد التطعيم» بسبب لقاحات «كوفيد-19»

قالت صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية إن اللقاحات التي تلقّاها الناس، خلال فترة جائحة «كوفيد-19»، منعت ملايين الوفيات.

«الشرق الأوسط» (واشنطن )

السلطات اليمنية تضبط قارباً يُقل العشرات من المهاجرين الأفارقة

المهاجرون ضحية لشبكة منظمة لتهريب البشر من القرن الأفريقي إلى اليمن (إعلام حكومي)
المهاجرون ضحية لشبكة منظمة لتهريب البشر من القرن الأفريقي إلى اليمن (إعلام حكومي)
TT

السلطات اليمنية تضبط قارباً يُقل العشرات من المهاجرين الأفارقة

المهاجرون ضحية لشبكة منظمة لتهريب البشر من القرن الأفريقي إلى اليمن (إعلام حكومي)
المهاجرون ضحية لشبكة منظمة لتهريب البشر من القرن الأفريقي إلى اليمن (إعلام حكومي)

ضبطت دورية لقوات خفر السواحل اليمنية قارباً يُقل العشرات من المهاجرين غير الشرعيين كانوا قادمين من القرن الأفريقي، ضمن الإجراءات التي اتخذتها السلطات للحد من تدفق المهاجرين من تلك المناطق، وذلك بعد وصول أكثر من 15 ألفاً منهم إلى البلاد خلال أول شهر من العام الحالي.

الحملة الأمنية المشتركة للقوات الحكومية التي تعمل في سواحل محافظة لحج غرب عدن، ذكرت أن إحدى الدوريات التابعة لها تمكنت في اليوم الأول من شهر رمضان من ضبط أحد القوارب في المياه الإقليمية، وكان على متنه 164 من المهاجرين غير الشرعيين من القرن الأفريقي، من بينهم 37 امرأة.

وبيّنت الحملة أن العملية تمت بعد عملية رصد ومتابعة مكثفة، حيث اشتبهت الدورية البحرية بتحركات القارب الذي كان قادته يحاولون التسلل إلى الساحل اليمني.

ووفق ما أوردته الحملة، فإنه عند اقتراب الدورية من القارب وتفتيشه، تبيّن أنه يحمل عدداً كبيراً من المهاجرين غير الشرعيين، الذين تم تهريبهم في ظروف غير إنسانية، وأن هؤلاء لا يحملون أي وثائق رسمية أو تصاريح لدخول البلاد.

رغم الإجراءات الأمنية وصل إلى اليمن أكثر من 15 ألف مهاجر خلال شهر واحد (إعلام حكومي)

وأفاد البيان بأنه تم ضبط القارب وحجز المهاجرين غير الشرعيين تمهيداً لإعادتهم إلى بلادهم وفق الإجراءات القانونية المتبعة.

وألقت الدورية الحكومية القبض أيضاً على طاقم القارب المكون من 3 أشخاص، وأودعتهم السجن تمهيداً لتقديمهم للمحاكمة بتهمة المتاجرة بالبشر، وفتحت تحقيقاً موسعاً مع المهربين والضحايا للكشف عن شبكة التهريب والمتورطين في مثل هذه العمليات غير القانونية، بوزصفها خطراً يهدد الأمن والاستقرار، وفق ما جاء في بيان الحملة الأمنية.

ونبّهت قيادة الحملة الأمنية إلى أن الهجرة غير الشرعية إلى اليمن باتت تمثل تحدياً أمنياً وإنسانياً كبيراً، حيث يتم استغلال حاجة المهاجرين وظروفهم الصعبة من قِبل شبكات التهريب التي تجني أموالاً طائلة على حساب أرواحهم، دون أي حساب للمخاطر التي يواجهونها في عُرض البحر أو عند وصولهم.

وأكدت أن المهربين المقبوض عليهم سيواجهون تهماً عدة، من بينها تعريض حياة المهاجرين للخطر أثناء الرحلة عبر البحر، حيث يواجه هؤلاء ظروفاً قاسية واحتمال الغرق، إلى جانب الاشتراك في أعمال الجريمة المنظمة وشبكات التهريب التي تستغل هؤلاء الأشخاص لتحقيق مكاسب غير مشروعة. كما سيواجهون تهمة تهديد الأمن والاستقرار نتيجة محاولة الدخول إلى الأراضي اليمنية بشكل غير قانوني.

ومع تأكيد الحملة استمرارها في التصدي لعمليات التهريب وعزمها على ملاحقة شبكات التهريب، ذكرت أنها سوف تتخذ جميع الإجراءات لضبط أي محاولات مماثلة، بهدف حماية الأمن الوطني ومكافحة هذه الظاهرة التي تهدد الأمن والاستقرار.

ودعت السكان إلى الإبلاغ الفوري عن أي أنشطة مشبوهة تتعلق بتهريب البشر، لما لهذه الظاهرة من تأثيرات خطيرة في المجتمع والأمن.

وذكرت المنظمة الدولية للهجرة أن 15,400 مهاجر غير شرعي وصلوا من القرن الأفريقي إلى اليمن خلال شهر يناير (كانون الثاني) الماضي، وأكدت أن هذا العدد يمثل انخفاضاً بنسبة 25 في المائة عن العدد الإجمالي المُبلَّغ عنه في شهر ديسمبر (كانون الأول) عام 2024، حيث وصل البلاد حينها أكثر من 20 ألف مهاجر.

القوات اليمنية أغلقت سواحل محافظة لحج أمام تهريب المهاجرين من القرن الأفريقي (إعلام حكومي)

ووفق هذه البيانات، فإن غالبية المهاجرين (89 في المائة) قدموا من موانئ جيبوتي، ووصلوا إلى مديرية ذوباب بمحافظة تعز بالقرب من باب المندب، وعددهم (13,642 مهاجراً)، بينما وصل البقية (11 في المائة) إلى سواحل محافظة شبوة شرق عدن، قادمين من الموانئ الصومالية.

وطبقاً للبيانات الأممية، فقد بلغ إجمالي عدد الوافدين خلال عام 2024 نحو 76,297 مهاجراً، من بينهم 21 في المائة من الأطفال، و22 في المائة من النساء، و57 في المائة من الرجال.

وكان معظم هؤلاء من حملة الجنسية الإثيوبية بنسبة (98 في المائة)، بينما كان 2 في المائة فقط من الرعايا الصوماليين. في حين لم يتم تسجيل وصول أي مهاجرين إلى سواحل محافظة لحج خلال هذه الفترة، وأُعيد سبب ذلك إلى التدابير التي اتخذتها الحكومة اليمنية لمكافحة التهريب منذ أغسطس (آب) 2023، في سواحل المحافظة التي كانت أهم طرق تهريب المهاجرين من القرن الأفريقي خلال السنوات السابقة.