رحيل القروي... أبرز دعائم نظام بن علي

غادر السياسة مكرهاً... ووُجهت له تهمة سوء استخدام السلطة

حامد القروي
حامد القروي
TT

رحيل القروي... أبرز دعائم نظام بن علي

حامد القروي
حامد القروي

توفي، فجر أمس، حامد القروي، السياسي الأبرز في حكومات ما قبل ثورة الياسمين التونسية، عن سن 93 سنة، حيث شغل مناصب سياسية عدّة، أهمها منصب الوزير الأول لمدة 10 سنوات (من سنة 1989 إلى سنة 1999)، كما تولى منصب وزير الرياضة (1986 - 1987)، بعد أن كان نائباً بالبرلمان عن دائرة سوسة، ورئيساً للبرلمان من سنة 1983 إلى سنة 1986.
كان حامد القروي من أبرز قادة الحزب الاشتراكي الدستوري، والتجمع الدستوري الديمقراطي، كما تولى رئاسة فريق النجم الرياضي الساحلي لعدة سنوات. وأسس سنة 2013 حزب الحركة الدستوريّة، قبل أن يعتزل الحياة السياسة في مايو (أيار) 2016.
وُلد القروي في مدينة سوسة (وسط شرقي)، التي نافست مدينة المنستير، القريبة منها، على تزعم المشهد السياسي، خصوصاً أن سوسة كانت مسقط رأس الرئيس السابق زين العابدين بن علي، في حين أن المنستير هي مسقط رأس الحبيب بورقيبة، الزعيم الوطني وأول رئيس لتونس بعد استقلالها عن فرنسا سنة 1956.
ممارسة القروي، وهو في الأصل طبيب مختص في الأمراض الصدرية، للعمل السياسي لسنوات طويلة، جعلته يصبح من أهم ركائز نظام بن علي، الذي اعتمد عليه بقوة لإرساء دعائم الحكم نهاية عقد الثمانينات من القرن الماضي، وبداية العقد الموالي، خصوصاً خلال الاضطرابات التي عرفتها محاكمات التيار الإسلامي، وملاحقة زعمائه، ممثلاً في قيادات حركة النهضة (إسلامية)، ومن بينهم راشد الغنوشي رئيس الحركة ورئيس البرلمان التونسي الحالي.
ورغم أن القروي شغل عدة مناصب سياسية في مشواره الطويل، فإن أهم منصب طبع مساره السياسي بقوة هو منصب الوزير الأول في نظام بن علي، حيث امتدت رئاسته للحكومة لعشر سنوات (من 28 سبتمبر - أيلول 1989 إلى 17 نوفمبر - تشرين الثاني 1999)، بعد أن خلف في هذا المنصب السياسي إلهام الهادي البكوش.
وبعد مغادرته الوزارة الأولى ظل القروي في منصب النائب الأول لرئيس التجمع الدستوري الديمقراطي، وهو المنصب الذي يأتي في المرتبة الثانية في الترتيب البروتوكولي بعد رئيس الدولة، الذي يرأس الحزب الحاكم، وقد حافظ على هذا المنصب إلى غاية الخامس من سبتمبر من سنة 2008.
كما تولى القروي منصب نائب رئيس مجلس النواب (البرلمان)، ومدير حزب التجمع الدستوري الديمقراطي، الذي حكم تونس لمدة 23 سنة متواصلة، كما شغل منصب وزير الشباب والرياضة. بعد الانقلاب السياسي السلمي على الرئيس الأسبق الحبيب بورقيبة، عُيّن القروي وزيراً للعدل، وأصبح عضواً في الديوان السياسي للتجمع الدستوري الديمقراطي، خليفة الحزب الاشتراكي الدستوري.
وخلال فترة حكم بورقيبة، كان القروي عضواً في الحزب الحر الدستوري الجديد (من سنة 1942 إلى سنة 1964)، وكان نائباً بالبرلمان عن دائرة سوسة ورئيساً للبرلمان أيضاً.
بعد ثورة الياسمين أسس القروي حزب «الحركة الدستورية» في محاولةٍ للعودة إلى المشهد السياسي، والتأثير فيه من خلال المنتمين إلى حزب التجمع الدستوري الديمقراطي المنحل. غير أن محاولاته لم تكن موفقة، فاضطر في شهر مايو من سنة 2016 إلى اعتزال الحياة السياسية.
ويؤكد عدد من المؤرخين، الذين تابعوا فترة رئاسته للحكومة، أن القروي لم يكن مؤثراً في الحياة السياسية، أو في القرار السياسي الذي كان يتخذه بن علي بصفة فردية، دون الرجوع إلى وزيره الأول. كما يعتقد الكثير منهم أن بقاء القروي لعشر سنوات، وهي مدة طويلة على رأس الحكومة، يفسّر اطمئنان الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي لعطائه، وعدم المجازفة بتغييره، خصوصاً خلال العقد الأول من حكمه الذي عُرف بتصفية خصومه السياسيين من الإسلاميين والتيار اليساري والقومي كذلك.
بعد ثورة 2011، ورد اسم القروي من بين عشرة مسؤولين أوّلين لحزب التجمع الدستوري الديمقراطي المنحل، ووُجهت إليهم تهم اختلاس المال العام وسوء استخدام السلطة، واستغلال النفوذ. وضمت قائمة المتهمين أيضاً كلاً من السياسي محمد الغرياني، وعبد الله القلال، ورضا شلغوم، وعبد الرحيم الزواري، وزهير المظفر، والشاذلي النفاتي، وعبد العزيز بن ضياء، وكمال مرجان، وعبد الوهاب عبد الله.



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.