سندات لبنان تتجاذبها مسارات المفاوضات والدعاوى وإعادة الجدولة

مصلحة مباشرة بقبول الدائنين التفاوض مع الدولة

لم تفوت الدولة اللبنانية فرصة إلا وأكدت حسن نيتها تجاه الدائنين (رويترز)
لم تفوت الدولة اللبنانية فرصة إلا وأكدت حسن نيتها تجاه الدائنين (رويترز)
TT

سندات لبنان تتجاذبها مسارات المفاوضات والدعاوى وإعادة الجدولة

لم تفوت الدولة اللبنانية فرصة إلا وأكدت حسن نيتها تجاه الدائنين (رويترز)
لم تفوت الدولة اللبنانية فرصة إلا وأكدت حسن نيتها تجاه الدائنين (رويترز)

أقدمت الدولة اللبنانية على قرار تعليق دفع استحقاق 9 مارس (آذار) لسندات اليوروبوندز، في إجراء سيحتم استحقاق الإصدارات الـ29 للبنان... منها ثلاثة استحقاقات، كان على لبنان أن يواجهها هذا العام مجموعها 4.6 مليار دولار ما بين أصل وفائدة. وبالتالي، فإن قرار الحكومة هذا، جمّد نحو مليار دولار و800 مليون دولار، خدمة دين للعام 2020، كانت تثقل الخزينة المنهكة أصلا. ولكن ماذا بعد؟
قد تسير المفاوضات مع الدائنين حاملي السندات اللبنانية، والتي يتولاها الاستشاري المالي «لازارد»، بالتوازي مع رفع الدائنين دعاوى على الدولة اللبنانية. مع العلم أن الدولة اللبنانية، لم تفوت فرصة، إلا وتعبر فيها عن حسن نيتها تجاه الدائنين، وتبرر بأنها علقت السداد بسبب عدم استدامة الاحتياطيات المقومة بالدولار الأجنبي لدى مصرف لبنان، والتي قد تكون لا تكفي إلا لشراء المواد الأولية من قمح ودواء ومحروقات.
وقدرت مؤسسة التصنيف الائتماني «موديز» احتياطيات مصرف لبنان - التي يمكن له استخدامها - بين 5 و10 مليارات دولار فقط. بالتأكيد هذه المفاوضات، ستكون معقدة وليست بالسهلة أبدا، وربما قد يكون وباء «كورونا»، من العوامل، التي تؤخر رفع الدعاوى.
ولكن وبمجرد الاطلاع على العقود المنشأة لسندات اليوروبوندز، والتي تتضمن شروطا تعقد عملية التفاوض، يظهر موقف الدولة اللبنانية الحرج والصعب. فعلى سبيل المثال، يعتبر حاملو السندات أن الدولة متخلفة عن السداد، في حال تخلفت عن دفع أصل الدين لأكثر من سبعة أيام، أو تأخرت عن دفع فوائد هذه السندات خلال شهر من تاريخ الاستحقاق. كما أنه يفترض موافقة 75 في المائة من حاملي السندات على قرار الحكومة إعادة هيكلة الدين العام أو جدولته.
يشرح الخبير القانوني الدولي في الشؤون الاقتصادية، المحامي الدكتور علي زبيب، أن «فترة التسامح للدولة اللبنانية انتهت في 15 مارس الجاري بعد إعلان نيتها تعليق دفع سندات اليوروبوندز، ولكن في الأيام الأخيرة وللأسف شهدت الساحة اللبنانية عمليات تهويل، شبيهة بتلك التي أطلقت قبيل إعلان قرار الدولة اللبنانية الجريء، والقاضي بتعليق سداد استحقاق مارس. ومن أبرز هذه التهويلات هي تلك التي تشيع بأن الدولة اللبنانية على موعد مع هجمة شرسة من الدائنين حاملي اليوروبوندز، الذين سيعمدون إلى رفع دعاوى قضائية على الدولة اللبنانية».
ويضيف زبيب، أن الدولة كانت أمام خيارين، أولهما إعلان نية عدم الدفع وطلب إعادة هيكلة الدين والبدء بعملية التفاوض الأصولية والطويلة نسبياً، ومن ثم التخلف عن السداد، أو إعلان نيتها عدم الدفع ومن ثم اللجوء إلى التفاوض، وهو الخيار الذي لجأت إليه الدولة. وعليه، ونظرا إلى أن الدولة اللبنانية لم تكن تمتلك الوقت الكافي، لطلب التفاوض مع حاملي السندات، سيما وأنها قامت بدفع استحقاق شهر نوفمبر (تشرين الثاني) من العام الفائت والبالغ 1.5 مليار دولار، والذي أتى في ظل انتفاضة شعبية كبيرة بسبب السياسات الخاطئة للحكومات المتعاقبة أدت إلى انفجار أزمة اقتصادية ومالية ونقدية.
وبرأي زبيب، فقد كان الأجدى بالدولة اللبنانية عدم سداد مبلغ الـ1.5 مليار دولار، أو على الأقل بما أنها سددت، أن تباشر المفاوضات لكسب الوقت مع الدائنين، وهي على يقين تام بأنها ستعجز عن دفع استحقاقات 2020 من سندات اليوروبوندز. لكن الدولة أعلنت تعليق الدفع، ومن ثم انتدبت شركتين مالية وقانونية، للتفاوض مع الصناديق الاستثمارية، التي تحمل السندات، وأعلمت الصناديق أنها ستلجأ إلى إعادة هيكلة الدين العام لا محالة.
أما بالنسبة لعملية الادعاء، فيقول زبيب، إن أي جهة دائنة هي مخولة ولها الحق القانوني الكامل بالادعاء على الدولة اللبنانية، لكن هنالك معوقات لوجيستية وإجرائية، نظرا لاجتياح وباء «كورونا» معظم دول العالم. وفي حال تم الادعاء، فيبلغ عندها للقنصلية العامة في نيويورك، ومن ثم يبلغ عبر الطرق الاعتيادية من قبل القنصلية للدولة اللبنانية. ولكن هل يا ترى ستتمكن وزارة العدل من استقبال هذا الادعاء في ظل التعبئة العامة الحاصلة وإقفال كافة المؤسسات الرسمية العامة والخاصة؟ «إلى اليوم لا جواب على هذا الأمر».
ويتابع زبيب، قائلا إن على الصناديق الاستثمارية أن تدرك، أن أصول الدولة اللبنانية خارج لبنان غير موجودة، ولا يمكن الحجز على الذهب، وطيران «ميدل إيست»، لأنها ملك لمصرف لبنان، ولا يمكن التذرع أن مصرف لبنان هو مصرف للدولة، وكان يجب أن تتضمن عقود اليوروبوندز، (والمؤلفة من 149 صفحة) بنداً، يسمح بالحجز على أصول مصرف لبنان، في حال التخلف، وهو ما لم يحصل. وبالتالي المؤكد أن الدائنين، وصناديق الاستثمار، لهم مصلحة مباشرة بالقبول بالتفاوض مع الدولة اللبنانية، وفي مساعدتها على إعادة هيكلة ديونها المقومة بالعملات الأجنبية، سيما وأن الإجراء القانوني، المتمثل برفع دعاوى على الدولة اللبنانية، سيكبد الدائنين أعباء مالية ولن يؤدي إلى نتيجة.
ويختم زبيب أن التهويل حول أن عدم السداد سيؤثر على سمعة لبنان في الأسواق المالية، يُعتبر بغير بمحله، لأن سمعة لبنان في الأساس أصبحت شديدة السوء، نظرا للظروف التي مر به، والتي هزت سمعته في الأسواق المالية ولدى المستثمرين الأجانب.



ارتفاع مؤشر نشاط الأعمال الأميركي لأعلى مستوى خلال 31 شهراً

يتجه المتسوقون إلى المتاجر في «وودبيري كومون بريميوم أوتليتس» في سنترال فالي، نيويورك (رويترز)
يتجه المتسوقون إلى المتاجر في «وودبيري كومون بريميوم أوتليتس» في سنترال فالي، نيويورك (رويترز)
TT

ارتفاع مؤشر نشاط الأعمال الأميركي لأعلى مستوى خلال 31 شهراً

يتجه المتسوقون إلى المتاجر في «وودبيري كومون بريميوم أوتليتس» في سنترال فالي، نيويورك (رويترز)
يتجه المتسوقون إلى المتاجر في «وودبيري كومون بريميوم أوتليتس» في سنترال فالي، نيويورك (رويترز)

ارتفع مؤشر نشاط الأعمال في الولايات المتحدة إلى أعلى مستوى خلال 31 شهراً في نوفمبر (تشرين الثاني)، مدعوماً بالتوقعات بانخفاض أسعار الفائدة وتطبيق سياسات أكثر ملاءمة للأعمال من إدارة الرئيس المنتخب دونالد ترمب في العام المقبل.

وقالت «ستاندرد آند بورز غلوبال»، يوم الجمعة، إن القراءة الأولية لمؤشر مديري المشتريات المركب في الولايات المتحدة، الذي يتتبع قطاعي التصنيع والخدمات، ارتفعت إلى 55.3 هذا الشهر. وكان هذا أعلى مستوى منذ أبريل (نيسان) 2022، مقارنة بـ54.1 نقطة في أكتوبر (تشرين الأول)، وفق «رويترز».

ويشير الرقم الذي يتجاوز 50 إلى التوسع في القطاع الخاص. ويعني هذا الرقم أن النمو الاقتصادي ربما تسارع في الربع الرابع. ومع ذلك، تشير البيانات الاقتصادية «الصعبة» مثل مبيعات التجزئة إلى أن الاقتصاد حافظ على وتيرة نمو قوية هذا الربع، مع استمرار ضعف في قطاع الإسكان وتصنيع ضعيف.

ونما الاقتصاد بمعدل نمو سنوي قدره 2.8 في المائة في الربع من يوليو (تموز) إلى سبتمبر (أيلول). ويقدّر الاحتياطي الفيدرالي في أتلانتا حالياً أن الناتج المحلي الإجمالي للربع الرابع سيرتفع بمعدل 2.6 في المائة.

وقال كبير خبراء الاقتصاد في شركة «ستاندرد آند بورز غلوبال ماركت إنتليجنس»، كريس ويليامسون: «يشير مؤشر مديري المشتريات الأولي إلى تسارع النمو الاقتصادي في الربع الرابع. وقد أدت التوقعات بانخفاض أسعار الفائدة والإدارة الأكثر ملاءمة للأعمال إلى تعزيز التفاؤل، مما ساعد على دفع الإنتاج وتدفقات الطلبات إلى الارتفاع في نوفمبر».

وكان قطاع الخدمات مسؤولاً عن معظم الارتفاع في مؤشر مديري المشتريات، على الرغم من توقف التراجع في قطاع التصنيع.

وارتفع مقياس المسح للطلبات الجديدة التي تلقتها الشركات الخاصة إلى 54.9 نقطة من 52.8 نقطة في أكتوبر. كما تباطأت زيادات الأسعار بشكل أكبر، إذ انخفض مقياس متوسط ​​الأسعار التي تدفعها الشركات مقابل مستلزمات الإنتاج إلى 56.7 من 58.2 في الشهر الماضي.

كما أن الشركات لم تدفع لزيادة الأسعار بشكل كبير في ظل ازدياد مقاومة المستهلكين.

وانخفض مقياس الأسعار التي فرضتها الشركات على سلعها وخدماتها إلى 50.8، وهو أدنى مستوى منذ مايو (أيار) 2020، من 52.1 في أكتوبر.

ويعطي هذا الأمل في أن يستأنف التضخم اتجاهه التنازلي بعد تعثر التقدم في الأشهر الأخيرة، وهو ما قد يسمح لمجلس الاحتياطي الفيدرالي بمواصلة خفض أسعار الفائدة. وبدأ بنك الاحتياطي الفيدرالي دورة تخفيف السياسة النقدية في سبتمبر (أيلول) بخفض غير عادي بلغ نصف نقطة مئوية في أسعار الفائدة.

وأجرى بنك الاحتياطي الفيدرالي خفضاً آخر بمقدار 25 نقطة أساس هذا الشهر، وخفض سعر الفائدة الرئيسي إلى نطاق يتراوح بين 4.50 و4.75 في المائة.

ومع ذلك، أظهرت الشركات تردداً في زيادة قوى العمل رغم أنها الأكثر تفاؤلاً في سنتين ونصف السنة.

وظل مقياس التوظيف في المسح دون تغيير تقريباً عند 49. وواصل التوظيف في قطاع الخدمات التراجع، لكن قطاع التصنيع تعافى.

وارتفع مؤشر مديري المشتريات التصنيعي السريع إلى 48.8 من 48.5 في الشهر السابق. وجاءت النتائج متوافقة مع توقعات الاقتصاديين. وارتفع مؤشر مديري المشتريات لقطاع الخدمات إلى 57 نقطة، وهو أعلى مستوى منذ مارس (آذار) 2022، مقارنة بـ55 نقطة في أكتوبر، وهذا يفوق بكثير توقعات الاقتصاديين التي كانت تشير إلى قراءة تبلغ 55.2.