التماس ضد منع الزيارات العائلية عن الأسرى الفلسطينيين

بعد فرض إجراءات بذريعة مكافحة انتشار «كورونا»

مسيرة تضامنية مع الأسرى في السجون الإسرائيلية عام 2015 (أرشيف)
مسيرة تضامنية مع الأسرى في السجون الإسرائيلية عام 2015 (أرشيف)
TT

التماس ضد منع الزيارات العائلية عن الأسرى الفلسطينيين

مسيرة تضامنية مع الأسرى في السجون الإسرائيلية عام 2015 (أرشيف)
مسيرة تضامنية مع الأسرى في السجون الإسرائيلية عام 2015 (أرشيف)

عقب قرار الحكومة الإسرائيلية منع الزيارات العائلية للأسرى والمعتقلين الأمنيين الفلسطينيين في سجونها أو لقاء محاميهم وتلقي استشارة قانونية من أي نوع، تحت ذريعة مكافحة انتشار فيروس كورونا، قدم مركز «عدالة»، اليوم (الخميس)، التماساً عاجلاً للمحكمة العليا باسم «مؤسسة الضمير» والمحامية عبير بكر والأسير فخري منصور، يطالب فيه بإلغاء الإجراءات المجحفة وإعادة الزيارات بشروط طبية أخرى.
وقال المركز، في الدعوى، التي أقامتها محاميته آية حاج عودة، إنه لا خلاف على مسؤولية مصلحة السجون بكل ما يتعلق بالحفاظ على صحة الأسرى والمعتقلين، لكن هذه الإجراءات تنتهك حقوقهم بشكل كامل. فإلى جانب انتهاك الحق في الحصول على استشارة قانونية، وحق العرض أمام المحكمة، وحق التواصل مع العائلة، والحق في المساواة والاحترام، تنتهك هذه الإجراءات حق السرية بين المحامي وموكله.
ويورد الالتماس مثالاً على ذلك، أنه جرت محادثة هاتفية بين المحامية عبير بكر وأسير في سجن عوفر، على مسمع من السجانين وبعض الأسرى الآخرين. وأكد الملتمسون أن انتهاك هذا الحق لا يساهم في مكافحة انتشار فيروس كورونا، خاصة أنه لم يتم اتخاذ التدابير اللازمة للحماية والوقاية مع الحفاظ على حقوق الأسرى والمعتقلين الأمنيين، على العكس، انتُهكت هذه الحقوق من خلال التفرقة بين الأسرى والمعتقلين الآخرين.
وبحسب الإجراءات التي صادقت عليها الحكومة قبل أسبوع، يمكن لوزير الأمن الداخلي، بتوصية من مسؤول السجون والمفتش العام للشرطة، اتخاذ قرار بمنع زيارة الأسرى والمعتقلين وحرمانهم من أي استشارة قانونية بأي شكل باستثناء الهاتف. وأصدر الوزير هذا القرار وبدأ تطبيقه بعد يومين.
وبالإضافة إلى انتهاك الحد الأدنى من الحقوق الإنسانية للأسرى والمعتقلين، تمنع هذه الإجراءات تقديم شكاوى في حال انتهاك حقوق أخرى، تمس بالأسرى والمعتقلين القاصرين في السجون الإسرائيلية؛ إذ تمنع عنهم الزيارة مع أن هذا الحق مكفول لهم بالقانون، ومذكور بشكل واضح.
وجاء في الالتماس، أن المصادقة على هذه الإجراءات تفتقر إلى كل صلاحية دستورية ولذلك يجب إلغاؤها على الفور، لأنه بحسب قانون أساس الحكومة، فإن الكنيست هو الجهة الوحيدة المخولة بإعلان حالة الطوارئ ومنح صلاحيات خاصة للحكومة، من خلال تشريع قانون خاص في حال إمكان التئامها.
وأكد الالتماس أن هذه الإجراءات تعود بالضرر الأكبر على الأسرى والمعتقلين الذين لا يتحدثون اللغة العبرية؛ إذ يحتاجون إلى الاستشارات القانونية من أجل تحصيل حقوقهم. يضاف إلى ذلك أنه وفق بند «39د» لقانون الأساس «لا يمكن لحالة الطوارئ أن تمنع حق المثول أمام المحكمة، إصدار حكم، ولا يمكن أن تتيح المس بحقوق الإنسان».
وبناءً على ذلك، لا صلاحية دستورية للحكومة للمصادقة على هذه الإجراءات. ويتوافق هذا الادعاء مع الموقف القانوني للمستشار القضائي للحكومة الذي قدم للمحكمة العليا، وجاء ضمن رد الدولة على التماس مركز عدالة باسم «القائمة المشتركة»، الأسبوع الماضي، ضد استخدام إجراءات الطوارئ للسماح بتعقب المواطنين ومراقبتهم من خلال هواتفهم وحواسيبهم ووسائل تكنولوجية أخرى.
وقالت المحامية آية حاج عودة: «لا شك أن مكافحة انتشار فيروس كورونا أمر غير عادي وفي حاجة إلى إجراءات غير عادية، لكن لا يمكن أن نسمح بانتهاك حقوق الإنسان تحت هذه الذريعة، وكما تستطيع الدولة ابتكار حلول ليوم الانتخابات وللعمل في الأماكن المختلفة باعتبارها حيوية ووضع معايير معينة للسجناء الجنائيين، عليها الاعتراف بحقوق الأسرى والمعتقلين الأمنيين، وعلى رأسها لقاء محاميهم ومقابلة أسرهم».
وبالإضافة إلى هذا الالتماس، توجه مركز «عدالة»، في ضوء الكثير من التقارير التي تلقاها بداية الأسبوع الحالي، برسالة أرسلتها المحامية ميسانة موراني إلى مصلحة السجون الإسرائيلية، تطلب فيها التأكد من اتخاذ كل تدابير الوقاية من أجل الحفاظ على صحة الأسرى في ظل أزمة انتشار كورونا.


مقالات ذات صلة

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

شمال افريقيا الزحام من أسباب انتشار العدوى (تصوير: عبد الفتاح فرج)

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

نفى الدكتور محمد عوض تاج الدين مستشار الرئيس المصري لشؤون الصحة والوقاية وجود أي دليل على انتشار متحور جديد من فيروس «كورونا» في مصر الآن.

أحمد حسن بلح (القاهرة)
العالم رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

«الشرق الأوسط» (فيينا)
صحتك امرأة تعاني من «كورونا طويل الأمد» في فلوريدا (رويترز)

دراسة: العلاج النفسي هو الوسيلة الوحيدة للتصدي لـ«كورونا طويل الأمد»

أكدت دراسة كندية أن «كورونا طويل الأمد» لا يمكن علاجه بنجاح إلا بتلقي علاج نفسي.

«الشرق الأوسط» (أوتاوا)
صحتك «كوفيد طويل الأمد»: حوار طبي حول أحدث التطورات

«كوفيد طويل الأمد»: حوار طبي حول أحدث التطورات

يؤثر على 6 : 11 % من المرضى

ماثيو سولان (كمبردج (ولاية ماساشوستس الأميركية))

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.