مصر تبدأ حظر التنقل الجزئي... وتعوّل على حصار الإصابات

مطالبات بمعاقبة دعاة نادوا بإقامة الصلاة في المساجد رغم الإغلاق

مصر تبدأ حظر التنقل الجزئي... وتعوّل على حصار الإصابات
TT

مصر تبدأ حظر التنقل الجزئي... وتعوّل على حصار الإصابات

مصر تبدأ حظر التنقل الجزئي... وتعوّل على حصار الإصابات

في الوقت الذي بدأت فيه مصر، أمس، تطبيق «حظر التنقل الجزئي» في أنحاء البلاد كافة والذي يسري من السابعة مساءً وحتى السادسة صباحاً ولمدة أسبوعين، أعلنت وزارة الصحة وصول الإصابات بفيروس «كورونا المستجد» إلى 442 حالة. ووفق ما أفادت وزيرة الصحة المصرية، هالة زايد، خلال مؤتمر صحافي أمس، فإن حالات التعافي التام للمصابين سجلت 93 حالة، بينما طالت الإصابات التي أعلنت عنها أمس 40 شخصاً، ووصلت الوفيات إلى 21 حالة. وبدت الحكومة المصرية في حالة تأهب قبل ساعات من تطبيق الحظر الذي يشمل مراكز تجارية وأنشطة متنوعة، وترأس رئيس مجلس الوزراء، مصطفى مدبولي، اجتماعاً، لمراجعة استعدادات المحافظات لمواجهة الفيروس و«الاطمئنان على توفر السلع الغذائية والأدوية، وتطبيق قرارات الحظر بحسم»، بحسب بيان حكومي.

وجدد مدبولي تحذير المخالفين لقرار الحظر متوعداً بالعقوبات، وكلّف المحافظين ومسؤولي الأمن بـ«الحسم وتطبيق عقوبة المخالفة لمن تثبت مخالفتهم»، وقرر كذلك «السماح لمصانع الأغذية والأدوية والمستلزمات الطبية بالعمل طوال اليوم، ومرور مركبات العاملين ومركبات نقل البضائع والمواد البترولية والغذائية، وكذا الحاصلات الزراعية والخضراوات والفاكهة، وما يماثلها».
بدورها نشرت قوات الشرطة عناصرها في مواقع مختلفة، فيما خاطبت وزارة الداخلية المواطنين لمناشدتهم «الالتزام بتنفيذ القرار»، وقالت في بيان إنها «على يقين من تجاوب أبناء الشعب المصري مع إجراءات الحظر والتلاحم مع جهود رجال الشرطة لتنفيذها بهدف الحفاظ على الأمن والصحة العامة للمواطنين... وإنها سوف تتخذ الإجراءات القانونية حيال المخالفين».
وخلال مؤتمرها الصحافي، أمس، بشأن تطورات الأوضاع الصحية، قالت الوزيرة هالة زايد، إن «مصر تعتمد منظومة إلكترونية لمعرفة شجرة المخالطين بفيروس كورونا المستجد، وبمساعدة 21 معملاً لإجراء التحاليل»، مؤكدة أن الفرق الطبية أجرت «25 ألف تحليل pcr الخاص بكشف الإصابة بالفيروس». ودعت زايد المواطنين للالتزام بالتعليمات الطبية لتجنب الإصابة ووقف تفشي انتقال العدوى.
وفي مسعى لكبح تأثر المشروعات الإنشائية الحكومية، عقد مدبولي، اجتماعاً لمتابعة «إجراءات الحفاظ على صحة وسلامة العاملين في قطاع الإنشاءات»، وذلك بحضور الدكتور عاصم الجزار، وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية، والمهندس كامل الوزير، وزير النقل. وعلى صعيد آخر، دعت وزيرة الهجرة المصرية، نبيلة مكرم، المصريين العالقين بالولايات المتحدة إلى «ضرورة التواصل مع السفارة والقنصلية المصرية لإخطار وزارة (الطيران المدني) بأعدادهم تمهيداً لإعادتهم للبلاد».
وفي سياق آخر، وفيما عده مراقبون بأنه «سوف يتصدى بقوة لفتاوى وآراء بعض المشايخ والدعاة غير الرسميين، ويضبط مشهد انفلات الآراء على بعض الفضائيات ومواقع التواصل الاجتماعي». طالب برلمانيون في مصر بـ«إقرار (عقوبات مشددة) بحق بعض المشايخ غير الرسميين لحماية المصريين، مما يبثونه من آراء تتعلق بفيروس (كورونا المستجد)». وأكد النائب عمر حمروش، أمين سر لجنة الشؤون الدينية والأوقاف بمجلس النواب (البرلمان)، أن «بعض هؤلاء المشايخ غير الرسميين ينتمون لجماعات - وصفها بالمتشددة -، ويدعون عبر مكبرات الصوت في المساجد، للصلاة في المساجد، ومخالفة قرارات وقف صلاة الجماعة في المساجد، التي قررتها وزارة الأوقاف، ضمن الإجراءات الاحترازية للدولة لمنع انتشار الفيروس». ويرى مراقبون أن «مصر ما زالت تعاني من ظاهرة الفتاوى العشوائية، في بعض الفضائيات وعلى مواقع التواصل الاجتماعي‏، بعدما تصدى دخلاء ممن لا تتوفر فيهم شروط الفتوى، للحديث في القضايا الكبرى، خاصة المتعلقة بإجراءات الحماية والتصدي لمنع تفشي الفيروس في البلاد». وقال النائب شكري الجندي، وكيل لجنة الشؤون الدينية والأوقاف بمجلس النواب، إن «مشروع قانون (تنظيم الفتاوى العامة) يتضمن عقوبات رادعة، ضد من يصدر أي فتاوى متطرفة، تُحرض على الفتنة والبلبلة في المجتمع، ويمنع غير المختصين من إصدار الفتاوى، ومن يخالف ذلك يتعرض لعقوبة الحبس والغرامة».ويحظر قانون «تنظيم الفتوى العامة» حسب مسودته، التصدي للفتوى العامة؛ إلا إذا كانت صادرة من هيئة كبار العلماء بالأزهر، أو دار الإفتاء المصرية، أو مجمع البحوث الإسلامية، أو الإدارة العامة للفتوى بوزارة الأوقاف، و«يعاقب على مخالفة أحكام هذا القانون بالحبس مدة لا تزيد على ستة أشهر، وغرامة لا تزيد على خمسة آلاف جنيه، وفي حالة العودة تكون العقوبة هي الحبس وغرامة لا تقل عن عشرة آلاف جنيه».
وأكد النائب أحمد درويش، عضو مجلس النواب لـ«الشرق الأوسط»، أن «عقوبات القانون تهدف إلى القضاء على تفشي ظاهرة قيام أشخاص بإصدار بعض الفتاوى، والتصريحات - التي وصفها بالشاذة والخطيرة - التي تنتشر في المجتمع بشكل كبير، وتسبب ضجة لدى البعض، خاصة المتعلقة بـ(كورونا)، مثل التحريض بعدم البقاء في المنازل والنزول للشوارع، وممارسة الحياة بشكل عادي جداً، وعمل مسيرات في الشوارع للدعاء وغيرها».
يُشار إلى أن هناك قانوناً آخر في البرلمان، يختص بـ«تنظيم الظهور الإعلامي»، والذي ينص على أنه «على كل مؤسسة إعلامية التحقق من حصول عالم الدين على ترخيص سار من المؤسسات الدينية الرسمية، قبل السماح له بالظهور إعلامياً، للحديث في الشأن الديني».
وأوضح النائب الجندي أن «مشروع (تنظيم ظهور رجال الدين في الإعلام) ينظم ضوابط الحديث في شؤون الدين عبر وسائل الإعلام، ولا يجوز أن يتحدث أحد في شؤون الدين، من دون أن يكون متخصصاً ومرخصاً له بذلك، حتى لا يتعرض لعقوبات رادعة، بجانب أن ذلك يمنع غير المتخصصين و(المتشددين) من الظهور وإثارة الفتن والبلبلة».
وحدد القانون، بحسب مسودته، «غرامة لا تقل عن عشرين ألف جنيه، ولا تتجاوز مائة ألف جنيه، لكل من قام بالتحدث في وسائل الإعلام، دون الحصول على ترخيص، أو أثناء إيقاف أو سحب الترخيص، وتُضاعف العقوبة في حالة العودة مرة أخرى للظهور».
مصدر برلماني قال في هذا الصدد لـ«الشرق الأوسط»، إن «القانونين يكتسبان أهمية خاصة الآن، في ظل ما يتردد من البعض، بشأن الفيروس، ووجود تشريع يمثل أهمية كبرى، في ظل حالات الجدل والفوضى والخطاب (المتشدد)، الذي زاد خلال الأيام الماضية، منذ إغلاق المساجد».


مقالات ذات صلة

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

شمال افريقيا «الصحة» المصرية تنفي رصد أمراض فيروسية أو متحورات مستحدثة (أرشيفية - مديرية الصحة والسكان بالقليوبية)

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

نفت وزارة الصحة المصرية رصد أي أمراض بكتيرية أو فيروسية أو متحورات مستحدثة مجهولة من فيروس «كورونا».

محمد عجم (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أظهر المسح الجديد تراجعاً في عدد الأطفال الصغار المسجلين في الدور التعليمية ما قبل سن الالتحاق بالمدارس في أميركا من جراء إغلاق الكثير من المدارس في ذروة جائحة كورونا (متداولة)

مسح جديد يرصد تأثير جائحة «كورونا» على أسلوب حياة الأميركيين

أظهر مسح أميركي تراجع عدد الأجداد الذين يعيشون مع أحفادهم ويعتنون بهم، وانخفاض عدد الأطفال الصغار الذين يذهبون إلى الدور التعليمية في أميركا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا الزحام من أسباب انتشار العدوى (تصوير: عبد الفتاح فرج)

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

نفى الدكتور محمد عوض تاج الدين مستشار الرئيس المصري لشؤون الصحة والوقاية وجود أي دليل على انتشار متحور جديد من فيروس «كورونا» في مصر الآن.

أحمد حسن بلح (القاهرة)
العالم رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

«الشرق الأوسط» (فيينا)

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.