القطاع الخاص السعودي لتأسيس خلية عمل لمتابعة سلاسل الإمداد من المنشأ

اتحاد الغرف الخليجي يبادر إلى خدمة «الخط الفعّال» للرد على استفسارات الشركات

القطاع الخاص السعودي تحت مظلة مجلس الغرف يُنشئ خلية لتتبع حركة سلاسل الإمدادات من بلد المنشأ إلى المملكة (الشرق الأوسط)
القطاع الخاص السعودي تحت مظلة مجلس الغرف يُنشئ خلية لتتبع حركة سلاسل الإمدادات من بلد المنشأ إلى المملكة (الشرق الأوسط)
TT

القطاع الخاص السعودي لتأسيس خلية عمل لمتابعة سلاسل الإمداد من المنشأ

القطاع الخاص السعودي تحت مظلة مجلس الغرف يُنشئ خلية لتتبع حركة سلاسل الإمدادات من بلد المنشأ إلى المملكة (الشرق الأوسط)
القطاع الخاص السعودي تحت مظلة مجلس الغرف يُنشئ خلية لتتبع حركة سلاسل الإمدادات من بلد المنشأ إلى المملكة (الشرق الأوسط)

كشف القطاع الخاص السعودي عن إنشاء خلية عمل تحت مظلة مجلس الغرف السعودية لمواجهة أي معوقات تواجه سلاسل الإمداد الغذائية والطبية من بلد المنشأ في هذه المرحلة، لتذليل الصعاب أمام الشركات السعودية، من خلال التنسيق مع مجالس الأعمال في مختلف دول العالم التي لها علاقات اقتصادية مع السعودية.
وقال عجلان العجلان، رئيس مجلس الغرف السعودية، لـ«الشرق الأوسط»، إن مجلس الغرف السعودية وما يتبعه من 28 غرفة في المدن كافة، إضافة إلى اللجان في القطاعات كافة، تقوم بدور محوري في هذه المرحلة، من خلال المتابعة والتنسيق بين هذه القطاعات كافة، لضمان سلامة وصول الإمدادات للسوق السعودية، موضحاً أن المجلس له أدوار متعددة، منها التواصل بين القطاعين العام والخاص، لمعرفة كثير من النقاط ووضع الحلول المستقبلية لأي مشكلة قد تواجه القطاع الخاص.
وأبان العجلان أن مجلس الغرف فور الإعلان عن فيروس كورونا المستجد، وبالتزامن مع الإجراءات السعودية، شرع في تكوين خلية عمل تعمل بشكل دائم لمواجهة أي تحديدات تنشأ عن تأخير في سلاسل الإمداد، أو معوقات في بلد المنشأ، للمساعدة في حل أي مشكلة تطرأ بالتنسيق مع السلطات.
وقال: «نقوم بالتواصل المستمر لإزالة هذه المعوقات، بالتعاون مع الجهات الحكومية أو القطاع الخاص من بنوك أو جمارك وغيرها من الجهات»، مشيراً إلى التنسيق مع مجالس الأعمال في غالبية دول العالم التي لها اتفاقيات اقتصادية مع السعودية.
وأفاد العجلان أن هذه المجالس تعمل مع القنصليات السعودية في دول العالم لتسهيل إجراءات، أو توفير ما تحتاجه شركات القطاع الخاص، أو تذليل أي معوقات قد تواجهها حيث يتم العمل معها على تقديم ما يساعد هذه الشركات في تحقيق الهدف باستمرار تدفق سلاسل الإمداد.
وهذه الإجراءات والتحرك السريع، كما يقول العجلان، ساعدت في توافر السلع الغذائية والصحية بوفرة في السوق المحلية، مقارنة بما يسجل من نقص في كثير من الأسواق في دول كبرى، ما يبرهن على نجاح السياسة السعودية في التعامل مع فيروس كورونا المستجد، وما اتخذته من إجراءات في المناشط كافة.
وأشار رئيس مجلس الغرف السعودية إلى ما يتعرض له القطاع الخاص على مستوى العالم وما يواجه من تحديدات جراء الوباء، تسبب في خروج كثير من الشركات، في المقابل نجد القطاع الخاص في السعودية يقوم بدور كبير من خلال توفير السلع الرئيسية، والمواد الطبية، وتشغيل منافذ الطاقة والوقود.
وعن الدول الموردة للسعودية، أكد العجلان أن هناك كثيراً من الدول، في مقدمتها الصين، ما زالت الواردات منها مستمرة بالشكل المطلوب، وفقاً للاحتياطات والاحترازات اللازمة.
من جهته، أطلق اتحاد غرف دول مجلس التعاون الخليجي مبادرة خدمة «الخط الفعال» لاستقبال المقترحات والاستفسارات كافة على الهواتف المخصصة والبريد الإلكتروني، للرد على الشركات الخليجية ورجال الأعمال والمهتمين بالاقتصاد.
وقال الدكتور سعود المشاري، أمين عام اتحاد الغرف، إن دول مجلس التعاون الخليجي كافة قامت بأفضل الإجراءات الاحترازية للتعامل الوقائي بما يتعلق بـ«كورونا»، وكذلك بأهم الإجراءات الاستثنائية الطارئة المطبقة بشأن الحالات التي اكتشفت إصابتها بالفيروس.
واستعرض المشاري ما قامت به الغرف التجارية الخليجية من أدوار مهمة في هذا الظرف حيث قامت أغلب الغرف الخليجية بتنفيذ خطة الوقاية من الفيروس، وإطلاق كثير من المبادرات، منها ما قام به مجلس الغرف السعودية بإطلاق حساب خاص بعنوان «مبادرات القطاع الخاص» يرصد من خلاله مبادرات أصحاب الأعمال والخدمات المجتمعية كافة خلال هذه الفترة، كذلك غرفة تجارة وصناعة البحرين وما تقوم به عبر إطلاقها كثيراً من الدعوات لأصحاب الأعمال لتقديم تسهيلات لأصحاب المحال التجارية خلال هذه الفترة، وتفعيل خطوط التواصل الساخنة عبر الهواتف وموقعها الإلكتروني.
واستطرد؛ أن غرفة تجارة وصناعة دبي كانت سباقة في إيقاف خاصية الدفع بواسطة الشيكات، لتسديد رسوم خدمات غرفة دبي من 22 مارس (آذار) الحالي حيث أتاحت لعملائها تسديد الرسوم عن طريق الوسائل مسبقة الدفع وبطاقات الائتمان، فيما قامت غرفة تجارة وصناعة عمان بتأسيس صندوق الغرفة والقطاع الخاص للمسؤولية المجتمعية لدعم جهود الحكومة في التخفيف من الآثار المترتبة عن انتشار فيروس كورونا المستجد.
وزاد المشاري، حول غرفة تجارة وصناعة الكويت، أنها تبرعت بمبلغ 200 ألف دينار لجمعية الهلال الأحمر الكويتي لمكافحة الفيروس، وبمبلغ مليوني دينار كويتي لمجلس الوزراء لصرفها ضمن الرؤية الشاملة في دعم جهود مكافحة الوباء داخل دولة الكويت.


مقالات ذات صلة

«كوب 16» يختتم أعماله بالموافقة على 35 قراراً لتعزيز جهود مكافحة التصحر

الاقتصاد صورة جماعية للمشاركين في مؤتمر «كوب 16» في اختتام أعماله (واس)

«كوب 16» يختتم أعماله بالموافقة على 35 قراراً لتعزيز جهود مكافحة التصحر

أنتج مؤتمر الأطراف لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر (كوب 16) الذي عقد في الرياض، 35 قراراً حول مواضيع محورية.

عبير حمدي (الرياض)
الاقتصاد الجولة الأولى من المفاوضات التي قادتها السعودية بين دول الخليج واليابان (واس)

اختتام الجولة الأولى من مفاوضات اتفاقية التجارة الحرة بين دول الخليج واليابان

ناقشت الجولة الأولى من مفاوضات اتفاقية التجارة الحرة بين دول مجلس التعاون الخليجي واليابان عدداً من المواضيع في مجالات السلع، والخدمات.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد صندوق الاستثمارات العامة السعودي يهدف لدعم تحقيق النمو المستدام في مطار هيثرو (أ.ب)

«السيادي» السعودي يُكمل الاستحواذ على 15 % من مطار هيثرو

أكمل صندوق الاستثمارات العامة السعودي الاستحواذ على حصة تُقارب 15 % في «إف جي بي توبكو»، الشركة القابضة لمطار هيثرو من «فيروفيال إس إي»، ومساهمين آخرين.

«الشرق الأوسط» (الرياض) «الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد إريك ترمب يتحدث خلال مقابلة مع «رويترز» في أبو ظبي (رويترز)

إريك ترمب: نخطط لبناء برج في الرياض بالشراكة مع «دار غلوبال»

قال إريك ترمب، نجل الرئيس الأميركي المنتخب، لـ«رويترز»، الخميس، إن منظمة «ترمب» تخطط لبناء برج في العاصمة السعودية الرياض.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد جانب من فعاليات النسخة السابقة من المؤتمر في الرياض (واس)

السعودية تشهد انطلاق مؤتمر سلاسل الإمداد الأحد

تشهد السعودية انطلاق النسخة السادسة من مؤتمر سلاسل الإمداد، يوم الأحد المقبل، برعاية وزير النقل والخدمات اللوجيستية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

هل تؤدي العقوبات وأسعار الفائدة الروسية إلى موجة شاملة من الإفلاسات؟

الساحة الحمراء وكاتدرائية القديس باسيل وبرج سباسكايا في الكرملين كما تظهر من خلال بوابة في وسط موسكو (رويترز)
الساحة الحمراء وكاتدرائية القديس باسيل وبرج سباسكايا في الكرملين كما تظهر من خلال بوابة في وسط موسكو (رويترز)
TT

هل تؤدي العقوبات وأسعار الفائدة الروسية إلى موجة شاملة من الإفلاسات؟

الساحة الحمراء وكاتدرائية القديس باسيل وبرج سباسكايا في الكرملين كما تظهر من خلال بوابة في وسط موسكو (رويترز)
الساحة الحمراء وكاتدرائية القديس باسيل وبرج سباسكايا في الكرملين كما تظهر من خلال بوابة في وسط موسكو (رويترز)

في ظلّ الضغوط المتزايدة التي فرضتها العقوبات الغربية وارتفاع أسعار الفائدة بشكل مذهل، تتزايد المخاوف في الأوساط الاقتصادية الروسية من احتمال حدوث موجة من الإفلاسات التي قد تهدّد استقرار الكثير من الشركات، لا سيما في ظل استمرار الرئيس فلاديمير بوتين في التمسّك بحربه في أوكرانيا.

وفي كلمته خلال مؤتمر الاستثمار الذي نظمته مجموعة «في تي بي» هذا الشهر، لم يفوّت بوتين الفرصة للتفاخر بما عدّه فشل العقوبات الغربية في إضعاف الاقتصاد الروسي، فقد صرّح قائلاً: «كانت المهمة تهدف إلى توجيه ضربة استراتيجية إلى روسيا، لإضعاف صناعتنا وقطاعنا المالي والخدماتي». وأضاف أن النمو المتوقع للاقتصاد الروسي سيصل إلى نحو 4 في المائة هذا العام، قائلاً إن «هذه الخطط انهارت، ونحن متفوقون على الكثير من الاقتصادات الأوروبية في هذا الجانب»، وفق صحيفة «واشنطن بوست».

وعلى الرغم من التصفيق المهذّب الذي قُوبل به الرئيس الروسي، فإن التوترات بدأت تظهر بين النخبة الاقتصادية الروسية بشأن التأثيرات السلبية المتزايدة للعقوبات على الاقتصاد الوطني. فقد حذّر عدد متزايد من المسؤولين التنفيذيين في الشركات الكبرى من أن رفع البنك المركزي أسعار الفائدة لمكافحة التضخم -الذي تفاقم بسبب العقوبات والنفقات العسكرية لبوتين- قد يهدد استقرار الاقتصاد في العام المقبل. وقد تتسبّب هذه السياسة في تسارع موجات الإفلاس، لا سيما في القطاعات الاستراتيجية الحساسة مثل الصناعة العسكرية، حيث من المتوقع أن يشهد إنتاج الأسلحة الذي يغذّي الحرب في أوكرانيا تباطؤاً ملحوظاً.

حتى الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترمب، أشار في منشور على شبكته الاجتماعية «تروث سوشيال» إلى أن روسيا أصبحت «ضعيفة جزئياً بسبب اقتصادها المتداعي».

تحذيرات من الإفلاس

ومع تزايد توقعات أن «المركزي الروسي» سيضطر إلى رفع الفائدة مرة أخرى هذا الشهر، انضم بعض الأعضاء المعتدلين في الدائرة الداخلية لبوتين إلى الانتقادات غير المسبوقة للسياسات الاقتصادية التي أبقت على سعر الفائدة الرئيس عند 21 في المائة، في وقت يستمر فيه التضخم السنوي في الارتفاع ليصل إلى أكثر من 9 في المائة. وهذا يشير إلى احتمالية حدوث «ركود تضخمي» طويل الأمد أو حتى ركود اقتصادي في العام المقبل. وبالفعل، يتوقع البنك المركزي أن ينخفض النمو الاقتصادي بشكل حاد إلى ما بين 0.5 في المائة و1.5 في المائة في العام المقبل.

كما تسبّبت العقوبات الأميركية الجديدة التي شملت فرض عقوبات على 50 بنكاً روسياً، بما في ذلك «غازبروم بنك»، وهو قناة رئيسة لمدفوعات الطاقة، في زيادة تكاليف المعاملات بين المستوردين والمصدرين الروس. وقد أسهم ذلك في انخفاض قيمة الروبل إلى أدنى مستوى له مقابل الدولار منذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا في عام 2022. وقد أدى هذا الانخفاض في قيمة الروبل إلى زيادة التضخم، حيث ارتفعت الأسعار بنسبة 0.5 في المائة بين 26 نوفمبر (تشرين الثاني) و2 ديسمبر (كانون الأول)، وفقاً للبيانات الرسمية.

وفي هذا السياق، حذّر رئيس هيئة الرقابة المالية الروسية، نجل أحد أقرب حلفاء بوتين، بوريس كوفالتشوك، من أن رفع أسعار الفائدة «يحد من إمكانات الاستثمار في الأعمال، ويؤدي إلى زيادة الإنفاق في الموازنة الفيدرالية». كما انتقد الرئيس التنفيذي لشركة «روسنفت» الروسية، إيغور سيتشين، البنك المركزي بسبب ارتفاع أسعار الفائدة، مؤكداً أن ذلك أسهم في زيادة تكاليف التمويل للشركات وتأثر أرباحها سلباً.

وفي تصريح أكثر حدّة، حذّر رئيس شركة «روس أوبورون إكسبورت» المتخصصة في صناعة الأسلحة، سيرغي تشيميزوف، من أن استمرار أسعار الفائدة المرتفعة قد يؤدي إلى إفلاس معظم الشركات الروسية، بما في ذلك قطاع الأسلحة، مما قد يضطر روسيا إلى الحد من صادراتها العسكرية.

كما شدّد قطب صناعة الصلب الذي يملك شركة «سيفيرستال»، أليكسي مورداشوف، على أن «من الأفضل للشركات أن تتوقف عن التوسع، بل تقلّص أنشطتها وتضع الأموال في الودائع بدلاً من المخاطرة بالإدارة التجارية في ظل هذه الظروف الصعبة».

وحذّر الاتحاد الروسي لمراكز التسوق من أن أكثر من 200 مركز تسوق في البلاد مهدد بالإفلاس بسبب ارتفاع تكاليف التمويل.

وعلى الرغم من أن بعض المديرين التنفيذيين والخبراء الاقتصاديين يشيرون إلى أن بعض الشركات قد تبالغ في تقدير تأثير أسعار الفائدة المرتفعة، في محاولة للحصول على قروض مدعومة من الدولة، فإن القلق بشأن الوضع الاقتصادي يبدو مشروعاً، خصوصاً أن مستويات الديون على الشركات الروسية أصبحت مرتفعة للغاية.

ومن بين أكثر القطاعات تأثراً كانت صناعة الدفاع الروسية، حيث أفادت المستشارة السابقة للبنك المركزي الروسي، ألكسندرا بروكوبينكو، بأن الكثير من الشركات الدفاعية لم تتمكّن من سداد ديونها، وتواجه صعوبة في تأمين التمويل بسبب ارتفاع تكاليفه. وقالت إن بعض الشركات «تفضّل إيداع الأموال في البنوك بدلاً من الاستثمار في أنشطة تجارية ذات مخاطر عالية».

كما تحدّث الكثير من المقاولين علناً عن الأزمة الاقتصادية المتزايدة في روسيا. ففي أوائل نوفمبر، أشار رئيس مصنع «تشيليابينسك» للحديد والصلب، أندريه جارتونغ، خلال منتدى اقتصادي إلى أن فروعاً رئيسة من الهندسة الميكانيكية قد «تنهار» قريباً.

وفي الثالث من ديسمبر (كانون الأول)، أفادت وكالة «إنترفاكس» الروسية بأن حالات عدم السداد انتشرت في مختلف أنحاء الاقتصاد، حيث تأخرت الشركات الكبرى والمتوسطة بنسبة 19 في المائة من المدفوعات بين يوليو (تموز) وسبتمبر (أيلول)، في حين تأخرت الشركات الصغيرة بنسبة 25 في المائة من المدفوعات في الفترة نفسها.

وحسب وزارة التنمية الاقتصادية الروسية، فقد انخفض الاستثمار في البلاد، وتسببت العقوبات في ارتفاع تدريجي لتكاليف الواردات والمعاملات المالية، مما أدى إلى زيادة التضخم. كما قال مسؤول مالي روسي كبير سابق، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته بسبب حساسية الموضوع: «ما يحدث هو صدمة إمداد نموذجية في البلاد».

صناعة الدفاع مهددة

تأتي هذه التحديات في وقت حساس بالنسبة إلى صناعة الدفاع الروسية. فعلى الرغم من ضخ بوتين مبالغ ضخمة من التمويل الحكومي في هذا القطاع، مع تخصيص 126 مليار دولار في موازنة العام المقبل، فإن معظم الزيادة في الإنتاج كانت ناتجة عن تعزيز القوة العاملة لتشغيل المصانع العسكرية على مدار الساعة وتجديد مخزونات الحقبة السوفياتية. ومع ذلك، ومع استمرار الحرب ودخولها عامها الثالث، وارتفاع خسائر المعدات العسكرية، فإن القوة العاملة في القطاع قد وصلت إلى أقصى طاقتها، وإمدادات الأسلحة السوفياتية تتضاءل بسرعة.

وتقول جانيس كلوغ، من المعهد الألماني للشؤون الدولية والأمنية، إن التكاليف المتزايدة والعقوبات المشددة على واردات المعدات تجعل من الصعب على قطاع الدفاع الروسي بناء الأسلحة من الصفر. ووفقاً لتقرير صادر هذا العام عن الباحثَين في المعهد الملكي للخدمات المتحدة بلندن، جاك واتلينغ ونيك رينولدز، فإن 80 في المائة من الدبابات والمركبات القتالية المدرعة التي تستخدمها روسيا في الحرب ليست جديدة، بل جُدّدت من المخزونات القديمة. ويضيف التقرير أن روسيا «ستبدأ في اكتشاف أن المركبات بحاجة إلى تجديد أعمق بحلول عام 2025. وبحلول عام 2026 ستكون قد استنفدت معظم المخزونات المتاحة».

ثقة الكرملين

على الرغم من هذه التحديات يبدو أن الوضع لا يثير قلقاً في الكرملين. وقال أكاديمي روسي له علاقات وثيقة مع كبار الدبلوماسيين في البلاد: «لا يوجد مزاج ذعر». وأضاف أن المسؤولين في الكرملين يعدّون أن «كل شيء يتطور بشكل جيد إلى حد ما». ووفقاً لهذا الرأي، فإن روسيا تواصل تحقيق تقدم عسكري، وفي ظل هذه الظروف، لا يرى الكرملين حاجة إلى تقديم أي تنازلات جادة.

وتزيد الاضطرابات السياسية في العواصم الغربية -بما في ذلك التصويت بحجب الثقة في فرنسا، مع التصويت المرتقب في ألمانيا، بالإضافة إلى اعتقاد الكرملين أن ترمب قد يقلّل من دعمه لأوكرانيا- من الثقة داخل روسيا.

وقد تصدّى بوتين لانتقادات متزايدة بشأن زيادات أسعار الفائدة ورئيسة البنك المركزي، إلفيرا نابيولينا، قائلاً في مؤتمر الاستثمار إن كبح جماح التضخم يظل أولوية بالنسبة إليه. ومع الارتفاع الكبير في أسعار المواد الغذائية الأساسية مثل البطاطس التي ارتفعت بنسبة 80 في المائة هذا العام، يواصل بوتين دعم نابيولينا وزيادات أسعار الفائدة، رغم شكاوى الشركات الكبرى. وقالت كلوغ: «من وجهة نظر بوتين، لا يمكن السماح للتضخم بالخروج عن السيطرة، لأنه يمثّل تهديداً لاستقرار النظام السياسي، ولهذا السبب منح نابيولينا تفويضاً قوياً».

لكن المستشارة السابقة للبنك المركزي، ألكسندرا بروكوبينكو، ترى أن الضغط من الشركات الكبرى لن يهدأ. وقالت: «عندما يكون التضخم عند 9 في المائة، وسعر الفائدة عند 21 في المائة، فهذا يعني أن السعر الرئيس لا يعمل بشكل صحيح، ويجب البحث عن أدوات أخرى. أولوية بوتين هي الحرب وتمويل آلتها، ولا يمتلك الكثير من الحلفاء، والموارد المتاحة له تتقلص». وأضافت أنه من المحتمل أن تتعرّض نابيولينا لمزيد من الضغوط مع استمرار الوضع الاقتصادي الصعب.

ومع تزايد الضغوط على بوتين، أصبحت الصورة في الغرب أكثر تفاؤلاً بشأن فرص التغيير في روسيا، وفقاً لمؤسسة شركة الاستشارات السياسية «ر. بوليتيك» في فرنسا، تاتيانا ستانوفايا.

وأضافت: «بوتين مستعد للقتال ما دام ذلك ضرورياً... لكن بوتين في عجلة من أمره. لا يستطيع الحفاظ على هذه الشدة من العمل العسكري والخسائر في الأرواح والمعدات كما كان في الأشهر الأخيرة».