الأردن يستعين بقدراته الرقمية لـ«إدامة الحياة» مع إغلاق المدن

عبد الله الثاني يوجه بعدم التنقل والالتزام بالتعليمات الرسمية

العاهل الأردني ترأس اجتماعاً عبر تقنية الاتصال المرئي لمتابعة إجراءات التعامل مع كورونا المستجد (أ.ف.ب)
العاهل الأردني ترأس اجتماعاً عبر تقنية الاتصال المرئي لمتابعة إجراءات التعامل مع كورونا المستجد (أ.ف.ب)
TT

الأردن يستعين بقدراته الرقمية لـ«إدامة الحياة» مع إغلاق المدن

العاهل الأردني ترأس اجتماعاً عبر تقنية الاتصال المرئي لمتابعة إجراءات التعامل مع كورونا المستجد (أ.ف.ب)
العاهل الأردني ترأس اجتماعاً عبر تقنية الاتصال المرئي لمتابعة إجراءات التعامل مع كورونا المستجد (أ.ف.ب)

طالب العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني في خطاب متلفز مساء أمس بـ«عدم التنقل والالتزام بالتعليمات الرسمية»، موجهاً شعبه «للارتقاء بمسؤولية حماية الوطن، ضد وباء فيروس كورونا». وشدد على أنه وجه الحكومة والقوات المسلحة والأجهزة الأمنية، للتعامل مع هذا الخطر بأعلى درجات الجاهزية، وعبر تشكيل خلية أزمة قبل تفشي الوباء أو فقدان السيطرة عليه. مشيراً إلى أهمية أن تكون الخطط استباقية.
إلى ذلك أعلن وزير الصحة الأردني سعد جابر مساء أمس تسجيل 15 إصابة جديدة بمرض كورونا المستجد، ليرتفع إجمالي الإصابات إلى 127 حالة في الأردن.
وبين جابر في إيجاز صحافي أن الحالات توزعت على عدد من بين المحجور عليهم صحياً في مستشفى الأمير حمزة، وسكرتيرة تعمل في المستشفى جرى فحص جميع من خالطها خلال ساعات العمل وخارجها، وتبين عدم نقل العدوى، بالإضافة لعدد من الحالات التي قدمت إلى البلاد قبل إغلاق المعابر الجوية والبرية والبحرية. كما من بين الحالات عدد من مخالطي حفل زفاف في محافظة إربد وشخص مخالط لممرضة في مستشفى البشير الحكومي».
وأوضح الوزير أن بين المصابين كذلك طفل يبلغ شهرين وآخر 4 سنوات سجل اليوم، مشيرا إلى أن ذلك يبدد بعض المفاهيم الخاطئة لبعض المواطنين بأن الأطفال لا يصابون، مضيفا أن الأطفال يصابون ولكن نسبة الوفاة قليلة جداً مقارنة بكبار السن، وأشار بالوقت ذاته إلى أن سيدة مصابة بالمرض تبلغ من العمر 83 عاما بدأت حالتها بالتحسن وأنها بحالة ممتازة.
ودخل قرار الدفاع الصادر عن الحكومة الأردنية بحظر التجول في البلاد يومه الرابع اليوم، وهو القرار المتوقع أن يمتد لأسابيع قادمة بحسب تصريحات وزير الإعلام أمجد العضايلة، الذي طالب الأردنيين بـ«التعود على نمط حياة مختلف والتعايش معه خلال الأيام القادمة».
وفي الوقت الذي بدأت تظهر فيه تداعيات القرار في البلاد، ونقص المواد الأساسية في منازل المواطنين، أرسلت الحكومة تطمينات عبر وزيري العمل والإعلام تفيد ببدء توصيل مواد الخبز والمحروقات والأدوية للمنازل اعتباراً من صباح اليوم، في حين ستقوم شركات عبر تطبيقات ذكية في إيصال متطلبات «إدامة الحياة» إلى المنازل اعتباراً من نهاية الأسبوع.
التمهيد الحكومي في تطويع التكنولوجيا لخدمة الأردنيين خلال أيام حظر التجول، إنجاز يمكن إسناد الفضل فيه لحاجة الرد الطارئ على فيروس كورونا المستجد. فبعد سنوات طويلة من الخطط الحكومية لتطبيق سياسات التحول الرقمي، وجدت الحكومة الحالية نفسها أمام إلزامية التحول خلال أيام قليلة. وعبر خطوات متسارعة، وعدت بمراجعتها أولاً بأول لتجاوز الأخطاء وتصويب العيوب، وفق تصريح وزير الإعلام.
في ذلك جاء إعلان وزير الاقتصاد الرقمي والريادة مثنى الغرايبة عن استقبال طلبات الشركات التي تملك أسطول مركبات، لتتقدم تحت عنوان تسخير إمكاناتها لتأمين مستلزمات المواطنين في منازلهم، وعبر تطبيقات ذكية يستطيع المواطنون التعامل معها، بعيداً عن فكرة الاختلاط في الأسواق التي تعيد مشهد انتشار الوباء على نطاق واسع بين المواطنين.
ولم تكن قرارات توصيل الخدمات الأساسية للمنازل عبر التطبيقات الذكية هي القرارات الوحيدة التي تعد بتحول رقمي واسع قد يشهده الأردن خلال الأيام القليلة القادمة، بل إن وزارتي التربية والتعليم والتعليم العالي بدأتا فعلا بتطبيق سياسة التعليم عن بعد عبر وسائل الاتصال الحديثة والشبكة العنكبوتية، وفق إجراءات صارمة، خصوصاً بعد نجاح إطلاق قنوات تلفزيونية خاصة بتعليم المراحل الدراسية الأساسية والثانوية، في حين نجحت جامعات أردنية ضمن مستويات متفاوتة في عقد الامتحانات لطلبتها عبر الإنترنت.
كل ذلك جاء مدعوماً بتصريح رسمي لوزير التعليم العالي محيي الدين توق الذي أعلن فيه استمرار تقديم منظومة التعليم عن بعد في الجامعات طيلة أيام الأزمة.
على الجانب الآخر من تلك الإجراءات، كان المواطن أيضاً مستعداً للتعاطي الرقمي مع أزمة بقائه التي قد تطول في المنزل، عبر تسخير التكنولوجيا خدمة لتجاوز الملل، وعبر تطبيقات التواصل الاجتماعي في صنع مجموعات اتصال ودردشة ومكالمات فيديو بين مجموعات للنقاش حول طبيعة الإجراءات المتخذة وآخر الأخبار المتداولة.
وفي السياق ذاته، بدأت حتى مؤسسات تقليدية محافظة باستثمار التحول الرقمي في خدمة رسائلها التوعوية، مثل القوات المسلحة الأردنية (الجيش العربي)، ومديرية الأمن العام، التي جعلت من وسائط الاتصال الحديث جسراً معلوماتيا لبث تحذيراتها من كسر حظر التجول، وانتشار المواطنين والسماح للوباء بالانتشار. وأشار مدير التوجيه المعنوي في القوات المسلحة مخلص المفلح إلى أنه تم بث مواد توعوية عبر منصات التواصل الاجتماعي تهدف إلى توعية المواطنين والالتزام بقرار حظر التجول لما له من أثر إيجابي، للانتقال من مرحلة احتواء الوباء إلى وضع مطمئن خلال الأسابيع المقبلة.
وفي مشهد آخر من مشاهد التحول الرقمي، كان ترأس العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، اجتماعا عبر تقنية الاتصال المرئي، لمتابعة إجراءات التعامل مع فيروس كورونا المستجد، ليسبق بخطوته تلك قراراً للحكومة يقضي بعقد اجتماعات مجلس الوزراء عن طريق الاتصال المرئي عبر الإنترنت.


مقالات ذات صلة

صحتك فيروس رئوي قد يتسبب بجائحة عالمية play-circle 01:29

فيروس رئوي قد يتسبب بجائحة عالمية

فيروس تنفسي معروف ازداد انتشاراً

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أحد الأرانب البرية (أرشيفية- أ.ف.ب)

الولايات المتحدة تسجل ارتفاعاً في حالات «حُمَّى الأرانب» خلال العقد الماضي

ارتفعت أعداد حالات الإصابة بـ«حُمَّى الأرانب»، في الولايات المتحدة على مدار العقد الماضي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك تعلمت البشرية من جائحة «كورونا» أن لا شيء يفوق أهميةً الصحتَين الجسدية والنفسية (رويترز)

بعد ظهوره بـ5 سنوات.. معلومات لا تعرفها عن «كوفيد 19»

قبل خمس سنوات، أصيبت مجموعة من الناس في مدينة ووهان الصينية، بفيروس لم يعرفه العالم من قبل.

آسيا رجل يرتدي كمامة ويركب دراجة في مقاطعة هوبي بوسط الصين (أ.ف.ب)

الصين ترفض ادعاءات «الصحة العالمية» بعدم التعاون لتوضيح أصل «كورونا»

رفضت الصين ادعاءات منظمة الصحة العالمية التي اتهمتها بعدم التعاون الكامل لتوضيح أصل فيروس «كورونا» بعد 5 سنوات من تفشي الوباء.

«الشرق الأوسط» (بكين)

«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
TT

«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)

دخل حزب «الوفد» المصري العريق في أزمة جديدة، على خلفية قرار رئيسه عبد السند يمامة، فصل أحد قادة الحزب ورئيسه الأسبق الدكتور السيد البدوي، على خلفية انتقادات وجَّهها الأخير إلى الإدارة الحالية، وسط مطالبات باجتماع عاجل للهيئة العليا لاحتواء الأزمة، فيما حذَّر خبراء من «موجة انشقاقات» تضرب الحزب.

وانتقد البدوي في حديث تلفزيوني، دور حزب الوفد الراهن، في سياق حديثه عمّا عدَّه «ضعفاً للحياة الحزبية» في مصر. وأعرب البدوي عن استيائه من «تراجع أداء الحزب»، الذي وصفه بأنه «لا يمثل أغلبية ولا معارضة» ويعد «بلا شكل».

وذكر البدوي، أن «انعدام وجوده (الوفد) أفقد المعارضة قيمتها، حيث كان له دور بارز في المعارضة».

و«الوفد» من الأحزاب السياسية العريقة في مصر، وهو الثالث من حيث عدد المقاعد داخل البرلمان، بواقع 39 نائباً. في حين خاض رئيسه عبد السند يمامة، انتخابات الرئاسة الأخيرة، أمام الرئيس عبد الفتاح السيسي، وحصل على المركز الرابع والأخير.

المقر الرئيسي لحزب «الوفد» في القاهرة (حزب الوفد)

وأثارت تصريحات البدوي استياء يمامة، الذي أصدر مساء الأحد، قراراً بفصل البدوي من الحزب وجميع تشكيلاته.

القرار ووجه بانتقادات واسعة داخل الحزب الليبرالي، الذي يعود تأسيسه إلى عام 1919 على يد الزعيم التاريخي سعد زغلول، حيث اتهم عدد من قادة الحزب يمامة بمخالفة لائحة الحزب، داعين إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا.

ووصف عضو الهيئة العليا للحزب فؤاد بدراوي قرار فصل البدوي بـ«الباطل»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «لائحة الحزب تنظم قرارات فصل أي قيادي بالحزب أو عضو بالهيئة العليا، حيث يتم تشكيل لجنة تضم 5 من قيادات الحزب للتحقيق معه، ثم تُرفع نتيجة التحقيق إلى (الهيئة العليا) لتتخذ قرارها».

وأكد بدراوي أن عدداً من قيادات الحزب «دعوا إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا قد يُعقد خلال الساعات القادمة لبحث الأزمة واتخاذ قرار»، معتبراً أن «البدوي لم يخطئ، فقد أبدى رأياً سياسياً، وهو أمر جيد للحزب والحياة الحزبية».

ويتخوف مراقبون من أن تتسبب الأزمة في تعميق الخلافات الداخلية بالحزب، مما يؤدي إلى «موجة انشقاقات»، وقال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور طارق فهمي لـ«الشرق الأوسط» إن «مشكلة فصل البدوي قد تؤدي إلى موجة انشقاقات داخل الحزب، وهي ظاهرة مرشحة للتفاقم في الحياة السياسية المصرية خلال الفترة القادمة، فمشكلة (الوفد) مثل باقي الأحزاب... لا توجد قناعة بتعدد الآراء والاستماع لجميع وجهات النظر».

وأكد فهمي أن «اجتماع الهيئة العليا لحزب (الوفد) لن يحل الأزمة، والحل السياسي هو التوصل إلى تفاهم، للحيلولة دون حدوث انشقاقات، فمشكلة (الوفد) أنه يضم تيارات وقيادات كبيرة تحمل رؤى مختلفة دون وجود مبدأ استيعاب الآراء كافة، وهو ما يؤدي إلى تكرار أزمات الحزب».

وواجه الحزب أزمات داخلية متكررة خلال السنوات الأخيرة، كان أبرزها إعلان عدد من قياداته في مايو (أيار) 2015 إطلاق حملة توقيعات لسحب الثقة من رئيسه حينها السيد البدوي، على خلفية انقسامات تفاقمت بين قياداته، مما أدى إلى تدخل الرئيس عبد الفتاح السيسي في الأزمة، حيث اجتمع مع قادة «الوفد» داعياً جميع الأطراف إلى «إعلاء المصلحة الوطنية، ونبذ الخلافات والانقسامات، وتوحيد الصف، وتكاتف الجهود في مواجهة مختلف التحديات»، وفق بيان للرئاسة المصرية حينها.

وأبدى فهمي تخوفه من أن «عدم التوصل إلى توافق سياسي في الأزمة الحالية قد يؤدي إلى مواجهة سياسية بين قيادات (الوفد)، ومزيد من قرارات الفصل، وهو ما سيؤثر سلباً على مكانة الحزب».

في حين رأى نائب مدير «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» في مصر الدكتور عمرو هاشم ربيع، أن «(الوفد) سيتجاوز هذه الأزمة كما تجاوز مثلها»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الأزمة ستمر مثل كثير من الأزمات، لكنها لن تمر بسهولة، وستحدث عاصفة داخل الحزب».

واستنكر ربيع فصل أحد قيادات حزب ليبرالي بسبب رأيه، قائلاً: «من الغريب أن يقوم رئيس حزب ليبرالي ينادي بحرية التعبير بفصل أحد قياداته بسبب رأيه».

كان البدوي قد أعرب عن «صدمته» من قرار فصله، وقال في مداخلة تلفزيونية، مساء الأحد، إن القرار «غير قانوني وغير متوافق مع لائحة الحزب»، مؤكداً أنه «لا يحق لرئيس الحزب اتخاذ قرار الفصل بمفرده».

وأثار القرار ما وصفها مراقبون بـ«عاصفة حزبية»، وأبدى عدد كبير من أعضاء الهيئة العليا رفضهم القرار، وقال القيادي البارز بحزب «الوفد» منير فخري عبد النور، في مداخلة تلفزيونية، إن «القرار يأتي ضمن سلسلة قرارات مخالفة للائحة الحزب، ولا بد أن تجتمع الهيئة العليا لمناقشة القرار».

ورأى عضو الهيئة العليا لحزب «الوفد» عضو مجلس النواب محمد عبد العليم داوود، أن قرار فصل البدوي «خطير»، وقال في مداخلة تلفزيونية إن «القرار لا سند له ولا مرجعية».

وفي يوليو (تموز) الماضي، شهد الحزب أزمة كبرى أيضاً بسبب مقطع فيديو جرى تداوله على نطاق واسع، على منصات التواصل الاجتماعي، يتعلق بحديث لعدد من الأشخاص، قيل إنهم قيادات بحزب «الوفد»، عن بيع قطع أثرية؛ مما أثار اتهامات لهم بـ«الاتجار غير المشروع في الآثار».