«الدليفري» مستمر بمصر رغم التحديات

عامل توصيل في القاهرة يرتدي كمامة وقفازين خوفاً من كورونا
عامل توصيل في القاهرة يرتدي كمامة وقفازين خوفاً من كورونا
TT

«الدليفري» مستمر بمصر رغم التحديات

عامل توصيل في القاهرة يرتدي كمامة وقفازين خوفاً من كورونا
عامل توصيل في القاهرة يرتدي كمامة وقفازين خوفاً من كورونا

رغم التّحديات التي تواجه عمال التوصيل في مصر، بعد تراجع نسب الاستعانة به، ومنع وزارات حكومية مصرية دخول عماله إلى مبانيها خوفاً من انتشار فيروس كورونا المستجد، بين موظفيها، فإن «التوصيل» يواصل رحلاته بين شوارع العاصمة المصرية والمدن الكبرى في المحافظات، وسط مخاوف من تسببه بنقل العدوى بين الزبائن.
وتعد خدمات التوصيل المنزلي التابعة للمطاعم في مصر من الخدمات الأساسية التي يستعين بها الأفراد والعائلات لتوفير احتياجاتهم من الوجبات الجاهزة، في الكثير من الأحياء المصرية، في وقت تنتعش أيضاً خدمات التسويق الرقمي للوجبات والأطعمة حسب الطلب، التي تتيح وجبات تشبه تلك المعدة في المنزل.
ويؤكد بعض أصحاب شركات توصيل الأطعمة للمنازل، من بينهم أشرف أحمد، أنّ الإقبال على طلبات التوصيل شهد تراجعاً خلال الأيام الماضية مع تعرض مصر لموجة طقس سيئ بجانب اشتداد أزمة كورونا، لكنّه «يرى أنّ الإقبال ربما يعود إلى ما كان عليه بعد صدور قرارات جديدة بخفض ساعات العمل في المطاعم والمحال التجارية».
ويقول أشرف لـ«الشرق الأوسط» إنّ «فريق عمل شركتنا يلتزم بإرشادات السلامة للوقاية من عدوى كورونا حرصاً على أنفسهم، وعلى المستهلك أيضاً، لذلك يحرصون على ارتداء الكمامة الواقية والقفاز ومسح اليدين باستمرار بمحلول الكحول الطبي».
وكانت وزارة البيئة المصرية قد اتخذت أخيراً عدداً من القرارات للحفاظ على البيئة الداخلية لمبنى الوزارة وتجنب الإصابات بالفيروس من ضمنها وقف طلبات الطعام من خارج الوزارة، وكذلك وزارة التّخطيط، التي منعت موظفيها أيضاً من استخدام الأكواب الزجاجية، واقتصار تقديم المشروبات على الأكواب البلاستيكية التي لا يعاد استخدامها.
في السياق، لم تصدر منظمة الصّحة العالمية أو السلطات المصرية قرارات جديدة توصي بعدم الاعتماد على الدليفري في توصيل الطعام والسلع الغذائية والأدوية إلى المنزل، ولم تصدر كذلك بيانات تفيد بنقل الطعام المطهي لعدوى كورونا، في حين شملت المحاذير اللحوم النيئة والحليب الخام، وأطعمة أخرى لم تتعرض للحرارة والتعقيم.
فيما يؤكد عبد الله أحمد، مدير مطعم في القاهرة، أنّ «التوصيل المنزلي يعمل بنفس معدلاته خلال الشهور السابقة، بينما قلّ الإقبال على تناول الطعام داخل المطعم نفسه».
وظهرت فيديوهات إرشادية لأطباء ومتابعين مصريين عبر مواقع التواصل الاجتماعي في مصر تحذر من الإصابة بفيروس كورونا في حالة طلب الطعام من الخارج، وذلك عن طريق عدم لمس الحقائب البلاستيكية إلا عبر قفاز طبي، وتحضير المبلغ المطلوب للتقليل من تداول النقود الورقية، والتخلص من الأغلفة الخاصة بالوجبات، وإعادة تسخينها قبل تناولها.
وأمام كل هذه التحذيرات، أكد عدد من المستفيدين من خدمة التوصيل المنزلي، عدم توقفهم عن شراء الطعام الجاهز من الخارج خصوصاً خلال فترة دوامهم في العمل حيث لا يوجد بديل غير ذلك، مع تنفيذ إجراءات احترازية والحرص على اختيار مطاعم تطبق الجودة في إعداد الطعام، بينما أعلن كثيرون من بينهم فاطمة علي، ربة منزل، تقيم في حي حلوان (جنوب القاهرة) «توقفها عن شراء الطعام من الخارج خوفا على بناتها الثلاث»، مؤكدة لـ«الشرق الأوسط» أنّها «تشعر بالقلق طوال الوقت بسبب أخبار كورونا، ما دفعها إلى منع المأكولات من الخارج والاعتماد على الطعام المطهو جيداً بالمنزل».



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».