الأردن: حظر التجول يعزل المدن... واعتقال المخالفين

الجيش الأردني منتشراً ضمن إجراءات الحد من «كورونا» (د.ب.أ)
الجيش الأردني منتشراً ضمن إجراءات الحد من «كورونا» (د.ب.أ)
TT

الأردن: حظر التجول يعزل المدن... واعتقال المخالفين

الجيش الأردني منتشراً ضمن إجراءات الحد من «كورونا» (د.ب.أ)
الجيش الأردني منتشراً ضمن إجراءات الحد من «كورونا» (د.ب.أ)

تحوّلت عمّان وباقي المناطق الأردنية إلى مدن معزولة غابت عنها الحركة تماماً، في مشهد غير مسبوق على الأردنيين منذ إنهاء العمل بفترة الأحكام العرفية مطلع التسعينات، وسط مئات محاولات خرق الحظر الذي بدأ يوم أمس السبت مع إطلاق صافرات الإنذار مراراً.
الحظر الذي أظهر التزاماً عالياً من الأردنيين رغم محاولات الخرق، اقتصرت فيه الحركة على دوريات السلطات الأمنية والقوات المسلحة (الجيش العربي) وبعض الاستثناءات للكوادر الطبية وممثلي وسائل الإعلام، فيما لم يتوقف مسؤولون حكوميون وعسكريون من بث رسائل توعوية وتحذيرية من مغبة عدم الالتزام بتعليمات الحظر التي صدرت بموجب قانون الدفاع الذي صدر بإرادة ملكية، مع التأكيد على أن المرحلة التي دخلت فيها البلاد الآن مع تسجيل 85 حالة إصابة لفيروس كورونا، هي مرحلة الخطر التي تستوجب أعلى درجات الإجراءات الاحترازية والحماية.
وعشية إعلان الحظر كانت الحكومة قد عبّرت عن أسفها لاضطرارها إعلان حظر التجول على لسان وزير الإعلام الأردني، أمجد العضايلة، بعد أيام من تطبيق إجراءات مشددة في الحركة وتعطيل المدارس وعمل مؤسسات الدولة، إلا أن تجمهر مواطنين على طوابير المخابز ومحلات المواد التموينية دفع السلطات لذلك.
وفي السياق، وثقت كاميرات الهواتف الذكية على مواقع التواصل الاجتماعي مشاجرات بين المواطنين أمام المحال التجارية، وتدخلات رجال الأمن لتنظيم حركة الناس في الأسواق، في وقت تسببت الإشاعة مجدداً في بث الرعب في قلوب المواطنين بعد نشر فيديو على موقع «فيسبوك» تحدث عن اكتشاف إصابة بمرض «كورونا» لمحاسب في أحد أسواق جنوب العاصمة، الأمر الذي فندته سلطات الأمن العام، محذرة من تداول الإِشاعات.
وحتى مساء الجمعة أعلن وزير الصحة الأردني، سعد جابر، عن ارتفاع عدد إصابات فيروس كورونا إلى ٨٥ حالة، بزيادة بلغت ١٥ حالة جديدة، واستقرار أرقام المحجور عليهم في فنادق العاصمة ومنطقة البحر الميت والعقبة، 4892 شخصاً؛ منهم 3055 شخصاً في العاصمة عمّان، و1837 شخصاً في منطقة البحر الميت.
وفيما توقع الوزير جابر، ضبط أعداد المصابين خلال مدة الـ١٤ يوماً المقبلة، جاء تحذير مدير عام الخدمات الطبية الملكية، العميد طبيب عادل وهادنة، من الانتقال إلى المرحلة الثانية للمرض في مقابلة بثها التلفزيون الأردني الرسمي، ناقوس خطر جديد، حين قال مكاشفاً الأردنيين: «إننا كأردنيين انتقلنا إلى المرحلة الثانية من الخطر»، محذراً من بلوغ أرقام المصابين في المستقبل القريب إلى «خمسة آلاف حالة».
واستند العميد الطبيب إلى دراسة تقييم للمخاطر بناء على البروتكولات العالمية، وأوضح أن سلوك الفيروس في المناطق المحيطة، سيصل إلى قمة زيادة عدد الإصابات في الأردن، بحسب التنبؤات العالمية، في منتصف أبريل (نيسان) المقبل مرجحاً أن تصل الحالات إلى 5 آلاف حالة إصابة.
وبين المسؤول العسكري، أن القوات المسلحة أجرت مراجعة في تتبع وتقصي مسار الفيروس في البلاد، على ضوء القراءات العالمية، ليصار إلى فتح العديد من المنشآت كمواقع للحجر الصحي والعزل الاحترازي، وبتكلفة مالية مرتفعة، منوهاً بأن ذلك تم بإشراف العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني شخصياً.
وفي مشهد آخر من مشاهد منع التجول في البلاد، ضبطت سلطات جهاز الأمن العام الأردني نحو ٤٠٠ شخص خالفوا قرارات الدفاع بالخروج إلى الشوارع، وتم تسريب بعض مقاطع فيديو تظهر مطاردات بين سيارات أمن وسيارات عامة في محاولات للفرار من ملاحقة السلطات في الشوارع، فيما قال الناطق الإعلامي باسم مديرية الأمن العام، عامر السرطاوي، في بيان صحافي لوسائل الإعلام، بأنه منذ بدء العمل بأمر الدفاع رقم ٢ والقاضي بحظر التجول في الساعة السابعة من صباح السبت، ضبطت الدوريات ونقاط الغلق المنتشرة في مختلف مناطق المملكة ٣٩٢ شخصاً خالفوا أمر حظر التجول وجرى تحويلهم إلى المراكز الأمنية المختصة لاتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة بحقهم.
وشدد الناطق الإعلامي، أنه لن يتم التهاون مع إنفاذ أمر الدفاع وسيتم ضبط كل من يخالفه واتخاذ الإجراء القانوني بحقه، مهيباً بالجميع الالتزام وعدم الخروج من المنزل تحت أي ظرف كان.
ويواجه المخالفون عقوبات بالحبس تصل لمدة سنة، استناداً إلى أمر الدفاع الثاني. وعلى مستوى المبادرات الشعبية والمجتمعية، فقد خرج العديد من الأردنيين إلى شرفات منازلهم مساء السبت للتصفيق تحية للجيش العربي وتأكيداً على الالتزام بالتعليمات الرسمية، فيما أعلنت عدة نقابات ومؤسسات قطاع خاص حملة تبرعات لدعم وزارة الصحة في مواجهة مرض الكورونا، الذي لم تفصح حتى اللحظة عن التكلفة المالية التي رافقت التصدي له. صوتبرعت نقابة المهندسين الأردنيين لوزارة الصحة بمبلغ 200 ألف دينار أردني، مطلقة حملة بعنوان «فزعة وطن»، فما أطلقت نقابة الأطباء الأردنيين مبادرة تطوعية لألف طبيب شاب أردني للعمل مع كوادر الصحة في تتبع وتقصي المرض.
وأعلنت عدة بنوك أردنية تبرعاتها للحكومة، فيما بادرت إدارات فنادق في العاصمة عمّان وفي منطقة البحر الميت بالترفيه عن المقيمين تحت الحجر الصحي الاحترازي لديها، بتوزيع الورود على الأمهات في عيد الأم، وكذلك الاحتفال ببعض أعياد الميلاد عن بعد من خلال الساحات الخارجية للفنادق ومشاركة النزلاء عبر الشرفات.


مقالات ذات صلة

«الصحة العالمية»: انتشار أمراض الجهاز التنفسي في الصين وأماكن أخرى متوقع

آسيا أحد أفراد الطاقم الطبي يعتني بمريض مصاب بفيروس كورونا المستجد في قسم كوفيد-19 في مستشفى في بيرغامو في 3 أبريل 2020 (أ.ف.ب)

«الصحة العالمية»: انتشار أمراض الجهاز التنفسي في الصين وأماكن أخرى متوقع

قالت منظمة الصحة العالمية إن زيادة حالات الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي الشائعة في الصين وأماكن أخرى متوقعة

«الشرق الأوسط» (لندن )
صحتك جائحة «كورونا» لن تكون الأخيرة (رويترز)

بعد «كوفيد»... هل العالم مستعد لجائحة أخرى؟

تساءلت صحيفة «غارديان» البريطانية عن جاهزية دول العالم للتصدي لجائحة جديدة بعد التعرض لجائحة «كوفيد» منذ سنوات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك ما نعرفه عن «الميتانيوفيروس البشري» المنتشر في الصين

ما نعرفه عن «الميتانيوفيروس البشري» المنتشر في الصين

فيروس مدروس جيداً لا يثير تهديدات عالمية إلا إذا حدثت طفرات فيه

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك فيروس رئوي قد يتسبب بجائحة عالمية play-circle 01:29

فيروس رئوي قد يتسبب بجائحة عالمية

فيروس تنفسي معروف ازداد انتشاراً

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أحد الأرانب البرية (أرشيفية- أ.ف.ب)

الولايات المتحدة تسجل ارتفاعاً في حالات «حُمَّى الأرانب» خلال العقد الماضي

ارتفعت أعداد حالات الإصابة بـ«حُمَّى الأرانب»، في الولايات المتحدة على مدار العقد الماضي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
TT

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

حظيت رسائل «طمأنة» جديدة أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال احتفال الأقباط بـ«عيد الميلاد»، وأكد فيها «قوة الدولة وصلابتها»، في مواجهة أوضاع إقليمية متوترة، بتفاعل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال السيسي، خلال مشاركته في احتفال الأقباط بعيد الميلاد مساء الاثنين، إنه «يتابع كل الأمور... القلق ربما يكون مبرراً»، لكنه أشار إلى قلق مشابه في الأعوام الماضية قبل أن «تمر الأمور بسلام».

وأضاف السيسي: «ليس معنى هذا أننا كمصريين لا نأخذ بالأسباب لحماية بلدنا، وأول حماية فيها هي محبتنا لبعضنا، ومخزون المحبة ورصيدها بين المصريين يزيد يوماً بعد يوم وهو أمر يجب وضعه في الاعتبار».

السيسي يحيّي بعض الأقباط لدى وصوله إلى قداس عيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

وللمرة الثانية خلال أقل من شهر، تحدث الرئيس المصري عن «نزاهته المالية» وعدم تورطه في «قتل أحد» منذ توليه المسؤولية، قائلاً إن «يده لم تتلوث بدم أحد، ولم يأخذ أموال أحد»، وتبعاً لذلك «فلا خوف على مصر»، على حد تعبيره.

ومنتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قال السيسي في لقاء مع إعلاميين، إن «يديه لم تتلطخا بالدم كما لم تأخذا مال أحد»، في إطار حديثه عن التغييرات التي تعيشها المنطقة، عقب رحيل نظام بشار الأسد.

واختتم السيسي كلمته بكاتدرائية «ميلاد المسيح» في العاصمة الجديدة، قائلاً إن «مصر دولة كبيرة»، مشيراً إلى أن «الأيام القادمة ستكون أفضل من الماضية».

العبارة الأخيرة، التي كررها الرئيس المصري ثلاثاً، التقطتها سريعاً صفحات التواصل الاجتماعي، وتصدر هاشتاغ (#مصر_دولة_كبيرة_أوي) «التريند» في مصر، كما تصدرت العبارة محركات البحث.

وقال الإعلامي المصري، أحمد موسى، إن مشهد الرئيس في كاتدرائية ميلاد المسيح «يُبكي أعداء الوطن» لكونه دلالة على وحدة المصريين، لافتاً إلى أن عبارة «مصر دولة كبيرة» رسالة إلى عدم مقارنتها بدول أخرى.

وأشار الإعلامي والمدون لؤي الخطيب، إلى أن «التريند رقم 1 في مصر هو عبارة (#مصر_دولة_كبيرة_أوي)»، لافتاً إلى أنها رسالة مهمة موجهة إلى من يتحدثون عن سقوط أو محاولة إسقاط مصر، مبيناً أن هؤلاء يحتاجون إلى التفكير مجدداً بعد حديث الرئيس، مؤكداً أن مصر ليست سهلة بقوة شعبها ووعيه.

برلمانيون مصريون توقفوا أيضاً أمام عبارة السيسي، وعلق عضو مجلس النواب، محمود بدر، عليها عبر منشور بحسابه على «إكس»، موضحاً أن ملخص كلام الرئيس يشير إلى أنه رغم الأوضاع الإقليمية المعقدة، ورغم كل محاولات التهديد، والقلق المبرر والمشروع، فإن مصر دولة كبيرة وتستطيع أن تحافظ علي أمنها القومي وعلى سلامة شعبها.

وثمّن عضو مجلس النواب مصطفى بكري، كلمات السيسي، خاصة التي دعا من خلالها المصريين إلى التكاتف والوحدة، لافتاً عبر حسابه على منصة «إكس»، إلى مشاركته في الاحتفال بعيد الميلاد الجديد بحضور السيسي.

وربط مصريون بين عبارة «مصر دولة كبيرة» وما ردده السيسي قبل سنوات لقادة «الإخوان» عندما أكد لهم أن «الجيش المصري حاجة كبيرة»، لافتين إلى أن كلماته تحمل التحذير نفسه، في ظل ظهور «دعوات إخوانية تحرض على إسقاط مصر

وفي مقابل الكثير من «التدوينات المؤيدة» ظهرت «تدوينات معارضة»، أشارت إلى ما عدته تعبيراً عن «أزمات وقلق» لدى السلطات المصرية إزاء الأوضاع الإقليمية المتأزمة، وهو ما عدّه ناجي الشهابي، رئيس حزب «الجيل» الديمقراطي، قلقاً مشروعاً بسبب ما تشهده المنطقة، مبيناً أن الرئيس «مدرك للقلق الذي يشعر به المصريون».

وأوضح الشهابي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه «رغم أن كثيراً من الآراء المعارضة تعود إلى جماعة الإخوان وأنصارها، الذين انتعشت آمالهم بعد سقوط النظام السوري، فإن المصريين يمتلكون الوعي والفهم اللذين يمكنّانهم من التصدي لكل الشرور التي تهدد الوطن، ويستطيعون التغلب على التحديات التي تواجههم، ومن خلفهم يوجد الجيش المصري، الأقوى في المنطقة».

وتصنّف السلطات المصرية «الإخوان» «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية، بعد إدانتهم في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه، بينما يوجد آخرون هاربون في الخارج مطلوبون للقضاء المصري.

بينما عدّ العديد من الرواد أن كلمات الرئيس تطمئنهم وهي رسالة في الوقت نفسه إلى «المتآمرين» على مصر.