يراهن السودانيون على ترابطهم الاجتماعي في مواجهة فيروس «كورونا»، وفي الوقت ذاته، يحذرون من لامبالاة مفرطة يتعامل بها المواطنون مع الوباء، في وقت استشرت فيه «شائعات» وأخبار تشكك في جدية حكومتهم بمواجهة «الجائحة». وقد أعلنت السلطات الصحية في أحدث تقاريرها زيادة حالات الاشتباه والعزل الصحي، وأكدت أن معظم حالات الاشتباه التي أجري عليها الفحص لم تكن بينها حالة مصابة بالفيروس.
وتلعب البنية الصحية «المنهارة» والاقتصاد المتداعي، دوراً محورياً في الحد من فعالية الإجراءات الصحية اللازمة لمواجهة الوباء، فوزير الصحة السوداني أكرم التوم اعترف في لقاء صحافي الأسبوع الحالي، بضعف قدرات وبني وزارته بمواجهة الأزمة، لكنه مع ذلك التزم بإعلان بروتوكول منظمة الصحة العالمية بمواجهة الوباء.
وشلت الإجراءات الاحترازية الحياة في العاصمة الخرطوم جزئياً، وإن كان كثير من السكان ما انفكوا يواصلون أعمالهم، رغم النداءات لهم بالتزام البيوت، فيما السلطات الصحية عاجزة عن فرضها بالقوة لجهة أن غالب سكان المدينة يعتمدون في معيشتهم على الكسب اليومي، وترفع الدعاية السياسية المعارضة التي تقلل من الإجراءات الحكومية وتشكك فيها، من حالة عدم الاستجابة.
ويحاول المجتمع المدني والأهلي جاهداً الإسهام في رفع الحس بالخطر، ويقدم مبادرات متتالية، وتنقل وسائط التواصل الاجتماعي قصصاً في غاية الإلهام، ومن بينها قصة مواطن تبرع بمستشفاه بمدينة سنار ليكون معزلاً لسكان الولاية، وقال عربي أحمد إنه يؤجر مبنى من طابقين ومبانٍ أخرى، لتأسيس مستشفى تخصصي، وصل إلى مرحلة شراء المعدات الطبية، وأنه يتبرع به ليكون منطقة عزل دون مقابل إلى حين دحر الوباء.
وتناقلت الوسائط أيضاً حكاية «منظمة منجزون»، وكليب لشبان بمعدات حماية محدودة، وهم يعملون على توفير المستلزمات والتجهيزات للسودانيين العالقين في المعابر، وتتضمن وجبات وتجهيز المعازل بالمستلزمات الصحية والأسرة، عن طريق التبرعات من الشعب السوداني.
في الجانب الآخر من الصورة، فإن عدداً كبيراً من المواطنين لا يستطيعون الالتزام بالتعليمات الصحية، وتقول «بدور» وهي بائعة شاي وسط الخرطوم، إنها لا تستطيع التوقف عن العمل لأنها تعيل أسرتها، وتضيف: «أن نموت بالمرض أفضل من الموت جوعاً»، وتتابع: «الله هو المحيي والمميت، وإذا جاء الأجل، فلا يتأخر».
وفي صالات الأفراح لا تزال تسمع أصوات مكبرات الصوت، وإيقاعات الراقصين، رغم القرارات التي صدرت بوقف الاحتفالات والمناسبات العامة والخاصة، يقول علي إبراهيم: «الفرح في العمر مرة واحدة، ولن نضيعه خوفاً من الموت»، فيما تزدحم وسائل المواصلات العامة بالركاب المتنقلين بين مدن العاصمة الثلاث.
بعض الصحف، وبحثاً عن السبق، تبنّت حملات تشكيك في قرارات وزارة الصحة، واهتمت كثيراً بتصريحات شقيق المتوفي بـ«كورونا»، الذي دأب على نفي وفاة شقيقة بالوباء، والراجح أنه ينطلق من اعتبار «كورونا وصمة» يرفض إلصاقها بشقيقه وبالتالي أسرته، رغم خضوع بعض أفرادها للحجر الصحي.
ولم يفوت «حزب المؤتمر الشعبي» الذي أسسه زعيم الإسلاميين حسن الترابي، فرصة التشكيك في الحكومة، وحول جهودها لمواجهة الوباء لـ«صراع سياسي»، في وقت ضجت فيه صفحات مناصري النظام المعزول بالتشكيك في القرارات الحكومية، ما نقل الوباء من دائرة الصحة إلى دائرة الاشتباك السياسي.
وفي مقابل التشكيك «المغرض» تواجه الدوائر الصحية حملة تشكيك شعبية تقوم على المعلومات الشعبية غير العملية، بدل الاعتماد على التقرير الوبائي اليومي، الذي ذكر أن حالتي اشتباه جديتين تم إدخالهما مركز العزل في الخرطوم، لتصبح حالات الاشتباه في مراكز العزل 14 حالة، وإخراج 29 شخصاً من مراكز العزل في الخرطوم، فيما بلغت حالات الاشتباه في الولايات 18 حالة، وثلاث حالات اشتباه في العزل المنزلي، ليبلغ عدد المتحجزين في مراكز العزل حتى أول من أمس، 67 حالة، بينما خرجت 270 من الحجز.
السودانيون يراهنون على ترابطهم الاجتماعي في مواجهة «كورونا»
حالات مشتبه بها في الخرطوم ولا إصابات مؤكدة بـ«كوفيد - 19»
السودانيون يراهنون على ترابطهم الاجتماعي في مواجهة «كورونا»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة