برلمان ليبيا يعزل مفتي الإخوان.. ورئيس الحكومة الثني ينجو من محاولة اغتيال

اشتباكات في شرق العاصمة طرابلس.. و«فجر ليبيا» تنفي حدوث انتفاضة

جندي من الجيش الليبي التابع للواء خليفة حفتر يطلق نيران مدفعيته باتجاه مركز للميليشيات المسلحة  في شرق بنغازي أول من أمس (أ.ف.ب)
جندي من الجيش الليبي التابع للواء خليفة حفتر يطلق نيران مدفعيته باتجاه مركز للميليشيات المسلحة في شرق بنغازي أول من أمس (أ.ف.ب)
TT

برلمان ليبيا يعزل مفتي الإخوان.. ورئيس الحكومة الثني ينجو من محاولة اغتيال

جندي من الجيش الليبي التابع للواء خليفة حفتر يطلق نيران مدفعيته باتجاه مركز للميليشيات المسلحة  في شرق بنغازي أول من أمس (أ.ف.ب)
جندي من الجيش الليبي التابع للواء خليفة حفتر يطلق نيران مدفعيته باتجاه مركز للميليشيات المسلحة في شرق بنغازي أول من أمس (أ.ف.ب)

بينما نجا أمس رئيس الحكومة الليبية عبد الله الثني مما يبدو أنه محاولة اغتيال بتفجير استهدف مبنى مجاورا لمقر الحكومة المؤقت بمدينة شحات (شمال شرق)، حيث كان يجتمع برفقة بعض وزرائه مع مبعوث الأمم المتحدة لدى ليبيا الذي بدأ جولة جديدة من الاتصالات مع الفرقاء الليبيين بحثا عن حل للأزمة السياسية، أقر مجلس النواب الليبي إقالة الشيخ الصادق الغرياني مفتي البلاد من منصبه بعد جلسة عقدها المجلس بمقره في مدينة طبرق بأقصى شرق البلاد.
وبالتزامن مع هذه التطورات، انتقلت الفوضى الأمنية إلى العاصمة الليبية طرابلس التي تجددت فيها مساء أمس الاشتباكات المتقطعة بين سكان حي فشلوم وما يسمى بقوة الردع التي يترأسها المتشدد عبد الرؤوف كارة والتابعة لما يسمى بقوات فجر ليبيا.
وقال سكان في الحي الذي يقع في شرق المدينة لـ«الشرق الأوسط» إن الاشتباكات اندلعت في الساعات الأولى من صباح أمس، بعدما داهمت قوات كارة منزلا لأحد الشباب الداعمين للجيش وأحد منسقي الحراك المدني بالعاصمة، قبل أن تنتقل عدوى الاشتباكات إلى مناطق أخرى مجاورة، منها زاوية الدهماني والظهرة وشارع الجمهورية. لكن المكتب الإعلامي لعملية فجر ليبيا قدّم في المقابل رواية أخرى للأحداث، حرص خلالها على نفي حدوث انتفاضة في منطقة فشلوم بالعاصمة طرابلس، زاعما أن ما حصل هو إلقاء القبض على أحد كبار تجار المخدرات في منطقة فشلوم دون إطلاق أي عيار ناري في عملية تحرٍّ وتتبع مُحكَمة انتهت بالقبض عليه من قبل قوات الردع الخاصة.
وتابع المكتب عبر صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»: «لكن عند سماع أقرانه خبر اعتقاله هرعوا لإقفال الطريق العام وحرقوا الإطارات وأطلقوا النار في الهواء، ما جعل قوات الردع الخاصة تتدخل بقوة وقامت بمداهمة هؤلاء المجرمين وتبادلوا إطلاق النار معهم، حتى تم القبض على بعضهم وفتح الطريق».
وفي تفاصيل تفجير شحات، قال مصدر حكومي مسؤول لـ«الشرق الأوسط» في تصريحات خاصة: «إن ما حدث هو استهداف لمقر الحكومة في شحات في وقت اجتماع رئيس الحكومة وبعض نوابه والوزراء مع وفد الأمم المتحدة برئاسة برناردينو ليون، ولم يُصَب أحد».
وتابع المصدر الذي طلب عدم تعريفه: «ربما كانت محاولة اغتيال لرئيس الحكومة أو ليون أو كليهما، لا نعرف بعد تحديدا»، مضيفا: «لكن لم تكن هناك إصابات لأن السيارتين المفخختين كانتا في محطة سيارات مديرية الأمن خلف المبنى وتحطمت بعض النوافذ».
وسئل هل أثر الانفجار على لقاء الثني مع مبعوث الأمم المتحدة، فقال: «لا طبعا، لقد انتهى اللقاء وسافر المندوب الأممي إلى طبرق».
وبحسب مصادر أمنية فإن التفجير وقع عصر أمس بموقف للسيارات أمام مقر مديرية أمن مدينة شحات التاريخية وعلى مقربة من مقر مؤقت تستخدمه حكومة الثني، في أقصى شمال شرقي البلاد، بعدما انفجرت سيارتان مفخختان لكن من دون سقوط أي ضحايا.
وعمل الثني، وهو رئيس الوزراء المعترف به دوليا، انطلاقا من مدينة البيضاء قرب شحات منذ استولت جماعات مسلحة مرتبطة بمدينة مصراتة على العاصمة طرابلس ونصبت حكومة وبرلمانا منافسا.
إلى ذلك، قرر مجلس النواب الليبي تشكيل لجنة لإعادة النظر في لجنة الإفتاء، حيث أعلن رئيس المجلس صالح عقيلة أن عدد الحاضرين لجلسة أمس بلغ 76 عضوا من إجمالي 200 عضو بالمجلس، وأن الموافقين على إقالة المفتي وإعادة تشكيل لجنة الإفتاء 68 عضوا.
ونص القرار الذي صوت أعضاء المجلس لصالحه على عزل المفتي وحل دار الإفتاء وإحالة اختصاص دار الإفتاء إلى هيئة شؤون الأوقاف.
ويعني قرار مجلس النواب تشكيل لجنة لإعادة النظر في لجنة الإفتاء ضمنيا أنه وافق على عزل المفتي الصادق الغرياني منظّر جماعة الإخوان المسلمين وأحد أكبر الداعمين لما يسمى بقوات فجر ليبيا التي تسيطر منذ شهر يوليو (تموز) الماضي بقوة السلاح على العاصمة طرابلس وتحتل مقرات معظم الإدارات الرسمية والحكومية.
وطبقا لبيان أصدره المجلس، فقد طالب النواب الذين شاركوا في مناقشة هذا الملف بضرورة إعادة النظر في لجنة الإفتاء الحالية وإقالة مفتي ليبيا من منصبه على رأس دار الإفتاء لمواقفه ودوره في تأجيج الصراعات في البلاد وإعلانه معارضته للحوار الذي انطلق من مدينة غدامس قبل أكثر من شهر.
كما طالب النواب بتعيين لجنة إفتاء ومفتٍ جديد للبلاد يساهم في حقن دماء الليبيين ويشجع الحوار وحث كل الأطراف على نبذ العنف والقوة كآلية لحل الخلافات، وأعلن المجلس تعليق جلساته على أن يعود للتداول صباح اليوم الاثنين.
ورفض الغرياني طيلة الأشهر الماضية الامتثال لطلب مجلس النواب باستدعائه للتحقيق معه بمقره في طبرق، لكنه أشاد مؤخرا بحكم المحكمة الدستورية العليا بحل المجلس، ودعا في المقابل البرلمان السابق وما يسمى بحكومة الإنقاذ الوطني المنبثقة عنه إلى «تحمل المسؤولية التي ردها الله عليهم من جديد»، على حد قوله.
وسبق للغرياني، الذي تولى منصبه على مدة السنوات الثلاث التي تلت الإطاحة بنظام العقيد الراحل معمر القذافي عام 2011 بقرار من المجلس الوطني الانتقالي السابق، أن اعتبر أن الخلاف في ليبيا ليس سياسيا، بل ديني، وأنه معركة جديدة بين الحق والباطل، في تكفير علني لكل المناوئين للتيار المتشدد.
من جهة أخرى، استهل المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة ‏برناردينو ليون زيارة جديدة إلى ليبيا، قال إنها تستهدف «التشاور مع الأطراف السياسية والحزبية حول كيفية المضي قدمًا في ما يتعلق بالمرحلة الانتقالية»، بلقاء عقده في مدينة البيضاء بشرق ليبيا مع علي الترهوني رئيس هيئة صياغة الدستور الليبي الجديد.
واعتبر ليون أن الزيارة تستهدف توجيه رسالة واضحة للعالم، مفادها أن «الأمم المتحدة لن تسمح لأحد بالتدخل في سير عمل هذه الهيئة أو تعطيلها، وأنها هيئة منتخبة ومستقلة».
وفي مدينة بنغازي بشرق البلاد، استمرت قوات الجيش الوطني في التقدم على حساب الجماعات المتطرفة التي تعرضت مواقعها لقصف جوي شنته طائرات حربية تابعة للجيش في عدة مواقع. وقال مسعفون إن 5 جنود موالين للحكومة قتلوا وأصيب 28 خلال اشتباكات أول من أمس مع متطرفين، ليرتفع عدد القتلى جراء الاشتباكات الدائرة منذ 3 أسابيع إلى 300.
ويواصل الجيش وقوات تابعة للواء خليفة حفتر عملياته ضد المسلحين المتطرفين في مناطق متفرقة من مدينة بنغازي التي يحاول الجيش استعادة السيطرة عليها، بحسب المتحدث باسم رئاسة الأركان العامة للجيش العقيد أحمد المسماري، الذي أعلن أن «عمليات الجيش مستمرة حتى تتطهر ليبيا من الإرهابيين»، على حد قوله.
وتدور معارك طاحنة تستخدم فيها مختلف أنواع الأسلحة الثقيلة والمتوسطة، خصوصا على المحور الجنوبي الشرقي للمدينة والمحور الغربي إضافة إلى وسط بنغازي.
ولأول مرة منذ اندلاع المواجهات في بنغازي، قام عمر السنكي وزير الداخلية في الحكومة الانتقالية بجولة تفقدية في مدينة بنغازي شملت محاور القتال التي يخوضها الجيش، إضافة إلى مطار المدينة وغرفة العمليات العسكرية.
وبينما أعلنت الحكومة أن جولة السنكي كانت للوقوف عن كثب على الأوضاع الميدانية التي تشهدها مدينة بنغازي، قال السنكي إن قوة قوامها 2000 رجل أمن ستكون جاهزة لتأمين المدينة عقب تحريرها، لافتا إلى أنه سيكون على رأس هذه القوة لتدارك الأخطاء السابقة.
وتضرب الفوضى ليبيا مع وجود حكومتين وبرلمانين متحالفين مع جماعات مسلحة ساعدت في الإطاحة بالقذافي قبل 3 سنوات وتتنافس الآن على السلطة والسيطرة على الثروة النفطية في البلاد.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.