سلطات طرابلس تتهم «الجيش الوطني» باستخدام «وقود مهرب» للطائرات

مؤسسة النفط تعلن تصاعد خسائر توقف تصديره

سلطات طرابلس تتهم «الجيش الوطني» باستخدام «وقود مهرب» للطائرات
TT

سلطات طرابلس تتهم «الجيش الوطني» باستخدام «وقود مهرب» للطائرات

سلطات طرابلس تتهم «الجيش الوطني» باستخدام «وقود مهرب» للطائرات

اتهمت مؤسسة النفط الوطنية في ليبيا، الموالية لحكومة «الوفاق» برئاسة فائز السراج «الجيش الوطني»، الذي يقوده المشير خليفة حفتر، ضمنياً، باستخدام وقود طائرات هُرّب حديثا إلى البلاد في المعارك، التي تخوضها قواته منذ الرابع من شهر أبريل (نيسان) الماضي لتحرير العاصمة طرابلس.
وقالت المؤسسة في بيان لها، مساء أول من أمس، إن ما وصفتها بـ«شحنة غير قانونية» من وقود الطيران وصلت مؤخرا إلى ميناء مدينة بنغازي بشرق ليبيا، مشيرة إلى أنها «أبلغت الأمم المتحدة وحكومة السراج، والكثير من الحكومات الأخرى بهذه الانتهاكات الواضحة لقرارات الأمم المتحدة والقوانين الليبية»، على حد قولها.
واعتبرت المؤسسة أنّ وصول الشحنة «هو خرق واضح لحظر الأسلحة الذي تفرضه الأمم المتحدة على ليبيا، ويُعدّ مخالفة للحق الحصري للمؤسسة المتفق عليه دوليا، فيما يتعلق بعمليات استيراد الوقود، ومخالفة لبروتوكول الحجر الصحي للسفينة، وانتهاكا للقانون الدولي».
ولمح مصطفى صنع الله، رئيس المؤسسة، إلى إمكانية استخدام هذه الشحنة لصالح قوات «الجيش الوطني»، التي تحاول منذ عام تقريبا انتزاع السيطرة على طرابلس، حيث مقر حكومة السراج المعترف بها دوليا، وقال إن «السبب الوحيد الذي يمكنني أن أفكر فيه لاستيراد كميات وقود إضافية بهذه الطريقة غير القانونية والسرية، هو أنّ هذه الكميات ستكون مخصصة لأغراض أخرى». موضحا أنه «على الرغم من الصعوبات الشديدة، التي تسبب فيها الإغلاق غير القانوني لمنشآت النفط الليبية، فقد تمكنت المؤسسة من توفير كميات كافية من الوقود لجميع أنحاء ليبيا، بما فيها المناطق الشرقية من أجل تلبية جميع الاحتياجات المدنية، وبما في ذلك أيضا الطيران المدني».
ونقلت وكالة «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن من شأن جلب وقود طائرات إلى بنغازي أن ينتهك حظر السلاح، الذي تفرضه الأمم المتحدة على ليبيا منذ 2011، فيما قال دبلوماسيون إن شحنة وقود الطائرات، التي تتحدث عنها المؤسسة: «تهدد بتقويض دورها كمصدر شرعي وحيد للنفط الليبي»، كما اعتبرها دبلوماسي آخر «أول طلقة تحذيرية. أما التالية فستكون صادرات الخام».
وبحسب ما أعلنه بيان لمؤسسة النفط، مساء أول من أمس، فإن إنتاج النفط في ليبيا تراجع إلى 91 ألف برميل يوميا، بسبب استمرار إغلاق المنشآت النفطية الكبرى للشهر الثاني على التوالي. وقال موضحا: «لا يزال إنتاج النفط والغاز في تراجع كبير ومستمر»، مشيرا إلى أنه بلغ فقط 91.108 برميل في اليوم بحلول الأحد الماضي، ما تسبب في خسائر مالية تجاوزت 3.2 مليار دولار منذ 17 يناير (كانون الثاني) الماضي، في ظل تواصل إغلاق الموانئ شرق البلاد.
وتجاوز إنتاج ليبيا من النفط 1.2 مليون برميل يوميا قبل هذا الإغلاق. لكنه تراجع بعدما أعلنت المؤسسة حالة «القوة القاهرة»، إثر توقيف بعض القبائل الموالية للجيش الوطني في الشرق تصديره، احتجاجا على التدخل العسكري التركي في ليبيا.
وكانت المؤسسة قد خفضت قبل بضعة أشهر إمدادات الكيروسين إلى مناطق خاضعة لسيطرة (الجيش الوطني)، في خطوة اعتبرها دبلوماسيون ومسؤولون بقطاع النفط محاولة لمنع قواته من استخدام الإمدادات في معارك طرابلس.
وتعمل المؤسسة، التي تعتبر نفسها خارج الصراع الدائر منذ نحو عشر سنوات للسيطرة على البلاد، مع سلطات السراج في طرابلس، لكن يتعين عليها أيضا التعاون مع قوات حفتر، التي تسيطر على حقول نفط كبيرة. ورغم اتخاذها العاصمة طرابلس مقرا لها، فإنها تدير حقول النفط في أنحاء البلاد، وتُستخدَم إيرادات صادرات الطاقة في دفع رواتب الموظفين الحكوميين في غرب وشرق ليبيا.
ويحصل حلفاء وميليشيات متحالفة مع السراج أيضا على الوقود من المؤسسة، لكنهم أقل اعتمادا على الوقود، مقارنة بقوات الجيش لأن خطوط الإمدادات أقصر.
ودخل الصادق الغرياني، مفتى ليبيا المعزول والموالي لحكومة السراج، على خط الأزمة، بعد أن قال لقناة تلفزيونية يمتلكها إن إطالة أمد المعركة يفتح الباب لمن وصفهم بالجواسيس والمُخذِلين ولمخططات الأعداء، مشيرا إلى أن «الناصحين والخبراء العسكريين أكدوا منذ أول يوم أن إطالة أمد المعركة في مصلحة العدو وليس في مصلحتنا».
من جهة أخرى، استقبل اللواء خيري التميمي، مدير مكتب المشير حفتر، وفداً من مشايخ اليمن الذين «أكدوا دعمهم التام للشعب الليبي ولقوات (الجيش الوطني)»، بينما نقل إليهم التميمي «اعتزاز المشير حفتر بهذه الزيارة، وتحياته إلى الشعب اليمني الشقيق».



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.