روسيا وتركيا تختصران أول دورية مشتركة على طريق رئيسي شمال غربي سوريا

توحيد الفصائل يصطدم بالانقسام على التفاهمات مع موسكو و«معضلة الهيئة»

متظاهرون في النيرب بإدلب يحتجون على دورية روسية - تركية مشتركة شمال غربي سوريا أمس (د.ب.أ)
متظاهرون في النيرب بإدلب يحتجون على دورية روسية - تركية مشتركة شمال غربي سوريا أمس (د.ب.أ)
TT

روسيا وتركيا تختصران أول دورية مشتركة على طريق رئيسي شمال غربي سوريا

متظاهرون في النيرب بإدلب يحتجون على دورية روسية - تركية مشتركة شمال غربي سوريا أمس (د.ب.أ)
متظاهرون في النيرب بإدلب يحتجون على دورية روسية - تركية مشتركة شمال غربي سوريا أمس (د.ب.أ)

نقلت وكالات أنباء روسية عن وزارة الدفاع قولها إن روسيا وتركيا اضطرتا لاختصار أول دورية مشتركة بينهما يتم تسييرها بموجب اتفاق لوقف إطلاق النار على طريق سريع بشمال غربي سوريا يربط شرق البلاد بغربها، أمس (الأحد)، بسبب «استفزازات» من جماعات مسلحة، حسب تعبيرها.
وفي 5 مارس (آذار) الجاري، أعلن الرئيسان التركي رجب طيب إردوغان والروسي فلاديمير بوتين، في موسكو، توصلهما إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في إدلب اعتباراً من السادس من الشهر ذاته، كما صدر بيان مشترك عن البلدين تضمّن الاتفاق على إنشاء ممر آمن على عمق 6 كم شمال وجنوب الطريق الدولي «إم 4» خلال أسبوع من الاتفاق، وتسيير دوريات عسكرية تركية وروسية مشتركة، على امتداد الممر الآمن على جانبي طريق «إم 4» (بين منطقتي ترنبة (غرب سراقب) وعين الحور، اعتباراً من 15 مارس (أمس) مع احتفاظ تركيا بحق الرد على هجمات النظام السوري على نقاط المراقبة التابعة لها في منطقة خفض التصعيد في إدلب. ونقلت وكالة الإعلام الروسية عن وزارة الدفاع قولها في توضيح سبب اختصار مسار الدورية المشتركة، إن «الإرهابيين كانوا يحاولون استغلال المدنيين كدروع بشرية للقيام باستفزازات».
من جهتها، أعلنت وزارة الدفاع التركية تسيير أول دورية عسكرية مشتركة مع روسيا على طريق حلب - اللاذقية الدولي (إم 4) في محافظة إدلب في شمال غربي سوريا. وقالت الوزارة، في بيان عبر «تويتر» أمس (الأحد)، إن قوات برية من كلا الطرفين، شاركت في الدورية المشتركة، التي رافقتها طائرات، وإن الدورية المشتركة جاءت في إطار اتفاق موسكو الذي أُبرم في الخامس من مارس الجاري، بين رئيسي البلدين رجب طيب إردوغان وفلاديمير بوتين، بشأن وقف إطلاق النار في إدلب. كما أصدرت وزارة الدفاع التركية، بياناً آخر، قالت فيه إنه «تم اتخاذ التدابير اللازمة من خلال مركزي التنسيق التركي والروسي، من أجل منع الاستفزازات المحتملة للدورية البرية وتضرر السكان المدنيين في المنطقة».
وأجرى وفد عسكري روسي مباحثات في أنقرة في الفترة بين الثلاثاء والجمعة الماضيين، أعلن وزير الدفاع التركي خلوصي أكار، في ختامها، أن المسؤولين الأتراك والروس اتفقوا على تفاصيل وقف إطلاق النار في إدلب، وعلى تنظيم دوريات مشتركة على طريق «إم 4» اعتباراً من أمس، وإنشاء مراكز تنسيق مشتركة مع روسيا، ليتم من خلالها إدارة العمليات المشتركة في إدلب. وأضاف أكار أن الدوريات المشتركة مع روسيا ستسهم بشكل كبير في ترسيخ دائم لوقف إطلاق نار في إدلب، قائلاً: «هدفنا جعل وقف إطلاق النار في إدلب دائماً. قمنا بدورنا بما يترتب علينا من أجل ذلك، والروس أظهروا موقفاً بنّاءً في هذا الخصوص».
وبموجب اتفاق موسكو، فإن الجانب الروسي يتحكم في المناطق التي تقع إلى الجنوب من طريق «إم 4»، بينما يتحكم الجانب التركي في الجانب الشمالي منه حتى مدينة سراقب، ومنها يسيطر النظام على الطريق بشكل كامل وصولاً إلى مدينة حلب، كبرى مدن الشمال السوري، وأكد ذلك وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، في تصريحات الأسبوع الماضي.
ويعدّ تسيير الدوريات المشتركة على طريق «إم 4» أحد بنود مذكرة سوتشي حول إنشاء منطقة عازلة منزوعة السلاح للفصل بين قوات النظام والمعارضة في إدلب الموقعة بين الجانبين التركي والروسي في سبتمبر (أيلول) 2018، التي تبادلت أنقرة وموسكو الاتهامات بعدم الالتزام بها، حيث أعلنت أنقرة أن روسيا لم تلتزم بوقف هجمات النظام على منطقة خفض التصعيد، فيما أكدت موسكو أن تركيا أخفقت في الفصل بين المجموعات المتشددة والفصائل السورية المعتدلة في إدلب وإخراج المتشددين، وفي فتح طريق «إم 4» وكذلك طريق حلب – دمشق الدولي (إم 5) كما تقضي المذكرة.

رفض شعبي
وقوبل الاتفاق على تسيير دوريات مشتركة تركية روسية برفض شعبي في إدلب، ويتوقع بعض قادة الفصائل المسلحة الموالية لتركيا ألا تصمد هذه الخطوة بسبب الرفض الشعبي. وكشفت مصادر تركية، وأخرى في المعارضة السورية، عن عقد اجتماعات مع ممثلي فصائل المعارضة المسلحة في أنقرة، الجمعة والسبت، لبحث نتائج المباحثات التركية الروسية وآليات تطبيق اتفاق موسكو، تم خلالها أيضاً بحث دمج فصائل إدلب ومحيطها، معاً، تحت مظلة قيادة موحدة بما يساعد في تطبيق الاتفاقات التركية الروسية، لكنّ بعض الفصائل رفض الالتزام بالاتفاقات الأخيرة بسبب الرفض الشعبي لها، وبخاصة فيما يتعلق بتسيير الدوريات، وكذلك فتح طرق آمنة للمدنيين الراغبين في العودة إلى مناطقهم التي تقدم فيها النظام، أو المناطق الواقعة جنوب طريق «إم 4» التي ستخضع لسيطرة القوات الروسية.
وكشفت المصادر التركية عن أن الجانب التركي نقل إلى الجانب الروسي خلال مباحثات الوفد العسكري في أنقرة، مخاوف من جانب تركيا وفصائل المعارضة الموالية لها من انتهاكات النظام والميليشيات التابعة لإيران لاتفاق وقف إطلاق النار وبالتالي انهياره، وأن الوفد الروسي أكد أن روسيا لن توفر الحماية الجوية لهذه الميليشيات إذا حدث شيء من هذا القبيل.
وأشارت المصادر إلى أن فكرة توحيد الفصائل الموجودة في إدلب وما حولها لم تُطرح الآن فقط، لكنها مطروحة من قبل وتسببت التطورات في إدلب في عدم تنفيذها، مشيرةً إلى أن المعضلة الأساسية الآن ربما ستكون «هيئة تحرير الشام» (جبهة النصرة سابقاً)، التي يجب أن تشهد تغييرات جذرية في بنيتها من أجل الاندماج مع الفصائل الأخرى، وقد يقتضي الأمر حل الهيئة التي ترغب في أن يعود إليها القرار بشأن توحيد الفصائل.
في الوقت ذاته، تواترت تقارير حول نية تركيا سحب بعض نقاط المراقبة العسكرية التابعة لها في منطقة خفض التصعيد في إدلب، والمحاصرة من قوات النظام، من أجل تجنب أي عمل عسكري في الأيام المقبلة قد يؤدي إلى انهيار وقف إطلاق النار وبالتالي يصعب من الموقف مع روسيا. وتتوزع نقاط المراقبة التركية وعددها 12 نقطة رئيسية، أنشئت بموجب اتفاق آستانة عام 2017 في أرياف حماة وحلب وإدلب واللاذقية، وباتت قوات النظام تحاصر عدداً منها، أبرزها مورك وشير مغار في ريف حماة الشمالي، والصرمان وتل الطوقان. إضافة إلى نقاط أخرى استحدثها الجيش التركي في فبراير (شباط) الماضي، في محاولة لإيقاف تقدّم قوات النظام في عمق محافظة إدلب، خصوصاً باتجاه مدينة سراقب في الريف الشرقي للمحافظة.
وكانت أنقرة قد أكدت مراراً أن نقاط مراقبتها ستبقى في أماكنها دون أي تغيير، ولا ترسل بالتعزيزات العسكرية إليها، حيث دخل رتل عسكري تركي مؤلف من 20 آلية من معبر كفرلوسين إلى الأراضي السورية، أول من أمس، يحمل مواد لوجيستية وهندسية، واتجه نحو النقاط التركية. وأشار المرصد السوري لحقوق الإنسان، إلى أن عدد الآليات التركية التي دخلت الأراضي السورية منذ بدء وقف إطلاق النار الجديد بدايةً من 6 مارس الجاري، بلغ 950 آلية، بالإضافة إلى مئات الجنود، لافتاً إلى وجود أكثر من 9350 جندياً تركياً في منطقة شمال غربي سوريا حالياً.
وعلى الرغم من بدء تسيير الدوريات التركية الروسية على طريق «إم 4»، ما زالت هناك قضايا لم تُحسم في مقدمتها مشكلة أكثر من مليون نازح من مناطق تقع تحت سيطرة قوات النظام، كما لم يتم حسم مصير مناطق ومدن وبلدات عدة تقدم فيها النظام مؤخراً.


مقالات ذات صلة

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

شمال افريقيا الزحام من أسباب انتشار العدوى (تصوير: عبد الفتاح فرج)

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

نفى الدكتور محمد عوض تاج الدين مستشار الرئيس المصري لشؤون الصحة والوقاية وجود أي دليل على انتشار متحور جديد من فيروس «كورونا» في مصر الآن.

أحمد حسن بلح (القاهرة)
العالم رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

«الشرق الأوسط» (فيينا)
صحتك امرأة تعاني من «كورونا طويل الأمد» في فلوريدا (رويترز)

دراسة: العلاج النفسي هو الوسيلة الوحيدة للتصدي لـ«كورونا طويل الأمد»

أكدت دراسة كندية أن «كورونا طويل الأمد» لا يمكن علاجه بنجاح إلا بتلقي علاج نفسي.

«الشرق الأوسط» (أوتاوا)
صحتك «كوفيد طويل الأمد»: حوار طبي حول أحدث التطورات

«كوفيد طويل الأمد»: حوار طبي حول أحدث التطورات

يؤثر على 6 : 11 % من المرضى

ماثيو سولان (كمبردج (ولاية ماساشوستس الأميركية))

أستراليا تعتزم فرض ضريبة على المنصات الرقمية التي لا تدفع مقابل نشر الأخبار

شعار شركة «ميتا» الأميركية (أ.ف.ب)
شعار شركة «ميتا» الأميركية (أ.ف.ب)
TT

أستراليا تعتزم فرض ضريبة على المنصات الرقمية التي لا تدفع مقابل نشر الأخبار

شعار شركة «ميتا» الأميركية (أ.ف.ب)
شعار شركة «ميتا» الأميركية (أ.ف.ب)

أعلنت الحكومة الأسترالية اعتزامها فرض ضريبة كبيرة على المنصات ومحركات البحث التي ترفض تقاسم إيراداتها من المؤسسات الإعلامية الأسترالية مقابل نشر محتوى هذه المؤسسات.

وقال ستيفن جونز، مساعد وزير الخزانة، وميشيل رولاند وزيرة الاتصالات، إنه سيتم فرض الضريبة اعتباراً من أول يناير (كانون الثاني)، على الشركات التي تحقق إيرادات تزيد على 250 مليون دولار أسترالي (160 مليون دولار أميركي) سنوياً من السوق الأسترالية.

وتضم قائمة الشركات المستهدفة بالضريبة الجديدة «ميتا» مالكة منصات «فيسبوك»، و«واتساب» و«إنستغرام»، و«ألفابيت» مالكة شركة «غوغل»، وبايت دانس مالكة منصة «تيك توك». وستعوض هذه الضريبة الأموال التي لن تدفعها المنصات إلى وسائل الإعلام الأسترالية، في حين لم يتضح حتى الآن معدل الضريبة المنتظَرة، وفقاً لما ذكرته «وكالة الأنباء الألمانية».

وقال جونز للصحافيين إن «الهدف الحقيقي ليس جمع الأموال... نتمنى ألا نحصل عائدات. الهدف الحقيقي هو التشجيع على عقد اتفاقيات بين المنصات ومؤسسات الإعلام في أستراليا».

جاءت هذه الخطوة بعد إعلان «ميتا» عدم تجديد الاتفاقات التي عقدتها لمدة3 سنوات مع المؤسسات الإعلامية الأسترالية لدفع مقابل المحتوى الخاص بهذه المؤسسات.

كانت الحكومة الأسترالية السابقة قد أصدرت قانوناً في عام 2021 باسم «قانون تفاوض وسائل الإعلام الجديدة» يجبر شركات التكنولوجيا العملاقة على عقد اتفاقيات تقاسم الإيرادات مع شركات الإعلام الأسترالية وإلا تواجه غرامة تبلغ 10 في المائة من إجمالي إيراداتها في أستراليا.