رغم أن ولاية بافاريا حظرت التجمعات التي تزيد على مائة شخص في إطار الإجراءات الوقائية للحد من انتشار فيروس «كورونا»، فإن هذا لم يمنعها من جمع 5 آلاف شخص في قاعة واحدة لفرز أصوات الناخبين الذين صوّتوا أمس في الانتخابات المحلية. كما لم تثن المخاوف من انتشار «كورونا» سكانَ بافاريا عن المشاركة في هذه الانتخابات لاختيار عمدة جديد ورؤساء بلديات ومجلس بلدية، حتى إن التصويت في حدود العاشرة صباحاً؛ أي بعد ساعتين من فتح صناديق الاقتراع، كان أعلى من التصويت في الانتخابات المحلية التي جرت المرة الأخيرة قبل 6 سنوات. وزادت نسبة التصويت في ميونيخ حتى الساعة العاشرة على 30 في المائة احتسبت من بينها الأصوات المرسلة عبر البريد والتي ارتفعت بشكل كبير.
وتزامن تنظيم ولاية بافاريا انتخاباتها المحلية مع هذه الظروف علماً بأن لكل ولاية في ألمانيا موعداً خاصاً بها لإجراء الاقتراع. ونقلت صحف محلية صوراً لصفوف طويلة في بعض المقاطعات للتصويت في هذه الانتخابات التي تعد مهمة بالنسبة للسكان. وسجلت نسبة مشاركة وصلت إلى 40 في المائة في بعض المقاطعات وقت الظهر.
وواجهت الانتخابات عراقيل إدارية قبل أيام قليلة من إجرائها، حيث اعتذر عدد كبير من الموظفين الذين كان من المفترض أن يشاركوا في الفرز، ما دفع بالحكومة المحلية إلى الطلب من أساتذة المدارس الرسمية المشاركة في الفرز.
ورغم أن الحملات الانتخابية أوقفت في الأسبوع الأخير بسبب انتشار فيروس «كورونا»، فإن الحكومة المحلية ظلت تحث السكان على المشاركة، عبر التأكيد أن نسبة انتقال الفيروس خلال التصويت ضئيلة. ونشرت في مراكز الاقتراع معقّمات اليدين إضافة إلى الصابون والمياه. كما دعت البلدية من «هو مرتاب» إلى أن يجلب قلمه معه، إذا لم يشأ استخدام الأقلام الموجودة في مراكز الاقتراع.
وفي الانتخابات الأخيرة التي أجريت عام 2014 في بافاريا، انتخبت ميونيخ العاصمة عمدة من الحزب الاشتراكي، فيما تقاسم هذا الحزب المقاعد البلدية تقريباً مع «الحزب البافاري المسيحي الديمقراطي». ولم يحصل «حزب البديل لألمانيا» حينها على مقاعد في البلديات. إلا إنه في هذا العام كان «حزب الخضر» في الطليعة، فيما حقق «البديل لألمانيا» كذلك تقدماً على الانتخابات الماضية.
ويستغل «حزب البديل لألمانيا» أزمة «كورونا» لمحاولة كسب مزيد من الأصوات عبر انتقاد سياسة الحكومة في التعاطي مع الأزمة. ويدعو هذا الحزب لخطوات أكثر راديكالية كالتي تتخذها النمسا، ويدعو لإغلاق الحدود بشكل كامل... وحتى إن هذا الحزب يربط بين أزمة «كورونا» والتبرير برفض استقبال اللاجئين العالقين على الحدود بين اليونان وتركيا، على اعتبار أن اللاجئين قد يكونون يحملون الفيروس.
ويقول أستاذ علم الاجتماع المختص بدراسة ظاهرة اليمين المتطرف، ماتياس كوانت، في مقال نشره في صحيفة «تزايت»، إن الأحزاب اليمينية المتطرفة «مقتنعة بأن الغرب الليبرالي والعالم الصناعي محكوم بالانحطاط الذي تجلبه الهجرة والتعددية». ويضيف: «بالنسبة لكثيرين منهم؛ فإن فيروس (كوفيد 19) الذي انطلق من مدينة ووهان الصينية لكل العالم، دليل إضافي على تراجع الليبرالية المعولمة». ويرى أن هدف عناصر اليمين المتطرف هو «حصول يقظة تعيد إحياء القومية»، ويشير إلى أن هؤلاء «يستغلون الأزمات الاجتماعية» بهدف تحقيق مبتغاهم. ويرى كوانت أيضاً أن «هيئة حماية الدستور»؛ أي المخابرات الداخلية، تأخرت في وضع جزء من الحزب يعرف بـ«الجناح»، وهو شديد التطرف، تحت المراقبة، مما يعني أنه بات بإمكانها، مراقبة أعضائه من دون الاضطرار للعودة إلى السلطات لأخذ إذن كل مرة.
وتوصلت «هيئة حماية الدستور» إلى قرارها هذا قبل بضعة أيام، ويعتقد أن هذا «الجناح» المتطرف يضم نحو 7 آلاف عضو؛ بينهم 25 نائباً يجلسون في البرلمان الفيدرالي (البوندستاغ). وبحسب صحيفة «دي فيلت»، فإن 25 نائباً من أصل 89 يجلسون في البرلمان؛ أي 30 في المائة من الكتلة البرلمانية، ينتمون لهذا الجناح المتطرف. وتعد كتلة «البديل لألمانيا» أكبر كتلة معارضة في البوندستاغ.
وكان رئيس المخابرات الداخلية توماس هالدنفانغ قال لدى إعلانه مراقبة «الجناح» قبل يومين، إن «أي شخص ينتمي إلى (الجناح) ولديه مركز عام، فسيكون في مشكلة».
وقد تؤدي مراقبة جزء من هذا الحزب إلى حظره أو إبعاد المنتمين له عنه، خوفاً من أن يتعرضوا لملاحقات قضائية. وكان حزب يميني متطرف اسمه «الجمهوريون»، تم تأسيسه في ميونيخ في سبعينات القرن الماضي، تحت مراقبة «هيئة حماية الدستور»، وبعد سنوات زال الحزب وفقد المؤيدين له علناً.
إقبال لافت في انتخابات بافاريا رغم حظر التجمعات
توقع نتائج ملموسة لمراقبة «المتطرفين»
إقبال لافت في انتخابات بافاريا رغم حظر التجمعات
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة