فنون العالم الإسلامي والهند تجتمع في {سوذبيز} لندن

أكثر من 300 قطعة فنية نادرة

منظر لأكبر ضريح في سيكاندرا بالهند في القرن 19
منظر لأكبر ضريح في سيكاندرا بالهند في القرن 19
TT

فنون العالم الإسلامي والهند تجتمع في {سوذبيز} لندن

منظر لأكبر ضريح في سيكاندرا بالهند في القرن 19
منظر لأكبر ضريح في سيكاندرا بالهند في القرن 19

تستضيف دار سوذبيز للمزادات في لندن من 27 مارس (آذار) ولغاية 31 منه، معرضاً يضم أكثر من 300 قطعة يستكشف الزائر من خلالها فنون العالم الإسلامي والهند.
يضم المزاد 35 قطعة جميلة من مجموعة الراحل إتش. بيتر ستيرن، المسافر النشط الذي شارك في تأسيس مركز ستورم كنج للفنون في أبرز الحدائق النحتية العصرية في العالم، وعمل نائب رئيس الصندوق العالمي للآثار. تعكس مجموعته سعيه للحصول على «صور عالمية»، مع لوحات عثمانية مُركبة من المفروشات الحريرية والمخملية، وخيام من القماش المغولي المخملي مزينة بزخارف نباتية، إلى جانب الألوان المائية الدقيقة لمدرسة الشركة. عاش ستيرن مع هذه الكنوز في منزله، سيدار هاوس، في وادي هدسون السفلي - والمزخرف بشكل انتقائي، بحيث يمزج بين الشرق والغرب، القديم والحديث، والفكري والروحي والثقافي.
وستُباع دفعة أخرى من خمس قطع في نيويورك في 22 يونيو (حزيران)، في إطار مزاد فنون من الهند، الهيمالايا، جنوب شرقي آسيا.
وفي المعرض خيمة «قنات» من شمال الهند تعود إلى القرن السابع عشر مع رقاقات نباتية تنبثق من داخل منافذ، معروضة للبيع بسعر 25.000 – 40.000 جنيه إسترليني.
وقد وفرت لوحات «القنات» عنصراً مهماً في الزخرفة الداخلية للبلاط المغولي، حيث كانت تتنقل في القصور وخيام حفلات الصيد. وتغلغل اهتمام الإمبراطور جاهانجير في علم النبات بأطواق البلاط، وأصبح نمط شجيرة المزهرة واحدا من أكثر الأفكار شعبية.
وديوان لحافظ مؤرخ في 1462 ميلادية، نسخ من قبل الشيخ محمود بير بوداقي، مخصص لمكتبة الأمير بير بوداق، العراق (السرع المقدّر 80000 - 120000 جنيه إسترليني). وتضيء هذه المخطوطة الفارسية الرائعة باللون الذهبي على الذهب وتتحلى بإهداء إلى أحد أهم الرعاة في آسيا الوسطى في القرن الخامس عشر، وهو أمير قره قوينلو، بير بوداق.
ونجت العديد من المخطوطات المهداة لمحبي الكتب في المؤسسات والمجموعات الخاصة اليوم، وهذا الديوان الذي لم يُسجّل من قبل هو شاهد هام على عظمة مكتبته.
وصل جعفر غازي إلى أوروبا قادماً من إيران في سن مبكرة، واستقر في ميونيخ، حيث امتلك مكتبة كبيرة من المخطوطات. وعندما توفي غازي عن عمر يناهز 86 عاماً، أُبلغت الشرطة بعدد من المخطوطات المفقودة. في عام 2011، اكتُشف مخبأ به 175 قطعة، بيع أهمها في سوذبيز بأكتوبر (تشرين الأول) 2016 وأبريل (نيسان) 2017. ويُعتبر المخطوط الحالي أهم المخطوطات بين المجموعة المفقودة، وظل مفقوداً حتى يناير (كانون الثاني) 2020، عندما اكتُشف أخيراً وعاد إلى عائلة الراحل.
ومن ضمن المعروضات أيضاً، إبريق كاشان من الفخار المصقول بالفيروز، يعود تاريخه تقريباً إلى ما بين عام 1200 - 1220 ميلادية، من بلاد فارس ويُقدّر سعره بـ(120.000 – 160.000 جنيه إسترليني).
يوضح هذا الإبريق الرائع الابتكارات الهائلة في الزخرفة الخزفية في بلاد فارس بنهاية القرن الثاني عشر، مع التعقيد الاستثنائي وحرية تصميمه. تلتف سلسلة من الزخارف حول الجسم الفيروزي، حيث تدمج رصيعات النخيل المعقدة مع نقوش مخطوطة.
في أوائل الأربعينيات من القرن الماضي، كان يُعتقد أن هذه القطعة قد اكتُشفت بين عدد من الأوعية المشابهة التي دُفنت في جرار الزيت الفخارية الكبيرة في جرجان. ربما كانت هذه الإمدادات من تاجر استوردها من كاشان وأخفاها لحفظها عشية الغزو المغولي. نُشر في الأصل في عام 1949، وعُرض سابقاً في معهد سميثسونيان بواشنطن العاصمة (1966 - 1968)، بالإضافة إلى مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية في الرياض، المملكة العربية السعودية (1985)، وسيُعرض الآن بشكل عام لأول مرة منذ ذلك الحين.
وصندوق من «المهاد» أو «النصرية» من إسبانيا في القرن الثاني عشر - الثالث عشر ويُقدّر سعره بـ(200.000 – 300.000 جنيه إسترليني).
يعد هذا الصندوق ثماني الأضلاع الذي لم يُنشر من قبل، من أوائل مظاهر الأسلوب الزخرفي الذي يرتبط غالباً بالمنطقة المسلمة في البحر الأبيض المتوسط في العصور الوسطى، حيث سيُعرض لأول مرة في مزاد علني، بعدما ظلّ في المجموعة نفسها منذ سبعينات القرن الماضي. تتميز القطع الأثرية من هذه الفترة من تاريخ الأندلس بندرتها وتجمع هذه القطعة مع مجموعة صغيرة من الأعمال الخشبية التي يعود تاريخها إلى أواخر القرن الثاني عشر أو أوائل القرن الثالث عشر التي استخدمت الفسيفساء الجزئي التقليدي والقشرة الزخرفية.
يضاف إلى هذه القطع الفنية، عقد من اللؤلؤ المسمى «ناف لارا» وهو مرصع بالألماس، يعود تاريخه إلى أواخر القرن التاسع عشر- أوائل القرن العشرين في الهند ويُقدّر سعره المقدّر بـ(40000 - 50000 جنيه إسترليني). يتألف من تسعة صفوف من اللؤلؤ، كل منها معلق بدقة بقلادات مرصعة بمجموعة من الأحجار الكريمة، لتصل ذروتها في حبة زمرد منحوتة، وقد صنعت هذه القلادة في الهند كما يطالب نبلاء أوروبا بأحدث صيحات الموضة عبر الثقافات. مثال مشابه كانت ترتديه المطربة المصرية الشهيرة أم كلثوم، وقد عُرض مؤخراً في متحف اللوفر أبوظبي. وتعدّ هذه القطعة جزءاً من مجموعة أوسع كانت ذات مرة في حوزة أميرة هندية.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».