روسيا: محاولات طمأنة حكومية بمواجهة سيل «شكوك اقتصادية»

السوق المحلية تبقى عرضة للتقلبات الحادة تحت ضغط مزدوج

تراجعت مؤشرات التسوق الروسية بحدة تحت ضغط الخوف من «كورونا» (رويترز)
تراجعت مؤشرات التسوق الروسية بحدة تحت ضغط الخوف من «كورونا» (رويترز)
TT

روسيا: محاولات طمأنة حكومية بمواجهة سيل «شكوك اقتصادية»

تراجعت مؤشرات التسوق الروسية بحدة تحت ضغط الخوف من «كورونا» (رويترز)
تراجعت مؤشرات التسوق الروسية بحدة تحت ضغط الخوف من «كورونا» (رويترز)

سجلت مؤشرات سوق المال الروسية، أمس، ارتفاعاً طفيفاً، مقارنة بخسائرها منذ مطلع الأسبوع، متأثرة بتقلبات النفط في الأسواق العالمية. وفي غضون ذلك، استمرت حملة التصريحات الرسمية لطمأنة السوق، على أمل كبح تدهورها، وقال البنك المركزي إن «النظام المالي الروسي بات اليوم أكثر قدرة على مواجهة الصدمات الخارجية»، بينما ذهب الكرملين إلى التقليل من أهمية تصريحات صدرت أخيراً عن غرفة الحساب الروسية، حذرت فيها من نمو بمعدل صفر، إن بقيت أسعار النفط عند مؤشر 35 دولاراً للبرميل.
وشعرت السوق الروسية بارتياح محدود، أمس، على وقع ارتفاع خام «برنت» النفطي في النصف الأول من النهار حتى 35.07 دولار للبرميل. ومع بدء أعمالها صباح أمس، ارتفع مؤشر بورصة موسكو للأسهم المقومة بالروبل بنسبة 4 في المائة، وارتفع كذلك مؤشر الأسهم المقومة بالدولار بنسبة 6 في المائة. وفي الساعة الأولى بعد منتصف النهار، ارتفع الروبل أمام الدولار بنسبة 2.01 في المائة، حتى 72.84 روبل للدولار الواحد، وبنسبة 2.03 أمام اليورو، حتى 81.46 روبل لليورو الواحد.
ويرى مراقبون أن تدابير دعم السوق التي تبناها المركزي الروسي ساهمت أيضاً في هذا الارتفاع، في إشارة إلى قرار عقد مزاد «ريبو» (إعادة شراء) يوم أمس، بقيمة 500 مليار روبل، وتدخله في السوق بمبلغ 3.5 مليار دولار طرحها للبيع، يوم أمس، وبمبلغ مثله أول من أمس.
ورغم هذا التحسن الطفيف على مؤشراتها، فإن السوق الروسية تبقى عرضة للتقلبات الحادة في الأسواق العالمية، تحت تأثير «كورونا» و«هبوط النفط». وفيما يبدو أنه محاولة للتخفيف من هذا التأثير، وخلق «أجواء تفاؤل» في السوق المحلية، قال البنك المركزي الروسي، في تقرير يوم أمس، إن «المنظومة المالية الروسية أكثر استعداداً الآن لمواجهة الصدمات الخارجية، مما كانت عليه في 2014-2015»، لافتاً إلى «تراكم احتياطيات رأس المال، والسيولة بالروبل والدولار في البنوك، والمنظومة المالية بشكل عام»، فضلاً عن أن «حجم الديون الخارجية والداخلية بالعملات الصعبة تراجع خلال السنوات الماضية، بينما تساهم قواعد الميزانية في عزل السوق إلى حد ما عن تقلبات أسعار النفط».
وبالنسبة للتضخم، توقع المركزي أن يعود من المستويات المتدنية إلى المستوى المستهدف بمعدل 4 في المائة، وبوتيرة أسرع من التوقعات، لكنه حذر في الوقت ذاته من أن «التباطؤ الواضح المستمر للاقتصاد العالمي، وكذلك التأثير المتزايد لحالة اللاوضوح، فضلاً عن تشديد السياسات النقدية على الطلب المحلي، قد تصبح عوامل تضخم على المدى المتوسط».
ومن جانبه، قال ديمتري بيسكوف، المتحدث الرسمي باسم الكرملين، في تصريحات يوم أمس، إن التدابير الاستباقية التي اتخذتها الحكومة تسمح بتخفيف التأثير السلبي للوضع العالمي على الاقتصاد الروسي. ورفض بطريقة غير مباشرة وجهة النظر التي عبر عنها أليكسي كودرين، رئيس غرفة الحساب الروسية، والتي حذر فيها من تراجع وتيرة نمو الاقتصاد الروسي حتى «الصفر»، إن بقيت أسعار النفط عند مستوى 35 دولاراً للبرميل، وحذر كذلك من ارتفاع معدل الفقر في البلاد.
وفي تعقيبه على كلام كودرين، دعا بيسكوف إلى عدم الاعتماد على وجهة نظر واحدة. وبعد أن وصف كودرين بأنه رجل اقتصاد يتمتع بالخبرة، عبر عن قناعته بأنه لا يجوز الاعتماد على وجهة نظر واحدة، ولا بد من النظر للوضع الاقتصادي «بصورة متكاملة»، مشدداً على ضرورة أخذ تقديرات الحكومة ووكالة الإحصاء الفيدرالية في الحسبان عند صياغة تقديرات بشأن الوضع في السوق الروسية.
وفي الأثناء، صدرت تقارير جديدة حول جزء من التأثير السلبي للوضع الاقتصادي عالمياً على الاقتصاد الروسي. ونشرت مؤسسة «واتكوم غروب» تقريراً تضمن «شوبينغ إندكس» (مؤشر التسوق)، وأظهر تراجع التسوق في المراكز التجارية في المدن الروسية بسبب «كورونا»، حتى في الفترات التي تشهد الأسواق فيها عادة إقبالاً كبيراً، مثل فترة أعياد 23 فبراير (شباط)، أي «يوم الرجل» وفق تقليد الأعياد الروسية، وكذلك في 8 مارس (آذار)، الموافق ليوم المرأة العالمي. وفي العيد الأول، تراجع مؤشر التسوق في موسكو بمعدل 8.9 في المائة، وفي بطرسبورغ بمعدل 1.3 في المائة (مقارنة بالتسوق في الفترة ذاتها من العام الماضي). وفي يوم المرأة، تراجع المؤشر بمعدل 9.7 في المائة في المدينتين.
وفي سياق متصل، أعلنت شركة الطيران الروسية «إيروفلوت» عن تأجيل مشروع افتتاح محطة رئيسية ثانية لها بسبب فيروس كورونا. وقالت يوليا سبيافكوفا، المتحدث الرسمي باسم الشركة، إن القرار تم اتخاذه نظراً للوضع الوبائي، موضحة أن تأجيل المشروع سيؤدي إلى تعديلات على رحلات «إيروفلوت» العام الحالي.



لاغارد: المزيد من خفض الفائدة ممكن مع تراجع التضخم نحو الهدف

رئيسة «البنك المركزي الأوروبي» كريستين لاغارد تتحدث لوسائل الإعلام بعد «اجتماع السياسة النقدية» في فرنكفورت (رويترز)
رئيسة «البنك المركزي الأوروبي» كريستين لاغارد تتحدث لوسائل الإعلام بعد «اجتماع السياسة النقدية» في فرنكفورت (رويترز)
TT

لاغارد: المزيد من خفض الفائدة ممكن مع تراجع التضخم نحو الهدف

رئيسة «البنك المركزي الأوروبي» كريستين لاغارد تتحدث لوسائل الإعلام بعد «اجتماع السياسة النقدية» في فرنكفورت (رويترز)
رئيسة «البنك المركزي الأوروبي» كريستين لاغارد تتحدث لوسائل الإعلام بعد «اجتماع السياسة النقدية» في فرنكفورت (رويترز)

قالت كريستين لاغارد، رئيسة «البنك المركزي الأوروبي»، يوم الاثنين، إن «البنك» سيتخذ خطوات لخفض أسعار الفائدة بشكل أكبر إذا استمر التضخم في التراجع نحو هدفه البالغ اثنين في المائة، مؤكدة أنه لم يعد من الضروري فرض قيود على النمو الاقتصادي.

وكان «البنك المركزي الأوروبي» قد خفض أسعار الفائدة 4 مرات هذا العام، ويترقب المستثمرون مزيداً من التيسير في السياسات خلال عام 2025 بعد أن تراجعت مخاوف التضخم بشكل كبير، بينما أصبح النمو الاقتصادي الضعيف الآن يشكل القلق الرئيسي.

وخلال تصريحات لها في فيلنيوس، عاصمة ليتوانيا، قالت لاغارد: «إذا استمرت البيانات في تأكيد توقعاتنا الأساسية، فسيكون الاتجاه واضحاً، وسنتوقع خفض أسعار الفائدة بشكل أكبر»، وفق «رويترز».

وأوضحت لاغارد أن الإبقاء على أسعار الفائدة عند مستويات «مقيدة بدرجة كافية» لم يعد مبرراً في ظل النمو الضعيف وضغوط الأسعار المعتدلة، في إشارة إلى أن الهدف التالي هو الوصول إلى ما يُسمى «المستوى المحايد» الذي لا يعوق ولا يحفز الاقتصاد. وعلى الرغم من أن مفهوم «الحياد» غامض، فإن لاغارد قد أشارت في السابق إلى أن أبحاث «البنك المركزي الأوروبي» تضعه بين 1.75 في المائة و2.5 في المائة. وهذا يعني أنه قد تحدث تخفيضات أخرى عدة في سعر الفائدة على الودائع، الذي يبلغ حالياً 3 في المائة، قبل أن يدخل «البنك» في «مرحلة الحياد».

ويتوقع المستثمرون أن يخفض «البنك المركزي الأوروبي» أسعار الفائدة في الاجتماعات الأربعة المقبلة، فاحتمال إجراء تخفيض آخر قبل نهاية العام تقدّر بأكثر من 50 في المائة. وهذا قد يدفع بسعر الفائدة الرئيسي إلى أدنى مستويات «النطاق المحايد».

ويُعزى تسريع تخفيف السياسة إلى اختفاء بقايا التضخم المرتفع، مع تراجع ضغوط تكاليف الخدمات التي تشكل أكبر عنصر في سلة أسعار المستهلك. وأضافت لاغارد: «لقد انخفض زخم التضخم في الخدمات بشكل حاد مؤخراً. وتشير هذه البيانات إلى وجود مجال لتعديل هبوطي في تضخم الخدمات، وبالتالي التضخم المحلي، في الأشهر المقبلة».

كما أظهرت بيانات نمو الأجور، التي كانت مصدر قلق رئيسياً في الماضي، اتجاهاً أكثر اعتدالاً، حيث يُتوقع أن تنمو الأجور بنسبة 3 في المائة العام المقبل، وهو المستوى الذي يتوافق أخيراً مع هدف «البنك المركزي الأوروبي».

ورغم هذه التطورات الإيجابية، فإن لاغارد أشارت إلى أن هناك بعض المخاطر السلبية على التضخم، خصوصاً من قِبل العوامل الجيوسياسية، التي قد تؤثر سلباً على التوقعات الاقتصادية. وأوضحت أن أي صدمات جديدة قد تلحق ضرراً بالنمو الضعيف الذي تشهده منطقة اليورو حالياً.

وقالت: «إذا تبنت الولايات المتحدة - أكبر سوق تصدير لنا - سياسات حمائية، فمن المرجح أن يتأثر النمو في منطقة اليورو».

وأكدت رئيسة «المركزي الأوروبي» أن عدم اليقين الجيوسياسي قد يؤثر على «شهية المخاطرة لدى المستثمرين والمقترضين والوسطاء الماليين». وأشارت إلى أن القلق الأكبر بالنسبة إلى «البنك» هو أن اتساع الفروق غير المنضبطة في عوائد السندات بين دول منطقة اليورو قد يجعل السياسة النقدية أقل فاعلية، وفق صحيفة «فاينانشيال تايمز».

وقالت لاغارد: «إن تقييم انتقال السياسة النقدية سيظل ذا أهمية كبيرة. وإذا واجهنا صدمات جيوسياسية كبيرة تزيد من حالة عدم اليقين بشأن آفاق التضخم، فسنحتاج إلى الاستعانة بمصادر أخرى للبيانات لتعزيز تقييمنا للمخاطر التي تهدد توقعاتنا الأساسية».