أثار تجاوز الإصابات المؤكدة بـ«كورونا الجديد» في إيطاليا عتبة 10 آلاف، قلق الأوروبيين الذين يشددون إجراءاتهم لمنع تفشي الفيروس.
وارتفع عدد المصابين بـ«كوفيد - 19» في إيطاليا أمس، إلى 10149 شخصاً، بارتفاع عن 9172 حالة في اليوم السابق، وذلك حسبما أفادت وكالة الحماية المدنية الإيطالية في نشرتها اليومية. فيما ارتفعت الوفيات من 463 إلى 631 حالة وفاة، وارتفع عدد المرضى الخاضعين للرعاية المركزة من 733 إلى 877.
ولا يزال تفشي المرض متركزاً في شمال إيطاليا، حيث بلغ عدد الحالات 5791 في إقليم لومبارديا و1533 في إميليا - رومانيا و856 في فينيتو. وفي إقليم لاتسيو، الذي يضم روما، ارتفعت حالات الإصابة من 102 حالة، أول من أمس (الاثنين)، إلى 116 حالة.
- شلل في إيطاليا
ليس أبلغ من الذي حصل في عشرات السجون الإيطالية أول من أمس (الاثنين)، للدلالة على الضائقة النفسية التي تتملك إيطاليا هذه الأيام تحت وطأة فيروس «كوفيد - 19» الذي شلّ القوة الاقتصادية الثالثة في أوروبا وقطّع أوصالها ويوشك أن يعزلها كلّياً عن العالم.
ما إنْ سرت إشاعة عن وجود إصابة بالفيروس في أحد السجون المكتظّة بسبعين ألفاً من المعتقلين بينما لا تزيد طاقتها الاستيعابية على خمسين ألفاً، حتى هبّ آلاف المساجين في موجة من العصيان خلّفت دماراً هائلاً في المنشآت وأدت حتى الآن إلى مقتل سبعة وفرار المئات.
منذ أواخر الشهر الماضي وإيطاليا تتنشّق الخوف من عدو لا تراه ولا تعرف عنه سوى القليل، يعرّي نقاط ضعفها وتتقهقر أمام زحفه الجامح الذي أوقع حتى الآن أكثر من 600 قتيل، وتستعدّ اليوم لما وصفه رئيس وزرائها، أمس، بأنها «المعركة الحاسمة... قبل فوات الأوان».
استيقظت روما صباح أمس (الثلاثاء)، لتكتشف أن البلاد برمّتها أصبحت تحت الحجر. التجوال في العاصمة الإيطالية صباح اليوم الأوّل من العزلة الأولى في التاريخ الحديث لبلد بكامله، له «نكهة» خاصة تعرف في قرارتك أنها قد لا تتكرّر. حبال الخوف تشدّ مفاصل الحركة في المدينة الخالدة، فتقفر الشوارع والساحات وتتعرّى مفاتنها التي مرّت عليها كل الحروب والأوبئة.
المحلات التجارية القليلة التي فتحت أبوابها خالية من الزبائن، والدخول إلى أسواق المواد الغذائية مقصور على عدد محدود جداً لا يتجاوز ثلاثة أشخاص في معظم الأحيان، والمقاهي والمطاعم ملزمة بالإقفال في السادسة بعد الظهر. جميع المواصلات البرية والحديدية والجوية والبحرية تخضع لمراقبة أجهزة الأمن التي لا تسمح إلا بعبور العائدين إلى أماكن إقامتهم أو للضرورة القصوى.
البرلمان أيضاً يرفع الراية البيضاء ويعلّق نشاطه مكتفياً بجلسة واحدة في الأسبوع يوم الأربعاء، لا يحضرها أكثر من نصف الأعضاء. وكرة القدم التي يعيش الإيطاليون على وقعها، توقّفت بعد جدل طويل حول استمرار مبارياتها في الملاعب المقفلة من غير جمهور.
رئيس الوزراء جيوزيبي كونتي، أوجز مرسومه التاريخي مساء الاثنين بعبارة «أنا سأبقى في البيت»، وقال إن هاجسه منذ اليوم الأوّل كان إبعاد شبح الخوف عن الناس. لكن الجميع يدرك أن كل القرارات التي اتخذتها الحكومة الإيطالية، وغيرها من الحكومات، كانت وليدة الخوف من سيف المجهول الذي سلّطه انتشار الفيروس من غير موعد سابق أو إنذار.
منذ أواخر الأسبوع الماضي ينتشر الوباء بمعدّل يناهز 1500 إصابة جديدة و150 حالة وفاة كل يوم، والمقاطعات الشمالية تستغيث لاقترابها من العجز عن مواجهة هذا الانتشار السريع والفتّاك. لكن عين الحكومة أيضاً على مقاطعات الجنوب التي بدأ الفيروس يتمدّد فيها ويهدّد بكارثة صحّية كبيرة لعدم قدرتها على مواجهته. هذا ما دفع بالحكومة إلى تعميم التدابير الصارمة المتخَذة في الشمال على جميع أنحاء البلاد، مشفوعةً بحزمة من الغرامات والعقوبات التي تصل إلى حد السجن في حال مخالفتها. وكان الخبراء قد نصحوا بهذه الخطوة لاعتبارهم أن فرض الحجر الجزئي لا يجدي في مثل هذه الحالات.
على الجبهة الاقتصادية، لا يقلّ خطر فيروس الركود عن خطر انتشار «كورونا» بعد انهيار البورصة والشلل شبه التام الذي أصاب عجلة الإنتاج والتداعيات الخطيرة المرتقبة لعزل إيطاليا عن العالم الخارجي.
لكن رغم كل ذلك، ثمّة من يعتقد أن الخطر الأكبر ما زال يكمن في الاعتماد على الحسّ المدني للإيطاليين لدحر الفيروس.
- قبرص تغلق مستشفيين حكوميين
أغلقت السلطات القبرصية، أمس، مؤقتاً مدارس العاصمة نيقوسيا وأكبر مستشفيين حكوميين، وحظرت التجمّعات كافة، وذلك غداة تسجيل أول إصابتين بفيروس «كورونا الجديد» في الجزيرة المتوسطية. وأحد المصابَين كبير جراحي القلب في المستشفى الحكومي في نيقوسيا، وفق ما أعلنت وزارة الصحة القبرصية التي أوضحت أن الطبيب قبرصي يبلغ 64 عاماً، وأُصيب بالمرض في أثناء سفره إلى المملكة المتحدة ومارس نشاطه في المستشفى لعدة أيام بعد عودته.
وأعلن المستشفى الحكومي في بيان «إلغاء جميع المواعيد المقررة وإدخال (المرضى) وكل العمليات الجراحية لمدة 48 ساعة سيتم خلالها إعادة تقييم الموقف»، لافتاً إلى أن «عمليات تطهير الأماكن المستخدمة (من قِبل الجرّاح) بدأت بالفعل».
ودعا وزير الصحة كونستانتينوس يوانو، كل من كان على اختلاط مع الجراح إلى الالتزام بالحجر الصحي لمدة أسبوعين. وقال عبر إذاعة «راديو بوليتيس» إن 152 مريضاً وموظفاً في المستشفى يخضعون لفحوص لمعرفة إن كانوا مصابين بفيروس «كورونا»، كما ذكرت وكالة الصحافة الفرنسية.
- إسبانيا تحظر تجمعات تضم ألف شخص
قال وزير الصحة الإسباني سالفادور إيلا، أمس، إن الحكومة الإسبانية حظرت جميع الفعاليات العامة التي يزيد عدد الحضور فيها على ألف شخص في مدريد ومنطقتين بإقليم الباسك ولا ريوخا في محاولة لاحتواء انتشار فيروس «كورونا الجديد».
وأغلقت إسبانيا المدارس في عدة مناطق، وعلّقت رحلات الطيران من إيطاليا وأغلقت مجلس النواب بالبرلمان لمدة أسبوع على الأقل بعد تأكد إصابة أحد المشرعين بالفيروس. وسجلت إسبانيا، رابع أكبر اقتصاد في منطقة اليورو، 35 حالة وفاة بسبب الفيروس و1622 حالة إصابة مؤكدة، حتى أمس، بزيادة بلغت عشرة أمثال العدد قبل أسبوع لتصبح واحدة من أكثر دول أوروبا تضرراً.
- ماكرون: ما زلنا «في البداية»
حذّر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، أمس، من أن فرنسا لا تزال «في بداية» تفشي فيروس «كورونا المستجد» الذي أسفر عن وفاة 25 شخصاً في البلاد وأصاب أكثر من 1400. وقال عقب زيارة إلى خدمة الإسعاف في باريس: «ما زلنا في بداية هذا الوباء»، داعياً الفرنسيين لتجنّب الذعر، مشدداً على أن السلطات «منظّمة» لمواجهة الأزمة.