أنصار القذافي ينتفضون في وجه «الجنائية الدولية» بعد تمسكها بمحاكمة ابنه سيف الإسلام

المحكمة تطالب السلطات بتسليمه.... ومؤيدوه يرون قرارها «تهديداً لمستقبل البلاد»

سيف الإسلام القذافي
سيف الإسلام القذافي
TT

أنصار القذافي ينتفضون في وجه «الجنائية الدولية» بعد تمسكها بمحاكمة ابنه سيف الإسلام

سيف الإسلام القذافي
سيف الإسلام القذافي

أثار قرار المحكمة الجنائية الدولية رفض الاستئناف المقدَّم من سيف الإسلام، نجل الرئيس الراحل معمر القذافي، على محاكمته أمامها في لاهاي، غضب قطاع كبير من الليبيين، وبخاصة أنصار النظام السابق، مشددين على أن القوانين المحلية منذ العهد الملكي «تمنع تسليم الليبيين إلى دول أجنبية».
ورفضت دائرة الاستئناف بالمحكمة الجنائية الدولية، مساء أول من أمس، الاستئناف المقدم من موكلي سيف الإسلام ضد حكم الدائرة التمهيدية الأولى بالمحكمة، الصادر في 28 يوليو (تموز) 2015 غيابياً. علماً بأن فريق الدفاع عن سيف كان قد قدم طلب استئناف للمحكمة حول عدم مشروعية تسليمه للجنائية الدولية بحجة «أسبقية» محاكمته على نفس التهم أمام القضاء الليبي، وصدور قرار عام بالعفو عنه. لكن المحكمة لم تعتدّ بذلك. وقال عيسى عبد القيوم، المحلل السياسي الليبي، إن قرار «الجنائية الدولية» بشأن ولايتها في ضرورة خضوع سيف القذافي أمامها للمحاكمة «يعد غير ذي أثر على المستوى المحلي لأسباب عدة، أبرزها أن ليبيا لم توقّع على برتوكول المحكمة، وبالتالي فهي ليست طرفاً فيها». ورأى عبد القيوم في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، أمس، أن «الإعلان الدستوري والقوانين الليبية منذ العهد الملكي لا تسمح بتسليم الليبيين لدول أجنبية»، وتحدث عن «وجود رفض شعبي لتسليم سيف الإسلام، باعتبار أنه سبق أن خضع لمحكمة ليبية».
وقالت المحكمة الجنائية في بيانها مساء أول من أمس، إن قرار دائرة الاستئناف قبول نظر القضية صدر «بإجماع» هيئة المحكمة، ولفتت إلى أن الدائرة التمهيدية «لم تخطئ في استنتاجها بأن الحكم الليبي الصادر في 28 من يوليو 2015 ضد القذافي صدر غيابياً بموجب القانون الليبي، ولا يمكن اعتبار حكم محكمة طرابلس نهائياً، لا سيما أن الحكومة الليبية تقدمت بطلب إلى الجنائية لمحاكمته.
وكان محمد لملوم، وزير العدل بحكومة «الوفاق» الليبية، قد دعا خلال مشاركته في جلسات الغرفة الاستئنافية بالمحكمة الجنائية الدولية في العاشر من نوفمبر (تشرين الثاني) العام الماضي، إلى «محاسبة سيف الإسلام في التهم الموجهة إليه». وقال إن سيف القذافي «غير مشمول بقانون العفو العام لعام 2015 الصادر من مجلس النواب في طبرق»، وأرجع ذلك إلى هذا القانون استثنى من أحكامه «الأفعال التي تشكّل جرائم قتل جزافاً، والقتل على الهوية والجرائم ضد الإنسانية، وهي ذات التهم الموجّهة إلى سيف».
لكن عبد القيوم رد على إصرار حكومة «الوفاق» على محاكمة سيف القذافي أمام «الجنائية»، بأنه «فعل معيب، انتقدته جهات قانونية وحقوقية بشدة، واعتبرته قراراً مسيساً لخدمة بقاء الحكومة في السلطة».
وقال الدكتور مصطفى الفيتوري، السياسي الليبي المراقب المُستقل بالمحكمة الجنائية الدولية، إن «هذا الحكم ستكون له تداعيات سلبية على أي مشروع للمصالحة، والأكثر من هذا على مستقبل ليبيا بأسره»، لافتاً إلى أنه لم يستغرب الحكم، ولم يفاجأ به نتيجة متابعته للقضية ومسارها عن قرب، وبخاصة بعد جلسة الاستئناف في نوفمبر الماضي.
بدوره، قال الشيخ علي أبو سبيحة، رئيس المجلس الأعلى لقبائل ومدن الجنوب الليبي، إن قرار المحكمة «جاء سياسياً أمْلَته الدول الغربية دائمة العضوية بمجلس الأمن، وليس قراراً قضائياً يستند إلى أدلة قانونية في وقائع تعدّ جرائم وفقاً للقانون المحلي، أو حتى القانون الدولي».
وأوضح أبو سبيحة في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن «ليبيا لم تكن عضواً في إنشاء المحكمة الجنائية، ولم تنضم إليها لاحقاً، وقد أُحيل إليها متهمون من بينهم الدكتور سيف الإسلام، بقرار من مجلس الأمن»، وصفه بـ(الظالم) لأسباب سياسية، ومؤامرة على ليبيا ضمن الحرب عليها في عام 2011. مبرزاً أن «سيف الإسلام مثُل أمام القضاء الليبي، وتم التحقيق معه بمعرفة رئيس مكتب التحقيقات بمكتب النائب العام في سجنه بمدينة الزنتان»، وقال: «نظراً إلى الظروف الأمنية جاء مثوله (سيف الإسلام) أمام المحكمة بواسطة دائرة مغلقة في جلستين متتاليتين، أصدرت بعدها الحكم عليه بالإعدام، وقد شمله العفو العام رقم 6 لسنة 2015، وبالتالي فإن ولاية الجنائية الدولية تعد منتفية نهائياً».
واستغرب أبو سبيحة تغاضي «الجنائية الدولية» عن كل ذلك، بعدما قررت الأخذ برأي وزير العدل بحكومة «الوفاق». وانتهى إلى أن «إسقاط هذه الحكومة ولايتها عن محاكمة سيف الإسلام محلياً يعدّ اعترافاً منها بأنها غير قادرة على بسط الأمن في ليبيا، وبذلك تعد حكومة (فاشلة)، وتسقط شرعيتها من جميع النواحي».
في المقابل، قال فادي العبد الله، المتحدث باسم المحكمة، إن سيف الإسلام القذافي «لا يزال مطلوباً وملاحَقاً من جانب المحكمة الجنائية الدولية»، ودعا في تصريحاته لـ«الشرق الأوسط»، خلال اتصال هاتفي أمس، السلطات الليبية إلى التعاون مع المحكمة، وتسليم سيف الإسلام القذافي إلى لاهاي.
وأضاف العبد الله أن الدائرة التمهيدية «أصدرت قراراً ردت فيه طلب الدفاع، وأكدت قبول الدعوى ضد سيف الإسلام أمام المحكمة، وقد جاء قرار دائرة الاستئناف في المحكمة ليؤيد هذا الأمر، وبالتالي لا تزال المحكمة تطلب من السلطات الليبية التعاون معها، إنفاذاً أيضاً لقرار مجلس الأمن الذي ألزم ليبيا بالتعاون مع المحكمة».



تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
TT

تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)

وضع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي سيناريو متشائماً لتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن إذا ما استمر الصراع الحالي، وقال إن البلد سيفقد نحو 90 مليار دولار خلال الـ16 عاماً المقبلة، لكنه وفي حال تحقيق السلام توقع العودة إلى ما كان قبل الحرب خلال مدة لا تزيد على عشرة أعوام.

وفي بيان وزعه مكتب البرنامج الأممي في اليمن، ذكر أن هذا البلد واحد من أكثر البلدان «عُرضة لتغير المناخ على وجه الأرض»، ولديه أعلى معدلات سوء التغذية في العالم بين النساء والأطفال. ولهذا فإنه، وفي حال استمر سيناريو تدهور الأراضي، سيفقد بحلول عام 2040 نحو 90 مليار دولار من الناتج المحلي الإجمالي التراكمي، وسيعاني 2.6 مليون شخص آخر من نقص التغذية.

اليمن من أكثر البلدان عرضة لتغير المناخ على وجه الأرض (إعلام محلي)

وتوقع التقرير الخاص بتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن أن تعود البلاد إلى مستويات ما قبل الصراع من التنمية البشرية في غضون عشر سنوات فقط، إذا ما تم إنهاء الصراع، وتحسين الحكم وتنفيذ تدابير التنمية البشرية المستهدفة.

وفي إطار هذا السيناريو، يذكر البرنامج الأممي أنه، بحلول عام 2060 سيتم انتشال 33 مليون شخص من براثن الفقر، ولن يعاني 16 مليون شخص من سوء التغذية، وسيتم إنتاج أكثر من 500 مليار دولار من الناتج الاقتصادي التراكمي الإضافي.

تحذير من الجوع

من خلال هذا التحليل الجديد، يرى البرنامج الأممي أن تغير المناخ، والأراضي، والأمن الغذائي، والسلام كلها مرتبطة. وحذّر من ترك هذه الأمور، وقال إن تدهور الأراضي الزائد بسبب الصراع في اليمن سيؤثر سلباً على الزراعة وسبل العيش، مما يؤدي إلى الجوع الجماعي، وتقويض جهود التعافي.

وقالت زينة علي أحمد، الممثلة المقيمة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن، إنه يجب العمل لاستعادة إمكانات اليمن الزراعية، ومعالجة عجز التنمية البشرية.

تقلبات الطقس تؤثر على الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية في اليمن (إعلام محلي)

بدورها، ذكرت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) أن النصف الثاني من شهر ديسمبر (كانون الأول) الحالي يُنذر بظروف جافة في اليمن مع هطول أمطار ضئيلة في المناطق الساحلية على طول البحر الأحمر وخليج عدن، كما ستتقلب درجات الحرارة، مع ليالٍ باردة مع احتمالية الصقيع في المرتفعات، في حين ستشهد المناطق المنخفضة والساحلية أياماً أكثر دفئاً وليالي أكثر برودة.

ونبهت المنظمة إلى أن أنماط الطقس هذه قد تؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وتضع ضغوطاً إضافية على المحاصيل والمراعي، وتشكل تحديات لسبل العيش الزراعية، وطالبت الأرصاد الجوية الزراعية بضرورة إصدار التحذيرات في الوقت المناسب للتخفيف من المخاطر المرتبطة بالصقيع.

ووفق نشرة الإنذار المبكر والأرصاد الجوية الزراعية التابعة للمنظمة، فإن استمرار الظروف الجافة قد يؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وزيادة خطر فترات الجفاف المطولة في المناطق التي تعتمد على الزراعة.

ومن المتوقع أيضاً - بحسب النشرة - أن تتلقى المناطق الساحلية والمناطق الداخلية المنخفضة في المناطق الشرقية وجزر سقطرى القليل جداً من الأمطار خلال هذه الفترة.

تقلبات متنوعة

وبشأن تقلبات درجات الحرارة وخطر الصقيع، توقعت النشرة أن يشهد اليمن تقلبات متنوعة في درجات الحرارة بسبب تضاريسه المتنوعة، ففي المناطق المرتفعة، تكون درجات الحرارة أثناء النهار معتدلة، تتراوح بين 18 و24 درجة مئوية، بينما قد تنخفض درجات الحرارة ليلاً بشكل حاد إلى ما بين 0 و6 درجات مئوية.

وتوقعت النشرة الأممية حدوث الصقيع في مناطق معينة، خاصة في جبل النبي شعيب (صنعاء)، ومنطقة الأشمور (عمران)، وعنس، والحدا، ومدينة ذمار (شرق ووسط ذمار)، والمناطق الجبلية في وسط البيضاء. بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع حدوث صقيع صحراوي في المناطق الصحراوية الوسطى، بما في ذلك محافظات الجوف وحضرموت وشبوة.

بالسلام يمكن لليمن أن يعود إلى ما كان عليه قبل الحرب (إعلام محلي)

ونبهت النشرة إلى أن هذه الظروف قد تؤثر على صحة الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية، وسبل العيش المحلية في المرتفعات، وتوقعت أن تؤدي الظروف الجافة المستمرة في البلاد إلى استنزاف رطوبة التربة بشكل أكبر، مما يزيد من إجهاد الغطاء النباتي، ويقلل من توفر الأعلاف، خاصة في المناطق القاحلة وشبه القاحلة.

وذكرت أن إنتاجية محاصيل الحبوب أيضاً ستعاني في المناطق التي تعتمد على الرطوبة المتبقية من انخفاض الغلة بسبب قلة هطول الأمطار، وانخفاض درجات الحرارة، بالإضافة إلى ذلك، تتطلب المناطق الزراعية البيئية الساحلية التي تزرع محاصيل، مثل الطماطم والبصل، الري المنتظم بسبب معدلات التبخر العالية، وهطول الأمطار المحدودة.

وفيما يخص الثروة الحيوانية، حذّرت النشرة من تأثيرات سلبية لليالي الباردة في المرتفعات، ومحدودية المراعي في المناطق القاحلة، على صحة الثروة الحيوانية وإنتاجيتها، مما يستلزم التغذية التكميلية والتدخلات الصحية.