عرب و عجم

عرب و عجم
TT

عرب و عجم

عرب و عجم

الحرمين الشريفين في الخرطوم، استقبل أول من أمس، السفيرة الفرنسية لدى السودان، إيمانويل بلاتمان، وجرى خلال اللقاء، الذي عقد في مكتب السفير، بحث التحضيرات لاجتماع أصدقاء السودان، المزمع عقده في العاصمة الفرنسية باريس في شهر أبريل (نيسان) المقبل، بالإضافة إلى الأمور ذات الاهتمام المشترك.
> الشيخ سلمان بن خليفة آل خليفة، وزير المالية والاقتصاد الوطني البحريني، ألقى أول من أمس، محاضرة للدارسين بدورة الدفاع الوطني الثانية ودورة القيادة والأركان المشتركة الثانية عشرة، التي تعقد حالياً بالكلية الملكية للقيادة والأركان والدفاع الوطني، وتحدث الوزير في المحاضرة عن «الاستراتيجية المالية لمملكة البحرين»، كما قام الوزير بالرد على استفسارات وتساؤلات المشاركين في الدورة.
> هند الزاهد، وكيل وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية لتمكين المرأة بالسعودية، حلّت ضيفة على المركز السعودي لاستطلاعات الرأي العام، لبحث التعاون وتعزيز الشراكة بين الوزارة والمركز فيما يخص المرأة.
> الدكتورة هالة السعيد، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية المصرية، شاركت أول من أمس، في افتتاح جلسة التداول بالبورصة المصرية، حيث تم إطلاق جرس التداول من أجل المساواة بين الجنسين، وذلك في إطار الاحتفال بيوم المرأة العالمي، وأكدت خلال كلمتها على «أهمية الاستفادة بما ننعم به من قدرة السيدات العظيمات في المجالات المختلفة»، مؤكدة أنه «كلما زاد تمكين المرأة اقتصادياً زاد النفع للاقتصاد القومي وزاد إجمالي الناتج القومي».
> المهندس عاطف الطراونة، رئيس مجلس النواب الأردني، التقى أول من أمس، بسفير المملكة العربية السعودية لدى الأردن، نايف بن بندر السديري، وأكد «الطراونة» خلال اللقاء على عمق العلاقات الأردنية السعودية والحرص المستمر على تطويرها بقيادة جلالة الملك عبد الله الثاني وأخيه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، قائلاً إن «ما يجمع الأردن والسعودية من قضايا ومصالح مشتركة وعلاقات أخوية راسخة ومتجذرة يدفعنا إلى تعزيز التعاون المشترك في المجالات كافة».
> السفيرة نبيلة مكرم، وزيرة الدولة للهجرة وشؤون المصريين بالخارج، زارت أول من أمس، بمرافقة وفد من أبناء الجيلين الثاني والثالث من المصريين في الخارج المقيمين بكندا، مصابي العمليات العسكرية من أفراد القوات المسلحة المصرية، الذين أصيبوا خلال أداء مهامهم وواجبهم الوطني، والذين يخضعون للعلاج بمستشفيات القوات المسلحة، وأكدت خلال الزيارة على اعتزاز المصريين بالخارج بجيشهم، وما يقدمه رجاله من بطولات وتضحيات في مواجهة الإرهاب.
> علي عبد العزيز البلوشي، القنصل العام لمملكة البحرين في مومباي، حضر أول من أمس، السباق السنوي على كأس مملكة البحرين بجمهورية الهند، الذي أقيم على مضمار النادي الملكي للفروسية، في مدينة مومباي. وأكد «البلوشي» على الاهتمام الكبير الذي يوليه الملك حمد بن عيسى آل خليفة، عاهل البلاد، في دعم رياضة سباق الخيل والفروسية، وتوجيهاته السامية بإقامة سباقات خارجية تحمل اسم مملكة البحرين. وفي نهاية الحفل قام القنصل العام بتتويج مالك الجواد الفائز وتقديم الجوائز القيمة لفارسه.
> الشيخ سعود بن صقر القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم رأس الخيمة، استقبل أمس، فرانسيسكو شاكون ايرنانديس، سفير كوستاريكا لدى الإمارات، حيث رحب بالسفير، متمنياً له التوفيق والنجاح في أداء مهام عمله. وتم خلال اللقاء استعراض عدد من المحاور الاقتصادية والتجارية الهادفة إلى تعزيز آفاق التعاون بين الطرفين، واستكشاف المزيد من الفرص لتوطيد وترسيخ الشراكات الاستراتيجية في مختلف القطاعات. فيما أثنى السفير على العلاقات القوية التي تربط بين البلدين.
> محمد بن سلطان البوسعيدي، وزير الدولة بسلطنة عمان ومحافظ ظفار، استقبل أول من أمس، بمكتبه أعضاء مجلس الشورى ممثلي ولايات المحافظة. وتم خلال اللقاء استعراض عدد من المواضيع التي تهم المواطنين وجوانب التنمية في ولايات المحافظة، وأهمية التواصل المستمر بين الأعضاء والجهات المعنية في كل ما من شأنه خدمة المواطنين. كما أكد «البوسعيدي» للأعضاء على أهمية التعاون، وترحيبه بأي مبادرات تخدم المجتمع وتساهم في مسيرة البناء الشامل للبلاد.
> يورغ راناو، السفير الألماني في الرياض، شارك مؤخراً في افتتاح معرض صور علمية بحرم جامعة الفيصل مع رئيس الجامعة الدكتور محمد آل هيازع، في إطار التعاون الأكاديمي بين جامعة الفيصل والمؤسسات الثقافية والتعليمية الألمانية، حيث سيكون المعرض مفتوحاً لجميع الزوار حتى نهاية شهر مارس.



100 عامٍ من عاصي الرحباني

عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
TT

100 عامٍ من عاصي الرحباني

عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)

في الرابع من شهر الخِصب وبراعم اللوز والورد، وُلد عاصي الرحباني. كانت البلادُ فكرةً فَتيّة لم تبلغ بعد عامها الثالث. وكانت أنطلياس، مسقط الرأس، قريةً لبنانيةً ساحليّة تتعطّر بزهر الليمون، وتَطربُ لارتطام الموج بصخور شاطئها.
لو قُدّر له أن يبلغ عامه المائة اليوم، لأَبصر عاصي التحوّلات التي أصابت البلاد وقُراها. تلاشت الأحلام، لكنّ «الرحباني الكبير» ثابتٌ كحقيقةٍ مُطلَقة وعَصي على الغياب؛ مقيمٌ في الأمس، متجذّر في الحاضر وممتدّةٌ جذوره إلى كل الآتي من الزمان.


عاصي الرحباني خلال جلسة تمرين ويبدو شقيقه الياس على البيانو (أرشيف Rahbani Productions)

«مهما قلنا عن عاصي قليل، ومهما فعلت الدولة لتكريمه قليل، وهذا يشمل كذلك منصور وفيروز»، يقول المؤلّف والمنتج الموسيقي أسامة الرحباني لـ«الشرق الأوسط» بمناسبة مئويّة عمّه. أما الصحافي والباحث محمود الزيباوي، الذي تعمّق كثيراً في إرث الرحابنة، فيرى أن التكريم الحقيقي يكون بتأليف لجنة تصنّف ما لم يُنشر من لوحاته الغنائية الموجودة في إذاعتَي دمشق ولبنان، وتعمل على نشره.
يقرّ أسامة الرحباني بتقصير العائلة تجاه «الريبرتوار الرحباني الضخم الذي يحتاج إلى تضافر جهود من أجل جَمعه»، متأسفاً على «الأعمال الكثيرة التي راحت في إذاعة الشرق الأدنى». غير أنّ ما انتشر من أغانٍ ومسرحيات وأفلام، على مدى أربعة عقود من عمل الثلاثي الرحباني عاصي ومنصور وفيروز، أصبح ذخيرةً للقرون المقبلة، وليس للقرن الرحباني الأول فحسب.

«فوتي احفظي، قومي سجّلي»
«كان بركاناً يغلي بالعمل... يكتب بسرعة ولا يتوقف عند هاجس صناعة ما هو أجمل، بل يترك السرد يمشي كي لا ينقطع الدفق»، هكذا يتذكّر أسامة عمّه عاصي. وفي بال الزيباوي كذلك، «عاصي هو تجسيدٌ للشغف وللإنسان المهووس بعمله». لم يكن مستغرباً أن يرنّ الهاتف عند أحد أصدقائه الساعة الثالثة فجراً، ليخرج صوت عاصي من السمّاعة قارئاً له ما كتب أو آخذاً رأيه في لحنٍ أنهاه للتوّ.
ووفق ما سمعه الزيباوي، فإن «بعض تمارين السيدة فيروز وتسجيلاتها كان من الممكن أن يمتدّ لـ40 ساعة متواصلة. يعيد التسجيل إذا لم يعجبه تفصيل، وهذا كان يرهقها»، رغم أنه الزوج وأب الأولاد الأربعة، إلا أن «عاصي بقي الأستاذ الذي تزوّج تلميذته»، على حدّ وصف الزيباوي. ومن أكثر الجمل التي تتذكّرها التلميذة عن أستاذها: «فوتي احفظي، قومي سَجّلي». أضنى الأمر فيروز وغالباً ما اعترفت به في الحوارات معها قبل أن تُطلقَ تنهيدةً صامتة: «كان ديكتاتوراً ومتطلّباً وقاسياً ومش سهل الرِضا أبداً... كان صعب كتير بالفن. لمّا يقرر شي يمشي فيه، ما يهمّه مواقفي».


عاصي وفيروز (تويتر)
نعم، كان عاصي الرحباني ديكتاتوراً في الفن وفق كل مَن عاصروه وعملوا معه. «كل العباقرة ديكتاتوريين، وهذا ضروري في الفن»، يقول أسامة الرحباني. ثم إن تلك القسوة لم تأتِ من عدم، فعاصي ومنصور ابنا الوَعر والحرمان.
أثقلت كتفَي عاصي منذ الصغر همومٌ أكبر من سنّه، فتحمّلَ وأخوه مسؤولية العائلة بعد وفاة الوالد. كان السند المعنوي والمادّي لأهل بيته. كمعطفٍ ردّ البردَ عنهم، كما في تلك الليلة العاصفة التي استقل فيها دراجة هوائية وقادها تحت حبال المطر من أنطلياس إلى الدورة، بحثاً عن منصور الذي تأخّر بالعودة من الوظيفة في بيروت. يروي أسامة الرحباني أنها «كانت لحظة مؤثرة جداً بين الأخوين، أبصرا خلالها وضعهما المادي المُذري... لم ينسيا ذلك المشهد أبداً، ومن مواقفَ كتلك استمدّا قوّتهما».
وكما في الصِبا كذلك في الطفولة، عندما كانت تمطر فتدخل المياه إلى المدرسة، كان يظنّ منصور أن الطوفان المذكور في الكتاب المقدّس قد بدأ. يُصاب بالهلَع ويصرخ مطالباً المدرّسين بالذهاب إلى أخيه، فيلاقيه عاصي ويحتضنه مهدّئاً من رَوعه.

«سهرة حبّ»... بالدَين
تعاقبت مواسم العزّ على سنوات عاصي الرحباني. فبعد بدايةٍ متعثّرة وحربٍ شرسة ضد أسلوبه الموسيقي الثائر على القديم، سلك دروب المجد. متسلّحاً بخياله المطرّز بحكايا جدّته غيتا و«عنتريّات» الوالد حنّا عاصي، اخترع قصصاً خفتت بفعلِ سحرِها الأصواتُ المُعترضة. أما لحناً، فابتدعَ نغمات غير مطابقة للنظريات السائدة، و«أوجد تركيبة جديدة لتوزيع الموسيقى العربية»، على ما يشرح أسامة الرحباني.


صورة تجمع عاصي ومنصور الرحباني وفيروز بالموسيقار محمد عبد الوهاب وفريد الأطرش، بحضور بديعة مصابني وفيلمون وهبي ونجيب حنكش (أرشيف Rahbani Productions)
كان عاصي مستعداً للخسارة المادية من أجل الربح الفني. يحكي محمود الزيباوي أنه، ولشدّة مثاليته، «سجّل مسرحية (سهرة حب) مرتَين ولم تعجبه النتيجة، فاقترض مبلغاً من المال ليسجّلها مرة ثالثة». ويضيف أن «أساطير كثيرة نُسجت حول الرحابنة، لكن الأسطورة الحقيقية الوحيدة هي جمال عملهم».
ما كانت لتكتمل أسطورة عاصي، لولا صوت تلك الصبية التي دخلت قفصَه الذهبي نهاد حدّاد، وطارت منه «فيروز».
«أدهشته»، يؤكّد الزيباوي؛ ويستطرد: «لكنّ أحداً منهما لم يعرف كيف يميّز بين نهاد حداد وفيروز»... «هي طبعاً المُلهِمة»، يقول أسامة الرحباني؛ «لمح فيها الشخصية التي لطالما أراد رسمَها، ورأى امرأةً تتجاوب مع تلك الشخصية»، ويضيف أن «عاصي دفع بصوت فيروز إلى الأعلى، فهو في الفن كان عنيفاً ويؤمن بالعصَب. كان يكره الارتخاء الموسيقي ويربط النجاح بالطبع الفني القوي، وهذا موجود عند فيروز».


زفاف عاصي الرحباني ونهاد حداد (فيروز) عام 1955 (تويتر)

دماغٌ بحجم وطن
من عزّ المجد، سرقت جلطة دماغيّة عاصي الرحباني عام 1972. «أكثر ما يثير الحزن أن عاصي مرض وهو في ذروة عطائه وإبداعه، وقد زادت الحرب اللبنانية من مرضه وصعّبت العمل كثيراً»، وفق الزيباوي. لم يكن القلق من الغد الغامض غريباً عليه. فهو ومنذ أودى انفجارٌ في إحدى الكسّارات بحياة زوج خالته يوسف الزيناتي، الذي كان يعتبره صياداً خارقاً واستوحى منه شخصيات لمسرحه، سكنته الأسئلة الحائرة حول الموت وما بعدَه.
الدماغ الذي وصفه الطبيب الفرنسي المعالج بأنه من أكبر ما رأى، عاد ليضيء كقمرٍ ليالي الحصّادين والعاشقين والوطن المشلّع. نهض عاصي ورجع إلى البزُق الذي ورثه عن والده، وإلى نُبله وكرمه الذي يسرد أسامة الرحباني عنهما الكثير.
بعد المرض، لانت قسوة عاصي في العمل وتَضاعفَ كرَمُه المعهود. يقول أسامة الرحباني إن «أقصى لحظات فرحه كانت لحظة العطاء». أعطى من ماله ومن فِكرِه، وعُرف بيدِه الموضوعة دائماً في جيبِه استعداداً لتوزيع النقود على المحتاجين في الشارع. أما داخل البيت، فتجسّد الكرَم عاداتٍ لطيفة وطريفة، كأن يشتري 20 كنزة متشابهة ويوزّعها على رجال العائلة وشبّانها.
خلال سنواته الأخيرة ومع احتدام الحرب، زاد قلق عاصي الرحباني على أفراد العائلة. ما كان يوفّر مزحة أو حكاية ليهدّئ بها خوف الأطفال، كما في ذلك اليوم من صيف 1975 الذي استُهدفت فيه بلدة بكفيا، مصيَف العائلة. يذكر أسامة الرحباني كيف دخل عاصي إلى الغرفة التي تجمّع فيها أولاد العائلة مرتعدين، فبدأ يقلّد الممثلين الأميركيين وهم يُطلقون النار في الأفلام الإيطالية، ليُنسيَهم ما في الخارج من أزيز رصاص حقيقي. وسط الدمار، بنى لهم وطناً من خيالٍ جميل، تماماً كما فعل وما زال يفعل في عامِه المائة، مع اللبنانيين.


عاصي الرحباني (غيتي)