تونس: منفذا الهجوم الانتحاري بايعا «داعش» نهاية 2015

ينتميان إلى تنظيم «أنصار الشريعة» المحظور... وقضيا عقوبة بالسجن وغادراه قبل شهر فقط

رجال الشرطة والبحث الجنائي في موقع التفجير الانتحاري قرب السفارة الأميركية بالعاصمة تونس أول من أمس (أ.ف.ب)
رجال الشرطة والبحث الجنائي في موقع التفجير الانتحاري قرب السفارة الأميركية بالعاصمة تونس أول من أمس (أ.ف.ب)
TT

تونس: منفذا الهجوم الانتحاري بايعا «داعش» نهاية 2015

رجال الشرطة والبحث الجنائي في موقع التفجير الانتحاري قرب السفارة الأميركية بالعاصمة تونس أول من أمس (أ.ف.ب)
رجال الشرطة والبحث الجنائي في موقع التفجير الانتحاري قرب السفارة الأميركية بالعاصمة تونس أول من أمس (أ.ف.ب)

أبرزت التحريات الأمنية المكثفة التي أجرتها الأجهزة التونسية المختصة في مكافحة الإرهاب، أن منفذي العملية الانتحارية، التي وقعت في منطقة البحيرة على مقربة من السفارة الأميركية في تونس، تونسيا الجنسية، وكلاهما من منطقة الكرم في الضاحية الشمالية للعاصمة التونسية، وعمر الأول 27 سنة، ويدعى حبيب لعقة، فيما يبلغ الثاني الـ29 من العمر ويدعى محمد الزبيدي. وأكدت التحريات أنهما قضيا عقوبة بالسجن، وقد غادراه منذ نحو شهر فقط لينفذا هذا الهجوم الانتحاري، وكان الإرهابيان ينتميان إلى تنظيم «أنصار الشريعة» المحظور قبل أن يلتحقا بتنظيم «القاعدة في بلاد المغرب»، إثر حظر أنشطة «أنصار الشريعة» سنة 2013، ومنذ نهاية سنة 2015 انضما إلى تنظيم «داعش» الإرهابي وبايعاه. وعن تنفيذ العملية الانتحارية وكيف وصلا إلى المكان دون أن يثيرا انتباه وحدات مكافحة الإرهاب، أثبتت التحريات الأمنية الأولية أن أحدهما كان يعمل بائعا متجولا في منطقة الكرم والمناطق القريبة منها، واستغل تنقلاته لبيع المنتجات القليلة التي يملكها، لرصد تحركات الأمنيين، كما استغل قرب المسافة بين منطقة الكرم والبحيرة ليجمع كل المعلومات حول كيفية التنقل بعيدا عن أعين الأمن لينفذ بعد ذلك العملية الانتحارية.
وبشأن تركيبة المواد المتفجرة التي استعملها الانتحاريان، أفاد سفيان السليطي المتحدث باسم القطب القضائي لمكافحة الإرهاب، أن الأجهزة الأمنية المختصة لم تحدد بعد تركيبة هذه المتفجرات، غير أن المعاينات الأولية لمكان الحادث الإرهابي، أثبتت أن المتفجرات التي تم استعمالها كانت خطيرة وبكميات كبيرة، والدليل على ذلك أن أشلاء منفذي التفجير قد تطايرت على بعد 200 و300 متر، ووصلت حد الطابق الثالث لإحدى البنايات القريبة من مقر الدورية الأمنية المستهدفة. وأفادت عمليات الاطلاع على كاميرات المراقبة بأن منفذي العملية ترددا على المكان في أكثر من مناسبة، دون أن يقع التفطن لهما. وخلافا لما أوردته بعض المصادر الأمنية من أن السفارة الأميركية بتونس لم تكن ضمن مخططات الانتحاريين، أكد أكثر من طرف أمني أنهما كانا يخططان لمهاجمة الباب الرئيسي للسفارة، ولكنهما تفاجآ بغلق أحد الممرات الفرعية المؤدية إلى السفارة الأميركية بتونس، فعادا أدراجهما، وقررا حينها تفجير الحزام الناسف وكمية المتفجرات، التي فخخا بها الدراجة النارية ومهاجمة الدورية الأمنية المرابطة على مستوى الطريق المؤدية إلى سفارة الولايات المتحدة الأميركية بتونس، وذلك بعد أن تأكدا أن الدورية الأمنية قد استرابت في أمرهما وقد تكشفهما بعد لحظات.
وإثر التعرف على هوية منفذي الهجوم الانتحاري، داهمت أجهزة مكافحة الإرهاب عشرات المنازل في كل من منطقتي الكرم وسيدي داود والمرسى وحي «5 ديسمبر» في الكرم الغربي بحثا عن العناصر الإرهابية التي من المحتمل أنها قدمت المساعدة للانتحاريين. وأكدت مصادر أمنية على علاقة بملف القضية قبضها على زوجين يشتبه في علاقتهما بمنفذي الهجوم، وأنهما كانا على علم بكافة المراحل، قبل التنفيذ وذلك من خلال رصد مجموعة من المكالمات الهاتفية بين الطرفين. وكشف وزير الداخلية هشام المشيشي أن الهجوم أسفر في حصيلة أولية عن مقتل أمني، وجرح خمسة آخرين إضافة إلى امرأة، وكلهم في المستشفى و«حالتهم مستقرة». وتابع: «تم استعمال عبوة تقليدية الصنع في الهجوم، وجار التحقق من مصدرها ومَن شارك في صنعها»، لكنه لم يكشف هوية منفذي الهجوم «الإرهابي اليائس». وأكدت مصادر من الشرطة في المكان أن المهاجمين تنقلا بواسطة دراجة نارية واقتربا من الأمنيين وسُمع إثر ذلك دوي انفجار واحد.
وفي السياق ذاته، قدم سيف الدين مخلوف رئيس ائتلاف الكرامة(ائتلاف سياسي معارض)، وهو محامي أحد منفذي العملية الانتحارية، معطيات حول أحد الانتحاريين، فأكد أنه كان نزيلا بسجن المرناڤية (غربي العاصمة التونسية) بعد أن حكم ضده بالسجن مع النفاذ العاجل لمدة ثلاث سنوات ليس من أجل حمل السلاح، ولا من أجل التفجير ولا من أجل الصعود لجبل الشعانبي وسط غربي تونس حيث تتحصن المجموعات الإرهابية، بل من أجل تدوينة على مواقع التواصل، قبل أن يتم تخفيض من العقوبة إلى السجن لمدة سنة واحدة في طور الاستئناف ويغادر السجن مملوء بالحقد والنقمة. وأضاف مخلوف أنه لم يكن يتصور أن موكله سينقم لدرجة سفك دمه ودم عون الأمن التونسي البريء. ونددت أحزاب سياسية ومنها «حركة النهضة» والاتحاد العام التونسي للشغل بالهجوم. كما نشر مجلس نواب الشعب بيانا جاء فيه «نُدين إدانة شديدة هذه الجريمة النكراء». في غضون ذلك، أحيت يوم أمس مدينة بن قردان جنوب شرقي تونس، الذكرى الرابعة لملحمة 7 مارس (آذار) 2016 التي تم خلالها القضاء على 55 عنصرا إرهابيا وأفضت إلى مقتل 22 تونسيا بين أمنيين ومدنيين حين هاجمة عناصر إرهابية المدينة في محاولة لإقامة إمارة داعشية. وطالب عدد من نشطاء المجتمع المدني السلطات التونسية بالاعتراف بيوم 7 مارس، يوما وطنيا للانتصار على الإرهاب، على أن يقع الاحتفال به على المستوى الوطني وليس بمدينة بن قردان فحسب. ولا تزال تونس تعيش على وقع هجمات شنها مسلحون واستهدفت قوات الأمن والشرطة والجيش والسياح كما يستمر فرض حال الطوارئ منذ 2015 حين استهدف انتحاري حافلة للأمن الرئاسي وسط العاصمة ما أدى إلى مقتل 12 أمنيا. وتتمركز الجماعات المسلحة أساسا في منطقة جبال الشعانبي في محافظة القصرين في غرب البلاد والحدودية مع الجزائر منذ ثورة 2011 حين بدأت الجماعات الدينية المتشددة في الظهور. وكان مئات المحسوبين على التيار المتطرف هاجموا السفارة والمدرسة الأميركيتين في 14 سبتمبر (أيلول) 2012، احتجاجا على فيلم مسيء للإسلام أنتج في الولايات المتحدة.


مقالات ذات صلة

«رسائل سريّة» بين إدارة بايدن و«تحرير الشام»... بعلم فريق ترمب

الولايات المتحدة​ أحمد الشرع مجتمعاً مع رئيس حكومة تسيير الأعمال محمد الجلالي في أقصى اليسار ومحمد البشير المرشح لرئاسة «الانتقالية» في أقصى اليمين (تلغرام)

«رسائل سريّة» بين إدارة بايدن و«تحرير الشام»... بعلم فريق ترمب

وجهت الإدارة الأميركية رسائل سريّة الى المعارضة السورية، وسط تلميحات من واشنطن بأنها يمكن أن تعترف بحكومة سورية جديدة تنبذ الإرهاب وتحمي حقوق الأقليات والنساء.

علي بردى (واشنطن)
المشرق العربي فصائل الجيش الوطني السوري الموالي لتركيا تدخل منبج (إعلام تركي)

عملية للمخابرات التركية في القامشلي... وتدخل أميركي لوقف نار في منبج

يبحث وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في تركيا الجمعة التطورات في سوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي مواطنون من عفرين نزحوا مرة أخرى من قرى تل رفعت ومخيمات الشهباء إلى مراكز إيواء في بلدة الطبقة التابعة لمحافظة الرقة (الشرق الأوسط)

ممثلة «مسد» في واشنطن: «هيئة تحرير الشام» «مختلفة» ولا تخضع لإملاءات تركيا

تقول سنام محمد، ممثلة مكتب مجلس سوريا الديمقراطي في واشنطن، بصفتنا أكراداً كنا أساسيين في سقوط نظام الأسد، لكن مرحلة ما بعد الأسد تطرح أسئلة.

إيلي يوسف (واشنطن)
المشرق العربي مقاتلون من المعارضة في حمص يتجمعون بعد أن أبلغت قيادة الجيش السوري الضباط يوم الأحد أن حكم بشار الأسد انتهى (رويترز)

«داعش» يعدم 54 عنصراً من القوات السورية أثناء فرارهم

أعدم تنظيم «داعش» 54 عنصراً من القوات الحكومية في أثناء فرارهم في بادية حمص وسط سوريا، تزامناً مع سقوط الرئيس بشار الأسد.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي عنصر من المعارضة السورية المسلحة في حمص يحتفل بدخول العاصمة دمشق (إ.ب.أ)

الأردن ومخاوف من خلط أوراق المنطقة والخشية من فوضى سوريا

يبدي أمنيون أردنيون مخاوفهم من عودة الفوضى لمناطق سورية بعد الخروج المفاجئ للأسد إلى موسكو، وان احتمالات الفوضى ربما تكون واردة جراء التنازع المحتمل على السلطة.

محمد خير الرواشدة (عمّان)

تنديد يمني بتصفية الحوثيين أحد المعتقلين في تعز

مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)
مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)
TT

تنديد يمني بتصفية الحوثيين أحد المعتقلين في تعز

مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)
مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)

نددت الحكومة اليمنية بتصفية الحوثيين أحد المعتقلين المدنيين في أحد السجون الواقعة شرق مدينة تعز، واتهمت الجماعة بالتورط في قتل 350 معتقلاً تحت التعذيب خلال السنوات الماضية.

التصريحات اليمنية التي جاءت على لسان وزير الإعلام، معمر الإرياني، كانت بعد أيام من فرض الولايات المتحدة عقوبات على قيادي حوثي يدير المؤسسة الخاصة بملف الأسرى في مناطق سيطرة الجماعة.

معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية (سبأ)

ووصف الإرياني إقدام الحوثيين على تصفية المواطن أحمد طاهر أحمد جميل الشرعبي، في أحد معتقلاتهم السرية في منطقة الحوبان شرق تعز، بأنها «جريمة بشعة» تُضاف إلى سجل الجماعة الحافل بالانتهاكات والجرائم ضد الإنسانية، وتعكس طبيعتها الوحشية وعدم التزامها بأي قانون أو معايير إنسانية، وفق تعبيره.

وأوضح الوزير اليمني في تصريح رسمي أن الحوثيين اختطفوا الضحية أحمد الشرعبي، واحتجزوه قسرياً في ظروف غير إنسانية، قبل أن يطلبوا من أسرته، في 11 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، الحضور لاستلام جثته بعد وفاته تحت التعذيب.

وقال إن هذا العمل الوحشي من قِبَل الحوثيين يظهر اللامبالاة بأرواح اليمنيين، ويعيد التذكير باستمرار مأساة الآلاف من المحتجزين والمخفيين قسراً في معتقلات الجماعة بما في ذلك النساء والأطفال.

وأشار وزير الإعلام اليمني إلى تقارير حكومية وثقت أكثر من 350 حالة قتل تحت التعذيب في سجون الحوثيين من بين 1635 حالة تعذيب، كما وثقت المنظمات الحقوقية -بحسب الوزير- تعرض 32 مختطفاً للتصفية الجسدية، بينما لقي آخرون حتفهم نتيجة الانتحار هرباً من قسوة التعذيب، و31 حالة وفاة بسبب الإهمال الطبي، وقال إن هذه الإحصاءات تعكس العنف الممنهج الذي تمارسه الميليشيا بحق المعتقلين وحجم المعاناة التي يعيشونها.

ترهيب المجتمع

اتهم الإرياني الحوثيين باستخدام المعتقلات أداة لترهيب المجتمع المدني وإسكات الأصوات المناهضة لهم، حيث يتم تعذيب المعتقلين بشكل جماعي وتعريضهم لأساليب قاسية تهدف إلى تدمير إرادتهم، ونشر حالة من الخوف والذعر بين المدنيين.

وطالب وزير الإعلام في الحكومة اليمنية المجتمع الدولي والأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان بمغادرة ما وصفه بـ«مربع الصمت المخزي»، وإدانة الجرائم الوحشية الحوثية التي تمثل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي والإنساني.

الحوثيون يتعمدون ترهيب المجتمع بالاعتقالات والتعذيب في السجون (رويترز)

ودعا الوزير إلى «ممارسة ضغط حقيقي على ميليشيا الحوثي» لإطلاق صراح كل المحتجزين والمخفيين قسرياً دون قيد أو شرط، وفرض عقوبات صارمة على قيادات الجماعة وتصنيفها «منظمة إرهابية عالمية».

وكانت الولايات المتحدة فرضت قبل أيام عقوبات على ما تسمى «لجنة شؤون الأسرى» التابعة للحوثيين، ورئيسها القيادي عبد القادر حسن يحيى المرتضى، بسبب الارتباط بانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان في اليمن.

وتقول الحكومة اليمنية إن هذه المؤسسة الحوثية من أكبر منتهكي حقوق الإنسان وخصوصاً رئيسها المرتضى الذي مارس خلال السنوات الماضية جرائم الإخفاء القسري بحق آلاف من المدنيين المحميين بموجب القوانين المحلية والقانون الدولي الإنساني.