فيروس «كورونا»... أزمة جديدة تترك تداعياتها على قطاعات لبنانية

فيروس «كورونا»... أزمة جديدة تترك تداعياتها على قطاعات لبنانية
TT

فيروس «كورونا»... أزمة جديدة تترك تداعياتها على قطاعات لبنانية

فيروس «كورونا»... أزمة جديدة تترك تداعياتها على قطاعات لبنانية

منذ وصول فيروس «كورونا» إلى الأراضي اللبنانية، قبل 10 أيام، أضيفت إلى أزمات لبنان المالية والاقتصادية والمعيشية والسياسية، أزمة صحية يتوقع أن تترك أثاراً سلبية على قطاعات مختلفة مثل القطاع الصحي والسياحة والسفر، وتسهم حتماً في تسريع انهيار الاقتصاد اللبناني. إجراءات كثيرة بدأت السلطات اللبنانية اتخاذها منذ تسجيل أول حالة «كورونا»؛ أولها تجهيز مستشفى رفيق الحريري الحكومي لاستقبال الحالات المصابة والمشتبه في إصابتها بالفيروس، علماً بأن المستشفيات في الأصل تعاني نقصاً في بعض المستلزمات الطبية، وذلك بسبب الأزمة المالية والنقص بالدولار.
كذلك، اتخذت وزارة التربية قراراً بتعطيل المدارس الرسمية والخاصة حتى 14 مارس (آذار)، خوفاً من انتشار الفيروس، كما ارتأت وزارة الأشغال توقيف الرحلات إلى المناطق المعزولة في الصين وإيران ودول أخرى، وإقفال الأسواق الشعبية في مدينة بيروت وقرى في الجنوب والبقاع كإجراء احترازي حتى إشعار آخر، وهو الأمر الّذي ستكون له تبعاته السلبية على الاقتصاد اللبناني في ظل الوضع الراهن، رغم أهمية هذه الإجراءات على المستوى الصحي.
ويقول نقيب أصحاب المستشفيات الخاصة في لبنان سليمان هارون لـ«الشرق الأوسط»: «هناك قرار اتخذ وهناك وعي لدى السلطات اللبنانية بضرورة تأمين الاعتمادات اللازمة لوزارة الصحة من أجل القيام بكل الإجراءات اللازمة في المرحلة الراهنة، ولو أنّ ذلك سيكلف الدولة أموالاً إضافية».
ويضيف هارون: «نحن كمستشفيات خاصة لم نتكبد جراء دخول الفيروس لبنان، أي كلفة إضافية، ما عدا كلفة المستلزمات الطبية الواجبة للحماية ليس أكثر، أما كلفة إجراء الفحوص اللازمة للمشتبه بإصابتهم فإنّها تقع على عاتق المريض».
ويشير إلى أنّه «سيجري تخصيص مستشفى حكومي في الشمال والجنوب والبقاع ليكون مركزاً حصرياً لاستقبال حالات مصابة بهذا الفيروس، كي نمنع انتشاره في جميع المستشفيات، وقد تمّ الاتفاق مع وزارة الصحة على أن تستقبل المستشفيات الخاصة الحالات في الطوارئ وإذا ثبتت إصابتها، ترسل إلى المستشفى الحكومي، وذلك لحماية المرضى بغير كورونا الّذين يقدر عددهم في المستشفيات بين 7 و8 آلاف مريض يومياً».
وفيما يبدو أن قطاع السياحة والمطاعم والمقاهي الأكثر تضرراً من أزمة كورونا، أضيف يوم أمس إجراء جديد، من شأنه أن يضاعف الخسارة، عبر اتخاذ وزير السياحة رمزي المشرفية، قراراً بإقفال الملاهي والنوادي الليلية والمراقص العامة لمدة أسبوع، طالباً من مختلف المؤسسات السياحية التقيد بإجراءات الوقاية الصادرة عن وزارة الصحة للحدّ من انتشار فيروس كورونا، كما كلّف أجهزة الرقابة والشرطة السياحية تنفيذ مضمون التعميم الصادر.
وفي هذا الإطار، يقول نقيب أصحاب المطاعم والمقاهي طوني الرامي لـ«الشرق الأوسط»: «القرار احترازي، وسيتمّ إقفال الملاهي والنوادي الليلية لفترة أسبوع»، وإنّه «لا مشكلة لدى أصحاب الملاهي والنوادي الليلية، إذا كان هذا الإجراء اتخذ لأسباب صحية ومن أجل وقاية إضافية، على أمل ألا تطول الأزمة أكثر».


مقالات ذات صلة

«كوفيد طويل الأمد»: حوار طبي حول أحدث التطورات

صحتك «كوفيد طويل الأمد»: حوار طبي حول أحدث التطورات

«كوفيد طويل الأمد»: حوار طبي حول أحدث التطورات

يؤثر على 6 : 11 % من المرضى

ماثيو سولان (كمبردج (ولاية ماساشوستس الأميركية))
صحتك أطباء يحاولون إسعاف مريضة بـ«كورونا» (رويترز)

«كورونا» قد يساعد الجسم في مكافحة السرطان

كشفت دراسة جديدة، عن أن الإصابة بفيروس كورونا قد تساعد في مكافحة السرطان وتقليص حجم الأورام.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
أوروبا الطبيب البريطاني توماس كوان (رويترز)

سجن طبيب بريطاني 31 عاماً لمحاولته قتل صديق والدته بلقاح كوفيد مزيف

حكم على طبيب بريطاني بالسجن لأكثر من 31 عاماً بتهمة التخطيط لقتل صديق والدته بلقاح مزيف لكوفيد - 19.

«الشرق الأوسط» (لندن )
الاقتصاد السعودية تصدرت قائمة دول «العشرين» في أعداد الزوار الدوليين بـ 73 % (واس)

السعودية الـ12 عالمياً في إنفاق السياح الدوليين

واصلت السعودية ريادتها العالمية بقطاع السياحة؛ إذ صعدت 15 مركزاً ضمن ترتيب الدول في إنفاق السيّاح الدوليين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
صحتك تم تسجيل إصابات طويلة بـ«كوفيد- 19» لدى أشخاص مناعتهم كانت غير قادرة على محاربة الفيروس بشكل كافٍ (رويترز)

قرار يمنع وزارة الصحة في ولاية إيداهو الأميركية من تقديم لقاح «كوفيد»

قرر قسم الصحة العامة الإقليمي في ولاية إيداهو الأميركية، بأغلبية ضئيلة، التوقف عن تقديم لقاحات فيروس «كوفيد-19» للسكان في ست مقاطعات.

«الشرق الأوسط» (أيداهو)

أحياء منكوبة بلا مياه وكهرباء بسبب القصف الإسرائيلي في مدينة صور الساحلية

جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
TT

أحياء منكوبة بلا مياه وكهرباء بسبب القصف الإسرائيلي في مدينة صور الساحلية

جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)

قرب ركام مبنى ما زال الدخان يتصاعد منه في مدينة صور، تحمل عائلة حقائب وتصعد على سلم مظلم إلى شقة خُلعت أبوابها ونوافذها، ولا يوجد فيها ماء ولا كهرباء، بعد أن استهدف القصف الإسرائيلي البنى التحتية والطرق، إضافة إلى الأبنية والمنازل.

في اليوم الثاني من سريان وقف إطلاق النار بين «حزب الله» وإسرائيل، كانت مئات العائلات صباح الخميس تتفقّد منازلها في أحياء استهدفتها الغارات الإسرائيلية، وحوّلتها إلى منطقة منكوبة.

لم تسلم سوى غرفة الجلوس في شقة عائلة نجدة. تقول ربّة المنزل دنيا نجدة (33 عاماً)، وهي أم لطفلين، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، بينما تقف على شرفتها المطلة على دمار واسع: «لم نتوقّع دماراً إلى هذا الحدّ. رأينا الصور لكن وجدنا الواقع مغايراً وصعباً».

وغطّى الزجاج أسرّة أطفالها وألعابهم، في حين تناثرت قطع من إطارات النوافذ الحديدية في كل مكان. وتضيف دنيا نجدة: «عندما وصلنا، وجدنا الدخان يتصاعد من المكان، وبالكاد استطعنا معاينة المنزل».

على الشرفة ذاتها، يقف والد زوجها سليمان نجدة (60 عاماً)، ويقول: «نشكو من انقطاع المياه والكهرباء... حتى المولدات الخاصة لا تعمل بعد انقطاع خطوط الشبكات».

ويقول الرجل، الذي يملك استراحة على شاطئ صور، الوجهة السياحية التي تجذب السكان والأجانب: «صور ولبنان لا يستحقان ما حصل... لكن الله سيعوضنا، وستعود المدينة أفضل مما كانت عليه».

وتعرّضت صور خلال الشهرين الماضيين لضربات عدّة؛ دمّرت أو ألحقت أضراراً بمئات الوحدات السكنية والبنى التحتية، وقطعت أوصال المدينة.

وأنذرت إسرائيل، خلال الأسابيع القليلة الماضية، مراراً سكان أحياء بأكملها بإخلائها، ما أثار الرعب وجعل المدينة تفرغ من قاطنيها، الذين كان عددهم يتجاوز 120 ألفاً.

لن يحصل بنقرة

خلال جولة في المدينة؛ حيث تعمل آليات على رفع الردم من الطرق الرئيسة، يحصي رئيس بلدية صور واتحاد بلدياتها، حسن دبوق لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «أكثر من 50 مبنى، مؤلفة من 3 إلى 12 طابقاً دُمّرت كلياً جراء الغارات الإسرائيلية»، غير تضرّر عشرات الأبنية في محيطها، بنسبة تصل إلى 60 في المائة. ويضيف: «يمكن القول إنه يكاد لم يبقَ أي منزل بمنأى عن الضرر».

وشهدت شوارع المدينة زحمة سير مع عودة المئات من السكان إلى أحيائهم، في حين أبقت المؤسسات والمحال التجارية والمطاعم أبوابها موصدة.

ويوضح دبوق: «يتفقّد السكان منازلهم خلال النهار، ثم يغادرون ليلاً بسبب انقطاع الماء عن أنحاء المدينة والكهرباء عن الأحياء التي تعرّضت لضربات إسرائيلية قاسية».

ويقول إن الأولوية اليوم «للإسراع في إعادة الخدمات إلى المدينة، وتأمين سُبل الحياة للمواطنين»، مقرّاً بأن ذلك «لن يحصل بنقرة، ويحتاج إلى تعاون» بين المؤسسات المعنية.

ويضيف: «من المهم أيضاً إزالة الردم لفتح الشوارع حتى يتمكّن الناس من العودة».

واستهدفت غارة إسرائيلية في 18 نوفمبر (تشرين الثاني) شركة مياه صور، ما أسفر عن تدميرها، ومقتل موظفيْن، وانقطاع المياه عن 30 ألف مشترك في المدينة ومحيطها، وفق ما قال رئيس مصلحة مياه صور وليد بركات.

ودمّرت الغارة مضخّات المياه وشبكة الأنابيب المتفرّعة منها، وفق ما شاهد مراسلو «وكالة الصحافة الفرنسية»، الخميس، في إطار جولة نظمها «حزب الله» للصحافيين في عدد من أحياء المدينة.

وتحتاج إعادة بنائها إلى فترة تتراوح بين 3 و6 أشهر، وفق بركات، الذي قال إن العمل جارٍ لتوفير خيار مؤقت يزوّد السكان العائدين بالمياه.

ويقول بركات: «لا صواريخ هنا، ولا منصات لإطلاقها، إنها منشأة عامة حيوية استهدفها العدوان الإسرائيلي».

قهر ومسكّنات

بحزن شديد، يعاين أنس مدللي (40 عاماً)، الخيّاط السوري المُقيم في صور منذ 10 سنوات، الأضرار التي لحقت بمنزله جراء استهداف مبنى مجاور قبل ساعة من بدء سريان وقف إطلاق النار. كانت أكوام من الركام تقفل مدخل المبنى الذي تقع فيه الشقة.

ويقول بأسى: «بكيت من القهر... منذ يوم أمس، وأنا أتناول المسكنات جراء الصدمة. أنظر إلى ألعاب أولادي والدمار وأبكي».

وغابت الزحمة، الخميس، عن سوق السمك في ميناء المدينة القديمة، الذي كان يعجّ بالزبائن قبل الحرب، بينما المراكب راسية في المكان منذ أكثر من شهرين، وينتظر الصيادون معجزة تعيدهم إلى البحر لتوفير قوتهم.

بين هؤلاء مهدي إسطنبولي (37 عاماً)، الذي يروي أنه ورفاقه لم يبحروا للصيد منذ أن حظر الجيش اللبناني في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) حركة القوارب في المنطقة البحرية جنوب لبنان.

ويقول: «لم يسمح الجيش لنا بعد بالخروج إلى البحر حفاظاً على سلامتنا» باعتبار المنطقة «حدودية» مع إسرائيل.

ويقول إسطنبولي: «نراقب الوضع... وننتظر»، مضيفاً: «نحن خرجنا من أزمة، لكن الناس سيعانون الآن من أزمات نفسية» بعد توقف الحرب.

ويقول أب لأربعة أطفال: «أحياناً وأنا أجلس عند البحر، أسمع صوت الموج وأجفل... يتهيّأ لي أن الطيران يقصف. نعاني من الصدمة».