مصممة المجوهرات المصرية عزة فهمي تحتفل بنصف قرن على عملها

{لم أستعن بعارضات وقررت أن تكون زبوناتي هن بطلات الحملة الدعائية لمجموعتي السنوية}

المصممة المصرية عزة فهمي وابنتاها
المصممة المصرية عزة فهمي وابنتاها
TT

مصممة المجوهرات المصرية عزة فهمي تحتفل بنصف قرن على عملها

المصممة المصرية عزة فهمي وابنتاها
المصممة المصرية عزة فهمي وابنتاها

في تواكب لافت، تحتفل مصممة المجوهرات المصرية عزة فهمي بمرور 50 عاماً على إطلاق علامة تحمل اسمها، وفي الوقت نفسه قدمت، كما تفعل كل عام، تشكيلة جديدة اعتادت إطلاقها في مارس (آذار).
وأطلقت فهمي تشكيلة خاصة لتحتفي بما وصلت له من «مكانة كبيرة» مع الداعم الأهم لها، حسب تعبيرها، وهن «زبوناتها». ويتزامن احتفال الفنانة عزة فهمي بمرور نصف قرن على العلامة، التي أطلقتها عام 1969 تحديداً، مع شهر مارس الذي يحتفي بنساء العالم، سواء باليوم العالمي للمرأة، 8 مارس، أو بعيد الأم 21 مارس، لذا جاءت التشكيلة تحمل رسالة حب وعرفان لأجيال متعاقبة من النساء آمنت بروعة ما تقدمه العلامة.
تقول الفنانة عزة فهمي لـ«الشرق الأوسط»: «اعتدت أن أقدم تشكيلة في شهر مارس كل عام، احتفاءً بالمرأة، لكن تشكيلة هذا العام جاءت تحمل رسائل مختلقة، فاحتفالاً بمرور 50 عاماً على إطلاق العلامة، قررت أن تكون زبوناتي هن بطلات الحملة، ولم أستعن بعارضات كما جرت العادة، بينما نروي أنا وبطلاتي قصصاً حقيقية تحمل رسائل حب ودعم على مدار 50 عاماً».
تقول أمينة غالي، ابنة عزة فهمي وكبيرة المصممين في العلامة: «الغرض وراء هذه الحملة هو أن نعكس مدى التواصل بين العلامة وعملائها، فهن الداعمات والمُلهمات». وتضيف أمينة: «استعنا بالمصور العالمي توفيق أرمان، ليلتقط لقطات عفوية تجمع الأمهات بأبنائهن وبناتهن، وهن يرتدين القطع المفضلة من أحدث تشكيلة قدمتها العلامة، لتسليط الضوء على أن روعة تصاميم عزة فهمي تكمن في فلسفتها الإنسانية».
تحمل هذه التشكيلة رسائل تدعو إلى الحب، والسعادة، وأهمية الروابط العائلية، من خلال تصاميم مزينة بكلمات عذبة، مثل: «كن جميلاً ترى الوجود جميلاً»، و«العمر السالم»، و«العين باب القلب»، وغيرها من الرسائل التي تعكس العلاقة الإنسانية والروحية بين عزة فهمي وكل من يذهب لقطعة حُلي بتوقيعها، لا لتتناغم مع الجمال بمفهومه الحسي فحسب، بينما تغازل الروح بما ينقيها.
قدمت ضمن هذه التشكيلة مجموعة لافتة من التصاميم التي تمزج خطوطاً من الفضة وأخرى من الذهب عيار 18، كما تشابكت بانسجام معهود، وتزينت بحبات اللؤلؤ وأحجار الفيروز، تُكلل مسيرة فنية عمرها 50 عاماً.
سألنا المصممة عزة فهمي بعد رحلة عمرها 50 عاماً من الإبداع والفن والإبحار في أعماق تاريخ وفنون مصر، عن أهم المحطات، وكانت الإجابة غير متوقعة، فلم تحدثنا عزة فهمي عن جوائز أو نجمات عالميات تألقن بأناملها، آخرهن خلال حفل توزيع الأوسكار 2020، لكن الأهم في رحلتها هو: «انضمام ابنتي للعمل ضمن فريق علامة عزة فهمي»، وتردف: «ابنتي الكبرى فاطمة غالي، اليوم هي الرئيسة التنفيذية للعلامة، انضمت إليها عام 2000، بعد أن تعلمت أساسيات إدارة علامة تجارية. شاهدتها تعمل بشكل استراتيجي على تطوير ما نقدمه». كذلك أمينة غالي، الابنة الصغرى لعزة فهمي، التي انضمت إلى العلامة 2005 لكن من بوابة التصميم، وقدمت بالفعل أول تشكيلة تحمل اسمها عام 2008. تقول عزة فهمي: «أشعر بالسعادة الآن بعد أن أصبحت أمينة مصممة تمتلك أدوات المهنة وتعمل معي يداً بيد لاستكمال مسيرة علامة عزة فهمي».
من المحطات الهامة أيضاً في تاريخ عزة فهمي، حسب قولها، هو إطلاقها لمعهد التصميم، تقول عزة فهمي: «أنشأت مؤسسة للحرف اليدوية والتدريب المهني، مؤسسة غير ربحية، تهدف إلى الحفاظ على التراث المصري من ناحية، ومن ناحية أخرى، إنشاء نموذج مهني لتأهيل المحترفين ودعم المواهب الشابة من خلال برامج صُممت خصيصاً لتناسب معايير الجودة العالمية». توقفت أيضاً المصممة خلال حديثها لـ«الشرق الأوسط» عند الشراكات التي عقدتها مع أسماء رنانة في عالم المجوهرات، لا سيما داخل لندن التي تحتل مكانة خاصة لديها، حسب وصفها، وتقول: «تعاوننا مع مصممين عالميين مثل جوليان ماكدونالد، ثورنتون بريجازي، وماثيو ويليامسون لتقديم تشكيلات صُممت خصيصاً لتعرض داخل المتحف البريطاني».
في عام 2003 أطلقت عزة فهمي كتاباً بعنوان «ذا تراديشنال جلوري اوف إيجيبت»، وتقول عزة فهمي عن الكتاب: «هو عبارة عن رحلة بحث واستكشاف في جميع أنحاء مصر للوقوف عند أهم الحُلي التي تعكس إرث أجدادنا، بداية من الحضارة الفرعونية وحتى التاريخ المعاصر. لقد استغرق الأمر 12 عاماً تقريباً من البحث والتصميم». بعد مرور 50 عاماً بالطبع تقف علامة مصرية وعالمية مثل عزة فهمي أمام تحديات معاصرة، أهمها تغير ذوق الزبونات من جيل الألفية. وتقول عزة فهمي عن استعدادات العلامة لمواكبة الجديد: «نعمل عن كثب مع فريق من المصممين ومنسقي المظهر ووكالات عالمية تتابع وتتنبأ بالاتجاهات، مما يساعدنا على تقديم المناسب في إطار الحفاظ على هوية العلامة» وتضيف: «نحن أمام نساء تستثمر في قطع توفر الراحة والأناقة معاً».



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».