حذر دبلوماسيون وخبراء غربيون من احتمال ألا يتمكن اتفاق السلام الأخير في جنوب السودان من إيقاف الصراع الدامي في البلاد، مما يثير تساؤلات حول مدى إمكانية إنهاء حلقة العنف الوحشية في الدولة الواقعة في شرق أفريقيا.
وناقش مسؤولون أميركيون عدة خيارات في حال فشل اتفاق السلام، من بينها سحب الاعتراف من حكومة الرئيس سلفا كير. ونقلت مجلة «فورين بوليسي» الأميركية عن مراقبين قولهم إن الصفقة، التي عقدها رئيس جنوب السودان سلفا كير ميارديت ونائبه الأول، تدعم بشكل فعال الصيغة نفسها لتقاسم السلطة لإنهاء الحرب الأهلية في البلاد، التي فشلت بشكل متكرر. ويرى هؤلاء الخبراء أن الصفقة تسلط الضوء على وضع هذا البلد «من قصة نجاح دولية إلى كارثة دبلوماسية مزمنة».
وذكرت المجلة المعنية برسم السياسة الخارجية، التي صدرت أول من أمس، أن أحد الدبلوماسيين الأوربيين البارزين في السياسة الخارجية صرح بأنه «لم يتغير أي شيء حقاً» في جنوب السودان. وأضافت المجلة موضحة: «حتى لو التزم المسؤولان (سيلفا كير وريك مشار) بتعهداتهما، فإن الإرادة الموروثة لن تمنع استمرار العنف والفساد».
ونقلت المجلة عن مسؤولين غربيين تشكيكهم في أسس اتفاق السلام، بدعوى أنه غير قائم على استراتيجية لإيجاد طريق آخر للسلام إذا فشل. وقال بايتون كنوبف الرئيس السابق لفريق خبراء الأمم المتحدة في جنوب السودان، الذي يعمل الآن مع معهد السلام في الولايات المتحدة، إنه «لا يوجد سبب يشير إلى نجاح اتفاقية تقاسم السلطة نفسها، التي فشلت عدة مرات».
وناقش المسؤولون الأميركيون مجموعة من الخيارات إذا فشلت الصفقة مرة أخرى، بما في ذلك معاقبة مزيد من كبار المسؤولين في حكومة جنوب السودان، وخفض مستوى العلاقات الدبلوماسية، وحتى إلغاء الاعتراف بحكومة جنوب السودان كخيارات محتملة. لكن بعض الخبراء في المنطقة يرون أن هذا غير كافٍ.
وقال مسؤول أميركي: «الآن وقد تم تشكيل الحكومة لا أعتقد أيضاً أن هناك خطة. فما الذي نضغط عليه؟ وما الذي نركز عليه الآن؟ الأمر ما زال غير واضح». أما المتحدث باسم الخارجية الأميركية، فقد عبر عن أمله في أن تظهر قيادة حقيقية من جميع الأطراف، وأن تستمر عملية السلام في التقدم، وقال: «إذا توقف التقدم ستستخدم الولايات المتحدة جميع الأدوات المتاحة، بما في ذلك العقوبات لتعزيز المساءلة لمن ينكرون السلام والتقدم لشعب جنوب السودان».
ويقول بعض المسؤولين الحاليين والسابقين في وزارة الخارجية الأميركية، إن الخطوات الدبلوماسية التي اتخذتها الولايات المتحدة «ربما تكون قد ضاعفت من أزمة البلاد»، ويشمل ذلك ما قام به وزير الخارجية السابق جون كيري، باستبعاد زعيم المتمردين المعترف به رياك مشار، ودعم نائبه السابق تابان دينق قاي، زعيماً رسمياً للمعارضة، وهو ما يعني أن مشار لم يعد جزءاً من اتفاق السلام في البلاد.
وتقول المجلة إن الدبلوماسيين يعتقدون أن قرار كير بتقليص عدد الولايات في جنوب السودان من 32 إلى 10، بالإضافة إلى 3 مناطق إدارية، كان تنازلاً مهماً أزال تبريرات مشار لتجنب العودة إلى جوبا. وفي هذا السياق، عبر مسؤول أميركي رفيع المستوى عن تفاؤله الحذر بأن الصفقة الأخيرة قد تكون لها فرصة أفضل للنجاح مقارنة بالصفقات السابقة.
وتشير «فورين بوليسي» إلى أنه في خضم اتفاق السلام المثير للجدل، يتوقع خبراء ودبلوماسيون أن دائرة العنف لن تنتهي، بدعوى أن الأسباب الجذرية للنزاع، التي تشمل الوصول إلى الموارد والنزاعات على الأراضي، لا تزال مستمرة، حيث تم إجبار حوالي 4 ملايين شخص على ترك منازلهم، أو الهرب إلى البلدان المجاورة، وفقاً للأمم المتحدة.
أميركيون يناقشون «خيارات» تحسباً لفشل اتفاق السلام
من بينها سحب الاعتراف من حكومة سلفا كير في جنوب السودان
أميركيون يناقشون «خيارات» تحسباً لفشل اتفاق السلام
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة