واشنطن تمهل السلطة الفلسطينية «أشهراً قليلة» للعودة إلى المفاوضات مع إسرائيل

TT

واشنطن تمهل السلطة الفلسطينية «أشهراً قليلة» للعودة إلى المفاوضات مع إسرائيل

كشفت مصادر سياسية أميركية وإسرائيلية في تل أبيب أن الإدارة الأميركية أمهلت السلطة الفلسطينية «بضعة شهور قليلة جداً»، للعودة إلى مفاوضات السلام مع إسرائيل. وقالت المصادر إنه «في حال استمرار العناد الفلسطيني برفض التفاوض حول (صفقة القرن)، فإن الإدارة الأميركية، ستعلن موافقتها على الإجراءات الإسرائيلية أحادية الجانب، أي فرض السيادة على جميع المستوطنات في الضفة الغربية وضم منطقتي غور الأردن وشمال البحر الميت».
وقالت القناة «13» للتلفزيون الإسرائيلي إن مسؤولين أميركيين رفيعي المستوى، لم تُسمّهم، قد أكدوا توجيه هذه الرسالة إلى السلطة الفلسطينية مؤخراً، قائلين إنهم «عازمون على الموافقة على إجراءات الضم الإسرائيلية خلال أشهر قليلة جداً إذا لم يعُد الفلسطينيون إلى طاولة المفاوضات». ونقلت القناة عن مسؤولي البيت الأبيض قوله إنه رغم الوضع السياسي في إسرائيل فإنهم يعتزمون الموافقة على الضم الإسرائيلي في غضون أشهر إذا لم يعُد الفلسطينيون للمفاوضات.
وذكر المسؤولون الأميركيّون أن «البيت الأبيض سيواصل دفع خطة السلام التي طرحها الرئيس دونالد ترمب، (المعروفة باسم «صفقة القرن»)، وأنهم سيكونون منفتحين على البحث في اقتراحات حلول وسط يطرحها الفلسطينيون في حال عودتهم إلى المفاوضات». وأكدوا أن الرئيس ترمب مصمم على «المضي قدماً في تنفيذ خطة السلام، بغض النظر عن الأزمة السياسية الحزبية في إسرائيل حتى لو كانت هناك انتخابات رابعة».
وأضافوا أن كلا الحزبين المتنافسين على رئاسة الحكومة في تل أبيب؛ «الليكود» برئاسة بنيامين نتنياهو، و«كحول لفان» برئاسة بيني غانتس، يعلم «أن رئاسة دونالد ترمب هي فرصة فريدة لإسرائيل لا يجوز تفويتها». ومع ذلك، فإن ترمب ومستشاريه يأملون في أن تؤدي نتائج الانتخابات الأخيرة إلى تشكيل حكومة مستقرة في إسرائيل، غير أنهم لفتوا إلى أن «البيت الأبيض قرر قبل بضعة أشهر، وتحديداً بعد قرار الذهاب لانتخابات ثالثة، التعامل مع الأزمة السياسية في إسرائيل كوضع يمكن أن يستمر لفترة طويلة. لذلك لن ينتظروا حتى تحل الأزمة الحزبية الداخلية. وهم متفاهمون على ذلك مع كلا القطبين».
وذكرت القناة أن المسؤولين الأميركيين يرون أن «القضية الرئيسية المطروحة للنقاش في هذه المرحلة هي ترسيم الحدود الإسرائيلية ووضع خريطة الدولة الفلسطينية المقترحة. وستواصل اللجنة الإسرائيلية - الأميركية المشتركة، التي أقيمت خصيصاً لهذا الغرض، برئاسة السفير الأميركي لدى إسرائيل، ديفيد فريدمان، العمل على ترسيم هذه الحدود. وهي التي كانت قد عقدت جلستها الأولى قبل أسبوعين في مستعمرة أرئيل المقامة على أراضي نابلس وقراها، وحضرها رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، بنفسه. وهي تواصل اجتماعاتها بشكل مكثف، التي ترمي إلى تحديد دقيق للمناطق المحتلة في الضفة الغربية التي ستعترف بها الولايات المتحدة كجزء من إسرائيل بموجب خطة ترمب، التي يمكن لإسرائيل ضمها إذا رغبت في ذلك.
وقد رفض الدكتور صائب عريقات، أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير هذا التحذير، وقال خلال لقاء مع نحو 50 طالباً من كلية الدراسات العليا في جامعة جورج واشنطن الأميركية، أمس (الجمعة) في مدينة رام الله، إن صفقة القرن هي مشروع أحادي الجانب وأحادي المصالح. الإدارة الأميركية وضعته وفقاً للسياسة الإسرائيلية اليمينية. وينطوي على عشرات المخالفات الفاضحة للقانون الدولي والاتفاقات الموقعة. ولا طريق بديلة سوى الاستناد إلى القانون الدولي وإلى المرجعيات الدولية الشرعية لتحقيق مبدأ الدولتين على حدود 1967. لكن أوساطاً في محيط غانتس، رئيس «كحول لفان»، اعتبرت التحذير الأميركي «بادرة إيجابية جاءت متلائمة مع موقف الحزب الذي يرى أن صفقة القرن جيدة بمدى ما يشارك فيها الفلسطينيون. وهي بمثابة عرض قدمه الأميركيون للفلسطينيين حتى ينزلوا عن شجرة الرفض. فالعرض يقول إن من حق الفلسطينيين أن يطرحوا بدائل للبنود التي يرفضونها».
وكان غانتس قد أكد، عندما أعلن تأييده صفقة القرن، أن حزبه يقبل الصفقة، ولكنه في حال فوزه بالحكم سيعمل على تطبيقها بالاشتراك مع الفلسطينيين والدول العربية، ومع ذلك أعرب عن تأييده لضم غور الأردن.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».