باريس تدعو لوقف «فوري ودائم ويمكن التحقق منه» للأعمال العدائية بإدلب

قالت إن الحل لا يمكن أن يكون إلا سياسياً وبإشراف الأمم المتحدة

وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لو دريان (أ.ف.ب)
وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لو دريان (أ.ف.ب)
TT

باريس تدعو لوقف «فوري ودائم ويمكن التحقق منه» للأعمال العدائية بإدلب

وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لو دريان (أ.ف.ب)
وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لو دريان (أ.ف.ب)

«الكحل أفضل من العمى»، هكذا يمكن تلخيص الموقف الفرنسي من الاتفاق الذي أبرم أمس بين الرئيسين الروسي والتركي في موسكو، الذي نص على وقف لإطلاق النار، وإقامة ممر آمن، وتسيير دوريات مشتركة على الطريق السريع «إم 4».
وقالت الخارجية الفرنسية أمس، في إطار مؤتمرها الصحافي الإلكتروني، إن باريس «أخذت علماً» بالاتفاق، وهي ترى أنه من «الأساسي» أن يتم تنفيذه فعلياً، بحيث يفضي إلى «وقف الأعمال العدائية بشكل فوري ودائم، ويمكن التحقق منه». ودعت فرنسا إلى «ضمان الاحترام الكامل للقانون الدولي الإنساني، وحماية المدنيين، وإيصال المساعدات الإنسانية دون عائق».
وجاء في كلام الخارجية الفرنسية، أن باريس تعمل على المستويين الوطني والأوروبي، على تعبئة المساعدة الإنسانية الأكبر لصالح المدنيين النازحين في منطقة إدلب، الذين يربو عددهم على المليون، والذين يعانون من ظروف «معيشية» بالغة الصعوبة. إلا أن ما تراه باريس تقدماً ليس كافياً؛ إذ إنها تذكر أن «الحل السياسي المتفاوض عليه تحت رعاية الأمم المتحدة (والمقصود به ألا يكون محصوراً بين موسكو وأنقرة) وفقاً لقرار مجلس الأمن 2254، هو الوحيد القادر على توفير الشروط لحل دائم للأزمة السورية».
وكانت باريس ترغب في أن تكون جزءاً من الجهود والاتفاق، وقد اقترحت مع ألمانيا قمة رباعية روسية - تركية - فرنسية – ألمانية؛ بيد أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بعد فترة من المماطلة، رفض الاقتراح، وفضَّل عليه قمة ثنائية مع إردوغان، مبقياً بذلك أوروبا خارج اللعبة. وبذلك تتأكد الرؤية الفرنسية القائلة إن الأطراف التي لديها قوات عسكرية على الأراضي السورية هي الوحيدة مسموعة الكلمة.
وتتحفظ المصادر الفرنسية على الاتفاق، وحول مدى جدية العمل به، قياساً على الاتفاقات السابقة التي أبرمت بين الطرفين «ومع إيران»، ومنها اتفاق سوتشي لعام 2018 الذي تم التأكيد عليه في قمة رباعية شاركت فيها باريس وبرلين. والحال أن الاتفاق المذكور لم يحترم تماماً إلا نادراً، ثم أجهز عليه مع إطلاق العمليات العسكرية منذ شهر أبريل (نيسان) الماضي.
وتضيف مصادر رسمية أوروبية أن الاتفاق الأخير - رغم إشارته إلى منطقة آمنة على جانبي الطريق السريع «إم 4» وإلى تسيير دوريات مشتركة بدءاً من منتصف الشهر الجاري - لا يأتي على مصير الجهاديين، وتحديداً «جبهة النصرة» التي شكَّلت دوماً الحجة الرئيسية لروسيا والنظام للقيام بعمليات عسكرية. وكان من المفترض بأنقرة أن تفصل بين الجهاديين وبين مقاتلي المعارضة السورية، وهو ما لم يفلح الجانب التركي في القيام به. يضاف إلى ذلك - وفق المصادر المشار إليها - أن هناك قناعة أوروبية بأن اتفاق بوتين – إردوغان هو في جوهره «مرحلي» باعتبار أن دمشق وموسكو أعلنتا دوماً أن من حق النظام إعادة فرض سيطرته على كافة المناطق السورية، وهو ما أعاد الرئيس السوري التأكيد عليه في الساعات الأخيرة.



كندا: ترودو يستقيل من زعامة الحزب الليبرالي

TT

كندا: ترودو يستقيل من زعامة الحزب الليبرالي

ترودو متأثراً خلال إعلان استقالته في أوتاوا الاثنين (رويترز)
ترودو متأثراً خلال إعلان استقالته في أوتاوا الاثنين (رويترز)

أعلن رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو (53 عاماً) استقالته من منصبه، الاثنين، في مواجهة ازدياد الاستياء من قيادته، وبعدما كشفت الاستقالة المفاجئة لوزيرة ماليته عن ازدياد الاضطرابات داخل حكومته.

وقال ترودو إنه أصبح من الواضح له أنه لا يستطيع «أن يكون الزعيم خلال الانتخابات المقبلة بسبب المعارك الداخلية». وأشار إلى أنه يعتزم البقاء في منصب رئيس الوزراء حتى يتم اختيار زعيم جديد للحزب الليبرالي.

وأضاف ترودو: «أنا لا أتراجع بسهولة في مواجهة أي معركة، خاصة إذا كانت معركة مهمة للغاية لحزبنا وبلدنا. لكنني أقوم بهذا العمل لأن مصالح الكنديين وسلامة الديمقراطية أشياء مهمة بالنسبة لي».

ترودو يعلن استقالته من أمام مسكنه في أوتاوا الاثنين (رويترز)

وقال مسؤول، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، إن البرلمان، الذي كان من المقرر أن يستأنف عمله في 27 يناير (كانون الثاني) سيتم تعليقه حتى 24 مارس، وسيسمح التوقيت بإجراء انتخابات على قيادة الحزب الليبرالي.

وقال ترودو: «الحزب الليبرالي الكندي مؤسسة مهمة في تاريخ بلدنا العظيم وديمقراطيتنا... سيحمل رئيس وزراء جديد وزعيم جديد للحزب الليبرالي قيمه ومثله العليا في الانتخابات المقبلة... أنا متحمّس لرؤية هذه العملية تتضح في الأشهر المقبلة».

وفي ظل الوضع الراهن، يتخلف رئيس الوزراء الذي كان قد أعلن نيته الترشح بفارق 20 نقطة عن خصمه المحافظ بيار بوالييفر في استطلاعات الرأي.

ويواجه ترودو أزمة سياسية غير مسبوقة مدفوعة بالاستياء المتزايد داخل حزبه وتخلّي حليفه اليساري في البرلمان عنه.

انهيار الشعبية

تراجعت شعبية ترودو في الأشهر الأخيرة ونجت خلالها حكومته بفارق ضئيل من محاولات عدة لحجب الثقة عنها، ودعا معارضوه إلى استقالته.

ترودو وترمب خلال قمة مجموعة العشرين في هامبورغ 8 يوليو 2017 (رويترز)

وأثارت الاستقالة المفاجئة لنائبته في منتصف ديسمبر (كانون الأول) البلبلة في أوتاوا، على خلفية خلاف حول كيفية مواجهة الحرب التجارية التي تلوح في الأفق مع عودة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض.

وهدّد ترمب، الذي يتولى منصبه رسمياً في 20 يناير، بفرض رسوم جمركية تصل إلى 25 في المائة على السلع الكندية والمكسيكية، مبرراً ذلك بالأزمات المرتبطة بالأفيونيات ولا سيما الفنتانيل والهجرة.

وزار ترودو فلوريدا في نوفمبر (تشرين الثاني) واجتمع مع ترمب لتجنب حرب تجارية.

ويواجه ترودو الذي يتولى السلطة منذ 9 سنوات، تراجعاً في شعبيته، فهو يعد مسؤولاً عن ارتفاع معدلات التضخم في البلاد، بالإضافة إلى أزمة الإسكان والخدمات العامة.

ترودو خلال حملة انتخابية في فانكوفر 11 سبتمبر 2019 (رويترز)

وترودو، الذي كان يواجه باستهتار وحتى بالسخرية من قبل خصومه قبل تحقيقه فوزاً مفاجئاً ليصبح رئيساً للحكومة الكندية على خطى والده عام 2015، قاد الليبراليين إلى انتصارين آخرين في انتخابات عامي 2019 و2021.

واتبع نجل رئيس الوزراء الأسبق بيار إليوت ترودو (1968 - 1979 و1980 - 1984) مسارات عدة قبل دخوله المعترك السياسي، فبعد حصوله على دبلوم في الأدب الإنجليزي والتربية عمل دليلاً في رياضة الرافتينغ (التجديف في المنحدرات المائية) ثم مدرباً للتزلج على الثلج بالألواح ونادلاً في مطعم قبل أن يسافر حول العالم.

وأخيراً دخل معترك السياسة في 2007، وسعى للترشح عن دائرة في مونتريال، لكن الحزب رفض طلبه. واختاره الناشطون في بابينو المجاورة وتعد من الأفقر والأكثر تنوعاً إثنياً في كندا وانتُخب نائباً عنها في 2008 ثم أُعيد انتخابه منذ ذلك الحين.

وفي أبريل (نيسان) 2013، أصبح زعيم حزب هزمه المحافظون قبل سنتين ليحوله إلى آلة انتخابية.

وخلال فترة حكمه، جعل كندا ثاني دولة في العالم تقوم بتشريع الحشيش وفرض ضريبة على الكربون والسماح بالموت الرحيم، وأطلق تحقيقاً عاماً حول نساء السكان الأصليين اللاتي فُقدن أو قُتلن، ووقع اتفاقات تبادل حرّ مع أوروبا والولايات المتحدة والمكسيك.