قرار قضائي يمنع أصحاب 20 مصرفاً من التصرف بأموالهم وممتلكاتهم

TT

قرار قضائي يمنع أصحاب 20 مصرفاً من التصرف بأموالهم وممتلكاتهم

تعرضت مجموعة من المصارف اللبنانية يزيد حجمها عن 90 في المائة من إجمالي القطاع، إلى تدبير قضائي قضى بتجميد أصولها ومنع رؤساء مجالس إدارتها من التصرف بممتلكاتهم العقارية وغير العقارية. وأحدث القرار المفاجئ ضجة لدى رؤساء البنوك المعنية. وجزم العديد منهم ممن تواصلت معهم «الشرق الأوسط» أنهم لم يتبلغوا أي مذكرة بهذا الشأن. وهو ما يضفي على القضية أبعادا تتعدى الإطار القضائي البحت.
وسارع المصرفيون إلى إجراء مشاورات هاتفية فيما بينهم ومع أركان جمعية المصارف، أفضت إلى توافق على عقد اجتماع موسع أشبه بجمعية عمومية طارئة. كما تم التواصل مع محامي البنوك المعنية وحثهم على متابعة الحدث والتشاور فيما بينهم لإعداد مذكرة بردود قانونية، على أن يبحثوا الردود العملية والتنسيق مع حاكمية البنك المركزي بوصفها الراعية لشؤون المصارف.
وسبقت القرار القضائي اتهامات وجهها رئيس المجلس النيابي نبيه بري للمصارف وحمّلها مسؤولية عدم الاحتفاظ بنسبة 75 في المائة من الاستحقاق الداهم، بحيث يمكن للحكومة مفاوضة الدائنين المحليين على حلول مناسبة للوضع المالي الصعب. ثم ساهم تعميم رد عنيف للمصارف عبر مصادر في زيادة منسوب التوتر، كما انفلتت المضاربات في سوق القطع في ظل ضخ معلومات وشائعات عن إمكانية تعويم سعر الليرة بعدما تخطى 2700 ليرة لدى الصرافين.
وقال مسؤول مصرفي كبير لـ«الشرق الأوسط» «إذا كنا أخطأنا ببيع اليوروبوندز في الأسابيع الأخيرة، رغم توضيحاتنا للمعنيين بأننا نسعى إلى تأمين السيولة بالعملات الصعبة لتلبية طلبات السحب الكثيفة من قبل المودعين، فقد دفعونا إلى ذلك بالمزايدات والمطالبة بعدم الدفع. وفي كل حال فلنفتح سجل العيوب والأخطاء التي أوصلتنا إلى هذا الوضع المزري وليكن القضاء مرجعا وحيدا لمحاكمة الجميع بعد فتح كل القضايا المتصلة بفساد الطبقة السياسية وهدر المال العام».
وسأل المصرفي: هل يريدون تحميلنا أوزار القرارات غير الشعبية التي يزمعون الإفصاح عنها أو عن الحزمة الأولى منها يوم غد السبت بعدما عملوا جاهدين على تحميل المصارف مسؤولية الفشل المالي للدولة؟ وأضاف: «لن ننجر إلى سجالات مفتوحة لا مع المرجع القضائي ولا مع السياسيين. وذلك رغم قناعتنا بأن ما يحصل لا يستقيم مع الأصول الإدارية والقانونية، ويثير هواجس جدية حول الخلفيات والاستهدافات في هذه المرحلة العصيبة».
وتخوف المسؤول المصرفي «من توجيه الغضب الشعبي إلى المصارف حصرا، وصرفه عن المسؤولين الحقيقيين الذين كبدوا البلاد خسائر هائلة بفعل الفراغات المتكررة رئاسيا وحكوميا والتهرب من تنفيذ التزامات برامج الإصلاحات المالية والإدارية والإصرار على تضخيم القطاع العام والتوظيفات الانتخابية ومضاعفة كلفة أجور ومخصصات الإدارة العامة للدولة من خلال سلسلة الرتب والرواتب التي تم إقرارها في خريف العام ٢٠١٧ قبل أشهر من الانتخابات النيابية».
وتسارعت الإجراءات القضائية التي طالت المصارف على خلفية تحويلات مالية إلى الخارج بلغت قيمتها 2.3 مليار دولار، في ذروة الأزمة الاقتصادية وفقدان السيولة من الأسواق المالية، وأصدر النائب العام المالي القاضي علي إبراهيم قراراً قضى بوضع إشارة «منع تصرف» على أصول 20 مصرفاً لبنانياً، وأبلغ مضمون هذا القرار إلى المديرية العامة للشؤون العقارية، أمانة السجل التجاري، هيئة إدارة السير والآليات، حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، جمعية المصارف وهيئة الأسواق المالية، كما شملت هذه الإجراءات أملاك أصحاب ورؤساء مجالس إدارة تلك المصارف.
وأبلغ إبراهيم قناة «الجديد»: «إن القرار هو تدبير مؤقت يطال الأصول الثابتة للمصارف ولا علاقة له بأموالهم»، وقد اتخذ بعد تحقيقات مع هذه المصارف التي تحتجز أموال المودعين وتخالف قانون النقد والتسليف.
وأفادت مصادر متابعة لهذا الملف، أن قرار القاضي إبراهيم شمل المصارف التالية: بنك عوده، لبنان والمهجر، فرنسبنك، بيبلوس بنك، سوسيتيه جنرال، بنك بيروت، بنك البحر المتوسط، البنك اللبناني الفرنسي، الاعتماد اللبناني، إنتركونتينتال بنك، فيرست ناشيونال، بنك لبنان والخليج، بنك بيروت والبلاد العربية، بنك الشرق الأوسط وأفريقيا، سيدروس بنك، فيدرال بنك، الشركة الجديدة لبنك سوريا ولبنان، بنك الموارد، البنك اللبناني السويسري وبنك مصر لبنان وبنك سرادار.
وأكد مصدر قضائي بارز لـ«الشرق الأوسط»، أن «هذا القرار لا يصبح نافذاً، قبل الحصول على موافقة حاكم مصرف لبنان عليه». وشدد على أن «السياسة المالية المعتمدة في لبنان، تقوم على تعزيز الثقة بالقطاع المصرفي وليس هدمه»، معتبراً أن «ضرب المصارف يدمر الثقة بالاقتصاد اللبناني وبسيادة الدولة المالية». ولفت المصدر القضائي الذي رفض ذكر اسمه، إلى أن «هذا الأمر سيكون على طاولة حاكم المصرف المركزي، الذي قد يطلب عرض الأمر على مجلس الوزراء، لشرح طبيعة السياسة المالية المعتمدة، وتذكير المراجع السياسية بأن مسؤولية الحاكم لا تتوقف على الإدارة المالية في البلاد، بل أيضاً على حماية القطاع المصرفي».
وصدر عن المكتب الاعلامي لرئيس مجلس النواب نبيه برّي مساء امس بيان رداً على ما ذكرته محطات تلفزيونية انه كان وراء القرار الذي اتخذه المدعي العام المالي علي ابراهيم حيال المصارف. وأكد البيان ان «برّي لم ولن يتدخل في عمل القضاء في يوم من الأيام وكل ما أوردته تلك الشاشات غير صحيح جملة وتفصيلا».
وينتظر أن تكون لهذا القرار تداعيات داخلية وخارجية، إذ اعتبر الخبير المالي والاقتصادي الدكتور توفيق كسبار الذي عمل لسنوات في صندوق النقد الدولي في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «القرار سيترك تداعيات خطيرة، إذا شمل ودائع المصارف في الخارج، وستكون له ارتدادات سلبية اقتصاديا ومالياً ونقدياً».
وفيما لا يزال النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات يجري تحقيقاته بشأن التحويلات المالية للخارج، تلقى كتاباً من وزيرة العدل ماري كلود نجم، أوضحت فيه أن التحويلات إلى الخارج لا تتعارض مع أحكام القانون، لكنها طلبت التحقق مما إذا كانت هذه التحويلات أضرّت بالاستقرار المالي والنقدي». وأحال عويدات هذا الطلب على هيئة التحقيق الخاصة، لإجراء المقتضى وإفادته عن مدى تأثير تلك التحويلات على الاستقرار، وما إذا أدت إلى شحّ السيولة وارتفاع سعر صرف الدولار مقابل العملة الوطنية.
وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر مطلعة، أن التحقيقات «بيّنت أن حوالي 160 مليون دولار من قيمة التحويلات تعود لسياسيين لبنانيين وعاملين في الشأن العام، جرى نقلها إلى حسابات مصرفية في الخارج، وإلى دول غربية غير سويسرا». وأشارت المصادر نفسها إلى أن «المدعي العام التمييزي ينتظر جواب السلطات السويسرية عن قيمة الأموال اللبنانية المحولة إلى مصارفها وهويات أصحابها وحساباتهم».



تنديد يمني بتصفية الحوثيين أحد المعتقلين في تعز

مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)
مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)
TT

تنديد يمني بتصفية الحوثيين أحد المعتقلين في تعز

مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)
مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)

نددت الحكومة اليمنية بتصفية الحوثيين أحد المعتقلين المدنيين في أحد السجون الواقعة شرق مدينة تعز، واتهمت الجماعة بالتورط في قتل 350 معتقلاً تحت التعذيب خلال السنوات الماضية.

التصريحات اليمنية التي جاءت على لسان وزير الإعلام، معمر الإرياني، كانت بعد أيام من فرض الولايات المتحدة عقوبات على قيادي حوثي يدير المؤسسة الخاصة بملف الأسرى في مناطق سيطرة الجماعة.

معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية (سبأ)

ووصف الإرياني إقدام الحوثيين على تصفية المواطن أحمد طاهر أحمد جميل الشرعبي، في أحد معتقلاتهم السرية في منطقة الحوبان شرق تعز، بأنها «جريمة بشعة» تُضاف إلى سجل الجماعة الحافل بالانتهاكات والجرائم ضد الإنسانية، وتعكس طبيعتها الوحشية وعدم التزامها بأي قانون أو معايير إنسانية، وفق تعبيره.

وأوضح الوزير اليمني في تصريح رسمي أن الحوثيين اختطفوا الضحية أحمد الشرعبي، واحتجزوه قسرياً في ظروف غير إنسانية، قبل أن يطلبوا من أسرته، في 11 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، الحضور لاستلام جثته بعد وفاته تحت التعذيب.

وقال إن هذا العمل الوحشي من قِبَل الحوثيين يظهر اللامبالاة بأرواح اليمنيين، ويعيد التذكير باستمرار مأساة الآلاف من المحتجزين والمخفيين قسراً في معتقلات الجماعة بما في ذلك النساء والأطفال.

وأشار وزير الإعلام اليمني إلى تقارير حكومية وثقت أكثر من 350 حالة قتل تحت التعذيب في سجون الحوثيين من بين 1635 حالة تعذيب، كما وثقت المنظمات الحقوقية -بحسب الوزير- تعرض 32 مختطفاً للتصفية الجسدية، بينما لقي آخرون حتفهم نتيجة الانتحار هرباً من قسوة التعذيب، و31 حالة وفاة بسبب الإهمال الطبي، وقال إن هذه الإحصاءات تعكس العنف الممنهج الذي تمارسه الميليشيا بحق المعتقلين وحجم المعاناة التي يعيشونها.

ترهيب المجتمع

اتهم الإرياني الحوثيين باستخدام المعتقلات أداة لترهيب المجتمع المدني وإسكات الأصوات المناهضة لهم، حيث يتم تعذيب المعتقلين بشكل جماعي وتعريضهم لأساليب قاسية تهدف إلى تدمير إرادتهم، ونشر حالة من الخوف والذعر بين المدنيين.

وطالب وزير الإعلام في الحكومة اليمنية المجتمع الدولي والأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان بمغادرة ما وصفه بـ«مربع الصمت المخزي»، وإدانة الجرائم الوحشية الحوثية التي تمثل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي والإنساني.

الحوثيون يتعمدون ترهيب المجتمع بالاعتقالات والتعذيب في السجون (رويترز)

ودعا الوزير إلى «ممارسة ضغط حقيقي على ميليشيا الحوثي» لإطلاق صراح كل المحتجزين والمخفيين قسرياً دون قيد أو شرط، وفرض عقوبات صارمة على قيادات الجماعة وتصنيفها «منظمة إرهابية عالمية».

وكانت الولايات المتحدة فرضت قبل أيام عقوبات على ما تسمى «لجنة شؤون الأسرى» التابعة للحوثيين، ورئيسها القيادي عبد القادر حسن يحيى المرتضى، بسبب الارتباط بانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان في اليمن.

وتقول الحكومة اليمنية إن هذه المؤسسة الحوثية من أكبر منتهكي حقوق الإنسان وخصوصاً رئيسها المرتضى الذي مارس خلال السنوات الماضية جرائم الإخفاء القسري بحق آلاف من المدنيين المحميين بموجب القوانين المحلية والقانون الدولي الإنساني.