اهتم العلماء بالمومياوات البشرية منذ أوائل القرن الثامن عشر، ولكن التقنيات التي كانت متاحة وقتها لم تكن تسمح لهم بالكشف عن بعض الأسرار، وهو ما أصبح متاحا الآن.
وإذا كانت المومياء تعني وجود جثة، فإن التقنيات الحديثة كشفت عن نوعين، أحدهما يسمى «المومياء المركبة»، والآخر «المزيفة»، ولكن لم تتطرق أي دراسات من قبل إلى وصف تفصيلي لهذه المومياوات، والتي يحتوي نوعها الأول على عظام بشرية أو أجزاء من أجسام بشرية أو ضمادات من الكتان في شكل الأجزاء المفقودة من جسم الإنسان، بينما تكون «المزيفة» عبارة عن مزيج من العظام البشرية والحيوانية، أو لا تحتوي على عظام على الإطلاق.
وخلال دراسة نشرت في العدد الأخير من المجلة الدولية لهشاشة العظام، كشف الفريق البحثي من مركز أثينا الطبي في ماروسي باليونان، عن حالة فريدة لمومياء مركبة، خضعت لتصوير مقطعي محوسب (CT) كشف عن بعض أسرارها، لتكون هذه هي المرة الأولى التي تدرس فيها مومياء بشرية مركبة باستخدام هذا النوع من التصوير.
والمومياء التي خضعت للدراسة هي جزء من مجموعة مصرية تم التبرع بها للمتحف الأثري الوطني بأثينا اليونانية خلال القرن التاسع عشر، وتم العثور على المومياوات من هذه المجموعة خلال الحفريات في أخميم (مقبرة الحواويش، في بانوبوليس القديمة) في (صعيد مصر).
وفحصت 5 من هذه المومياوات بالأشعة المقطعية عام 2016، كجزء من مشروع أبحاث المومياء المشترك للمتحف الأثري الوطني، والمعهد الهيليني لعلم المصريات، ومركز أثينا الطبي.
ووفقاً للنقوش الهيروغليفية على التابوت، فإن هذه المومياء الخاصة كانت لرجل اسمه ثاو، ابن إياه (الأب) وإيه (الأم)، ويعود تاريخه إلى الفترة المبكرة إلى منتصف العصر البطلمي (304 - 150 قبل الميلاد).
وبينما كانت المومياوات الأربع الأخرى التي تم فحصها في هذا المشروع من نوعية المومياوات التقليدية، فإن المومياء موضع الدراسة التي خضعت للتصوير المقطعي المحوسب كانت من النوع المركب.
وكشف التصوير عن عدم وجود جثة، وكانت المومياء عبارة عن جمجمة وعظام تم ترتيبها ودعمها بعصي خشبية، وكانت تخص شخصا بالغا، وتكشف مميزات الجمجمة عن أنها تخص ذكرا، وكانت بعض أسنان الفكين مفقودة، والأسنان المتبقية في حالة جيدة بشكل عام مع تآكل خفيف فقط في بعضها.
وكشف التصوير أيضاً عن أن غالبية العظام كانت متوافقة تقريباً مع المنطقة التشريحية التي تنتمي إليها، وهناك عظام مفقودة، واستخدمت العصي الخشبية لدعم العظام، واستخدمت العصي الخشبية الأقصر ربما لمحاكاة شكل القدمين، وتشير العظام إلى معاناة صاحبها من أحد أشكال هشاشة العظام.
وأرجع الباحثون هذا النوع من التحنيط لأسباب روحية، دون أن يكشفوا عن تفاصيل هذه الأسباب، ولكن كاتب علم المصريات بسام الشماع، يشير في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط» إلى أن الاحتمال الأقرب للمنطق، هو أن تكون أجزاء من الجسد فقدت، بشكل يستحيل معه التحنيط التقليدي.
ويشير الشماع إلى احتمالية أن يكون البعد الاقتصادي حاضرا في التفسير، وهو ما يظهر بشكل واضح في مومياوات الحيوانات التي كان يتم تقديمها كقرابين، حيث كان البعض يقدم مومياء على شكل الحيوان، وليس الحيوان نفسه. ويضيف: «عندما تعرف أن سيدة قامت بتحنيط غزالة، في وقت عجز فيه آخرون عن تحنيط قطة، ويلجأون لمومياء مزيفة، فهذا يشير إلى أهمية البعد الاقتصادي».
أول دراسة بالأشعة على «مومياء فرعونية مركبة»
تحتوي على جمجمة وعظام ودعامات خشبية
أول دراسة بالأشعة على «مومياء فرعونية مركبة»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة