«مقامات الكارما» تُصلح ما أفسده البشر

في معرض فني بالقاهرة

لعبة شطرنج تجمع طرفي النزاع، البشر والحيوانات (الشرق الأوسط)
لعبة شطرنج تجمع طرفي النزاع، البشر والحيوانات (الشرق الأوسط)
TT

«مقامات الكارما» تُصلح ما أفسده البشر

لعبة شطرنج تجمع طرفي النزاع، البشر والحيوانات (الشرق الأوسط)
لعبة شطرنج تجمع طرفي النزاع، البشر والحيوانات (الشرق الأوسط)

قادت حرارة الأخبار الوافدة من غابات أستراليا وحرائقها التي التهمت آلاف الكائنات الحيّة والحيوانات، الفنان المصري أدهم بدوي إلى تخيّل عالم كامل، خلفياته قسوة الإنسان وعدم مسؤوليته التي أضرت بالبيئة وأدّت لظاهرة الاحتباس الحراري، وكان من نتائجها تلك الحرائق الفتاكة.
أطلق أدهم بدوي على معرضه الجديد اسم «مقامات الكارما»، والذي يستضيفه غاليري «بيكاسو» بالقاهرة حتى 6 مارس (آذار) الجاري، ويشف العنوان عن اتكاء المعرض على فلسفة هندية قديمة تتعلق بقانون «الكارما»، وعن هذا الرابط يتحدث أدهم بدوي لـ«الشرق الأوسط» ويقول: «كانت شرارة المعرض الأولى مصدرها رد فعل الطبيعة الغاضب الذي ظهر في حرائق الغابات، والاحتباس الحراري، وسببها طغيان الإنسان على الحيوات الأخرى المحيطة به، باستخدامه غير العادل للموارد البيئية، فكان للبيئة رد فعل عنيف، مما دفع المؤسسات الدولية للتحرك لوضع حلول سريعة للحفاظ على هذا التوازن من الاختلال والدمار، ومن هنا جاءت الفكرة والبحث وراء الفطرية الكونية الأولى، والعلاقات التكاملية البعيدة عن النفعية والمصلحة، ونظريات التأمل والتفسير للظواهر الطبيعية والانسجام معها بشكل فيه رضا تام للتعايش، وكانت فلسفة الكارما الخاصة بالفلسفة الهندوسية والبوذية هي مصدر الإلهام لصياغة أعمال معرضي، فالكارما في تعريفها هي الفعل ونتيجته، هي الروح الكونية المنظمة للعلاقات بين الإنسان والمحيط به من كائنات، وهي مبدأ الثواب والعقاب اليومي، كما تدين تدان، فهناك الكارما الموجبة وهي الخير الذي يكافئ أفعالك الخيرة، وتجعلك تشعر بالرضا والانسجام فيما يحيط بك من علاقات حياتية، وهناك كارما سالبة شريرة تعاقب كل من سخط وأساء».
واختار بدوي لفظ «مقامات» في اقتراب من الحالة الشعرية التي عبرت عنها لوحات المعرض، وكذلك الالتقاء بمنازل السمو المرتبطة بروح الكارما التي تُتوج فلسفة معرضه.
تموج شخصيات المعرض في فضاء حُر من الفانتازيا، يجعلك تشاهد ثوراً وهو يعتلي التاج، يجلس أمام أميرته البشرية الحسناء وقد سئمت من لعبة الشطرنج التي تجمعهم، وفتاة أخرى تُعانق ديكاً مزهواً بألوانه، وربما تقترب من فتاة أخرى قررت عبور بحر على متن قارب ورقي إلى مجهول، وأخرى تستعين بوترياتها الموسيقية لمواساة خيل أسود، فيما تقف العصافير في لوحة أخرى على كتف صاحبها تقرأ أفكاره وتشارك شجنه الصموت.
ولا يمكن تفادي هذا التكثيف لاستخدام عنصر الحيوانات كمفردات من الطبيعة عن مغزى المعرض الذي تحدث عنه صاحبه، ويقول: «ترتبط الحيوانات في الأعمال بفلسفة المعرض، علاوة على أنها تحمل دلالات رمزية كرمزية الثور مثلاً، فهو الشريك والمعشوق من جهة، ورمز للثورة والغضب والقوة من جهة أخرى، والحصان رمز للاحتضان والحنان والحماية، ورمزية الخيل فهو الخير والنبل، فهي دلالات ترتبط بفكرة التعايش السلمي والانسجام بين الإنسان والحيوان». ويمر أدهم بدوي على بعض الأعمال التي تنهل من معين الميثولوجيا الإغريقية القديمة، منها لوحة مقتبسة من أسطورة «ليدا» والإله «زيوس» عند اليونانيين القدماء، ومحاولاته لإغواء ليدا المرأة التي أحبها، وحاول السيطرة عليها ولم يستطع رغم تقديسه في الميثولوجيا الإغريقية، ثم أخذ يتجسد لها في صور عديدة من الحيوانات والطيور لمحاولة إقناعها بحبه، وأنجب منها «هيلين» التي كانت سبباً فيما بعد في حرب طروادة، يقول بدوي: «أثرت هذه الأسطورة بي لاقترابها أيضاً من فكرة المعرض فيما يخص طبيعة العلاقات والنتائج المترتبة عليها».
تبرز الخطوط القوية الحادة في لوحات المعرض التي يبلغ عددها 26 لوحة، وكأنها تُحيل لحالة النزاع بين البشر ومخلوقات الطبيعة، ومحاولات استئناسهم من جديد، وإيجاد رابط يجمع بين فطرتهم ولو عبر الفانتازيا، واستخدم صاحب المعرض خامات الأكريليك على توال، مُفعمة بمساحات لونية حُرة ونتاج فني شبه تكعيبي ممتزج بأنماط تعبيرية، يقول الفنان: «لا يبتعد استخدامي لتلك الخطوط والألوان عن شخصيتي الفنية التي تبلورت وسط المحيط البيئي الذي نشأت فيه، فأنا أنتمي إلى صعيد مصر الزاخر بالطبيعة الخلابة والمساحات الخضراء التي تلتقي مع امتداد سلسلة الجبال الحادة على مرمى البصر في صورة شديدة الخصوصية». ويختتم حديثه قائلاً: «التاريخ والموروث والمعتقدات كان لهم أكبر الأثر في تشكيل اتجاهي الفني والإدراك الحسي بالمحيط بي».



بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
TT

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)

منذ الحلقة الأولى لمسلسل «النار بالنار» لفت تيم عزيز المشاهد في دور (بارود). فهو عرف كيف يتقمص شخصية بائع اليانصيب (اللوتو) بكل أبعادها. فألّف لها قالباً خاصاً، بدأ مع قَصة شعره ولغة جسده وصولاً إلى أدائه المرفق بمصطلحات حفظها متابع العمل تلقائياً.
البعض قال إن دخول تيم عزيز معترك التمثيل هو نتيجة واسطة قوية تلقاها من مخرج العمل والده محمد عبد العزيز، إلا أن هذا الأخير رفض بداية مشاركة ابنه في العمل وحتى دخوله هذا المجال. ولكن المخرج المساعد له حسام النصر سلامة هو من يقف وراء ذلك بالفعل. ويقول تيم عزيز لـ«الشرق الأوسط»: «حتى أنا لم أحبذ الفكرة بداية. لم يخطر ببالي يوماً أن أصبح ممثلاً. توترت كثيراً في البداية وكان همي أن أثبت موهبتي. وفي اليوم الخامس من التصوير بدأت ألمس تطوري».
يحدثك باختصار ابن الـ15 سنة ويرد على السؤال بجواب أقصر منه. فهو يشعر أن الإبحار في الكلام قد يربكه ويدخله في مواقف هو بغنى عنها. على بروفايل حسابه الإلكتروني «واتساب» دوّن عبارة «اخسر الجميع واربح نفسك»، ويؤكد أن على كل شخص الاهتمام بما عنده، فلا يضيع وقته بما قد لا يعود ربحاً عليه معنوياً وفي علاقاته بالناس. لا ينكر أنه بداية، شعر بضعف في أدائه ولكن «مو مهم، لأني عرفت كيف أطور نفسي».
مما دفعه للقيام بهذه التجربة كما يذكر لـ«الشرق الأوسط» هو مشاركة نجوم في الدراما أمثال عابد فهد وكاريس بشار وجورج خباز. «كنت أعرفهم فقط عبر أعمالهم المعروضة على الشاشات. فغرّني الالتقاء بهم والتعاون معهم، وبقيت أفكر في الموضوع نحو أسبوع، وبعدها قلت نعم لأن الدور لم يكن سهلاً».
بنى تيم عزيز خطوط شخصيته (بارود) التي لعبها في «النار بالنار» بدقة، فتعرف إلى باعة اليناصيب بالشارع وراقب تصرفاتهم وطريقة لبسهم وأسلوب كلامهم الشوارعي. «بنيت الشخصية طبعاً وفق النص المكتوب ولونتها بمصطلحات كـ(خالو) و(حظي لوتو). حتى اخترت قصة الشعر، التي تناسب شخصيتي، ورسمتها على الورق وقلت للحلاق هكذا أريدها».
واثق من نفسه يقول تيم عزيز إنه يتمنى يوماً ما أن يصبح ممثلاً ونجماً بمستوى تيم حسن. ولكنه في الوقت نفسه لا يخفي إعجابه الكبير بالممثل المصري محمد رمضان. «لا أفوت مشاهدة أي عمل له فعنده أسلوبه الخاص بالتمثيل وبدأ في عمر صغير مثلي. لم أتابع عمله الرمضاني (جعفر العمدة)، ولكني من دون شك سأشاهد فيلمه السينمائي (هارلي)».
لم يتوقع تيم عزيز أن يحقق كل هذه الشهرة منذ إطلالته التمثيلية الأولى. «توقعت أن أطبع عين المشاهد في مكان ما، ولكن ليس إلى هذا الحد. فالناس باتت تناديني باسم بارود وتردد المصطلحات التي اخترعتها للمسلسل».
بالنسبة له التجربة كانت رائعة، ودفعته لاختيار تخصصه الجامعي المستقبلي في التمثيل والإخراج. «لقد غيرت حياتي وطبيعة تفكيري، صرت أعرف ماذا أريد وأركّز على هدف أضعه نصب عيني. هذه التجربة أغنتني ونظمت حياتي، كنت محتاراً وضائعاً أي اختصاص سأدرسه مستقبلاً».
يرى تيم في مشهد الولادة، الذي قام به مع شريكته في العمل فيكتوريا عون (رؤى) وكأنه يحصل في الواقع. «لقد نسيت كل ما يدور من حولي وعشت اللحظة كأنها حقيقية. تأثرت وبكيت فكانت من أصعب المشاهد التي أديتها. وقد قمنا به على مدى يومين فبعد نحو 14 مشهداً سابقاً مثلناه في الرابعة صباحاً صورنا المشهد هذا، في التاسعة من صباح اليوم التالي».
أما في المشهد الذي يقتل فيه عمران (عابد فهد) فترك أيضاً أثره عنده، ولكن هذه المرة من ناحية الملاحظات التي زوده بها فهد نفسه. «لقد ساعدني كثيراً في كيفية تلقف المشهد وتقديمه على أفضل ما يرام. وكذلك الأمر بالنسبة لكاريس بشار فهي طبعتني بحرفيتها. كانت تسهّل علي الموضوع وتقول لي (انظر إلى عيني). وفي المشهد الذي يلي مقتلها عندما أرمي الأوراق النقدية في الشارع كي يأخذها المارة تأثرت كثيراً، وكنت أشعر كأنها في مقام والدتي لاهتمامها بي لآخر حد»
ورغم الشهرة التي حصدها، فإن تيم يؤكد أن شيئاً لم يتبدل في حياته «ما زلت كما أنا وكما يعرفني الجميع، بعض أصدقائي اعتقد أني سأتغير في علاقتي بهم، لا أعرف لماذا؟ فالإنسان ومهما بلغ من نجاحات لن يتغير، إذا كان معدنه صلباً، ويملك الثبات الداخلي. فحالات الغرور قد تصيب الممثل هذا صحيح، ولكنها لن تحصل إلا في حال رغب فيها».
يشكر تيم والده المخرج محمد عبد العزيز لأنه وضع كل ثقته به، رغم أنه لم يكن راغباً في دخوله هذه التجربة. ويعلق: «استفدت كثيراً من ملاحظاته حتى أني لم ألجأ إلا نادراً لإعادة مشهد ما. لقد أحببت هذه المهنة ولم أجدها صعبة في حال عرفنا كيف نعيش الدور. والمطلوب أن نعطيها الجهد الكبير والبحث الجدّي، كي نحوّل ما كتب على الورق إلى حقيقة».
ويشير صاحب شخصية بارود إلى أنه لم ينتقد نفسه إلا في مشاهد قليلة شعر أنه بالغ في إبراز مشاعره. «كان ذلك في بداية المسلسل، ولكن الناس أثنت عليها وأعجبت بها. وبعدما عشت الدور حقيقة في سيارة (فولسفاكن) قديمة أبيع اليانصيب في الشارع، استمتعت بالدور أكثر فأكثر، وصار جزءاً مني».
تيم عزيز، الذي يمثل نبض الشباب في الدراما اليوم، يقول إن ما ينقصها هو تناول موضوعات تحاكي المراهقين بعمره. «قد نجدها في أفلام أجنبية، ولكنها تغيب تماماً عن أعمالنا الدرامية العربية».