تصاعد الإرهاب في غرب أفريقيا مع خفض القوات الأميركية

الاتحاد الأفريقي يستعد لنشر 3 آلاف عسكري في منطقة الساحل

قوات إسبانية تدرب الجنود الموريتانيين على مكافحة الإرهاب في غرب أفريقيا (نيويورك تايمز)
قوات إسبانية تدرب الجنود الموريتانيين على مكافحة الإرهاب في غرب أفريقيا (نيويورك تايمز)
TT

تصاعد الإرهاب في غرب أفريقيا مع خفض القوات الأميركية

قوات إسبانية تدرب الجنود الموريتانيين على مكافحة الإرهاب في غرب أفريقيا (نيويورك تايمز)
قوات إسبانية تدرب الجنود الموريتانيين على مكافحة الإرهاب في غرب أفريقيا (نيويورك تايمز)

أعلن الاتحاد الأفريقي أمس أنه يستعد لنشر 3 آلاف جندي بشكل مؤقت في منطقة الساحل في غرب أفريقيا؛ حيث تتصدى قوات إقليمية منذ نحو 8 سنوات لهجمات دامية يرتكبها متطرفون. واتخذ القرار خلال قمة للاتحاد الأفريقي في وقت سابق هذا الشهر، كما أكد رئيس لجنة السلام والأمن في الاتحاد، إسماعيل شيرغي، خلال مؤتمر صحافي. وقال شيرغي: «بالنسبة لقرار القمة العمل على نشر قوة من 3 آلاف عسكري في دول الساحل للمساعدة على ردع المجموعات الإرهابية، أعتقد أننا سنعمل عليه معاً مع مجموعة دول الساحل الخمس، والمجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا».
وأضاف: «أعتقد أن هذا القرار اتُّخذ، كما ترون، بسبب توسع التهديد، وازدياده تعقيداً».
وتضم مجموعة دول الساحل الخمس قوة مشتركة يبلغ عددها خمسة آلاف عسكري، تنتشر أصلاً في المنطقة.
الى ذلك تنقسم الإدارة الأميركية راهناً حول كيفية محاربة الإرهابيين وإسناد الحلفاء وإقصاء المنافسين الدوليين في غرب أفريقيا. كما تفرض الرسائل المختلطة الصادرة عن واشنطن حالة من الارتباط لدى الحلفاء في أوروبا، والملتزمين بشدة باستتباب الأمن في أفريقيا، فضلاً عن الشراكة العسكرية في القارة السمراء.
وكان وزير خارجية الولايات المتحدة قد أنهى جولته الكبيرة في أفريقيا، بما في ذلك زيارته العاجلة إلى السنغال، حيث تعهد بتقديم المزيد من أوجه الدعم الأمني، محذراً في الوقت نفسه من تنامي النفوذ الصيني في القارة. وكان وزير الدفاع الأميركي يدرس في العاصمة واشنطن خفض التواجد العسكري الأميركي بصورة كبيرة في أفريقيا، مع إغلاق قاعدة الطائرات المسيرة الـ(درون) الجديدة بتكلفة تبلغ 110 ملايين دولار، فضلاً عن إنهاء الدعم العسكري للقوات الفرنسية التي تقاتل المتطرفين الذين يتصاعد نفوذهم في كل من مالي، والنيجر، وبوركينافاسو.
وتأتي سياسات الإدارة الأميركية المشوشة في وقت سيطرت موجات الإرهاب والعنف الديني على منطقة الساحل في أفريقيا، وهي المنطقة الشاسعة من جنوب الصحراء الكبرى الممتدة من السنغال وحتى السودان، مع التهديد المستمر بالمواصلة والانتشار.
ويقول المحللون، إن خفض المساعدات الأميركية لن يؤدي إلى إضعاف الجهود الفرنسية لمكافحة الإرهاب فحسب، وإنما من شأنه أن يمهد الطريق للتوغل الصيني والروسي في المنطقة، وهما على أهبة الاستعداد للاستيلاء على أي موطئ قدم تتركه الولايات المتحدة في القارة الأفريقية، بحسب «نيويورك تايمز». كما يتعلق الأمر بالموانئ البحرية وخطوط السكك الحديدية الجديدة، فضلاً عن صفقات الأسلحة، وتجنيد المرتزقة، والنفوذ الشامل على كافة الصُعُد. وتفوق الصين الولايات المتحدة من حيث عدد السفارات المعتمدة في القارة الأفريقية؛ إذ وصلت إلى 52 سفارة صينية مقابل 49 سفارة أميركية هناك. وقالت كاثرين زيمرمان، المحللة السياسية لدى معهد «أميركان إنتربرايز» في واشنطن العاصمة «تخسر الولايات المتحدة المنافسة في أفريقيا لصالح الصين وروسيا، ناهيكم عن تنظيمي (القاعدة) و(داعش) الإرهابيين. وهي لا تخسر على المستوى العسكري، وإنما على صعيد القوة الناعمة سياسياً».
وكانت القوات الأفريقية قد أعربت عن قلقها الخاص إزاء انخفاض الوجود العسكري وتراجع الالتزام الأميركي بمحاربة التطرف والإرهاب، تلك العبارات التي تكرر تداولها خلال مناورات مكافحة الإرهاب التي أشرفت عليها وزارة الدفاع الأميركية لمدة أسبوعين في كل من موريتانيا والسنغال في الشهر الحالي، والتي شملت 1500 جندي من 30 دولة أفريقية وغربية.
وقال أحد ضباط القوات الخاصة النيجيرية ممن شاركوا في المناورات «إن مغادرة الولايات المتحدة سوف تؤدي إلى تدنٍ واضح في مستويات تدريب القوات».
وتأتي التخفيضات المقترحة للقوات الأميركية في غرب أفريقيا في خضم سيل متصاعد من الهجمات من جانب تنظيمي «القاعدة» و«داعش» الإرهابيين في المنطقة – واللذان يعملان معاً في سابقة نادرة لحالة التنافس المريرة التي تميزهما في منطقة الشرق الأوسط وأماكن أخرى من العالم – ولا سيما في بوركينافاسو، ومالي، والنيجر».
وتملك الجماعات المسلحة ألوية مقاتلة، وقوافل عسكرية، ومباني حكومية. ولقد أغلقت 3 آلاف مدرسة أبوابها بسبب التهديدات الإرهابية، كما عمد الإرهابيون إلى اغتيال المسؤولين الحكوميين، ورؤساء البلديات، والزعماء المحليين المشتبه في تعاونهم مع السلطات الحكومية.
وقال محمد بن شمباس، مبعوث الأمم المتحدة الخاص في منطقة غرب أفريقيا والساحل الأفريقي، في تقرير لـ«نيويورك تايمز»، الشهر الماضي، إن معدل الهجمات الإرهابية في البلدان الثلاثة المذكورة قد ارتفع بمعدل 5 أضعاف منذ عام 2016، مع الإبلاغ عن 4 آلاف حالة وفيات في عام 2019 وحده، مقارنة بنحو 770 حالة وفاة فقط قبل ثلاث سنوات.
وتتحرك التهديدات الإرهابية صوب الجنوب من منطقة الساحل إلى أماكن لم يسبق أن شهدت أعمال العنف الإرهابية من قبل، بما في ذلك بلدان ساحل العاج، وبنين، وتوغو، وغانا، حيث تملك وزارة الدفاع الأميركية مراكز للدعم اللوجيستي. ولقد تدهورت الأوضاع الأمنية بصورة سيئة للغاية لدرجة أن القيادة العسكرية الأميركية في أفريقيا أبلغت مكتب المفتش العام بوزارة الدفاع خلال الشهر الحالي، أنها قررت التخلي في الوقت الراهن عن استراتيجية إضعاف المتطرفين، وتوجهت بدلاً من ذلك إلى محاولات احتواء التهديدات.
وأكد المسؤولون العسكريون والمحللون المستقلون، أن المساعدات العسكرية الأميركية وغيرها من المساعدات الغربية ربما تشتري الوقت في أفضل الأحوال لصالح الحلفاء الأفارقة للتعامل مع مشكلة الفقر، ونقص التعليم، والفساد الحكومي، وغير ذلك من المظالم التي تسعى الجماعات المتطرفة إلى إساءة استغلالها. ولكن تتدنى مستويات الثقة بصفة عامة في إمكانية إيجاد حلول ناجعة لهذه المشاكل في المستقبل القريب، مما يترك للولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيين مسؤولية احتواء ومنع انتشار التهديدات الإرهابية.



مقتل المئات جراء إعصار في أرخبيل مايوت الفرنسي (صور)

تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
TT

مقتل المئات جراء إعصار في أرخبيل مايوت الفرنسي (صور)

تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)

رجحت سلطات أرخبيل مايوت في المحيط الهندي، الأحد، مقتل «مئات» أو حتى «بضعة آلاف» من السكان جراء الإعصار شيدو الذي دمر في اليوم السابق قسماً كبيراً من المقاطعة الفرنسية الأفقر التي بدأت في تلقي المساعدات. وصرّح حاكم الأرخبيل، فرانسوا كزافييه بيوفيل، لقناة «مايوت لا بريميير» التلفزيونية: «أعتقد أنه سيكون هناك مئات بالتأكيد، وربما نقترب من ألف أو حتى بضعة آلاف» من القتلى، بعد أن دمر الإعصار إلى حد كبير الأحياء الفقيرة التي يعيش فيها نحو ثلث السكان، كما نقلت عنه وكالة الصحافة الفرنسية. وأضاف أنه سيكون «من الصعب للغاية الوصول إلى حصيلة نهائية»، نظراً لأن «معظم السكان مسلمون ويدفنون موتاهم في غضون يوم من وفاتهم».

صور التقطتها الأقمار الاصطناعية للمعهد التعاوني لأبحاث الغلاف الجوي (CIRA) في جامعة ولاية كولورادو ترصد الإعصار «شيدو» فوق مايوت غرب مدغشقر وشرق موزمبيق (أ.ف.ب)

وصباح الأحد، أفاد مصدر أمني لوكالة الصحافة الفرنسية بأن الإعصار الاستوائي الاستثنائي خلّف 14 قتيلاً في حصيلة أولية. كما قال عبد الواحد سومايلا، رئيس بلدية مامودزو، كبرى مدن الأرخبيل، إن «الأضرار طالت المستشفى والمدارس. ودمّرت منازل بالكامل. ولم يسلم شيء». وضربت رياح عاتية جداً الأرخبيل، مما أدى إلى اقتلاع أعمدة كهرباء وأشجار وأسقف منازل.

الأضرار التي سببها الإعصار «شيدو» في إقليم مايوت الفرنسي (رويترز)

كانت سلطات مايوت، التي يبلغ عدد سكانها 320 ألف نسمة، قد فرضت حظر تجول، يوم السبت، مع اقتراب الإعصار «شيدو» من الجزر التي تبعد نحو 500 كيلومتر شرق موزمبيق، مصحوباً برياح تبلغ سرعتها 226 كيلومتراً في الساعة على الأقل. و«شيدو» هو الإعصار الأعنف الذي يضرب مايوت منذ أكثر من 90 عاماً، حسب مصلحة الأرصاد الجوية الفرنسية (فرانس-ميتيو). ويُرتقَب أن يزور وزير الداخلية الفرنسي برونو روتايو، مايوت، يوم الاثنين. وما زالت المعلومات الواردة من الميدان جدّ شحيحة، إذ إن السّكان معزولون في منازلهم تحت الصدمة ومحرومون من المياه والكهرباء، حسبما أفاد مصدر مطلع على التطوّرات للوكالة الفرنسية.

آثار الدمار التي خلَّفها الإعصار (أ.ف.ب)

في الأثناء، أعلن إقليم لاريونيون الواقع أيضاً في المحيط الهندي ويبعد نحو 1400 كيلومتر على الجانب الآخر من مدغشقر، أنه جرى نقل طواقم بشرية ومعدات الطبية اعتباراً من الأحد عن طريق الجو والبحر. وأعرب البابا فرنسيس خلال زيارته كورسيكا، الأحد، تضامنه «الروحي» مع ضحايا «هذه المأساة».

وخفّض مستوى الإنذار في الأرخبيل لتيسير حركة عناصر الإسعاف، لكنَّ السلطات طلبت من السكان ملازمة المنازل وإبداء «تضامن» في «هذه المحنة». واتّجه الإعصار «شيدو»، صباح الأحد، إلى شمال موزمبيق، ولم تسجَّل سوى أضرار بسيطة في جزر القمر المجاورة من دون سقوط أيّ ضحايا.