لا تتجاهل علامات فقدان السمع المفاجئ

ضرورة تشخيص الأسباب الحسية العصبية

لا تتجاهل علامات فقدان السمع المفاجئ
TT

لا تتجاهل علامات فقدان السمع المفاجئ

لا تتجاهل علامات فقدان السمع المفاجئ

تتدهور قدرات السمع لدى الأشخاص مع التقدم في العمر، ولدى أغلب الناس فإن أذناً واحدة تكون أفضل سماعاً من الأخرى. لكن إذا ظهر فقدان السمع على نحو مفاجئ في أذن واحدة دون الأخرى ومن دون سبب واضح، فربما أنك تعاني عند ذلك من أعراض فقدان السمع الحسي العصبي المفاجئ، أو نوع من أنواع الصمم العصبي.

فقدان السمع الحسي
هناك ما يقرب من 66 ألف حالة جديدة من فقدان السمع الحسي العصبي sensorineural hearing loss SHL كل عام في الولايات المتحدة، وذلك وفقاً لأبحاث نشرت في أغسطس (آب) عام 2019 في دورية Otolaryngology Head and Neck Surgery (طب الأنف والأذن والحنجرة - جراحة الرأس والرقبة). لكن يصعب كثيراً الوقوف على هذه الأرقام، وذلك لأن الحالة المرضية ربما تعرضت لسوء التشخيص الطبي.
وتظل أسباب الإصابة بفقدان السمع الحسي غير معروفة تماماً، ولكن الخبراء يشيرون إلى عدة جوانب محتملة: العدوى الفيروسية، أو الخلل في الجهاز المناعي، أو الإصابة المصاحبة للالتهاب في الأذن، أو توقف تدفق الدم إلى الأذن، أو مزيج من الأسباب السابقة.
يمكن لفقدان السمع الحسي التأثير على الأشخاص من كافة الأعمار، برغم أنه يميل إلى الظهور لدى الشرائح العمرية الكبيرة من الخمسينيات والستينيات. وربما تسمع «فرقعة» أو تشعر بأن أذنك منسدة. يقول الدكتور راوخ: «لا يفقد الناس حاسة السمع بصورة مفاجئة، وإنما هو تدهور تدريجي على مدار عدة دقائق أو ربما ساعات، مثل تسرب الهواء من الإطار عبر ثقب صغير».
وبالإضافة إلى مشاكل السمع، يمكن لفقدان السمع الحسي أن يؤثر على التوازن، مما يزيد من مخاطر السقوط. كما يمكن أن يكون علامة على وجود ورم صغير.
ويتجاهل الناس في أغلب الأحيان فقدان السمع الحسي لأن أعراضه تبدو معتادة أو مألوفة، مثل البرد، أو الشمع المتراكم في الأذن، أو الماء المتجمع داخل الأذن. ويحاول الناس علاج فقدان السمع الحسي باستخدام أدوية علاج نزلات البرد، أو الجيوب الأنفية، أو قطرات الأذن للسباحين، أو عن طريق تنظيف الأذن. يقول الدكتور راوخ: «يظنون أنها مجرد أعراض مزعجة بالأذن وسرعان ما تزول، ومن ثم يتجاهلونها تماماً حتى فوات الأوان».

العلاج والمدة
التوقيت من أهم العوامل في الحفاظ على السمع. يقول الدكتور راوخ: «لديك نحو 10 إلى 14 يوماً لعلاج فقدان السمع الحسي، وإلا سوف يتحول إلى فقدان دائم للسمع. ولذلك تأكد من مراجعة الطبيب المعالج، أو زيارة أخصائي الأذن والأنف والحنجرة إذا ما اختفت قدرتك على السمع لفترة أطول من يوم واحد».
ومع ذلك، حتى مع تلقي العلاج في الوقت المناسب، ربما لا تستعيد قدرتك الكاملة على السمع.
يقول الدكتور راوخ: «في أغلب الحالات، قد يُشفى المريض من فقدان السمع الحسي الخفيف، ولكن الناس المصابين بفقدان السمع الحاد لا يتعافون من الإصابة إلا بنسبة 20 في المائة فقط من إجمالي الحالات، حتى مع تلقي العلاج الفوري».
يمكن علاج فقدان السمع الحسي باستخدام «الستيرويدات القشرية «corticosteroids خلال مدة تتراوح بين أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع. ويمكن تلقي العلاج بالفم أو عن طريق الحقن عبر طبلة الأذن. وتؤخذ أقراص «الستيرويدات القشرية «في صورة دواء «بريدنيزون «prednisone بنفس الجرعة المقررة كل يوم طوال 14 يوماً، ثم تتناقص الجرعة تدريجياً خلال الأسبوع الأخير من دورة العلاج. وبدلاً من ذلك، يمكن الحقن في الأذن مرتين في الأسبوع لمدة أسبوعين فقط.
يسهل تناول الستيرويدات الفموية ولكن لها آثار جانبية تتمثل في اضطرابات المعدة وارتفاع ضغط الدم وتقلب المزاج والأرق. وليس للحقن من آثار جانبية منهجية معروفة، ولكنها تثير حالة من عدم الارتياح لدى المرضى، ويجب على الناس زيارة الطبيب للحصول على العلاج. وينصح بعض الأطباء بتناول العلاج عن طريق الفم أو الحقن على أمل زيادة معدلات شفاء المرضى.
يقول الدكتور راوخ: «تذكر أنه إذا كنت معتاداً على السمع العادي ثم توقف الإحساس بالسمع فجأة، فهذا ليس بالأمر الجيد. ومن الأفضل بالنسبة لك المسارعة في الكشف عن الأمر لدى الطبيب. فإن كنت مصاباً بفقدان السمع الحسي، فكل يوم تتأخر فيه عن العلاج يقلل من فرص التعافي الكامل على المدى البعيد».

الفرق بين الأذن المنسدة وفقدان السمع الحسي
> كيف يتسنى معرفة الفرق بين الأذن المنسدة وفقدان السمع الحسي؟ يمكن تجربة هذا الاختبار: قم بالهمهمة بصوت مرتفع بينك وبين نفسك. في حالة السمع العادي، فإنك تسمع صوتك بصورة متوازنة بين الأذنين. وإن جربت نفس الأمر في وجود فقدان السمع الحسي في أذن واحدة فقط، فإن الهمهمة سوف تتحول إلى أحد الجوانب أو إلى الجانب الآخر.
على سبيل المثال، إذا كانت أذنك اليمنى هي المتأثرة وكانت الهمهمة عالية في تلك الأذن، فإن فقدان السمع في هذه الحالة هو عبارة عن فقدان لتوصيل الصوت، وربما ينشأ عن انسداد سببه البرد أو تراكم الشمع داخل الأذن ليس أكثر. (يمكنك محاكاة هذا التأثير عن طريق الهمهمة أثناء تغطية أذنك اليمنى بيدك).
ومع ذلك، إذا كانت الهمهمة عالية في الأذن اليسرى، فإن الأمر يشير إلى أن فقدان السمع في الأذن اليمنى سببه التلف الحديث في أحد الأعصاب، وهذا يستلزم العناية الطبية العاجلة.

- رسالة هارفارد «مراقبة صحة الرجل»، خدمات «تريبيون ميديا».



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».