بوتين: قواتنا دمرت عتاداً نوعياً ومنعت تهديداً جدياً لروسيا في سوريا

الكرملين يتهم أنقرة مجدداً بخرق «سوتشي» ويؤكد استمرار الاتصالات

الشرطة العسكرية الروسية تراقب طريق إم4 الدولي الذي يربط شمال شرقي سوريا حتى الحدود التركية (أ.ف.ب)
الشرطة العسكرية الروسية تراقب طريق إم4 الدولي الذي يربط شمال شرقي سوريا حتى الحدود التركية (أ.ف.ب)
TT

بوتين: قواتنا دمرت عتاداً نوعياً ومنعت تهديداً جدياً لروسيا في سوريا

الشرطة العسكرية الروسية تراقب طريق إم4 الدولي الذي يربط شمال شرقي سوريا حتى الحدود التركية (أ.ف.ب)
الشرطة العسكرية الروسية تراقب طريق إم4 الدولي الذي يربط شمال شرقي سوريا حتى الحدود التركية (أ.ف.ب)

كشف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أمس، جانبا من أسباب تحرك روسيا الحاسم عسكريا قبل أيام لمنع الفصائل السورية المعارضة من التقدم بدعم تركي نحو مدينة النيرب. وقال بوتين بأن الطيران الروسي «دمر فصائل إرهابية لديها أسلحة نوعية ما منع ظهور تهديد جدي لروسيا».
وقد تزامن ذلك مع توجيه الكرملين انتقادات جديدة إلى تركيا واتهمها بأنها أخلت باتفاق سوتشي. ورغم ذلك وجهت موسكو إشارة إلى استعداد بوتين للمشاركة في قمة رباعية في أنقرة.
وكانت موسكو استخدمت الطيران الحربي بكثافة قبل أيام لوقف تقدم الفصائل نحو النيرب، وتبع ذلك تكثيف الغارات الجوية على مواقع المسلحين في إدلب. وقالت مصادر روسية بأن التحرك العسكري هدف إلى منع أنقرة من محاولة فرض أمر واقع جديد بالسيطرة على مواقع شغلها النظام أخيرا، وأكدت أن روسيا «لن تسمح بالعودة إلى الوضع السابق» عندما كانت كل محافظة إدلب والمناطق المحيطة بها تحت سيطرة الفصائل السورية. لكن بوتين كشف أمس جانبا آخر من أهداف التدخل القوي من جانب موسكو، وقال خلال مشاركته في احتفال بمناسبة عيد للجيش يطلق عليه في روسيا «يوم حماة الوطن»، إن «الضباط والجنود الروس أظهروا مهنية عسكرية وكفاءة قتالية عالية أثناء عملياتهم في سوريا»، وزاد أنهم «قضوا على مجموعات إرهابية كبيرة مزودة بأسلحة نوعية، ومنعوا ظهور تهديدات خطيرة لوطننا من مسافة بعيدة منه، كما أنهم ساعدوا السوريين في الحفاظ على سيادة بلدهم».
وشكر بوتين جميع العسكريين الذين شاركوا في الأعمال القتالية في سوريا. وحمل حديث بوتين إشارة مباشرة إلى المعطيات التي تحدثت عن قيام أنقرة بتزويد الفصائل السورية بأنظمة أميركية محمولة مضادة للجو، ما مكنهم من إسقاط مروحيتين تابعتين للجيش السوري الأسبوع الماضي. وكان مسؤولون عسكريون حذروا في وقت سابق من خطورة هذا التطور، وقالت وزارة الدفاع بأن هذه الأسلحة قد تستخدم ضد القوات الروسية وانتقدت في بيان، أنقرة وواشنطن، مشيرة إلى أن الطرفين «لا يمكنهما توقع كيف ومتى سوف يستخدم الإرهابيون هذه الأسلحة». وأكد الرئيس الروسي عزم موسكو مواصلة تعزيز قدراتها العسكرية، وتزويد قواتها المسلحة بأحدث أنواع الأسلحة، بما فيها سلاح الليزر والمنظومات فرط الصوتية، ومنظومات عالية الدقة. وأشار إلى أن الكثير من الأسلحة الروسية لا مثيل لها في العالم، مضيفا أن هناك «نماذج واعدة عدة، وهي عبارة عن أسلحة المستقبل، قد انتقلنا من مرحلة اختبارها إلى مرحلة وضعها في الخدمة».
وكرر الكرملين، أمس، توجيه انتقادات لأنقرة في هذا الشأن، وقال الناطق الرئاسي ديمتري بيسكوف إن «أنقرة لم تف بالتزاماتها بشأن اتفاق سوتشي حول إدلب». وزاد أن «الإرهابيين في إدلب السورية يحصلون على معدات عسكرية خطيرة جدا».
وجدد بيسكوف التحذير من مواصلة تصعيد التوتر، لكنه أكد حرص الطرفين على مواصلة الاتصالات، وقال بأنه «يجب تجنب بناء سيناريوهات سلبية بخصوص تطور العلاقات الروسية»، وزاد الناطق باسم الكرملين أن العسكريين الروس والأتراك، «على اتصال دائم»، مضيفا أنه «إذا لزم الأمر، سوف يناقش الرئيسان (الروسي فلاديمير بوتين والتركي رجب طيب إردوغان) هذا الموضوع». وقال بيسكوف بأن «الرئيس الروسي يدعم فكرة عقد القمة الرباعية حول سوريا».
وكان الكرملين أعلن في وقت سابق أن موسكو لا تستبعد عقد قمة تجمع زعماء روسيا وتركيا وألمانيا وفرنسا، إذا رأت الأطراف الأربعة ضرورة لها». وفسرت هذه العبارات بأن موسكو ليست متحمسة لعقد القمة، لكنها لا تعارض انعقادها إذا أصرت برلين وباريس. وقال بيسكوف لوكالة أنباء «سبوتنيك» أمس، بأن «تنسيق موعد القمة الروسية التركية الفرنسية الألمانية حول سوريا لا يزال مستمراً»، مؤكداً على أن هذه القمة ستعقد «بعد الاتفاق» بين قادة الدول. وكانت أنقرة أعلنت أن القمة الرباعية سوف تنعقد في الخامس من الشهر المقبل.
وتطرق بيسكوف إلى المكالمة الهاتفية التي جرت بين بوتين وإردوغان قبل يومين، وقال بأنها كانت «ناجحة»، وزاد أن الرئيسين اتفقا على تنشيط المشاورات بشأن الوضع في إدلب من أجل تحقيق خفض التصعيد، ووفق إطلاق النار، ووضع حد للمخاطر الإرهابية.
وكانت مصادر روسية وتركية متطابقة أعلنت أن وفدا روسيا سوف يتوجه إلى أنقرة الأسبوع المقبل لمواصلة المفاوضات بين الطرفين. إلى ذلك، أشاد نائب وزير الخارجية الروسي الكسندر غروشكو بفاعلية «آليات فض النزاع» بين القوات الروسية والأميركية في سوريا.
ووصف قنوات الاتصال العسكري بين الجانبين بأنها «تعمل وهي فعالة جدا»، موضحا، أن «ثمة تفاهما واضحا بشأن العمليات التي ينفذها الطرفان في كل منطقة، والحديث يدور فعليا عن درجة نشطة من التنسيق». وجاءت هذه التصريحات على خلفية أنباء عن زيادة التوتر بين قوات روسيا والولايات المتحدة في شمال شرقي سوريا، وبعد سلسلة حوادث بين الطرفين، آخرها حادث وقع بين مدرعتين روسية وأميركية على الطريق M4.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.