سجال لبناني حول وقف الرحلات الجوية من وإلى طهران

TT

سجال لبناني حول وقف الرحلات الجوية من وإلى طهران

احتدم السجال في لبنان بين الداعين لتعليق الرحلات من وإلى إيران والرافضين تماماً لإجراء مماثل، وذلك بعد إعلان لبنان يوم الجمعة الماضي عن تسجيل أول إصابة بفيروس كورونا آتية من مدينة قم الإيرانية. ويبلغ عدد الرحلات من بيروت وطهران ذهاباً وإياباً ثلاثة أسبوعياً، ولا يبدو أنه سيتخذ إجراء بوقف هذه الرحلات أو تخفيض عددها، بحسب ما قال رئيس مطار رفيق الحريري الدولي فادي الحسن لـ«الشرق الأوسط» لافتاً إلى أنه لا يمكن وقف الرحلات من وإلى إيران والإبقاء على رحلات من بلدان أخرى ينتشر فيها الفيروس أيضاً. وتساءل: «هل المطلوب وقف الرحلات مع كل دول العالم باعتبار أن كورونا بات منتشراً في معظم هذه الدول؟».
وأوضح الحسن أنه «بدل وقف الرحلات بتنا نتخذ إجراءات مشددة لتفادي دخول أي حالة مصابة إلى لبنان»، كاشفاً أنه بات يتم الاعتماد، بالإضافة إلى التدابير المتخذة مع وزارة الصحة عند وصول الركاب إلى المطار للكشف عليهم، على معلومات مسبقة عن المسافرين الواصلين إلى بيروت. وأضاف: «في لبنان وإيران، كما في كل دول العالم، لا يخضع الركاب الذين يخرجون من دولة ما للفحوصات لضمان عدم إصابتهم، وهذه الفحوصات تنحصر بالركاب الواصلين إلى بلد ما».
وتصل غداً الاثنين طائرة جديدة من إيران إلى مطار بيروت. ويؤكد المعنيون أنهم اتخذوا التدابير اللازمة للكشف على الركاب القادمين. وعلّقت العديد من الحملات الدينية الرحلات إلى إيران بعد تفشي كورونا في عدد من المناطق الإيرانية وإعلان وزير الصحة الإيراني أمس عن تسجيل 18 إصابة مؤكدة بالفيروس من بين 285 حالة مشتبهاً فيها.
وقررت خلية الأزمة الوزارية التي يرأسها رئيس الحكومة حسان دياب اتخاذ إجراءات صارمة في مطار رفيق الحريري الدولي في بيروت، وكل محطات العبور، وتخفيف الرحلات الجوية من البلاد التي شهدت إصابات بالفيروس وإليها. ولم تتضح بعد التعديلات التي ستطرأ على جدول الرحلات. وقالت مصادر قريبة من رئيس الجمهورية العماد ميشال عون لـ«الشرق الأوسط» إن «لبنان يتقيد بتوجيهات منظمة الصحة العالمية، فإذا أعلنت بلدا ما موبوءاً يتم أوتوماتيكياً وقف الرحلات منه وإليه».
وبعد أن منع العراق والكويت الأشخاص الوافدين من إيران من دخول أراضيهما عبر المنافذ الحدودية كافة، ارتفعت الأصوات اللبنانية الداعية للقيام بالمثل. واستغرب النائب نهاد المشنوق عدم اتخاذ رئيس الحكومة واللجنة الوطنية التي تحدث عنها وزير الصحة، قراراً بوقف جميع الرحلات الآتية من إيران، أسوة بالدول التي اتخذت قرارات مماثلة، مشدداً على أن «سرعة القرار هي القرار في مثل هذه الحالات، والتأخر يعرض سلامة كل اللبنانيين للخطر». ورأى الوزير السابق أشرف ريفي أنه «بعيدا من أي اعتبارات سياسية يفترض بالحكومة اتخاذ قرار بوقف رحلات الطيران مع إيران ومع كل دولة يتفشى فيها الوباء، لأن الأمن الصحي في خطر».
بالمقابل، استهجنت مصادر قريبة من «حزب الله» الدعوات لتعليق الرحلات الجوية مع طهران، واستغربت لماذا لم تتم المطالبة بوقف الرحلات مع فرنسا وإيطاليا اللتين ينتشر فيهما الفيروس أيضاً، لافتة إلى أن «حصر الموضوع بطهران ينم عن مقاربة غير موضوعية ومنطقية لملف خطير». وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط»: «هناك توقعات بأن يبلغ خلال أسبوعين عدد البلدان التي تحتوي حالات كورونا 63 دولة، فهل المطلوب أن نعزل أنفسنا عن العالم؟».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.