قال مصدر عسكري بـ«الجيش الوطني» الليبي إن ثلاثة عسكريين أتراك قتلوا في القصف، الذي استهدف مؤخراً ميناء طرابلس البحري، وسط اتهام القوات الموالية لحكومة الوفاق لـ«الجيش الوطني» مجدداً باستهداف المدنيين في العاصمة طرابلس.
وأكد مصدر عسكري بالجيش أمس مقتل 3 عسكريين أتراك، ومترجم سوري خلال قصف الجيش لميناء طرابلس البحري، مشيراً إلى أن الأتراك القتلى كانوا يتقلدون رتباً عالية. وأوضح المصدر ذاته في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن من بين القتلى ضابطاً برتبة كبيرة في المخابرات التركية ومترجمه السوري، لافتاً إلى أنه تم نقل جثث القتلى إلى تركيا عبر إحدى شركات الطيران الليبية، التابعة لجماعة الإخوان المسلمين.
وتزامنت هذه المعلومات مع اعتراف الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، أمس، للمرة الأولى بمقتل بعض الجنود الأتراك خلال القتال في العاصمة طرابلس، إلى جانب الميليشيات الموالية لحكومة السراج ضد قوات «الجيش الوطني»، حيث قال: «نحن نحارب قوات حفتر في ليبيا، ولدينا بعض القتلى هناك. لكننا أوقعنا نحو مائة قتيل وجريح من قوات حفتر».
ميدانياً، قال يوسف الأمين، آمر محور عين زارة، التابع لحكومة «الوفاق» بجنوب العاصمة طرابلس، إن حالة الهدوء تسيطر على الأوضاع الميدانية، فيما اتهمت عملية «بركان الغضب»، التي تشنها القوات الموالية لحكومة السراج، قوات «الجيش الوطني»، مجدداً، باستهداف المدنيين في العاصمة طرابلس، وقصف منازلهم في منطقة الأصفاح بالسواني، ما تسبب في إصابة ثلاثة مدنيين، بالإضافة إلى إلحاق أضرار مادية بمنازلهم، ووصفت الحادث بأنه خرق جديد ومتكرر لوقف إطلاق النار.
لكن «الجيش الوطني» نفى هذه الاتهامات، وأكد في المقابل أن ميليشيات السراج لا تزال تقوم بخرق وقف الهدنة الهشة، التي تم التوصل إليها قبل نحو شهر لوقف القتال في العاصمة.
وقال قائد ميداني بارز بالجيش الوطني لـ«الشرق الأوسط» إن قواته لا تزال ملتزمة بوقف إطلاق النار، رغم الاستفزازات المستمرة التي تقوم بها الميليشيات المسلحة التابعة لحكومة الوفاق، والمدعومة بالمرتزقة الموالين لتركيا، على حد تعبيره. ومن المقرر أن يتواجد السراج والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش في جنيف غداً لمتابعة المفاوضات عن كثب. وقال مكتب السراج إنه سيلقي كلمة في الدورة الـ43 لمجلس حقوق الإنسان، التي تعقد بمقر الأمم المتحدة في جنيف، يستعرض فيها مستجدات الأزمة الليبية، والجوانب المتعلقة بحقوق الإنسان، وما يقع من انتهاكات جسيمة موثقة ضد المدنيين، جراء ما سماه بالعدوان على العاصمة الليبية طرابلس، وما يرتكب في المناطق الخاضعة للطرف المعتدي من انتهاكات، تمس حياة المواطنين وحقوقهم وحرياتهم.
بدوره، أعلن أمس المجلس الأعلى للدولة، الموالي لحكومة السراج في طرابلس، تعليق مشاركته بمحادثات جنيف السياسية المقررة الأربعاء المقبل، وقال أعضاء بالمجلس إنهم صوتوا بالأغلبية على مقاطعة هذه المفاوضات حتى تحقيق تقدم في مسار المحادثات العسكرية المعروفة باسم «5+5».
وكان خالد المشري رئيس المجلس غير المعترف به دولياً، قد أعلن أنه بانتظار رد البعثة الأممية على طلباته بشأن حوار جنيف حتى تتضح الرؤية الضبابية، على حد تعبيره. وقال في جلسة عقدها المجلس أمس بطرابلس: «طلبنا من البعثة توضيحاً بخصوص حوار جنيف، لكنها ولم ترد حتى الآن. يجب أن نعرف من سيشارك في الحوار والآليات المزمع مناقشتها».
ورغم التفاؤل، الذي أبداه غسان سلامة، رئيس بعثة الأمم المتحدة إلى ليبيا، بأن محادثات وقف إطلاق النار في جنيف بين الطرفين المتحاربين «تسير في الاتجاه الصحيح»، فإن وسائل إعلام محلية موالية لحكومة السراج نقلت عن أحد القادة الميدانيين لقواته حصولها على أسلحة حديثة زادت من دقة استهداف قوات «الجيش الوطني».
واعتبر سلامة في تصريحات له أن مطالب حفتر معقولة، وقال إنه يتوقع انعقاد المحادثات السياسية في جنيف الأربعاء المقبل، لكنه يعمل على إجراءات لبناء الثقة، وأضاف موضحاً: «نحاول بالتوازي جعل السفر الجوي أكثر أمناً في ليبيا، لا سيما من مطار معيتيقة وكذلك مصراتة. كما نحاول إعادة فتح الميناء حتى يكون ميناء آمناً، والمساعدة في تبادل للسجناء بين الطرفين».
وبعدما أوضح أنه لا يزال يجري محادثات مكوكية في جلسات منفصلة مع مسؤولي حكومة السراج والجيش الوطني، بدلاً من اجتماعهما سوياً، قال سلامة: «نحن بالتأكيد حازمون في عزمنا على إطلاق العملية السياسية بالطريقة، التي أطلقنا بها (المحادثات) الاقتصادية والعسكرية».
إلى ذلك، طلب مكتب مفوضية شؤون اللاجئين، التابعة للأمم المتحدة لدى ليبيا، توفير 85.1 مليون دولار لدعم أنشطة عملياتها هناك خلال العام الجاري، وقال المكتب في بيان إنه لم يتم تخصيص سوى 12 في المائة من المبلغ المحدد حتى الآن، مشيراً إلى أن عدد النازحين في ليبيا تجاوز 350 ألف شخص، فيما تم تسجيل أكثر من 47 ألف لاجئ لدى المفوضية.