أطباق تحارب برد شتاء القاهرة

حمص الشام ينافس شوربة العدس

شوربة العدس
شوربة العدس
TT

أطباق تحارب برد شتاء القاهرة

شوربة العدس
شوربة العدس

أمام إناء كبير يقف الطاهي سيد عبيد، في المطبخ المخصص بمطعم «القزاز»، بمنطقة وسط البلد، ليتأكد أن شوربة العدس التي أعدها مبكراً، باتت جاهزة الآن لتقديمها إلى زبائن المحل الشهير، الذين يأتون إليه من أنحاء مختلفة بالعاصمة.
ويُنظر لشوربة العدس على أنها واحدة من الوصفات المصرية التي يُقبل عليها الجمهور لإمدادهم بالدفء، سواء بتناولها في المطاعم أو تحضيرها في المنازل، بجانب تناول البطاطا أو حمص الشام والبليلة.
وحاول الشيف عبيد الاحتفاظ بسر خلطة شوربة العدس، لكنه تحدث عن طريقة إعدادها، فقال: «لو أخذنا نصف كيلو عدس أصفر، نأتي ببصلتين صغيرتي الحجم، وثمرة طماطم، وجزرة، و4 فصوص ثوم، و3 حبات من الهيل، ويخير الطاهي أو ربة المنزل بين ملعقة زبدة أو زيت ذرة، ويضاف إلى ما سبق ملح وفلفل أسود وكمون، وقليل من الشطة».
ومضى عبيد شارحاً: «يُغسل العدس ويترك جانباً، وتُقطع الطماطم والجزر و4 فصوص ثوم والمستكة وبصلة على العدس، ويشعل عليه النار، ويترك حتى يغلى، ثم نهدئ النار حتى النضج»، هكذا يواصل الشيف الرئيسي في محال القزاز.
و«بعدما ينضج العدس، يخفق بالخلاط، ويوضع ثانياً في الإناء، ثم نحضر طاسة ونضع بها البصلة الثانية بعد تقطيعها إلى جزيئات صغيرة وتوضع عليها الزبدة أو زيت الذرة وتترك حتى تحمر ثم نخلطها بالعدس، الذي يُترك ليغلي مرة واحدة، وبعد وضع تقلية البصل يقلب وتطفأ النار».
هذه الوجبة تلقى إقبالاً عليها أيضاً في المنازل، وهو ما تكشف عنه، مديحة محمود (32 عاماً)، القاطنة بمنطقة السلام، شرق القاهرة، تقول إن إقبالها على إعداد العدس مرتين يومياً لأسرتها، يرجع إلى ما تعلمته من والدتها بمحافظة المنوفية، حين كانت تعد تلك الوجبة للعائلة كلها أكثر من مرة في الأسبوع، مؤكدة عليهم أن ذلك الطعام يجلب الدفء.
وتتفق مروة حازم، ابنة محافظة الشرقية، المتطوعة في مشروع يحمل اسم «عربية الدفا» مع مديحة، في كون العدس طعاماً يزيد الدفء، ويرتفع الإقبال عليه في فصل الشتاء، مشيرة في حديثها لـ«الشرق الأوسط» إلى أن مشروعها هي ورفقائها بمدينة الزقازيق، يهدف إلى توزيع مئات من وجبات العدس على العاملين في ليل الشتاء بالمدينة بالمجان، ومن هنا جاءت تسمية «عربية الدفا».
هناك أكلة شهيرة أيضاً في فصل الشتاء، وهي «حمص الشام»، التي تخطت كونها من ضمن مشروبات. فعلى باب محل الورداني للكشري بمنطقة السلام شرق القاهرة، يقف إبراهيم عبادة (24 عاماً) يملأ كيساً بلاستيكياً بمشروب بحبات حمص الشام، الغارق في شوربة ذائبة بها كمية يسيرة من الشطة، ويقبل عليها الزبائن بنهم بالغ.
ويصف إبراهيم لـ«الشرق الأوسط» طريقة عمل حمص الشام، في خطوات يسيرة بحسب قوله: «نحضر وعاءً، ونضع به ربع كيلو حمص، ونغطيه بالماء ونتركه منقوعاً لمدة 8 ساعات، ثم نصفيه من ماء النقع، ونضعه في إناء به ماء جديد، ونتركه على النار، وبعدما ينضج ونتركه ليبرد».
ويُضيف: «نحضر إناءً به ماء مغلي وقطع صغيرة من الطماطم، وصلصة الطماطم، والثوم المفروم، والبصل، والملح، والفلفل، والكمون، والكزبرة، والشطة، وعصير الليمون، ثم نقلب المكونات حتى تمتزج، ونتركها على النار حتى الغليان».
وفي ضاحية المهندسين بمحافظة الجيزة، وأمام عربة متواضعة، مصنوعة من حديد، يقف أبو كريم، في شارع البطل أحمد عبد العزيز، ويصطف حوله كثير من الزبائن، في انتظار ثمرتين طازجتين من البطاطا المشوية.
يقول إبراهيم عبد الظاهر، الموظف بأحد المعامل الطبية بمنطقة المهندسين، لـ«الشرق الأوسط»، إنه يلجأ لتناول البطاطا بشكل يومي في الصباح الباكر، معتبراً إياها أكثر المأكولات السريعة في نهار عمله جلباً للدفء، مُشيراً إلى أنه «محظوظ بوجود عربة عم أبو كريم بالقرب من مكان عمله، ولست وحدي الذي يأتي إليه يومياً، فزملائي أصبحت عادتهم الشتوية، أن يكلفوني بجلب ثمرتين مشويتين لكل منهم، نظراً لمروري عليه قبل دخول العمارة التي توجد بها وظيفتي».
ويقف أبو كريم أمام عربته سعيداً بالإقبال على ما يبيعه، منوهاً في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، بأن علاقته بمهنة بيع البطاطا المشوية منحصرة في الأشهر الأربعة الشتوية فقط، وبقية العام يبحث عن عمل آخر.
طريقة عمل البطاطا المشوية، لا تتسم بالصعوبة، كونها لا تحتاج في تحضيرها سوى تنظيفها جيداً، ثم نقعها في ماء دافئ لمدة نصف ساعة فقط، ثم غسلها مُجدداً، بحسب تأكيد عم أبو كريم، للتخلص من الأتربة العالقة بها، كونه نباتاً ينضج في التربة ذاتها، وليس على أفرع خضراء كبقية الثمار.
ولمن يريد عملها في المنزل، فالأمر لا يتطلب سوى ضبط درجة حرارة الفرن على 200. ثم تركه ليسخن قرابة ربع ساعة على الأكثر، ثم توضع البطاطا على الشواية، ربع ساعة أخرى، وبعدها يبدأ تقليبها ذات اليمين وذات اليسار لمدة 40 دقيقة.
بعد التأكد من نُضجها بشكل تام، وهو يظهر من خلال تغير لون القشرة الخارجية وميلها للون البني الداكن، يُمكن تقطيعها إلى قطع متوسطة الحجم، أو سليمة كما هي لمن يريد ذلك، لكن بعد شقها من المنتصف، كي يسهل أكلها.
«تهبط درجات الحرارة لأرقام لا يستطيع معها الجسد المقاومة بأجهزة التدفئة الإلكترونية، أو بالملابس الثقيلة، ويبقى الطعام المناسب لتلك البرودة هو الحل الأمثل لدى كثيرين، حين يُسكّن المعدة مُطمئناً إياها بالشبع، وبعض تلك الأطعمة تنشر في الجسم كثيراً من الدفء»، بهذه الكلمات أوضح خبير التغذية الدكتور مجدي نزيه في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أهمية المواظبة على بعض الأكلات التي تمد الجسم بالطاقة»، بحسب وصفه في فصل الشتاء.


مقالات ذات صلة

وزيرة سويدية تعاني «رهاب الموز»... وموظفوها يفحصون خلو الغرف من الفاكهة

يوميات الشرق رهاب الموز قد يسبب أعراضاً خطيرة مثل القلق والغثيان (رويترز)

وزيرة سويدية تعاني «رهاب الموز»... وموظفوها يفحصون خلو الغرف من الفاكهة

كشفت تقارير أن رهاب وزيرة سويدية من الموز دفع المسؤولين إلى الإصرار على أن تكون الغرف خالية من الفاكهة قبل أي اجتماع أو زيارة.

«الشرق الأوسط» (ستوكهولم)
صحتك رجل يشتري الطعام في إحدى الأسواق الشعبية في بانكوك (إ.ب.أ)

دراسة: 3 خلايا عصبية فقط قد تدفعك إلى تناول الطعام

اكتشف باحثون أميركيون دائرة دماغية بسيطة بشكل مذهل تتكوّن من ثلاثة أنواع فقط من الخلايا العصبية تتحكم في حركات المضغ لدى الفئران.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق خبراء ينصحون بتجنب الوجبات المالحة والدهنية في مبنى المطار (رويترز)

حتى في الدرجة الأولى... لماذا يجب عليك الامتناع عن تناول الطعام على متن الطائرات؟

كشف مدرب لياقة بدنية مؤخراً أنه لا يتناول الطعام مطلقاً على متن الطائرات، حتى إذا جلس في قسم الدرجة الأولى.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق قطع من الجبن عُثر عليها ملفوفة حول رقبة امرأة (معهد الآثار الثقافية في شينغيانغ)

الأقدم في العالم... باحثون يكتشفون جبناً يعود إلى 3600 عام في مقبرة صينية

اكتشف العلماء أخيراً أقدم قطعة جبن في العالم، وُجدت ملقاة حول رقبة مومياء.

«الشرق الأوسط» (بكين)
يوميات الشرق التفوُّق هو الأثر أيضاً (أ.ف.ب)

الشيف دانييل هوم... أرقى الأطباق قد تكون حليفة في حماية كوكبنا

دانييل هوم أكثر من مجرّد كونه واحداً من أكثر الطهاة الموهوبين في العالم، فهو أيضاً من المدافعين المتحمّسين عن التغذية المستدامة، وراهن بمسيرته على معتقداته.

«الشرق الأوسط» (باريس)

الفواكه والخضراوات تتحول الى «ترند»

فواكه موسمية لذيذة (الشرق الاوسط)
فواكه موسمية لذيذة (الشرق الاوسط)
TT

الفواكه والخضراوات تتحول الى «ترند»

فواكه موسمية لذيذة (الشرق الاوسط)
فواكه موسمية لذيذة (الشرق الاوسط)

تحقق الفواكه والخضراوات المجففة والمقرمشة نجاحاً في انتشارها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وتتصدّر بالتالي الـ«ترند» عبر صفحات «إنستغرام» و«تيك توك» و«فيسبوك»، فيروّج لها أصحاب المحلات الذين يبيعونها، كما اختصاصيو التغذية ومستهلكوها في آن. ويحاول هؤلاء تقديم صورة إيجابية عن طعمها ومذاقها، ويضعون هذه المكونات على لائحة أفضل الأكلات التي من شأنها أن تسهم في التخفيف من الوزن. وضمن فيديوهات قصيرة تنتشر هنا وهناك يتابعها المشاهدون بشهية مفتوحة. فالمروجون لهذه الفواكه والخضراوات يفتحون العلب أو الأكياس التي تحفظ فيها، يختارون عدة أصناف من الفاكهة أو الخضراوات ويأخذون في تذوقها. يسيل لعاب مشاهدها وهو يسمع صوت قرمشتها، مما يدفعه للاتصال بأصحاب هذه المحلات للحصول عليها «أونلاين». ومرات لا يتوانى المستهلكون عن التوجه إلى محمصة أو محل تجاري يبيع هذه المنتجات. فبذلك يستطلعون أصنافاً منها، سيما وأن بعض أصحاب تلك المحلات لا يبخلون على زوارهم بتذوقها.

خضار مقرمشة متنوعة (الشرق الاوسط)

تختلف أنواع هذه المنتجات ما بين مقلية ومشوية ومفرّزة. وعادة ما تفضّل الغالبية شراء المشوية أو المفرّزة. فكما المانجو والفراولة والتفاح والمشمش والموز نجد أيضاً الـ«بابايا» والكيوي والبطيخ الأحمر والأصفر وغيرها.

ومن ناحية الخضراوات، تحضر بغالبيتها من خيار وكوسة وبندورة وأفوكادو وفول أخضر وجزر وبامية وفطر وغيرها.

وينقسم الناس بين مؤيد وممانع لهذه الظاهرة. ويعدّها بعضهم موجة مؤقتة لا بد أن تنتهي سريعاً، فتناول الأطعمة الطازجة يبقى الأفضل. فيما ترى شريحة أخرى أن هذه المكونات المجففة والمقرمشة، يسهل حملها معنا أينما كنا. كما أن عمرها الاستهلاكي طويل الأمد عكس الطازجة، التي نضطر إلى التخلص منها بعد وقت قليل من شرائها لأنها تصاب بالعفن أو الذبول.

ولكن السؤال الذي يطرح حول هذا الموضوع، هو مدى سلامة هذه المنتجات على الصحة العامة. وهل ينصح اختصاصيو التغذية بتناولها؟

تردّ الاختصاصية الغذائية عبير أبو رجيلي لـ«الشرق الأوسط»: «الفواكه والخضراوات المقرمشة تعدّ من المكونات التي ينصح بتناولها. ولكن شرط ألا تكون مقلية. فالمفّرزة أو المجففة منها هي الأفضل، وكذلك المشوية. هذه المكونات تحافظ على المعادن والفيتامينات المفيدة للصحة. والبعض يأكلها كـ(سناك) كي يشعر بالشبع. ولذلك ينصح بتناولها لمن يقومون بحمية غذائية. فسعراتها الحرارية قليلة فيما لو لم تتم إضافة السكر والملح إليها».

يتم عرض هذه المكونات في محلات بيع المكسرات. والإعلانات التي تروّج لها تظهرها طازجة ولذيذة ومحافظة على لونها. بعض المحلات تتضمن إعلاناتها التجارية التوصيل المجاني إلى أي عنوان. وأحياناً يتم خلطها مع مكسّرات نيئة مثل اللوز والكاجو والبندق. وبذلك تكون الوجبة الغذائية التي يتناولها الشخص غنية بمعادن وفيتامينات عدّة.

فواكه وخضار طازجة (الشرق الاوسط)

وتوضح عبير أبو رجيلي: «كوب واحد من الخضراوات المجففة والمقرمشة يحتوي على ألياف تسهم في عدم تلف خلايا الجسم. وبحسب دراسات أجريت في هذا الخصوص فإنها تسهم في الوقاية من أمراض القلب والشرايين».

يحبّذ خبراء التغذية تناول الخضراوات والفواكه الطازجة لأن فوائدها تكون كاملة في محتواها. ولكن تقول عبير أبو رجيلي لـ«الشرق الأوسط»: «لا شك أن تناولنا خضراوات وفواكه طازجة ينعكس إيجاباً على صحتنا، ولكن المجففة تملك نفس الخصائص ولو خسرت نسبة قليلة من الفيتامينات».

تقسّم عبير أبو رجيلي هذه المكونات إلى نوعين: الفواكه والخضراوات. وتشير إلى أن الأخيرة هي المفضّل تناولها. «نقول ذلك لأنها تتمتع بنفس القيمة الغذائية الأصلية. بعضهم يقدمها كضيافة وبعضهم الآخر يحملها معه إلى مكتبه. فهي خفيفة الوزن وتكافح الجوع بأقل تكلفة سلبية على صحتنا».

وبالنسبة للفواكه المجففة تقول: «هناك النوع الذي نعرفه منذ زمن ألا وهو الطري والليّن. طعمه لذيذ ولكن يجب التنبّه لعدم الإكثار من تناوله، لأنه يزيد من نسبة السكر في الدم. أما الرقائق المجففة والمقرمشة منه، فننصح بتناولها لمن يعانون من حالات الإمساك. وهذه المكونات كما أصنافها الأخرى تكون مفرّغة من المياه ويتم تجفيفها بواسطة أشعة الشمس أو بالهواء».

بعض هذه المكونات، والمستوردة بكميات كبيرة من الصين يتم تجفيفها في ماكينات كهربائية. فتنتج أضعاف الكميات التي تجفف في الهواء الطلق أو تحت أشعة الشمس. وهو ما يفسّر أسعارها المقبولة والمتاحة للجميع.

في الماضي كان أجدادنا يقومون بتجفيف أنواع خضراوات عدّة كي يخزنونها كمونة لفصل الشتاء. فمن منّا لا يتذكر الخيطان والحبال الطويلة من أوراق الملوخية وحبات البندورة والبامية المعلّقة تحت أشعة الشمس ليتم تجفيفها والاحتفاظ بها؟

وتنصح عبير أبو رجيلي بالاعتدال في تناول هذه الأصناف من فاكهة وخضراوات مجففة. «إنها كأي مكوّن آخر، يمكن أن ينعكس سلباً على صحتنا عامة».