بدء الاستعدادات لتحرير هيت.. و«داعش» يواصل الانتقام من عشيرة البونمر

المكتب الإعلامي للعبادي لـ («الشرق الأوسط»): رئيس الوزراء يريد ضبط إيقاع السلاح والمال في الأنبار

عناصر من تنظيم «داعش» خلال تدريب وسط الموصل أمس (إ.ب.أ)
عناصر من تنظيم «داعش» خلال تدريب وسط الموصل أمس (إ.ب.أ)
TT

بدء الاستعدادات لتحرير هيت.. و«داعش» يواصل الانتقام من عشيرة البونمر

عناصر من تنظيم «داعش» خلال تدريب وسط الموصل أمس (إ.ب.أ)
عناصر من تنظيم «داعش» خلال تدريب وسط الموصل أمس (إ.ب.أ)

في الوقت الذي يواصل فيه تنظيم «داعش» انتقامه من عشيرة البونمر في ناحية الفرات شرقي قضاء هيت بمحافظة الأنبار وذلك بخطف وإعدام العشرات من أفراد القبيلة، فإنه، وطبقا لما أعلنه آمر فوج طوارئ ناحية البغدادي بقضاء هيت، تحتشد القوات الأمنية على مداخل القضاء لتطهيره من التنظيم المتطرف.
وقال العقيد شعبان برزان العبيدي في تصريح أمس إن «القوات الأمنية من الجيش والشرطة وأفواج الطوارئ، ومقاتلي العشائر بما فيها عشيرة البونمر وبغطاء جوي عراقي من طيران التحالف تتحشد على مشارف قضاء هيت، (70 كلم غرب الرمادي)»، مؤكدا أنهم «بانتظار ساعة الصفر لاقتحامها». وأضاف العبيدي أن «تعزيزات عسكرية وصلت إلى ناحية البغدادي وحديثة قبل ساعات قليلة مع وضع خطط عسكرية وتوجيه القطعات البرية بتنفيذها بشكل دقيق لضمان سلامة المدنيين وتطهير المناطق السكنية من فلول تنظيم (داعش) في قضاء هيت والمناطق الغربية تباعا».
على صعيد متصل، يواصل مجلس محافظة الأنبار لقاءاته ومشاوراته مع كبار المسؤولين في بغداد من أجل حشد الجهود للحيلولة دون وقوع كارثة في المحافظة. وقال نائب رئيس مجلس محافظة الأنبار فالح العيساوي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «الدعم الحكومي لا يزال دون المستوى المطلوب، وإن هناك نوعا من التهاون سواء من قبل الحكومة المركزية أو التحالف الدولي حيال محافظة الأنبار بالقياس بما يبديه من اهتمام في مناطق ومحافظات أخرى من البلاد». وأضاف العيساوي أن «الرمادي بدأت تسقط بيد (داعش)، والمدينة محاصرة الآن، وهو أمر يتطلب حشد الجهود العملية وليس الوعود فقط، وسبق لنا أن نبهنا إلى أهمية أن يكون هناك تدخل بري أجنبي أو تعزيز القطعات العسكرية الموجودة، فضلا عن تكثيف الطلعات الجوية من قبل طيران التحالف الدولي الذي ما زلنا نتوقع أن تكون فاعليته أكبر مما هي عليه الآن».
من جهته، أكد الدكتور سعد الحديثي، المتحدث باسم المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء حيدر العبادي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «رئيس الوزراء بات يضع قضية محافظة الأنبار ضمن الأولويات، خصوصا بعد الجرائم التي ارتكبها تنظيم (داعش) ضد أبناء المحافظة، وفي مقدمتهم عشيرة البونمر التي تعرضت إلى جريمة إبادة جماعية»، مشيرا إلى أن «المشكلة هي أن محافظة الأنبار مقطعة الأوصال، وخطوط الإمداد غير موصولة معا، ويعتمد في الغالب في إيصال المعونات على الطائرات، وهو أمر يشكل صعوبة حقيقية». وأشار الحديثي إلى أن «هناك شح بالأسلحة؛ إذ لا يتوفر سوى السلاح الخفيف، بينما المطلوب اليوم هو الأسلحة المتوسطة والثقيلة، وهي ما يحوزه (داعش)، وبالتالي وحتى تكون المواجهة متكافئة، فلا بد من تأمين سلاح متوسط وثقيل، وهو ما ينطبق على سبل الدعم اللوجيستي على الأرض». وكشف الحديثي أن «الحكومة السابقة (عهد نوري المالكي) أعطت أسلحة وأموالا لشيوخ عشائر، لكنها لم تذهب إلى مستحقيها؛ بل ذهبت إلى جيوب السراق والمفسدين»، مؤكدا أن «العبادي يريد ضبط إيقاع الأسلحة وطرق توزيعها بحيث تتحول إلى جزء رئيس من عملية إسناد القوات المسلحة التي بدأت الآن مرحلة جديدة، وهو ما أعلنه وزير الدفاع (خالد العبيدي) لدى زيارته إلى قاعدة عين الأسد في الأنبار».
وكان أمير قبائل الدليم الشيخ ماجد العلي السليمان كشف في حوار مع «الشرق الأوسط» الأسبوع الماضي أن «هناك شيوخ عشائر وقادة صحوات تلقوا أموالا وأسلحة من الحكومة السابقة لكنهم باعوا الأسلحة وهربوا بالأموال».
من ناحية ثانية، وفي سياق عمليات الانتقام التي يقوم بها تنظيم «داعش» ضد عشيرة البونمر، فإن التنظيم، وطبقا لما أعلنه نعيم الكعود، أحد شيوخ البونمر في قضاء هيت، اختطف 17 من أبناء العشيرة ونقلهم إلى قضاء بيجي.
بدوره، قال أبو أكرم النمراوي، أحد وجهاء العشيرة في ناحية الفرات، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك مئات العوائل من البونمر موزعة في الجزيرة وقد تقطعت بالكثيرين منهم السبل دون أن يتقدم أحد بإغاثة حقيقية». وأضاف النمراوي أن «هناك من تمكن من الوصول إلى قضاء حديثة، وهناك من لا يزال في العراء ينتظر الموت البطيء».
وأعلنت وزارة حقوق الإنسان العراقية، أمس، أن عدد من قتلوا من أفراد عشيرة البونمر على أيدي مسلحي «داعش» بلغ 322. وأضافت أنه تم العثور أيضا على جثث 50 من النساء والأطفال ملقاة في بئر.
بدوره، قال الشيخ نعيم الكعود، وهو أيضا من وجهاء «البونمر»، لوكالة «رويترز»، إنه طلب مرارا من الحكومة المركزية والجيش تزويده بالرجال والسلاح لكن دون جدوى. وأضاف الكعود أن 75 آخرين من أفراد عشيرته قتلوا أمس بنفس الطريقة التي قتل بها سابقوهم، حيث تم القبض عليهم أثناء محاولتهم الهرب من متشددي «داعش»، وأطلق عليهم الرصاص، وتم إلقاء جثثهم قرب مدينة حديثة. وقال الكعود إن «داعش» قتل أيضا 15 شخصا من طلاب المدارس الثانوية والجامعات.



«جمعة رجب»... مناسبة حوثية لفرض الإتاوات وابتزاز التجار

مسلحون حوثيون ضمن حشدهم الأسبوعي في صنعاء بأمر من زعيم الجماعة (رويترز)
مسلحون حوثيون ضمن حشدهم الأسبوعي في صنعاء بأمر من زعيم الجماعة (رويترز)
TT

«جمعة رجب»... مناسبة حوثية لفرض الإتاوات وابتزاز التجار

مسلحون حوثيون ضمن حشدهم الأسبوعي في صنعاء بأمر من زعيم الجماعة (رويترز)
مسلحون حوثيون ضمن حشدهم الأسبوعي في صنعاء بأمر من زعيم الجماعة (رويترز)

استهلت الجماعة الحوثية السنة الميلادية الجديدة بإطلاق حملات جباية استهدفت التجار وأصحاب ورؤوس الأموال في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء، بغية إجبارهم على دفع الأموال لتمويل احتفالات الجماعة بما تسميه «جمعة رجب».

وتزعم الجماعة الحوثية أن دخول اليمنيين في الإسلام يصادف أول جمعة من شهر رجب الهجري، ويستغلون المناسبة لربطها بضرورة الولاء لزعيمهم عبد الملك الحوثي تحت ادعاء أن نسبه يمتد إلى علي بن أبي طالب الذي أدخل اليمنيين في الإسلام قبل أكثر من 14 قرناً هجرياً. وفق زعمهم.

وذكرت مصادر مطلعة في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن مشرفين حوثيين برفقة عربات ومسلحين يتبعون عدة مكاتب تنفيذية تابعة للجماعة، نفذوا حملات واسعة ضد متاجر ومؤسسات تجارية في عدة مديريات في المدينة، وأجبروا ملاكها على دفع جبايات، بينما أغلقوا عدداً من المتاجر التي رفض ملاكها التبرع.

وأكدت المصادر أن الانقلابيين شرعوا في توسيع أنشطتهم الاستهدافية في تحصيل الإتاوات أكثر مما كان عليه قبل أشهر ماضية، حيث لم تستثنِ الجماعة حتى صغار التجار والباعة المتجولين والسكان الأشد فقراً.

الانقلابيون سيطروا بالقوة على مبنى الغرفة التجارية في صنعاء (إعلام محلي)

وفي ظل تجاهل الجماعة المستمر لفقر السكان في مناطق سيطرتها، أقرت ما تسمى اللجنة العليا للاحتفالات والمناسبات في اجتماع لها بصنعاء، إطلاق برنامج الفعاليات المصاحب لما يُسمى ذكرى «جمعة رجب»، بالتوازي مع بدء شنّ حملات جباية على التجار والسكان الذين يعانون من ظروف معيشية حرجة.

وهاجم بعض السكان في صنعاء كبار قادة الجماعة لجهة انشغالهم بابتكار مزيد من الفعاليات ذات المنحى الطائفي وتخصيص ميزانية ضخمة لأعمال الدعاية والإعلان، ومكافآت ونفقات لإقامة الندوات وتحركات مشرفيها أثناء حشد الجماهير إليها.

وكانت تقارير محلية اتهمت في وقت سابق قيادات حوثية بارزة في الجماعة يتصدرهم حمود عباد وخالد المداني بجباية مليارات الريالات اليمنية من موارد المؤسسات الحكومية الخاضعة لسلطات الجماعة في صنعاء، لافتة إلى أن معظم المبالغ لم يتم توريدها إلى حسابات بنكية.

تعميم صوري

في حين زعمت وسائل إعلام حوثية أن تعميماً أصدره القيادي في الجماعة حمود عباد المعين أميناً للعاصمة المختطفة، يقضي بمنع إغلاق أي محل أو منشأة تجارية إلا بعد اتخاذ ما سماها «الإجراءات القانونية»، نفى تجار وأصحاب مؤسسات تجارية بصنعاء توقّف عناصر الجماعة عن مداهمة متاجرهم وإغلاقها بعد رفضهم دفع جبايات.

تجمع للمارة في صنعاء أثناء محاولة اعتقال مالك أحد المطاعم (الشرق الأوسط)

وفي مسعى لتلميع صورتها عقب حملات التعسف كانت الجماعة أصدرت تعميماً يُلزِم قادتها في عموم المديريات والمكاتب التنفيذية في صنعاء بعدم إغلاق أي منشأة تجارية إلا بعد اتخاذ «الإجراءات اللازمة».

وحض التعميم الانقلابي كل الجهات على «عمل برامج شهرية» لتنفيذ حملات نزول ميداني لاستهداف المتاجر، مرة واحدة كل شهر عوضاً عن تنفيذ حملات نزول يومية أو أسبوعية.

واعترفت الجماعة الحوثية بوجود شكاوى لتجار وملاك منشآت تجارية من قيام مكاتب تنفيذية في صنعاء بتحصيل مبالغ مالية غير قانونية منهم بالقوة، وبإغلاق مصادر عيشهم دون أي مسوغ قانوني.

توسيع الاستهداف

اشتكى تُجار في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، من تصاعد كبير في حملات الاستهداف وفرض الإتاوات ضدهم عقب صدور تلك التعليمات التي يصفونها بـ«غير الإلزامية».

ويتهم عدد من التجار القياديَين حمود عباد وخالد المداني، والأخير هو مشرف الجماعة على المدينة، بتكثيف الأنشطة القمعية بحقهم وصغار الباعة وإرغامهم في كل حملة استهداف على دفع جبايات مالية مقابل السماح لهم بمزاولة أنشطتهم التجارية.

الحوثيون يستهدفون المتاجر والشركات لإجبارها على دفع الأموال (إعلام حوثي)

ويتحدث (أحمد.و)، مالك محل تجاري بصنعاء، عن استهداف متجره بسوق شعبي في حي السنينة بمديرية معين بصنعاء من قِبَل حملة حوثية فرضت عليه دفع مبلغ مالي بالقوة بحجة تمويل مناسبة «جمعة رجب».

وذكر أن عناصر الجماعة توعدته بالإغلاق والاعتقال في حال عدم تفاعله مع مطالبها غير القانونية.

وتحدث أحمد لـ«الشرق الأوسط»، عن إغلاق عدد من المتاجر في الحي الذي يعمل فيه من قِبَل مسلحي الجماعة الذين قال إنهم اعتقلوا بعض ملاك المحلات قبل أن يتم الإفراج عنهم بعد أن رضخوا لدفع الجبايات.