محمد بن راشد يتوّج إماراتياً بجائزة «صناع الأمل» في دبي

24 مليون دولار تبرعات لبناء مستشفى مجدي يعقوب للقلب في مصر

الشيخ محمد بن راشد في صورة جماعية مع المرشحين
الشيخ محمد بن راشد في صورة جماعية مع المرشحين
TT

محمد بن راشد يتوّج إماراتياً بجائزة «صناع الأمل» في دبي

الشيخ محمد بن راشد في صورة جماعية مع المرشحين
الشيخ محمد بن راشد في صورة جماعية مع المرشحين

كرّم الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، «صنّاع الأمل» الخمسة المتأهلين لنهائيات مبادرة «صناع الأمل» بمكافأة مالية بقيمة مليون درهم (272 ألف دولار) لكل منهم، لتبلغ قيمة جائزة «صناع الأمل» خمسة ملايين درهم (1.3 مليون دولار)، متوجاً الإماراتي أحمد الفلاسي وعائلته بلقب «صانع الأمل العربي» للعام 2020 بعد حصوله على أعلى نسبة تصويت خلال الحفل الختامي، أمس.
وأعلن الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم رصد ريع الحفل الختامي لمبادرة «صنّاع الأمل» لصالح مشروع بناء مستشفى مجدي يعقوب الخيري لعلاج أمراض القلب في مصر، والذي سيعمل على توفير العلاج المجاني وإجراء أكثر من 12 ألف عملية جراحية سنوياً لمرضى القلب في العالم العربي وتحديداً الأطفال الذين سيخصص المستشفى الجديد 70% من عملياته لهم من دون مقابل.
وقلّد الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم البروفسور مجدي يعقوب، «وشاح محمد بن راشد للعمل الإنساني» لقاء جهوده في العمل الخيري والإنساني وإنجازاته الطبية والعلمية التي منحت على مدى أكثر من 50 عاماً الأمل والحياة للملايين من المرضى حول العالم.
وقال الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم: «صنّاع الأمل هم أبطال حقيقيون للعطاء ورموز ملهمون للعمل الخيري والإنساني... يأخذون زمام المبادرة فيعمّ خيرهم غيرهم». واعتبر أن «صنّاع الأمل الذين يعملون من أجل مجتمعهم وأوطانهم ينتجون حراكاً مجتمعياً إيجابياً يدعم تحقيق التنمية واستعادة الثقة بالمستقبل في العالم العربي».
وأضاف: «تابعنا عشرات آلاف القصص الملهمة لصنّاع أمل عرب شكّلوا منارات للأمل في مجتمعاتهم بتفاؤلهم وإيجابيتهم»، لافتاً بالقول: «صناع الأمل أخلصوا في خدمة الناس دون انتظار مردود أو مقابل، فكانوا قدوة لغيرهم ونموذجاً لمن حولهم في كيفية تحويل التحديات إلى فرص».
وزاد: «هذا العام نخصص ريع الحفل الختامي لصناع الأمل لمشروع إنساني عربي يحيي القلوب ويقدم العلاج بالمجّان».
وأكد حاكم دبي أن «رسالة صنّاع الأمل يحملها أبطاله في الوطن العربي ليؤكدوا أن التفاؤل زادُ المبدعين، والتقدم حليف الإيجابيين الذين يصنعون الفرص من التحديات وينيرون الطرق لغيرهم، ويبثّون روح العمل في كل ما يحيط بهم».
وقال: «العالم العربي فيه مخزون لا ينضب من الطاقات والإمكانات والقدرات، وصنّاع الأمل من أبطال العطاء هم الوجه المشرق لهذه القدرات»، مؤكداً: «أعتزّ بـ92 ألف مشارك في (صنّاع الأمل) من أبطال العطاء، الذين أصبحوا رموزاً عربية مميزة في مجال العمل الخيري والإنساني».
وشهد الحفل حملة تبرع من خلال تعهد عدد من رجال الأعمال والمؤسسات في دولة الإمارات بالتبرع لمشروع العام الإنساني وهو بناء وتجهيز مستشفى الدكتور مجدي يعقوب لعلاج أمراض القلب في مصر، حيث سيعالج المستشفى الآلاف من مرضى القلب سنوياً من مصر ومن العالم العربي مجاناً. وبلغ حجم التبرعات في الحفل 44 مليون درهم (11.9 مليون دولار)، تنافس خلالها رواد الأمل من رجال الأعمال والمؤسسات والشركات على ترجمة مسؤوليتهم المجتمعية من خلال دعم صرح إنساني كبير.
وتوّج الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، أحمد الفلاسي وعائلته بلقب «صانع الأمل الأول» في عام 2020 على مستوى الوطن العربي، وذلك عن مبادرته الخاصة بمساعدة المصابين بالقصور والفشل الكلوي وتوفير تجهيزات الرعاية الصحية لعلاج الفقراء والمحتاجين في مومباسا بكينيا، حيث حاز اللقب من بين أكثر من 92 ألف صانع أمل شاركوا في الدورة الثالثة من مبادة «صناع الأمل»، من 38 دولة حول العالم.
وشهد الحفل الذي امتد على مدى أربع ساعات العديد من الفقرات الفنية شارك فيها نخبة من أبرز الفنانين في الوطن العربي مثل الفنانة نوال الكويتية والفنانة بلقيس والفنان محمد عساف، والفنان العالمي ردوان، كما شارك في فقرات الحفل عدد كبير من نجوم الوطن العربي من فنانين ورياضيين وإعلاميين وممثلين من بينهم طارق العلي وقصي خولي وياسر القحطاني وعمرو أديب ومنى الشاذلي وأحمد حلمي.
واستعرض «صنّاع الأمل» الخمسة الذين بلغوا النهائيات قصصهم ومبادراتهم في الحفل، وضمت قائمة المرشحين الخمسة كلاً من الدكتور مجاهد مصطفى علي الطلاوي، من مصر، الذي يقدم الرعاية الصحية للمساكين والفقراء منذ عقود برسم رمزي أو دون مقابل، ويدعم الفقراء والمحتاجين والأيتام في قريته طلا في صعيد مصر، إضافةً إلى علي الغامدي، من السعودية، والذي يكفل الأيتام في آسيا وأفريقيا منذ سنوات من ماله الشخصي ودون دعم من أحد.
إضافة إلى ستيف سوسبي الصحافي الأميركي الذي حصل على الجنسية الفلسطينية، لقاء جهوده مع أطفال فلسطين ممن فقدوا أطرافهم، وتشجيعه فرق الأطباء والمتطوعين من مختلف أنحاء العالم على مساندة الطواقم الطبية الفلسطينية، مؤسساً صندوق إغاثة أطفال فلسطين. واستقبلت مبادرة «صنّاع الأمل» في دورتها الثالثة أكثر من 92 ألف مشاركة من كل أرجاء العالم العربي، بالمقارنة مع 87 ألف مشاركة في دورة عام 2018، و65 ألف مشاركة في الدورة الأولى في عام 2017.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».