أمين «العالم الإسلامي» يشدد على ترسيخ حتمية الاختلاف واستيعاب الآخر

الأمم المتحدة تستضيف مؤتمر تنظّمه الرابطة حول «مبادرات تحصين الشباب»

العيسى متحدثاً في «المؤتمر الدولي لتحصين الشباب» (الشرق الأوسط)
العيسى متحدثاً في «المؤتمر الدولي لتحصين الشباب» (الشرق الأوسط)
TT

أمين «العالم الإسلامي» يشدد على ترسيخ حتمية الاختلاف واستيعاب الآخر

العيسى متحدثاً في «المؤتمر الدولي لتحصين الشباب» (الشرق الأوسط)
العيسى متحدثاً في «المؤتمر الدولي لتحصين الشباب» (الشرق الأوسط)

أعلنت رابطة العالم الإسلامي مبادرات «تحصين الشباب ضد أفكار التطرف والعنف وآليات تنفيذها»، التي أطلقها أمينها العام الشيخ الدكتور محمد العيسى، من مقر الأمم المتحدة في جنيف، ضمن مؤتمر دولي شارك فيه رؤساء حكومات ورؤساء برلمانات، وسفراء أمميون، ونخبة من كبار قادة الأديان والفكر وعدد من الأكاديميين ذوي الاختصاص بمحاور المؤتمر.
وأكد الدكتور العيسى أن هذه المبادراتِ تستهدف تحصين الشباب ضد أفكار التطرف العنيفة أو المحرضة على العنف، وتبرز من جانب آخر مواصفات الشخصية الدينية والوطنية، مشددا على مسؤولية مؤسسات التعليم حول العالم تجاه تحصين الشباب، من جميع الأفكار المتطرفة أياً كان موضوعها دينياً كان أو غيره، وذلك من خلال إيجاد مناهجَ دراسية «بأنشطَة تفاعلية» ترَكز على ترسيخ القناعة بحتمية الاختلاف والتنوُّع والتعدُّد في عالمنا، وأنه في إطاره الإيجابي يمَثل إثراءً للبشرية يعزز من قدراتهم ووَحْدتهم، إضافة إلى ترسيخ القناعة بأن الصدام الديني والإثني والفكري يمثل مخاطرة تطال الوئام المجتمعي والسِّلْم العالمي، مؤكداً أن «ترسيخ حتمية الاختلاف والتنوع واستيعاب الآخر مسؤولية التعليم والأسرة ومنصات التأثير».
وشدد الدكتور العيسى، على أهمية تنقية الخطاب الموجه إلى الشباب خصوصاً من كل ما يؤجِّج الصراعَ والكراهية، ويثير العداء والعنصرية، مع تقرير مبدأ المساواة العادلة بين البشر، منوهاً في هذا السياق إلى أهمية نشر قيمة السماحة والتسامح، ورفض سلبيات الكراهية والعنصرية والتهميش.
ودعا الجهات المسؤولة في كل دولة إلى إيجاد البرامج الفعالة لتعزيز دور الأسرة في صياغة عقلية الأطفال وصغار الشباب صياغة سليمة، وإيجاد البرامج الفعَّالة وبناء الشّراكات المتعددة لدعم الوئام الديني والثقافي والإثني في دول التنوع، وأكد أن على المؤسسات الدينية والفكرية استشعار مسؤوليتها نحو التصدي لأفكار التطرف والعنف والإرهاب، بالدخول في تفاصيل آيديولوجيتها وتفكيكها بعمق ووضوح. وشدد على أنه من «المهم منع تصدير أو استيراد الفتاوى والأفكار الدينية خارج ظرفيتها المكانية»، مؤكداً أن التطرف مرفوض في جميع الأحوال.
وشدد على أن «الوعي يُدْرِكُ أن القِيَمَ بإيجابية انفتاحها وسماحتها ومنطقها الحضاري هي المنتصرُ الحقيقي في الحوار الموضوعي».
وحذر من أن أكثرَ الجدلياتِ خطورة هي المساجلات الخاطئة بين أتباع الأديان، وما تُفضي إليه في كثير من الأحيان من ازدراءٍ متبادَل بينهم، «وهي ممارسة عبثية، لها تاريخ طويل، تَتِمُّ مواجهتها من قِبل المصلحين والحكماء بالرفض والاستهجان»، مؤكداً في هذا السياق أهمية الحوار الموضوعي والفعال بين أتباع الأديان والثقافات وأهمية أرضية انطلاقة هذا النوع من الحوار وهو احترام الآخر وحقه في الوجود.
من جانبه أكد مفتي الديار المصرية الشيخ الدكتور شوقي علام، أن طموحات الإرهابيين توسعت إلى حد تشكيل جيوش منظمة وغزو وسائل التقنية الحديثة. وشدد على أن السبيل إلى مواجهة هذه الأفكار الهدامة للبشرية هو التعاون والتكاتف بين دول العالم ومنظماته، بتشخيص المشكلة وبناء الآليات التي تواجهها، وسَنِّ القوانين الحاسمة والحازمة للقضاء عليها.
فيما نوّه وزير الأوقاف ورئيس المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية في جمهورية مصر العربية الدكتور محمد مختار جمعة، إلى أن الإرهاب بات أخطر أمراض العصر، إذ أصبح إلكترونياً وعابراً للحدود والقارات، وأكثرَ انتشاراً وأسهلَ انتقالاً من كل الفيروسات.
في حين ذكر الأمين العام لمنظمة التنسيق بين المجتمعات يوهان جورفينكيل، أن المؤتمر الذي تنظمه رابطة العالم الإسلامي يعد نداء إلى العالم بأكمله للاتحاد في مواجهة أفكار التطرف والعنف، وخطابات الكراهية والخوف من الآخر.
بدوره قدم رئيس المجلس الإسلامي الأعلى في الجزائر بوعبدالله محمد غلام الله، شكرَه لرابطة العالم الإسلامي، التي تُبرز بجهودها العالمية القِيَمَ الإسلامية الحقيقية التي تتفهم رسالة الإنسان الإنسانية، مؤكداً أن الإسلام بما يمثله من قيم والمسلمين بما يمثلونه من كثافة لا يصح إلا أن يكونوا في شراكة حقيقية مع أتباع الأديان والثقافات لخدمة الإنسانية.
كما شددت رئيسة أكاديمية «أريت جنيف» سيبيل روبريشت، على أهمية التعاون لترسيخ ثقافة التنوع واحترام الهوية وتعزيز الاندماج الوطني ووقاية الشباب بإشراكهم في قيادة الرأي وخدمة المجتمع.
فيما عدّ عضو المجلس البابوي للحوار بين الأديان في دولة الفاتيكان، المونسنيور خالد عكشة، «وثيقة مكة المكرمة» إحدى ملامح الأمل المعاصر في تعزيز السلام والوئام حول العالم ومواجهة خطاب التطرف والكراهية، مؤكداً أن العنف الأعمى المتستّر بالدين يستدعي ضرورة مناقشة بيئات التطرف والعنف بحثاً عن معالجتها والوقاية منها، وخصوصاً وقاية فئة الشباب التي تعدّ فئة مرغوبة لدى من يريد ترويج أفكار وآيديولوجيات متطرفة أو عنيفة، سياسية كانت أو دينية أو غيرهما.


مقالات ذات صلة

جوامع باريس لـ«الدعاء لفرنسا» بعد خطبة الجمعة

أوروبا جوامع باريس لـ«الدعاء لفرنسا» بعد خطبة الجمعة

جوامع باريس لـ«الدعاء لفرنسا» بعد خطبة الجمعة

طلب عميد «المسجد الكبير» في باريس، شمس الدين حفيز، من الأئمة التابعين للمسجد الدعاء لفرنسا في نهاية خطب الجمعة.

«الشرق الأوسط» (باريس)
يوميات الشرق جانب من بينالي الفنون الإسلامية بجدة في نسخته الأولى (واس)

بينالي الفنون الإسلامية في جدة... حوار المقدس والمعاصر

يجري العمل على قدم وساق لتقديم النسخة الثانية من بينالي الفنون الإسلامية بجدة في 25 من يناير القادم، ما الذي يتم إعداده للزائر؟

عبير مشخص (لندن)
ثقافة وفنون المدير العام لمنظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة الدكتور سالم بن محمد المالك (صورة من الموقع الرسمي للإيسيسكو)

«الإيسيسكو» تؤكد أن المخطوطات شاهدٌ حيٌّ على أصالة العالم الإسلامي

أكد المدير العام لمنظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة «إيسيسكو»، الدكتور سالم بن محمد المالك، أن المخطوطات شاهدٌ حيٌّ على أصالة العالم الإسلامي.

«الشرق الأوسط» (الرباط)
أوروبا رئيس حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي فريدريش ميرتس يتحدث خلال اجتماع ترشيح الحزب في أوسنابروك ودائرة ميتيلمس في ألاندو بالهاوس (د.ب.أ)

زعيم المعارضة الألمانية يؤيد تدريب أئمة المساجد في ألمانيا

أعرب زعيم المعارضة الألمانية فريدريش ميرتس عن اعتقاده بأن تدريب الأئمة في «الكليةالإسلامية بألمانيا» أمر معقول.

«الشرق الأوسط» (أوسنابروك (ألمانيا))
المشرق العربي الدكتور محمد بن عبد الكريم العيسى‬ في خطبة الجمعة بأكبر جوامع مدينة دار السلام التنزانية

أمين رابطة العالم الإسلامي يزور تنزانيا

ألقى معالي الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي، رئيس هيئة علماء المسلمين، فضيلة الشيخ الدكتور محمد بن عبد الكريم العيسى‬، خطبةَ الجمعة ضمن زيارة لتنزانيا.

«الشرق الأوسط» (دار السلام)

السعودية تشدد على أهمية تعزيز مسيرة التعاون الأمني العربي المشترك

اجتماع الدورة الـ42 لمجلس وزراء الداخلية العرب في تونس الأحد (واس)
اجتماع الدورة الـ42 لمجلس وزراء الداخلية العرب في تونس الأحد (واس)
TT

السعودية تشدد على أهمية تعزيز مسيرة التعاون الأمني العربي المشترك

اجتماع الدورة الـ42 لمجلس وزراء الداخلية العرب في تونس الأحد (واس)
اجتماع الدورة الـ42 لمجلس وزراء الداخلية العرب في تونس الأحد (واس)

شدد الأمير عبد العزيز بن سعود بن نايف وزير الداخلية السعودي الرئيس الفخري لمجلس وزراء الداخلية العرب، الأحد، على أهمية تعزيز مسيرة التعاون الأمني العربي المشترك، وضرورة تكامل الجهود وتنسيقها، للتعامل مع الجرائم بكل أشكالها وصورها، ومراقبة تطور أدواتها، بجانب بناء استراتيجية أمنية لمواجهة التهديدات والتحديات المشتركة.

جاء ذلك في كلمة للأمير عبد العزيز بن سعود لدى ترؤسه وفد السعودية في اجتماع الدورة الـ42 لمجلس وزراء الداخلية العرب في تونس، الأحد، الذي عقد تحت رعاية الرئيس التونسي قيس سعيد.

الأمير عبد العزيز بن سعود أكد أهمية الاستمرار في تعزيز جهود التعاون العربي لدعم منظومة أمن الحدود (واس)

ونقل في مستهل الكلمة تحيات القيادة السعودية وتطلعها إلى أن يعزز الاجتماع جهود التعاون العربي المشترك، معرباً عن شكره للرئيس التونسي على رعايته للاجتماع، ولشعب تونس على حفاوة الاستقبال وكرم الضيافة، كما أعرب عن شكره لوزير الداخلية التونسي خالد النوري على ما وفره للاجتماع من أسباب النجاح، مرحباً بالوزراء المنضمين حديثاً للمجلس.

ونوه الأمير عبد العزيز بن سعود بدور مجلس وزراء الداخلية العرب، وقال: «يمثل مجلسنا اليوم عمق التحالف الأمني العربي المبني على الثقة والتعاون المشترك أمام سرعة المتغيرات وتداخل الأزمات والتحديات، فقد ارتكز أمننا اليوم على مكتسبات الماضي وممكنات الحاضر لمواجهة التحديات الحالية والمستقبلية».

وأكد وزير الداخلية السعودي أن حالة عدم الاستقرار العالمي أفرزت جماعات وتنظيمات إرهابية مسلحة، زادت من حدة التهديدات الأمنية المتعلقة بالإرهاب، كما أفرزت أنماطاً متعددة من الجريمة المنظمة مثل تهريب المخدرات، مشيراً إلى استخدام تلك التنظيمات المجال السيبراني والتقنيات الناشئة وطرق التخفي خارج رقابة المجتمع الدولي، الأمر الذي مكنها من سهولة الحصول على الأسلحة والمتفجرات وصناعتها بتقنيات حديثة أصبحت سهلة الاقتناء، مما يفاقم حدة المخاطر الناجمة عن ذلك وتداعياته في شتى المجالات الأمنية.

وأضاف: «إن تلك المخاطر والتهديدات المحتملة تتطلب منا الاستمرار في تعزيز جهود التعاون العربي لدعم منظومة أمن الحدود وفرض رقابة مكثفة عليها وتطبيق سياسات فاعلة للحد من ذلك، وتفعيل الاستراتيجيات وخطط العمل المشتركة، فمهما تطورت طرق الاتجار غير المشروعة وتهريب الأسلحة والتقنيات التي تستخدمها الجماعات الإجرامية يظل تحالفنا الأمني أقوى من جميع التحديات، بل يدفعنا إلى مزيد من التعاون المثمر والتنسيق الدائم والفعال».

وزراء الداخلية العرب ناقشوا عدداً من الموضوعات المدرجة على جدول أعمال الاجتماع (واس)

وفي ختام كلمته، أعرب الأمير عبد العزيز بن سعود عن شكره لوزراء الداخلية العرب على دعمهم المستمر لجهود المجلس، وما يقوم به من أنشطة وأعمال مشتركة، وعلى الجهود المستمرة التي تبذلها الأجهزة الأمنية، مقدماً شكره وتقديره للأمين العام ومنسوبي الأمانة العامة للمجلس على جهودهم في الإعداد والتحضير للاجتماع.

وخلال الاجتماع تم الإعلان عن منح المجلس «وسام الأمير نايف للأمن العربي» من الدرجة الممتازة للعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني بن الحسين؛ تقديراً لما قدمه من جهود قيمة لتعزيز الأمن العربي، وتسلمه وزير الداخلية الأردني مازن عبد الله الفراية.

كما منح المجلس «وسام الأمير نايف للأمن العربي» من الدرجة الممتازة للسلطان هيثم بن طارق، سلطان عُمان؛ تقديراً لما قدمه من جهود قيمة لتعزيز الأمن العربي، وتسلمه وزير الداخلية العماني حمود بن فيصل البوسعيدي. وكان وزراء الداخلية العرب ألقوا كلمات خلال الاجتماع، وناقشوا عدداً من الموضوعات المدرجة على جدول أعمال الاجتماع.