نتنياهو يرفض التخلي عن المثلث العربي ولا يستبعد إقامة دولة فلسطينية

في محاولة لسحب أصوات العرب واليمين الليبرالي من غانتس

نتنياهو في حملة انتخابية وسط مؤيديه من حزب الليكود قرب تل أبيب الثلاثاء (رويترز)
نتنياهو في حملة انتخابية وسط مؤيديه من حزب الليكود قرب تل أبيب الثلاثاء (رويترز)
TT

نتنياهو يرفض التخلي عن المثلث العربي ولا يستبعد إقامة دولة فلسطينية

نتنياهو في حملة انتخابية وسط مؤيديه من حزب الليكود قرب تل أبيب الثلاثاء (رويترز)
نتنياهو في حملة انتخابية وسط مؤيديه من حزب الليكود قرب تل أبيب الثلاثاء (رويترز)

فيما يبدو انعطافاً في موقفه السياسي، بهدف سحب أصوات جديدة من الناخبين العرب والناخبين من اليمين الليبرالي المؤيدين لحزب «كحول لفان» ورئيسه بيني غانتس، خرج رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بهجمة «اعتدال سياسي» مفاجئ وأعلن أنه لا يستبعد أن «تقوم في نهاية المطاف دولة فلسطينية وفق شروط إسرائيل الأمنية»، لا، بل أعلن موقفاً يتناقض مع بنود في خطة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، المعروفة باسم «صفقة القرن»، تتعلق بضم منطقة المثلث العربية في حدود 1948 إلى الدولة الفلسطينية. ووصفها بأنها «بالون فارغ لم يُقصد به أن يصل إلى مرحلة التطبيق».
وقد أجرى نتنياهو مقابلة صحافية مطولة مع الصحيفة العربية «بانوراما» ومحطة التلفزيون «هلا» التابعة لها وتصدر في مدينة الطيبة في هذا المثلث. وقال إنه يرى في المواطنين العرب في إسرائيل جزءاً لا يتجرأ من إسرائيل وتباهى بأنه «رئيس الحكومة الذي قدّم للعرب ميزانيات أكثر من كل حكومات إسرائيل مجتمعة». ودعا العرب للامتناع عن التصويت للقائمة المشتركة «التي لا تعمل لكم شيئاً»، والتصويت له ولليكود «حتى أكمل مسيرة المساواة في الحقوق». وأضاف: «أنا أحقق إنجازات تاريخية لإسرائيل ولكل المنطقة العربية، وأريد للعرب في إسرائيل أن يكونوا الجسر بيننا وبين أمتهم العربية».
وقال نتنياهو إنه لا يستبعد قيام دولة فلسطينية كما نصت عليها خطة السلام الأميركية التي أبصرت النور الشهر الماضي ولاقت معارضة ورفضاً من الفلسطينيين والدول العربية والإسلامية. وأضاف: «لقد وافقت على مناقشتها في إطار خطة السلام الأميركية، ما دامت لا تضر بأمن إسرائيل».
وعُدّت تصريحات نتنياهو جزءاً من محاولته توسيع رقعة المؤيدين له في المعركة الانتخابية، التي ترمي إلى زيادة عدد نواب معسكر اليمين إلى 61 مقعداً حتى يستطيع تشكيل حكومة يمين صرف، ويوقف إجراءات محاكمته بتهم الفساد الثلاث (تلقي الرشى، والاحتيال، وخيانة الأمانة). وقالت مصادر سياسية لصحيفة «يديعوت أحرونوت»، أمس (الأربعاء)، إن وزراء رفيعي المستوى من حزب الليكود، الذي يتزعمه نتنياهو، كشفوا أنه «في حال فوز كتلة أحزاب اليمين والمتدينين بـ61 عضو كنيست، فإن نتنياهو سيتجه نحو واحد من طريقين: سيدفع إلى سَن قانون في الكنيست (البرلمان الإسرائيلي) مأخوذ عن القانون الفرنسي، يمنع محاكمته ما دام يتولى منصب رئيس الحكومة، أو يطلب مجدداً الحصول على حصانة من الكنيست بهدف تأجيل محاكمته إلى ما بعد نهاية الولاية المقبلة. وقال الوزراء إن «نتنياهو سيفعل أي شيء كي لا يرى القضاة. والفوز (في الانتخابات) يعني أنه سيفعل أي شيء كي لا يُحاكم».
وتوقع هؤلاء أن يقدم نتنياهو، في الأيام العشرة الأخيرة المتبقية حتى موعد الانتخابات في 2 مارس (آذار) القادم، سياسياً وشعبياً وربما عسكرياً أيضاً، لكي يحقق الفوز. وفقط إذا فشل في الانتخابات، سينتقل إلى معركة أخرى هي إفشال الجهود لتشكيل حكومة برئاسة غانتس والتوجه إلى انتخابات رابعة في سبتمبر (أيلول) القادم، ليبقى حتى ذلك الحين رئيساً للحكومة. وإذا فشل في هذا أيضاً وتمكن غانتس من تشكيل حكومة فإن نتنياهو سيتوجه إلى الخيار الأخير وهو طلب إبرام صفقة ادّعاء مع النيابة العامة يتم بموجبها إبطال محاكمته وإصدار عفو عنه مقابل اعتزاله السياسة، مع العلم بأن النيابة سرّبت إلى الإعلام أنها ترفض صفقة كهذه. وأكدت أنه بعدما اتهمها نتنياهو بنسج لوائح اتهام كاذبة ومختلقة ضده، سيكون عليها البرهنة للجمهور بأن أيديها نظيفة وأن الاتهامات ضد نتنياهو حقيقية وثابتة بالدلائل القاطعة.
وفي إطار جهود نتنياهو لكسب الأصوات، وجّه دعوة مفاجئة إلى منافسه على رئاسة الحكومة، غانتس، أن يوافق على مناظرة تلفزيونية. وقال نتنياهو في مقابلة على «القناة 20» في التلفزيون الإسرائيلي، المحسوبة على اليمين: «بيني غانتس اسمع، أدعوك إلى مناظرة تلفزيونية. أهلاً وسهلاً». وقال نتنياهو: «فلنجري 3 مناظرات، الأولى حول السياسة الخارجية، والثانية حول الاقتصاد، والثالثة حول الأمن، تماماً كما يحدث في الولايات المتحدة. تعالَ حتى إلى المناظرة الأولى فقط، لا تخف!».
وقد جاءت هذه الدعوة في إطار محاولته إظهار غانتس، متهرباً وخائفاً وضعيف الشخصية وغير مؤهل لقيادة إسرائيل، في الوقت الذي يمتلك هو فيه خبرة كبيرة.
والمفاجئ في الموضوع أن غانتس كان هو الذي عرض على نتنياهو إجراء مناظرة، قبيل انتخابات أبريل (نيسان) وقبيل انتخابات سبتمبر الماضيين. ولكن نتنياهو تهرّب في حينه. وادّعى أنه يرفض ذلك لأنه لا يريد أن «يمنح غانتس، موقعاً موازياً لرئيس الحكومة». وتساءل غانتس، بعد أن رفض الدعوة: «ما الذي جرى يا نتنياهو؟ أمذعور أنت من تحديد موعد لبدء محاكمتك؟ ولذا فإنك تحاول استحداث أمر تُشغل به الجمهور والرأي العام». ووصف مصدر مقرّب من غانتس، دعوة نتنياهو لإجراء مناظرة، بـ«محاولة بائسة، لصرف الأنظار عن بدء محاكمته. نتنياهو رفض لمدة عشر سنوات المشاركة بأي مناظرة، وفجأة عدل عن قراره، في اليوم الذي حدد فيه موعداً لبدء محاكمته. فلتكن مناظرته الآن مع المدعي العام والشهود في المحكمة، حيث يغرق في تهم الفساد».
يُذكر أنه في أعقاب رفض غانتس مناظرة نتنياهو، صرّح رئيس حزب اليهود الروس «يسرائيل بيتينو»، أفيغدور ليبرمان، بأنه مستعد لمنازلة نتنياهو في مناظرة كهذه. ثم صرح النائب أحمد الطيبي من «القائمة المشتركة» للأحزاب العربية، باستعداد شبيه. لكن نتنياهو لم يردّ.



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.