إسرائيل و«حماس» تتبادلان التهديدات لكنهما تفضلان التهدئة في غزة

TT

إسرائيل و«حماس» تتبادلان التهديدات لكنهما تفضلان التهدئة في غزة

قالت وسائل إعلام إسرائيلية إن حركة حماس أطلقت، أمس (الثلاثاء)، صواريخ تجريبية من قطاع غزة نحو البحر. وهذه ليست أول اتهامات لـ«حماس» بإجراء هذا النوع من التجارب.
وتتهم إسرائيل «حماس» بالسعي لتطوير قدراتها الصاروخية عبر إجراء تجارب متتالية. وترى الأجهزة الأمنية الإسرائيلية أن تجارب «حماس» الصاروخية تهدف لرفع الكفاءة والقدرات العسكرية لتلك الصواريخ وتحسين مداها. وتثير عمليات إطلاق الصواريخ حالة من الخوف والقلق لدى المستوطنين الذين يقطنون بالقرب من حدود قطاع غزة، ويراقبون إطلاق تلك الصواريخ، ويوثقونها في بعض الأحيان.
وكتبت وسائل إعلام إسرائيلية في أوقات سابقة عن تخوفات لدى الجيش الإسرائيلي من استهداف «حماس» و«الجهاد الإسلامي» لمنصات الغاز القريبة من مدينة عسقلان في أي مواجهة مستقبلية.
والاتهامات الإسرائيلية لـ«حماس» جاءت في وقت تبادل فيه الطرفان تهديدات حول الوضع في قطاع غزة. وقال خليل الحية، نائب رئيس حركة حماس في غزة، إن «الحركة أبلغت الاحتلال الإسرائيلي، عبر الوسطاء، إما رفع الحصار أو المواجهة المفتوحة».
وكان بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلي، قد أكد، أمس، أن أي تهدئة في قطاع غزة ستشمل إعادة الجنود والمواطنين الإسرائيليين المفقودين.
وأضاف نتنياهو، في حديث لإذاعة الجيش الإسرائيلي، أنه يسعى لتحقيق الهدوء على جبهة غزة، مشيراً إلى أنه لا يمكن حالياً الجزم بأن تكون هناك تهدئة، وتابع: «لكن يجب على (حماس) أن تفهم أن الهدوء يقابله هدوء، وأن الجيش الإسرائيلي مستعد للتعامل مع أي سيناريو، بما في ذلك إمكانية شن عملية عسكرية، وذلك لن يكون مرتبطاً بالوضع السياسي»، في إشارة منه للانتخابات المقررة في الثاني من الشهر المقبل.
وأكد أنه «في حال تم التوصل لاتفاق تهدئة بغزة، فإن إعادة جنودنا ومواطنينا ستكون جزءاً لا يتجزأ من ذلك».
وتصريحات نتنياهو تلت تصريحات لوزير الأمن الإسرائيلي نفتالي بنيت، قال فيها إن تل أبيب تعد «ربيعاً مؤلماً» لحركة حماس، إذا لم يكن هناك هدوء في جنوب إسرائيل.
وأشار بنيت إلى أن إسرائيل أوقفت مجموعة من المزايا المُقدمة لـ«حماس» التي تُسيطر على القطاع، وأضاف: «إنهم بسلوكهم الخارج عن القانون يقربوننا من اتخاذ إجراءات قاسية ضدهم، ولن يكون هناك أحد في مأمن. (حماس) أمام خيارين: إما أن تختار الحياة والازدهار الاقتصادي، وإما أن تختار الإرهاب ودفع ثمن باهظ». وردت «حماس» بأن هذه التهديدات لا تخيفها، وأنها تحذر إسرائيل من ارتكاب أي حماقات في القطاع.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم