«Xodo» البرازيل على ضفاف النيل

الشواء على طريقة «تشوراسكاريا» أمام الزبائن

ديكور جميل تكمله روعة موقعه على نهر النيل
ديكور جميل تكمله روعة موقعه على نهر النيل
TT

«Xodo» البرازيل على ضفاف النيل

ديكور جميل تكمله روعة موقعه على نهر النيل
ديكور جميل تكمله روعة موقعه على نهر النيل

إذا كانت رقصة «السامبا» البرازيلية الشهيرة تشعل حماس مستمعيها للرقص، وأداء منتخب «السيليساو» يجذب مُحبي الساحرة المستديرة حول العالم، فإن شواء اللحوم بطريقة «تشوراسكاريا»، بمذاقها المحبب، لا تقل شهرة في البرازيل عن السامبا وكرة القدم.
على نهر النيل؛ يعد مطعم «شودو» البرازيلي إضافة جديدة إلى مشاهد الطهي الأجنبية في القاهرة، فالمطعم الكائن بمركب «فيرست نايل» التابع لفندق «فور سيزونز ريزيدانس»، يقدم الأطباق البرازيلية المتنوعة لقاطني وزوار العاصمة المصرية، خاصة اللحوم المشوية على الفحم.
وطريقة «تشوراسكاريا»، التي تمثل تجربة فريدة في تقديم اللحوم؛ تعد تقليدية عرفت قبل مئات السنين لدى رعاة البقر، وتعتمد على شواء مختلف أنواع اللحوم في أسياخ، مع مزيج من البهارات والتوابل التي تضيف لها طعماً لذيذاً، ثم تُنقل الأسياخ فوراً إلى المائدة، ويتم تقطيعها شرائح وقطع صغيرة وفق رغبة المتذوق، وهي طريقة تعرفها المنازل البرازيلية يوم العطلة الأسبوعية، حيث يشتهر يوم الأحد بأنه يوم الـ«تشوراسكاريا».
بنفس الفلسفة؛ تقوم فكرة مطعم «شودو»، حيث يتم استعراض الشواء الحي أمام الزبائن، وذلك عبر كرنفال مفتوح للطهي مخصص لمحبي اللحوم في عطلة يومي الخميس والجمعة، إلى جانب قائمة من الأطباق الجانبية، بينما باقي أيام الأسبوع يتم فيها اللجوء إلى لائحة طعام المطعم.
يقدم المطعم خيارات وتشكيلة واسعة من اللحوم تتنوع بين لحم البقر ولحم الضأن، التي يقوم شيف المطعم بالإشراف على عملية شوائها، حيث يتم الشواء ببطء حتى تنضج اللحوم، الذي يكون درجته وفق رغبة الزبائن بين النضج التام أو الأقل، ثم يقوم طاقم المطعم بنقل الأسياخ سريعاً إلى الموائد وتقطيع اللحوم، ويستمر توافد طاقم المطعم بالأسياخ بما يمنح الفرصة لتناول اللحوم حتى الإشباع، فإذا اكتفى الضيف من اللحوم عليه قلب اللافتة أو القرص الدائري الذي أمامه على المائدة إلى اللون الأحمر، أما استمرار الوجه الآخر على اللون الأخضر فتعني أن الضيف يرغب في تناول المزيد.
بخلاف اللحوم بطريقة «تشوراسكاريا»، يقدم المطعم أيضاً لزواره فرصة تجربة أطباق جانبية تكتسب شهرة وشعبية في البرازيل تكمل الوجبة الرئيسية بشكل مميز، لا سيما «الفيجوادا» و«الفاروفا». فـ«الفيجوادا» أو الفاصوليا السوداء هي الطبق الرئيسي في البرازيل، ويعرّف على أنه الطبق الوطني للبلاد، وهو مكون من الفاصوليا السوداء، مضافاً إليها منتجات اللحوم، وفي بعض مناطق البرازيل يضاف إليه بعض الخضراوات مثل البطاطس والجزر، كما يقدم هذا الطبق مع الأرز.
أما «الفاروفا» فهو طبق يحظى بشعبية كبيرة في البرازيل، وهو يعادل (الكسكسي) في المطبخ العربي، وهو خليط من دقيق الكاسافا المحمّص المستخرج من شجرة التابيوكا، مع الزبد والملح، وقد يُضاف إلى المزيج مكونات عدة أخرى مثل البيض المسلوق.
كذلك يمكن تجربة 3 أنواع من الكوشينا البرازيلية (السمبوسك)، وهو عبارة عن عجينة من الحليب والطحين والسمن، محشوة بالدجاج المطبوخ مع البهارات والكزبرة والبقدونس، وقد تحشى بالجبن والسبانخ، ثم توضع في الدقيق ثم البيض قبل أن تقلى في الزيت حتى تكتسب اللون الذهبي، ويقدم إلى جانبها صلصة أو مايونيز.
ويشتمل كرنفال الطهي يومي الخميس والجمعة أيضاً على ركن خاص بالمزات والمقبلات والسلطات، تشكل جميعها خيارات مثالية تلبي مختلف الأذواق، حيث تتنوع بين الخضراوات الطازجة، والجمبري والسالمون، وقطع قلب النخيل وفطر عيش الغراب، والبطاطس المهروسة بالثوم والجبن، إلى جانب الأجبان المستوردة ذات المذاق اللذيذ.
لكن هل أدخل المطعم بعض التعديلات على أطباقه حتى تناسب ذوق الجمهور العربي والمصري؟، يجيب الشيف البرازيلي جليرم رايس، على سؤال «الشرق الأوسط»، قائلاً: «بالفعل أدخلت بعض التعديلات، حتى أسمح لأطباقي بالرواج بين الشعب المصري، فعلى سبيل المثال طبق (الفيجوادا) أو الفاصوليا السوداء والذي يكتسب شهرة كبيرة يقدم في البرازيل في الغالب بقطع من لحم الخنزير، لكن هنا في مصر تحولنا إلى استخدام النقانق، كذلك وجدت أن المصريين يروق لهم الجبن داخل (الكوشينا)، لذا لجأت إلى استخدام الجبن الرومي والجبن البرازيلي داخل هذه المعجنات، وهو ما وجد ترحيباً كبيراً من جانب الزبائن».
ويلفت «رايس» إلى أن هناك تشابهاً كبيراً بين البرازيليين والمصريين، فكلاهما يحب اللحوم بشكل كبير، وكذلك الجمبري، لذا راقت اللحوم المشوية على الفحم بطريقة «تشوراسكاريا» للكثيرين، ويأتون خصيصاً لتجربتها داخل مطعم «شودو»، وكذلك جذب طبق «الفيجوادا» أو الفاصوليا السوداء فئات مختلفة، وهو يذكرني بطبق الفول المصري، فكلاهما الأكثر شعبية سواء في البرازيل أو في مصر.
ويبيّن شيف المطعم أن كلا المطبخين البرازيلي والمصري يمتازان بالتنوع والتعدد، كما يتشابهان في أنهما تعرضا للتأثيرات الخارجية، فإذا كان المطبخ المصري به تأثيرات من المطبخ الشامي والتركي ودول البحر المتوسط، فإن المطبخ البرازيلي به تأثيرات برتغالية وإسبانية وعربية وأفريقية ويابانية، أما الفارق بين المطبخين فهو أن مطبخ بلاده لا يستخدم التوابل بكثرة كالمصريين.
بخلاف الطعام؛ يتسم «شودو» بالديكورات الأنيقة والعصرية، التي تعمل على الاسترخاء، وهو ما ينطبع على الموائد والكراسي، والأسقف والأرضيات الخشبية، كما تتزين الحوائط برسومات لطائر الطوقان بألوانه الزاهية، والذي يوجد في البرازيل بكثرة، حيث البيئة المناسبة له للعيش في الغابات الاستوائية غزيرة الأمطار. ويفتح المطعم أبوابه من الساعة 6 مساءً إلى منتصف الليل، وهو ما يجعل تجربة العشاء مميزة للغاية، خاصة مع موقعه المميز المطل على النيل مباشرة.


مقالات ذات صلة

وزيرة سويدية تعاني «رهاب الموز»... وموظفوها يفحصون خلو الغرف من الفاكهة

يوميات الشرق رهاب الموز قد يسبب أعراضاً خطيرة مثل القلق والغثيان (رويترز)

وزيرة سويدية تعاني «رهاب الموز»... وموظفوها يفحصون خلو الغرف من الفاكهة

كشفت تقارير أن رهاب وزيرة سويدية من الموز دفع المسؤولين إلى الإصرار على أن تكون الغرف خالية من الفاكهة قبل أي اجتماع أو زيارة.

«الشرق الأوسط» (ستوكهولم)
صحتك رجل يشتري الطعام في إحدى الأسواق الشعبية في بانكوك (إ.ب.أ)

دراسة: 3 خلايا عصبية فقط قد تدفعك إلى تناول الطعام

اكتشف باحثون أميركيون دائرة دماغية بسيطة بشكل مذهل تتكوّن من ثلاثة أنواع فقط من الخلايا العصبية تتحكم في حركات المضغ لدى الفئران.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق خبراء ينصحون بتجنب الوجبات المالحة والدهنية في مبنى المطار (رويترز)

حتى في الدرجة الأولى... لماذا يجب عليك الامتناع عن تناول الطعام على متن الطائرات؟

كشف مدرب لياقة بدنية مؤخراً أنه لا يتناول الطعام مطلقاً على متن الطائرات، حتى إذا جلس في قسم الدرجة الأولى.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق قطع من الجبن عُثر عليها ملفوفة حول رقبة امرأة (معهد الآثار الثقافية في شينغيانغ)

الأقدم في العالم... باحثون يكتشفون جبناً يعود إلى 3600 عام في مقبرة صينية

اكتشف العلماء أخيراً أقدم قطعة جبن في العالم، وُجدت ملقاة حول رقبة مومياء.

«الشرق الأوسط» (بكين)
يوميات الشرق التفوُّق هو الأثر أيضاً (أ.ف.ب)

الشيف دانييل هوم... أرقى الأطباق قد تكون حليفة في حماية كوكبنا

دانييل هوم أكثر من مجرّد كونه واحداً من أكثر الطهاة الموهوبين في العالم، فهو أيضاً من المدافعين المتحمّسين عن التغذية المستدامة، وراهن بمسيرته على معتقداته.

«الشرق الأوسط» (باريس)

«الأقاشي» السودانية تغازل سفرة المصريين

«الأقاشي» السودانية تغازل سفرة المصريين
TT

«الأقاشي» السودانية تغازل سفرة المصريين

«الأقاشي» السودانية تغازل سفرة المصريين

لقمة خبز قد تأسر القلب، ترفع الحدود وتقرب الشعوب، هكذا يمكن وصف التفاعل الدافئ من المصريين تجاه المطبخ السوداني، الذي بدأ يغازلهم ووجد له مكاناً على سفرتهم.

هذه الأرغفة البيضاء الصغيرة، التي يصف مصريون مذاقها بأنها «أطيب من الكيك»، في إشارة لطيب المذاق، تعد مثالاً يعكس مدى الانسجام الثقافي الذي تجاوز الحدود.

مع تداعيات الحرب التي شهدها السودان، والتي أدت إلى عمليات نزوح كبيرة إلى مصر، لم يتوقف الأمر عند مرحلة سرد الآلام والمآسي، بل تحول سريعاً إلى اندماج السودانيين في سوق الطعام المصري، وخلال أقل من عامين أثبت المطبخ السوداني وجوداً نسبياً في مصر.

بمجرد أن تطأ قدمك شارع فيصل (أحد أشهر شوارع محافظة الجيزة) يمكنك الاستدلال على الوجود السوداني من رائحة التوابل العميقة الصادرة من مطاعم أسسها سودانيون، يستهدفون بها زبوناً مصرياً يتوق إلى مذاق شعبي في وصفات، مثل صينية البطاطس، ويختلف تماماً ليقدم هويته في طبق آخر مثل أسياخ «الأقاشي»، المصنوعة من اللحم الطري الغارق في توابل مثل الزنجبيل والقرفة، مع طبقات البقسماط المقرمش، التي تغازل المصريين.

تقول السودانية، فداء محمود أنور، خريجة إدارة أعمال من جامعة الخرطوم ومؤسسة مطعم «بنت السودان» في حي مدينة نصر، شرق القاهرة، إن المصريين «احتضنوا المطبخ السوداني بسبب وجود أواصر اجتماعية وثقافية بين البلدين».

وأوضحت، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، من داخل مطعمها البسيط: «نقدم أكلات سودانية أصيلة، مثل الفول بزيت السمسم، والفلافل السودانية المصنوعة من الكبكبي (الحمص بلغة المصريين)، والأقاشي، وهو طبق شهير في السودان، إضافةً إلى الفسيخ السوداني والملوخية المفروكة وملاح الروب الأحمر».

وعن الأطباق شديدة الخصوصية، يقدم مطعم الشابة السودانية فداء طبقاً حبشياً، قالت عنه: «هناك أيضاً طبق ذو أصل حبشي أصبح جزءاً من المائدة السودانية يسمى (زغني)، وهو عبارة عن قطع الدجاج المبهرة بالقرفة والثوم والبصل والحبهان، كما يضاف له المذاق الحار بالشطة السودانية، وكذلك مذاق الحادق من خلال رشة السماق، ويقدم مع البيض المسلوق». فضلاً عن طبق الحلو السوداني الشهير «الباسطة»، أو ما يعرف بالبقلاوة في مصر.

وبحسب تجربتها، قالت فداء إن تفضيلات المصريين من المطبخ السوداني تميل إلى بعض الأطباق الأساسية التي ربما لا يختلف عليها السودانيون أيضاً، مثل: الخبز السوداني، والأقاشي، والفلافل، وأطباق الفول بالخلطات السودانية. أما باقي الأطباق، فالإقبال عليها محدود.

طعمية (فلافل) سودانية (الشرق الاوسط)

والبعد الجغرافي بين مصر والسودان انعكس في تقارب ثقافي، ظهر في المذاق المميز للمطبخين. ترى منة جمال، مصرية تعيش في حي السادس من أكتوبر، الذي يضم عدداً من المطاعم السودانية، أن المطبخ السوداني قريب من نظيره المصري، وقالت لـ«الشرق الأوسط»: «الخبز السوداني شبيه ببعض أنواع الخبز في الريف المصري، ربما يختلف في السُمك والحجم فقط ».

وعن الاختلاف بين المطبخين، قالت: «السودانيون يميلون إلى المذاق العميق والحار، بإضافة كميات كبيرة من التوابل، كما أن الفلفل الحار أساسي في عدد كبير من الأطباق السودانية، بينما يميل المصريون إلى إضافة التوابل الأساسية فقط، مثل الملح والفلفل والكمون».

الباسطا حلوى سودانية (الشرق الاوسط)

وبالعودة إلى فداء، فإنها أيضاً كسودانية وقعت في حب المطبخ المصري، وتروي تجربتها بالقول: «أنا من عشاق محشي ورق العنب، والكرنب، والباذنجان بالدقة، أحب تناوله مع الفلافل السودانية. أيضاً معظم السودانيين يحبون المحشي والملوخية المصرية».

الأطباق السودانية لم تعرف طريقها إلى المصريين من خلال المطاعم التجارية فحسب، بينما ساهم في رواجها نساء سودانيات كنّ قبل النزوح ربات منزل، إلا أنهن، مثل كثير من نساء الشرق، يعتبرن الطهي مهارة أساسية. ومع وصولهن إلى مصر وبحثهن عن سبل لكسب العيش، تحول الطهي إلى مهنة تحت شعار «أكل بيتي سوداني».

التقت «الشرق الأوسط» بفاطمة (اسم مستعار)، التي نزحت بعد الحرب وجاءت إلى القاهرة بصحبة عدد من الأسر السودانية، وتقيم حالياً في مدينة «الرحاب» التي تعد من المناطق ذات الإيجارات المرتفعة، حيث تشارك السكن مع 4 أسر سودانية أخرى. منذ عام، بدأت فاطمة بتقديم خدمات «الأكل البيتي» من منزلها بمساعدة بعض السيدات المقيمات معها.

تقول «فاطمة»: «جاءت الفكرة عندما لاحظت انتشار مشروعات الأكل البيتي في مصر، خاصة في الأحياء الراقية. فأنشأت حساباً على (فيسبوك)، بدأت من خلاله تقديم خدمات الأكل السوداني». وأردفت: «المصريون يحبون المطبخ السوداني، خاصة تلك الوصفات القريبة من مطبخهم، على شاكلة المحشي، كذلك تحظى أصناف اللحم المبهر بإعجاب كبير».

وأوضحت فاطمة أنها سعت إلى تقديم مزيج من الأكلات السودانية والمصرية، قائلة: «أستهدف زبونات مصريات عاملات يبحثن عن بدائل للطهي المنزلي. لذلك، لم أكتفِ بالوصفات السودانية فقط، بل تعلمت إعداد الأكلات المصرية، وهو أمر لم يكن صعباً على سودانية تربطها بمصر أواصر ثقافية واجتماعية، إذ كانت مصر والسودان في مرحلة ما من التاريخ بلداً واحداً».

تمكنت فاطمة من تقديم تجربة طعام بيتي فريدة، تجمع بين نكهات المطبخين السوداني والمصري، مستقطبةً كثيراً من الأسر المصرية التي تبحث عن طعام منزلي بطابع خاص. ومن خلال تجربتها، كشفت فاطمة عن مدى التداخل الثقافي بين المطبخين، ما يمهد الطريق لمزيد من الاندماج وابتكار وصفات جديدة قد تظهر في المستقبل القريب.